حماس لم تستسلم والعالم لن ينسى مذبحة غزة.. رؤية غربية واشنطن تحذر الحوثيين من أسوأ السيناريوهات ...حان الوقت للرد عليهم مجلس الأمن يعتمد قرارا دوليا جديدا خص به المليشيات الحوثية توكل كرمان: آن الأوان لحل القضية الفلسطينية وعلى العالم أن يقف إجلالاً لنضالهم المجلس العربي يدعو الى محاسبة ومحاكمة المسؤولين عن جرائم غزة وعدم إفلاتهم من العقاب وفقاً للقانون الدولي وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد يوقع في ختام مؤتمر الحج والعمرة عدة اتفاقيات تهدف لتقديم الخدمات النوعية للحجاج المليشيات الحوثية تترك قتلاها وجرحاها بالأزارق .. بعد مواجهات ضارية مع القوات المشتركة جنوبي اليمن الحكم على رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان بالسجن 14 عامًا وزوجته 7 سنوات في قضايا فساد غارات أمريكية على محافظة عمران بايدن يكشف كواليس صفقة غزة ويتحدث عن أنفاق حماس التي وصفها بالمذهلة
مأرب برس - خاص
"نعمان" شاب في الثانية العشرين من عمره، تزوج حديثاً ويعيل من بيعه للذرة المشوية أو "المسابل" عائلة كبيرة تضم أبوين وأربعة إخوة قصّر وزوجة حبلى في شهرها السادس، ويقف نعمان يومياً منذ بداية شهر رمضان الكريم أمام أحد المتاجر الفخمة لبيع الملابس في العاصمة، وحوله يشهد المكان حركة كثيفة للمتسوقين فيما يتعالى ضجيج غيره من الباعة الذي يقطعه بين حين وآخر صوت شرطي سيارة النجدة عبر مكبر الصوت يلقي أوامر حازمة للسائقين بالابتعاد أو عدم الوقوف في الممنوع.
"نعمان" واحد من عشرات غيره تناثروا أمام المتجر يبيعون "البلس" أو التين الشوكي، والبيض والبطاطا المسلوقة، والإكسسوارات الرخيصة والملابس الداخلية وبالونات الأطفال وقوارير الماء المعدني؛ في سعي حثيث للاستفادة من بركات هذا الشهر الفضيل؛ ومستفيدين أيضا كما يعبر "إبراهيم " بائع الألعاب من " قرار الرئيس بعدم التعرض له .." ولغيره من البائعين المتجولين خلال شهر رمضان وفترة العيدين.
لقد تحدى نعمان وإبراهيم وأمثالهما البطالة أو التسول في الشوارع بالقناعة من عمل يدر دخلا متواضعاً بالكاد يكفي "مصاريف العائلة"، لكنهم مع ذلك لا يسلمون حتى في العطل الرسمية من خصم يجري وراءهم اسمه "البلدية" أو من تزيّا بزيها.
كانت الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل وإذا برجل فظٍ قصير القامة يرتدي ملابس غير متناسقة وقبعة واقية من الشمس!! وفمه ممتلئ بالقات يصرخ في وجه بائع الذرة الشامية مخيراً إياه بين دفع الضريبة أو بين الاتصال بمن يأتي لأخذه إلى السجن؟.
تدخلنا وسألناه: كيف تسمح لك جهتك بالعمل في يوم جمعة وهو يوم عطلة رسمية وبعد منتصف الليل؟ فأجاب دون أن يخفض من صوته: ومن يمنعني من العمل حتى الفجر؟ بل إنه لم يعبأ بأحد وصرّح باسمه وجهة عمله متحدياً ثم انسحب إلى الطرف الآخر مبتعداً ليصيد هذه المرة صاحب عربة لبيع "البليلة".
لم يكن صاحبنا هذا يحمل أي سندات جباية رسمية ولم يستطع فيما بعد إبراز بطاقته المهنية لشرطي النجدة الذي طلبنا تدخله لوقف هذه المهزلة، بل زعم مستنجداً أن مديره في مديرية "الوحدة" بالأمانة يشرف على عمله شخصياً؛ مشيراً إلى سيارة بيضاء سوزوكي قديمة تحمل رقما حكومياً، وبحيلةٍ ربما اعتادها؛ ذاب صاحبنا بين الجموع فلم ندر من ضحيته التالية؟.
ليست المشكلة هنا في "البلدية" أو في من ينتسب إليها أو في من يحاول الاسترزاق من وراء انتحال صفة أفرادها، فالبلدية كما هو مفترض هي جهة يقوم على عاتقها عبء تنظيم الأسواق والرقابة وحماية حق المستهلك والبائع معاً، لكن المشكلة التي يلحظها الجميع دائماً ولا يمكن سترها أو تجاهلها والسكوت عنها هي تجاوز بعض أفراد البلدية للقانون عند تنفيذهم القانون بحق المخالفين من الباعة والمتجولين، والإفراط في العنف بحقهم.
في إحدى المرات هرع أفراد طقم للبلدية فجأة واقتادوا من أمامنا فتى يافعاً يبيع "البلس" بعد أن عنفوه ونثروا محتويات عربته على الأرض، ودون أن يوجهوا له حرفاً واحداً رموه داخل الطقم، تابعنا طقم البلدية هذا حتى وصل باب مبنى أمانة العاصمة فإذا بالبائع يُقذف -كما دخل- إلى خارج الطقم وهو ينفض جيوباً باتت شبه فارغة.
فأبلغنا مدير عام الحركة في الأمانة بالواقعة ورقم الطقم؛ وقلنا له: إن هؤلاء يستخدمون سيارات الدولة و زيّ الدولة وإمكانات الدولة لمنفعتهم الخاصة!! فرد المدير وكان محقاً بأن "المواطن هو من يرفض الإدلاء بشهادته ضد المتجاوزين من أفراد البلدية"، لكن – والتعليق هنا لسان حال البائع- هل سيسلم منهم يوماً آخر إن شهد واشتكى؟.
لقد شاهد كثيرون منا مواقف كهذه تنتهك فيها كرامة البائع المتجول وسلامته الجسدية في غير مسوغ لذلك أو اكتراث، فلماذا لا يجمع أفراد الضبط البلدي بين التهذيب في تطبيق القانون والحزم واحترام البائع الذي يتمتع دون شك بكامل حقوق المواطنة والكرامة الإنسانية؟.
ولماذا لا تتم توعية هؤلاء بالطرق والأساليب المناسبة لآلية عملهم، ثم لماذا لا يوحد مظهرهم بشكل لائق ويجبرون على إبراز بطاقتهم المهنية عند كل تدخل؟ وعلى التعامل الحسن أيضاً كما يجب مع المواطن؟ لا شك أن المواطن سيصبح تبعا لذلك عونا لهم لا ناقما على فظاظتهم وغلظتهم.
فاتني أن أشير إلى أن أخينا مدعي صفة البلدية أو ربما عضوها الممارس خارج إطار القانون أياً كان، قد أسكته بائع "البليلة" بخمسين ريالاً فقط في انحدار عجيب للنفوس إلى قاع الرخص والوضاعة، وعش رمضان ترى عجبا: بائع متجول وبلدية تلاحقه يوم جمعة بعد منتصف الليل!!.
* خبير إعلامي ومدرب