الصواعق في تحريم الملاعق 2
بقلم/ د . بلال حميد الروحاني
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 9 أيام
الخميس 29 سبتمبر-أيلول 2011 11:00 م

تكلمت في المقال السابق عن من ينسب إليهم هذا العنوان وهم فرقة من السلفية وذكرت أنهم ( خوارج مع الدعاة مرجئة مع الحكام رافضة مع الجماعات, قدرية مع اليهود والنصارى والكفار ) وفي هذا المقال أواصل سرد بعض أوصافهم التي تخالف روح الإسلام ومنهجية النبي صلى الله عليه وسلم فمنها:

1) إدعائهم بمنهجية السلف وبعدهم عنها:

فهذه الفرقة من السلفية تدعي أنها توافق السلف في كل مضامينها, والحقيقة أنها لم توافقهم إلا في المظهر الشكلي, وتخالف السلف في أصول الإسلام التي ساروا عليها, فالسلف كانوا رهبان بالليل فرسان بالنهار, وكانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وكانوا يقفون في وجه الطغاة والظلمة ولم يكن يهدأ لهم بال إذا انتُقِصَ الإسلام وهم أحياء, فكثير منهم سجن وعذب وطرد وقتل لموقفه من الحاكم الظالم كأحمد بن حنبل وسعيد بن جبير والحسن البصري والبخاري وابن حزم وغيرهم كثير, ومن كان من السلف يرى في نفسه ضعف كان يغضب في قلبه من المنكر ويجلس في بيته ولم يكن يخرج على الناس ويغطي على جرائم الحاكم باسم ولي الأمر.

فهذه الفرقة جنت على منهج السلف وشوهته حتى أصبح كثير من المسلمين يكره السلف بسببهم.

2) تحولوا باسم السلف إلى علماء سلاطين.

فهذه الفرقة جعلت من نفسها وكيلاً للسلاطين فما يعمله السلطان يبحثون عن مخرج شرعي يبرر ذلك الفعل بل ويحرمون اليوم شيئاً ويحلونه غداً لأن السلطان أباحه, فمثلاً كانت الانتخابات في السعودية حرام فلما فتح المجال الحاكم للانتخابات وضغط عليهم أفتوا بأنها حلال, وصدر قرار ملكي هذه الأيام في جواز مشاركة المرأة في الانتخابات وأن تترشح فسنجدهم يبحثون عن أدلة تجيز ذلك والأيام المقبلة ستثبت ذلك, وأدخل الحاكم القوات الأجنبية بلاده فأفتوا بجواز الاستعانة بمشرك, والأدلة لا حصر لها, يلعبون بالفتوى حسب مصلحة الحاكم!! بل آل سعود اليوم يتكئون في ظلم شعبهم إلى المؤسسة السلفية التي يمولونها لأنها صمام بقائهم في تصورهم.

وكثيراً حذر السلف الصالح من الدخول على السلاطين فضلاً عن مساعدتهم والتواطؤ معهم وإيجاد المخارج الشرعية لجرائمهم.

3) إذا خيروا بين أمرين اختاروا أعسرهما.

خلافاً لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح الذين كانوا إذا خيروا بين أمرين اختاروا أيسرهما, ففي العبادات والمعاملات يشددون على الناس فلا يفتون إلَّا بالعسر والتضييق فيحرمون على الناس أكثر المعاملات في البنوك الإسلامية ويحرمون كثيراً من الوسائل المعاصرة.

4) يتورعون في التحليل ويسترسلون في التحريم.

إذا سئلوا في مسألة معينة تحتاج إلى تدبر ونظر يفتون بالتحريم بدون ورع, ونادراً ما يقولون حلالاًَ لأي مسألة تورعاً حسب رؤيتهم فيحرمون أشياء لا دليل عليها كقيادة المرأة للسيارة, وقد قال الإمام الشوكاني (وليس من يفتي بالتحريم بأقل جرماً ممن يفتي بالتحليل).

5) مبدأ فصل الدين عن الدولة.

هذا المبدأ مبدأ علماني ( ما لله لله وما لقيصر لقيصر) ولكن العجيب أن هذه الفرقة تسير على هذا المنهج, فلا تتدخل في السياسة ولا في وظيفة الحاكم ولا في ما يقوم به من الأعمال فهو لا يطبق شرع الله بل يحاربه ويظلم الناس وينهب الأموال ويسرق العباد ويصدر القوانين الوضعية المخالفة للشرع ويبيح الربا ويأخذ الرشوة ويقنن لها ولا يتمعر لهم وجه غيرة على دين الله في مجال السياسة, بل ويتخذون منهج عدم التدخل في تعيين الحاكم ولا محاسبته ولا مراقبته ولا عزله ظنا منهم أن هذا منهج السلف, وتناسوا أن أول رئيس للمسلمين هو محمد صلى الله عليه وسلم وبعده الصديق وعمر وعثمان وعلي خيار الأمة وهم أساس السلف فلا ندري من يقصدون بالسلف.

6) التجريح وتتبع العثرات أساس في الحكم على المخالف ولو في الفروع.

فمن خالفهم في مسألة معينة وإن كانت فرعية فيبادرون بتجريحه وتتبع عثراته ونشرها بين الناس والتغاضي عن حسناته والتشنيع عليه في كتبهم ومطوياتهم وأشرطتهم حتى أنني قرأت خطبة واحدة في إحدى المجلات لأحد كبار علمائهم تجنى فيها على أكثر من ستين عالماً وداعية من المشهورين وهو عالم بحر لا ينكره أحد ولكن المنهجية طغت عليه, ليس هذا فحسب بل ويحملون أقوال العلماء والدعاة المخالفين على أسوأ المحامل ولا يحتملون العذر لهم, وقد يكون القول يحتمل عدة معاني فلا يختارون إلا الأسوأ, ويظلمون الكثير بسوء ظنهم وتأويلاتهم, ومن احتمل له العذر وأحسن الظن به شنوا عليه هجوماً, مع أن الإسلام يأمرنا بحسن الظن وحمل الناس على أحسن الأحوال, وقد وسع الله لهذه الأمة في أمور دينها وجعل الخلاف رحمة كما قال الزركشي رحمه الله ( اعلم أن الله لم ينصب على جميع الأحكام الشرعية أدلة قاطعة, بل جعلها ظنية قصداً للتوسع على المكلفين لئلا ينحصروا في مذهب واحد لقيام الدليل القاطع) لكن هذه الفرقة ضيقت على الناس في الفروع وألزمتهم بما ترجح لدى بعض علمائهم ثم نصبوا الولاء والبراء على المخالفين رغم أن المسألة واسعة وقابلة لنظر الفقهاء قال ابن تيمية ( وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط, ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة)

7) الفروع عندهم أصول والأصول عندهم فروع.

جعلوا المسائل الفرعية في الدين والجزئيات بمثابة الأصول والثوابت يقيمون الولاء والبراء عليها ويكيلون التهم للمخالف لمجرد أنه أخذ برأي لا يوافق رأيهم خصوصاً حين تتعلق المسألة بيسر وعسر فهم يأخذون العسر ومن أخذ اليسر شنعوا عليه وبالمقابل لا يعيرون بعض أصول الدين وثوابته نفس الاهتمام مثل الحكم بما انزل الله ومحاربة الطغاة والظلمة وإزالة من يسعون في الأرض فساداً وإقامة حدود الله في الأرض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

8) إصدار الفتوى على أساس الأصل في الأشياء التحريم وليس الإباحة.

فحين يسألون عن مسألة ليس فيها نص صريح وهي محل نظر يسعون للتحريم ويبحثون عن مبررات لذلك كمسألة لبس الكرفته أو البنطال او الاناشيد وغيرها من المسائل التي لا حصر لها.

9) اتخاذهم أسلوب العنف والتشنييع في حوارهم مع المخالف إن حاوروا.

فهم لا يقبلون الحوار مع المخالفين ويتخذون الهجر وسيلة معهم, لكن إن حاور أحدهم عنَّفَ وشنَّع وبدَّع, وصمَّ أذنه عن سماع حجج المخالف إلا من رحم الله منهم.

10) احتقار الآخرين واعتقادهم أنهم على السنَّةِ وغيرهم على البدعة.

فهم ينظرون إلى الآخرين باحتقار وازدراء لأنهم في نظرهم جهلة أو مبتدعة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) فلا احد عندهم على السنة إلا هم وغيرهم يخالفها.