عبدالله الإصنج .. يفتح ملفات الماضي
بقلم/ محمد الصالحي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 21 يوماً
الأربعاء 19 مارس - آذار 2008 11:43 ص

حاوره: محمد الصالحي

عبد الله الاصنج شخصية يمنية معارضة أثارت العديد من التساؤلات طيلة السنوات لماضية ومواقفه من عدد من القضايا التي تهم اليمن عموما , عُرف بتهجمة المستمر على النظام في اليمن , مأرب برس حاورت الإصنج وفتحت عددا من الملفات الشائكة التي يجد الكثير التحرج في الحديث عنها , وكشف في حواره عن رؤاه وصوره للوضع في اليمن ...

المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر قال في مذكراته أنه نادم على دعمه وصول العسكريين إلى سدة الحكم وأضاف أنه نزل عند رغبة السعوديين ، وهناك من يقول أن الأصنج بذل جهد بحكم عضويته في مجلس الشعب التأسيسي يومها لتزكية الرئيس صالح وإحباط انتخاب القاضي العرشي ، فهل هذا صحيحاً وما هو السبب وإن كان صحيحاً فهل أنت نادم ؟

§  الإجابة على هذا السؤال تأخذنا في الحديث عن مراحل سبقت تمكين علي عبد الله صالح من الوصول إلى كرسي الرئاسة وكثيرة هي الأقوال المنسوبة إلى الشيخ الجليل عبد الله بن حسين الأحمر يرحمه الله . فقد كانت أدواره واهتماماته محورية بل مركزية في مجريات الأمور وصناعة القرار في اليمن الجمهوري منذ وحتى قبيل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر . فمشائخ وضباط وتجار ومثقفين وساسة أحزاب من حاشد وبكيل ومذحج من المقيمين في صنعاء وتعز والحديدة وإب وعدن وحضرموت أقاموا عبر أعوام طويلة بصورة أخف شكلاً من أشكال التواصل فيما بينهم من باب الحماية من بطش النظام الحاكم القديم والجديد . وأما العلاقات والروابط الخاصة بالشيخ عبد الله مع السعودية فكانت متميزة حتى وفاته .

وأما الحديث عن دوري في تمكين علي عبد الله صالح من كرسي الرئاسة في اليمن فقد جاء حصيلة مسلسل كان الفصل الأول فيه كما رسمه المشائخ الثلاثة وكبار الضباط هو إجبار القاضي عبد الرحمن بن يحيى الأرياني على التنحي والاستقالة والمغادرة للاستقرار في سوريا . وقد شارك في رسم الخطة الانقلابية لإبعاد القاضي الأرياني عدد من المشائخ وضباط الجيش وشخصيات سياسية لا أرغب في إشهار أسماء أصحابها الآن ولم يكن لي علم أو دور فقد كنت أكثر حرصاً على القاضي الأرياني لحكمته وعلمه ونزاهته . وتولى إبراهيم محمد الحمدي الرئاسة وأحكم قبضته على الجيش وحاز على تعاطف والتفاف الشارع اليمني وجماعة الناصرين في الشمال ومجموعة من قادة الحزب الاشتراكي في الجنوب وأولهم سالم ربيع علي . وهكذا تمكن بقدرته الذاتية دون دعم خارجي من الاحتفاظ بالرئاسة ومواجهة الكثير من التعقيدات الكيدية من صنع دوائر مشائخ وعسكر وجرى التخلص من الرئيس إبراهيم الحمدي باغتياله مع أخيه عبد الله الحمدي في دار أحمد الغشمي في ظروف لم تعد تفاصيلها خافية على أحد أحزاباً وأفراداً في اليمن ودول عربية وأجنبية . وتولى الغشمي الرئاسة بعد الحمدي لأشهر ثمانية وجرى اغتياله بواسطة مبعوث بديل من عدن بعد أن تم اعتقال المبعوث الأصيل في مطار عدن بمعرفة جهاز أمن الثورة وكان في استقبال ذلك المبعوث الملقب [ تفاريش ] بمطار صنعاء الملازم على الشاطر . وفي ظل أجواء التوتر التي سادت علاقات النظام في صنعاء بالنظام في عدن الذي تعاظم واتسع نطاقه بفعل سياسة الانقضاض المسلح والمواجهات العسكرية والاغتيالات التي تبناها فصيل من الخبثاء من قادة الحزب الاشتراكي في الجنوب منذ أن دبروا أمراً وتخلصوا بداية من قحطان محمد الشعبي وفيصل عبد اللطيف وبعدهما محمد علي هيثم وسرحوا تباعاً كثير من قادة الجيش والأمن العقداء الجنوبيين . وكان المؤتمر الرابع للجبهة القومية الذي انعقد في مدينة زنجبار بأبين هو المسمار الأخير الذي دقه الخبثاء الأذكياء ونفذه الأغبياء المخدوعون في الجبهة القومية في نعش جيش الجنوب العربي وقوة الأمن الجنوبي وتحولت الجبهة القومية إلى الحزب ألاشتراكي اليمني وأنقض القادة على بعضهم البعض واختفى سالم ربيع بعد هيثم وعبد الفتاح وعلي ناصر وعلي عنتر وصالح مصلح وعلي شايع وسعيد صالح وعلي البيض وبن حسينون تباعاً والقائمة تطول مفتوحة لتضم أسماء جديدة عند اللزوم .

جاء علي عبد الله صالح لى سدة الرئاسة في ظروف سقوط رئيسين صرعى رصاص غدر وتآمر . واعتمد مجلس الشعب التأسيسي ترشيحه دون منافس كرئيس بالتزكية في وجه صوت واحد ممتنع أعلنه النائب محمد عبد الرحمن الرباعي ، وكنت من المؤيدين للمرشح المذكور في حينه . وفيما يتعلق بفرص ترشيح القاضي عبد الكريم العرشي مساعد رئيس مجلس القيادة للرئاسة فقد حسم أمره مبكراً حين جرى إبلاغه عبر الراحل محمد الخالدي بأن عليه أن يلغي فكرة طرح نفسه كمرشح للرئاسة والاحتفاظ بموقعه كمساعد لرئيس مجلس القيادة [ فالعسكر حين يحبون يغدقون وحين يكرهون يقتلون ] . وأما الإشارة لقول الشيخ عبد الله الأحمر أنه ندم على دعمه وصول العسكريين لسدة الحكم .. وهل أنا نادم .. أقول لا مكان للندم في السياسة . فالأخطاء من مكونات العمل السياسي مثلها مثل النجاح والسداد والنصر والهزيمة .. كان علي عبد الله صالح أفضل من أحمد حسين الغشمي في حينه .. ولكنه بعد انقضاء ثلاثين عاماً على عهده المليء بالإخفاقات والفساد فإن البحث عن البديل الأفضل من حق الأمة بل واجبها .. وهذا ما تعبر عنه اليوم الجماهير في محافظات جنوبية وشرقية وحتى الشمالية مع كل يوم يمر .

  • يُقال ان الأستاذ الاصنج هو المعارض الوحيد الذي اراد له الجميع ان يخرج ولا يعود وان يتقاعد مُبكراً ، وضل حاضراً غير آبه بما يُراد له فهل هذا يعني انك لا تؤمن بفكرة الاعتزال السياسي طالما وكنت قادراً على ممارسته وماهي رسالتك للبيض وهل لايزال البيض مهماً في أجندة الجنوب؟

§  في اليمن دون غيرها من دول العالم الثالث أو الفالت حالات تخلف وجهل ورواسب عصبيات وغبن وحرمان وتناقضات وحساسية مفرطة ضد كل عناصر الوعي والنجاح والقدرة على الفهم وحسن ألأداء . فقد توحدت عناصر وقوى تقليدية وحزبية للإيقاع بي وأحكمت أكثير من جهة يمنية وأجنبية نسج خيوط متعددة الأطراف لإقناع علي عبد الله صالح بأن عهده لن يطول طالما بقى الأصنج في موقعه فالأصنج صديق وحليف للحمدي وعدو لنظام الجنوب حينذاك ولن يتخلى عن واجب فضح أطراف الجريمة البشعة التي أودت بحياة الحمدي .. وأساليب الكيد والدس تتكرر في الحياة السياسية في اليمن الملكي والجمهوري اعتاد أن يستخدمها البعض من ضعاف النفوس الفاشلين الطامعين للنيل ممن وهبهم الله ميزة تفوق وقدرات وحسن بصيرة ولم تكن تلك المرة الأولى معي . فقد حاول البعض الإيقاع بي عند الغشمي حين نقلوا إليه عبر السفير اليمني في الأردن بأنني أبلغت السفير الأمريكي ( كذا ) بأن الرئيس الغشمي يتلقى عمولات مالية عن صفقات سلاح أبرمت مع الخارج . وقد دعاني الغشمي إلى داره في الصافية ظهراً وبحضور شقيقه الشيخ محمد حسين الغشمي وفوجئت بطلبه مني توضيح الزعم المنسوب لي .. وقلت له .. أنا في بيتك ولن أبرح مكاني حتى يتم استدعاء السفير الأمريكي والسفير اليمني الذي نقل إليكم هذه الإفادة المغرضة .. صمت الرئيس أحمد الغشمي وبعد ثوانٍ قال الشيخ محمد الغشمي – هذا رأي ولا أحسن منه – ولكن الرئيس الغشمي ظل صامتاً ثم قال [ خلاص أنا ذاهب للنوم ] . وبعد أيام ثلاثة وصل المقدم عبد الله عبد العالم عضو مجلس القيادة إلى مكتبي بوزارة الخارجية بعد منتصف النهار فجأة دون سابق إنذار وأبلغني بأنه مكلف من الرئيس الغشمي بالتحقيق في تفاصيل ما نسبه إلىُّ السفير الأمريكي . وفوراً طلبت من مدير المراسم استدعاء السفيرين الأمريكي واليمني الذي كان يقضي إجازة في صنعاء . وعند المواجهة نفى السفير الأمريكي الواقعة وصرخ في وجه السفير اليمني أنا لم ألتق بك منذ أكثر من سنة وتفوَّه السفير اليمني بكلمات تعبر عن قلقه وهمس بصوت خجول (أنا لم أقل هذا الكلام للرئيس الغشمي ربما أن الرئيس فهمني غلط) فقلت له أحسن لك تكلم الرئيس حتى يصحح غلطه .

§  وهكذا فإن أسوأ ما يوجهه الطيبون من رجال سياسة وتجارة وعلم وحلم في اليمن من حقد وطيش من متنفذين جهلة ومرضى نفوس وعقول يسيطرون على مفاصل السلطة لا همَّ لهم سوى جمع المال الحرام ونهب منظم لثروات الوطن وإنكار حقوق المواطن . وأمامنا تجربة معاناة الأستاذين النعمان والزبيري والقاضي والأرياني والرئيس السلال والشيخ محمد علي عثمان والفريق العمري والسيد المطاع واللواء الجائفي واللواء الرعيني ومحمد أحمد نعمان ويحيى المتوكل ومجاهد بوشوارب وغيرهم على مدى عهدي الإمامة والجمهورية . وفي ما اكتسبته من تجربة تراكمية ما يساعد على الصبر والإصرار والصمود على التصدي للطغيان والفساد دون هوادة .

§  وتسألني عن علي سالم البيض شريك علي عبد الله صالح في الوحدة التي هرول إليها على طريق وحدة الغفلة التي لم تحقق للمواطن ما يصبوا إليه من أمن وتنمية حتى بعد أن تم اكتشاف النفط والغاز في مأرب وشبوة وحضرموت وأصبح هذا المواطن أكثر عدماً وفاقة وضياعاً ومعاناة . أقول من المعروف أن علي سالم البيض قد انفرد بقرار خطير هروباً من شكوك قاتلة تنتابه مصدرها رفاق أعداء في الحزب واعتقد هو أن ارتباطه بحليف جديد سيحقق له نصراً على رفاقه الأعداء في الحزب ومكانة في تاريخ اليمن المعاصر أيضاً .. فلا ذا تأتي ولا ذاك حصل .. مثله مثل علي عبد الله صالح فقد كان يخشى من تزايد ضغوط المشايخ وتلقي تشجيعاً وتطميناً ودعماً من صدام حسين الذي أوفد إليه مبعوثاً إلى الحديدة ليؤكد وقوف العراق معه مطالباً بسرعة إعلان الوحدة الفورية بين شطري اليمن وفق حاجة صدامية لتهيئة أجواء مناسبة لغزو الكويت . " وللحديث بقية في مناسبة أخرى " .

أما علي سالم البيض فهو اليوم ضيف الدولة في سلطنة عمان مثل غيره في بلدان عربية أخرى تلزمهم الدول المضيفة بعدم مزاولة نشاط سياسي من داخلها – وهذا حقها – خاصة وأن الرئيس علي عبد الله صالح يبدو وكأنه مغرم بملاحقة المعارضين له في أكثر من بلد عربي والإدمان على المطالبة بتكميم أفواه معارضيه بالرغم من تصريحاته بأنه حامي حمى الديمقراطية في الوطن العربي . والعالم يشهد على سياسة الترهيب والترغيب والقمع التي تتعرض لها الشورى والخيواني والأيام والباشراحيل والأمر الرئاسي بتجميد عضوين في مجلس الشورى دون إعلان وعلى توقيع اتفاقية سلام في صعدة بعد حرب أعوام خمسة دون عرض مسبق على مجلس النواب والحكومة وغيرها من الأوامر العليا التي تتناول الوضع الراهن وجميعها تعكس في واقع الحال فشلاً وإنحداراً في أداء السلطة والتزامها بالوفاء بمسئولياتها المعلنة حسب برامج الحزب الحاكم وبرنامج الرئيس الانتخابي الذي يشكل عقد ولاية بين الشعب والرئيس .

§  وعودا على بدء لقد اختار البيض السكوت وهذا شأنه الشخصي .. واعتقد أن هذا القرار يريحه ولا يقدم أو يؤخر في الحراك الجماهيري في المحافظات الجنوبية بعد أن أفرز الشعب بين صفوفه قادة أشداء تجاوزوا في مواقفهم وقدراتهم قيادات الخارج مجتمعة دون استثناء . وأما عودتي من عدمه فمن يرون فيها خطراً على مصالحهم وتطلعاتهم وطموحاتهم غير المشروعة بعد أن بلغت عنان الفضاء الخارجي تبقى عودتي قراراً يخصني ولست مستعجلاً ولا أقبل اعتزال الحياة السياسية فالوقت مبكر وفي العمر بقية إن شاء الله .

§  الأزمة الحالية في اليمن كيف تراها وما هو المخرج منها من وجهة نظرك ؟

§  الأزمة في اليمن كثيرة الأوجه والتعقيدات وهي تعلن عن نفسها صباح مساء وعواقبها خطيرة على الحاكم والمحكوم حاضراً ومستقبلاً فالحرب في صعدة لم تتوقف والتسوية التي بذلت دولة قطر الكثير من الجهد والمال لبلوغها ما زالت تتأرجح ولا يبدو أنها قد بلغت نهايتها . فالعسكر يرفضون اعتماد بنود التسوية بالكامل والحوثيون ينشدون التعامل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب والجانب الحكومي المكلف بالمتابعة لا يتمتع بصلاحية كافية لاتخاذ القرارات المناسبة في أرض المعارك ولا يملك سلطة كافية وتفويضاً قاطعاً يلزم القيادة العسكرية الميدانية . وأما في مجالات الأمن والقضاء والتنمية والإعلام والموانئ والمرافق العامة والاقتصاد والاستثمار والجمارك فحدث ولا حرج.. وقد تناولت هذه الاختلالات تقارير محلية ودولية وصنفت اليمن ضمن مجموعة دول مرشحة لتكون فاشلة .. والمؤسف أن الرئيس الموليَّ لا يدرك خطورة استمرار تجاهله وعدم إدراكه للمصير غير الآمن الذي ينتظر الأمة والوطن . فالإعلام الهائم في تمجيد السلطة ومطارحة أركانها الغرام غير المشروع على شاشات التليفزيون وعبر الأثير وعلى صفحات المطبوعات الصفراء لا يثمر غير الشوك والتشاؤم . إن إعلام الدولة في صورته الشوهاء يتخبط في صحراء الفكر والسياسة بدون بوصلة سوف يبقى عاجزاً عن مواكبة الجديد النافع ممتهناً لعقول الناس ومتستراً على مثالب فساد وجرائم ومخالفات يرتكبها العديد من أهل السلطة والمال . وللوزير المولَّى صلاحيات قانونية استثنائية تخوله قمع صحف المستقلين أصحاب الرأي وانتهاك حقهم في الاجتماع والمظاهرات والتعبير السلمي عن ما يعتقدوه ويؤمنون به . ومن مكونات الأزمة استمرار استمراء تطبيق سياسة إهدار حقوق الوطن والمواطن والسكوت على مسلسل سفك دماء المواطنين المعارضين سلماً المعتصمين المتظاهرين في المحافظات الجنوبية واستخدام القوة المفرطة لتفريق ومنع الاعتصامات والفعاليات السلمية لجموع المعارضين . والأدهى والأمر في جلب المزيد من تعقيدات الأزمة هو احتكار القرار السياسي دون شريك صنع الوحدة وفق بنود وثيقة العهد والاتفاقات التي جرى تجاهلها وإلغائها من طرف واحد والتمادي في التنكر لصلاحيات دستورية منصوص عليها تخول عند الحاجة واللزوم للبرلمان ولمجلس الوزراء والمجالس المحلية سلطات حقوق إشراف ومحاسبة واتخاذ إجراءات رادعة ومساءلة ومحاكمة متنفذين فاسدين ولصوص المال العام وخبراء غسيل أموال ومهربين وخارجين على القانون والدستور .

§   فالأزمة الطاحنة التي يتحدث عنها اليمنيون شماليون وجنوبيون تزداد حدة وتعقيداً وتنذر بعواقب وخيمة لما لم يتأتى للأطراف المعنية معالجتها واجتثاث جذورها . فالطغيان والفساد يضاف إليهما الجوع والغلاء والبطالة وغياب العدل والمساواة في حقوق وواجبات الموطنة وسوء الإدارة قد أدت مجتمعة إلى فشل النظام الذي ارتبط بعقد ولاية لم يفي بها . ولا علاج بعد يضمن تفادي كوارث عظمى إلا بيقظة ضمير وعودة إلى عقول ذهبت في إجازة وبقرار شجاع يعلنه الرئيس بإقالة كل من حوله من معاونين كثيري الشكى والبكى من سوء الوضع همساً وكثيري الصراخ والأصوات في مواكب الحفلات والمهرجانات والمناسبات .

وتصوري من أجل الحل الممكن يتلخص في الآتي :

1- 
إن المعارضين في اليمن معنيون بحث الأزمة علماء وزعماء وأساتذة جامعات مستقلون في الداخل والخارج وكذلك قادة الحراك الشعبي في المحافظات الجنوبية والشرقية وأحزاب الإصلاح والاشتراكي والاتحاد والوحدوي الناصري ورابطة أبناء اليمن ولتكن البداية تهيئة الأجواء وتأكيد عنصر تبادل الثقة بين الفرقاء للحوار الوطني الشامل بين المعارضة والسلطة .

2- 
أن يوقف الرئيس كافة الإجراءات القمعية والتعسفية ويعلن تكليف حكومة إنقاذ وطني تمثل كافة مكونات المجتمع اليمني في إطار تكاملي على قاعدة المشاركة والوفاق الوطني وفق روح وثيقة العهد والاتفاق لتتولى مسئولية إدارة دولة نظام وقانون لمرحلة انتقالية يتفق عليها الفرقاء .

3- 
أن يتم استبدال المحافظين وقادة الجيش والأمن في كافة المحافظات وتعيين محافظين جدد وقادة جيش وأمن من أبناء كل محافظة في محافظتهم .

4- 
أن تتولى هيئة إشراف ومحاسبة لإدارة المرافق العامة موانئ ومطارات وجمارك وحرس حدود وشؤون نفط وغاز وبنك مركزي وذلك لتصحيح الوضع الإداري والمالي لكل منها .

5- 
إلغاء وزارة الإعلام واستبدالها بهيئة مستقلة تتولى الإشراف على أداء كافة فروع الإعلام المرئي والمقروء والمسموع بعد مراجعة قانون الإجراءات الجزائية التي تعالج التحريض والقذف والإثارة وقانون الصحافة أيضاً .

6- 
أن يتم إعلان إلغاء مجلسي النواب والشورى والمجالس المحلية فوراً لعدم جدوى بقائهما مجرد شكل تجميلي لسلطة عاجزة عن تحمل مسئولياتها نحو الشعب وأن يتحدد موعد لا يتجاوز عاماً واحداً للاستفتاء على مشروع دستور جديد تضعه هيئة من علماء ومحامون وممثلوا الأطراف المشار إليهم في الفقرة (1) .

هذه مرئياتي ولست في تقديري الشخصي قادر على استشراف ما سوف يجد فيه الرئيس ومن حوله والمعارضين له أو المختلفين معه من الجوانب التي يقبلون ويقتنعون بها خاصة في الجنوب . لأن معالجة الموقف الراهن قضية مصيرية لم تعد تحتمل المناورة والإرجاء أو الشطارة والتحايل فلم يعد في الوقت متسع وليس بالإمكان أحسن مما كان . فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك .

·  انت كأبرز زعما جبهة التحرير في الجنوب قبل الاستقلال ماذا موقفك من الوحدة يومها وما هو موقفك الآن ؟

§  أولاً أنا لست الأبرز في جبهة التحرير في الجنوب . فقد كان هناك الأمين العام المرحوم عبد القوي مكاوي ومحمد سالم علي وعبد الله محمد المجعلي وعبد الله علي عبيد وخليفة عبد الله وعتيق عبد الرحمن وعلي السلامي وسالم زين محمد وعثمان راجح وعلي علي عبد الله باعزب وأحمد الحنش ومحمد شمشير وصالح حسن ومحمد العبوي وآخرين يرحم الله الموتى ويعين الأحياء. والوحدة ليست وليدة قيام الجبهتين التحرير والقومية .. فقد سبق لقادة وقواعد للاتحاد اليمني والمؤتمر العمالي وحزب الشعب الاشتراكي أن دعوا وناضلوا واعتقلوا وسجنوا من أجل تحقيق وحدة شطري اليمن [ المحتل بالاستعمار البريطاني والمختل بالنظام الأمامي ] وهي تسمية أطلقها أمين عام الرابطة أستاذنا شيخان عبد الله الحبشي .. كنا ندعو لقيام وحدة سوية بدون تسلط أو تمايز في المواطنة ولا تعاني من فساد أو طغيان .. ويا سبحان الله فمن كانت لهم تحفظات وخوف من تحقيق الوحدة ورفضوها في السر والعلن .. هم اليوم يتشعبطون بوحدة المغانم المادية والسلطوية .. وأنا أقول لهم إن مقاومة ورفض نظام وحدة السلب والنهب والإلحاق والغطرسة والإرهاب ليس انفصالاً بل انعتاقاً من قيود تكبل الشعب بأكمله في الشمال والجنوب والشرق وتهامة غرباً .

§  الوحدة كانت ولا تزال هدف وطني وعربي سامي فما الذي غير المزاج الشعبي في الجنوب تجاه الوحدة وهل تعتقد ان هناك امكانية لإنقاذها مما يراد لها في الخطاب الذي نسمعه اليوم ؟

§  كانت نعم ولا تزال لا .. فالإكراه من أبغض الأمور في العلاقات العامة بين الأطراف المعنية والقول السائد أن من غشنا ليس منا في السياسة والتجارة والزواج والوحدة هو عين الصواب والحكمة . والطلاق أبغض حلال وإنقاذ الوحدة متروك لحسن تقدير صناع الأزمات والتنكر للالتزامات والحقوق البينة. وقد أشرت في إجابة سابقة إلى مشروع للحل قد يفيد ويساعد على حلحلة حالة الاشتطاط الرسمي والغضب الشعبي والله المستعان .

§  هل هناك ثمة امل في حوار شامل يفضي الى انقاذ وطني لليمن والوحدة معاً ؟ 

§  بدون حوار لا يمكن إيجاد حل ومخرج لأي مشكلة والخروج من أزمة صغيرة أو كبيرة لا يتأتى إلا بالحوار البناء والهادف بعيداً عن الشطار وحوار الطرشان . وبعيدا ًعن إصدار أوامر عليا غير قابلة للتنفيذ كما جرى عليه حال التعامل مع اعتماد مستحقات المسرحين من الوظائف المدنية والعسكرية في الجنوب بعد مضي سنوات من المراجعة والتوسلات ، لابد من حوار وقبل الهرولة نحو حوار للحوار يجب أن يُرسى المعنيون بالأزمة من الجانبين الرسمي والشعبي أسس وأهداف الحوار وقواعد دارته بإشراف صديق للطرفين عربي أو دولي .

§  ما هو تصوركم للبدائل ...؟

§  أعوذ بالله من شر البدائل .. فالمواطن والوطن هم أمانة في عنق الرئيس ومن حوله من وزراء ومستشارين ومساعدين وقبيلة .. والسلطة ليست مغنم .. والعدل أساس الحكم .. والديمقراطية وحقوق الإنسان يندبان حظهما في اليمن خاصة . إن بطانة صالحة في قمة السلطة مطلوبة على عجل لتحل محل السوء المكعب في بطانة تنتفخ بطون وأوداج أصحابها من ثروات الوطن وحقوق المواطن . إن التصحيح والوفاء بالالتزامات السابقة واللاحقة واعتبار الوطن حقاً للجميع وليس حكراً لفرد أو قبيلة وإن واجب الجيش والأمن هو الدفاع عن الوطن والسيادة بعيداً عن الولاء للقبيلة والتحرك ضد الشعب في صعدة والجنوب وشرعب والجعاشن وبمنأى عن تعاطي السياسة والإنغماس في حب المال والبسط على أملاك الدولة والرعية . البدائل ماثلة لمن يتصدر المسئولية فالرئيس عليه أن يختار دون أن تطول حيرته .

§  لا لاشك انك سمعت او قرأت عن خطاب الرئيس الأخير في مهرجان الحسينية مهل لك تعليق؟

§  لم أكن أتوقع صدور مثل هذا الخطاب على لسان الرئيس في جمع غفير لفقراء الحسينية .. فالشعب اليمني يستحق شربة ماء عذب ونقي بعد ثورة 1962 واكتشاف النفط والغاز في وطن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية المزعومة ومن العيب أن ينقل الرئيس نتفة من قول مأثور منسوب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي وجه القول لخصومه الغربيين وطلب منهم أن يموتوا بغيظهم ويشربوا من البحرين الأبيض والأحمر . لقد عانى جمال عبد الناصر وشعب مصر من حروب وضغوط وحصار وإلغاء قروض لبناء السد العالي وتحريض إسرائيل ودول حلف بغداد ضده .. ولم يحكم عبد الناصر مصر ثلاثين عاماً وحقق منجزات حقيقية في الصناعة والزراعة والتقدم العلمي .. وهكذا تبقى المقارنة بين عبد الناصر وعلي عبد الله صالح مقارنة في غير موضعها وخارج السياق .. لقد أحاط عبد الناصر نفسه بعدد كبير من المستشارين والخبراء اذكر منهم عزيز صدقي وحسنين هيكل ود. محمود فوزي ومحمود رياض والقيسوني وأمين هويدي وسيد مرعي وكمال رفعت .. وأما رئيسنا فوجد في علي الآنسي وعلي الشاطر وعبد بورجي ما يفي بالحاجة وما شاء الله كان .

  • لا
    يُستبعد ان لك بعض التجارب المُرة مع بعض رموز القبيلة ولك وجهة نظر حول المؤتمرات والكيانات القبلية، فهل لنا ان نعرف رأيك حول الواقع القبلي اليوم في اليمن هل هناك فرق بين الأمس واليوم وهل صحيح ما يقال عن فراغ تركه رحيل الشيخ الأحمر لايمكن ان يملئه احد ام ان هناك من وجهة نظرك مجال لايجاد البدائل؟

§  تجاربي مع القطاع القبلي ليست كافية وإن احتفظت بذكريات طيبه عن علاقات ومعرفة شخصية برموز وزعماء قبائل أخص منهم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر والشيخ ناجي عبد العزيز الشايف والشيخ سنان عبد الله بولحوم والشيخ أحمد علي المطري والشيخ نعمان بن راجح والشيخ أحمد عبد ربه العواضي والشيخ غالب الأجدع والشيخ علي القبلي نمران والشيخ الباشا بن زبع والشيخ سلطان العراده والشيخ حسين العواضي ومن الجنوب تعرفت على الشيخ محمد بوبكر بن فريد الشيخ وسالم علي معور الربيزي والشيخ مقبل باعزب والشيخ أحمد بوبكر والشيخ محمد صالح المصلي والشيخ محمد الضنبري والعاقل حسين المجعلي والشيخ محمد علي الصالحي والشيخ عبد الله سالم الحميري والشيخ محمد صالح الأزرقي والشيخ فضل الشاعري والشيخ عبد الله مطلق الحالي والشيخ عمر سالم الدماني والشيخ محمد الجعري والشيخ محمد بن فريد الشمعي . والصفة الجامعة بين هذه الرموز القبلية هي الشجاعة والمصارحة والبحث عن الوفاء في علاقات الصداقة والاستفادة بالرأي حيثما وجد أو سنحت به الظروف والمناسبة .

لقد ترك الشيخ عبد الله الأحمر بالفعل فراغاً يصعب أن يملأه شيخ آخر في اليمن .. وللشيخ عبد الله يرحمه الله مكانة خاصة لدى محبيه ومعارضيه من مشائخ وسياسيين سواء بسواء .. لقد غيب الموت هذا الشيخ الحر الجليل وفقد اليمنيون ملاذ حكمة وتراكم تجربة ورحابة صدر وعلاقات مترامية عربية وإسلامية ولا مجال لحديث عن بدائل لهذا الشيخ التقليدي في هيئته ومجلسه والمعاصر في أفكاره وتواضعه وحواره الهادف مع الآخر .. لا أرى بديلاً له على المدى القريب وأما المستقبل فمفتوح على تحولات في مكونات المجتمع اليمني فالقبيلة على امتداد اليمن تمضي على طريق التقدم والتسلح بالعلم والمعرفة والمحافظة على التقاليد الحميدة كالنخوة والشجاعة والكرم والفروسية وسيواصل جيل القبيلة الجديد شق طريق الأعمال الحرة التجارية والمهنية والتخصصات العليا دون التخلي عن تقاليد السلف إلا ما نذر وهذا يبعث على التفاؤل .

§  مسألة تأهيل اليمن ودخوله لمجلس التعاون الخليجي، هل انت مع هذا التأهيل ام انك ترى انه غير وارد. ؟

§  إن أحوالنا وآثارنا تدل علينا وغير خافية على أحد في دول الخليج .. وحال الحدود مع جيران اليمن ليست كما يجب ويتمناه العقلاء والمحبون وذلك من حيث الانضباط والارتقاء وبالسيطرة على عمليات تهريب أسلحة ومخدرات وأطفال .. كما أن المصادمات والمواجهات وتردي أوضاع معيشية وإدارية وأمنية وتفشي الفساد ليست من الأمور التي يجهلها أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي . هناك حسب ما اعتقد وأسمع حرص ورغبة خليجية على مساعدة حكومة اليمن بلوغ حدٍ كافٍ من المستوى المرسوم يؤهلها للوفاء بشروط الانضمام للمجلس ولو بأسلوب متدرج إن شاء الله . فماذا علينا أن نعمله يا حكومة في اليمن حتى يتوفر لدينا ما نقدمه كإضافة موازية لإنجازات تتحقق في المجتمعات الخليجية بدلاً عن الإلحاح في الطلب والإسفاف الإعلامي الممجوج ، إما سعي للانضمام إلى المجلس وأوضاعنا بهذا الشكل فهذا أمل غير ممكن تحقيقه ولا داعي لإيهام الفقراء بحياة الأغنياء بدون أن نصلح أوضاعنا أولاً .

§  نشكرك أستاذ عبد الله الاصنج لسعة صدرك وعلى شفافيتك في هذا الحوار.

اشكركم أنتم وأشد على أيديكم للاستمرار في الاستقلالية في هذا الموقع.