الثورة... مسيرة الحياة
بقلم/ محمد الصالحي
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 7 أيام
الجمعة 30 ديسمبر-كانون الأول 2011 01:13 م

قال تعالى :{فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.

تتصاعد بحدة ثورةُ المؤسسات الحكومية لافضةً مسئولين تربعوا على عروشها لعقود من الزمن، كثورة حقيقة نادرة الوجود لتبرهن للعالم قاطبة روعة الثورة اليمنية. ولتثبت أن الشعب اليمني لا زال حياً قادراً على صناعة فجر جديد ينشد دولة مدنية تتساوى فيها الحقوق والواجبات يتمتع فيها أبناء هذا الشعب العظيم بمواطنة متساوية خالية من الطبقات، خالية من الفساد.

لسنا بصدد الدفاع عن ثورة المؤسسات أمام المشككين بها، فالواقع يقول: إنها اندلعت من رحم مؤسسات ومنشآت كان أفرادها موالين للنظام بشكل لا يقبل المساومة وليست مشروعاً لقوى المعارضة بل إنها نابعة من تطلعات الشعب. حيث لم يأتِ بها أحد من ساحات التغيير والحرية لأن جُل من قاموا بها قد يكونوا ساهموا بشكل أو بآخر في تماسك النظام حتى ما بعد المبادرة الخليجية ودافعهم هو رفع الفساد عن كاهلهم وإزاحة اصنام أدمنت العبث بمقدارات الدولة ولم تتعظ بما صاحب ربيع الثورات العربية.

لقد كان للثورة الشبابية الدور الكبير في كسر حاجز الخوف. لتضرب كراسي رموز نظام مهترئ ليتساقطوا كأوراق الخريف مخلفين وراءهم لعنات ومعاناة المئات من منتسبي تلك المؤسسات.

اكتشف العاملون ضعف نظام كان الإعلام الرسمي المزيِّف ميدانه لا الواقع، نظام يتظاهر بالقبض على مفاصل الحياة ، ليتأكد انه ليس سوى بالونة استمر النظام في نفخها طيلة 33 عامًا.

ولو كان يعرف موظفو تلك الدوائر ضعف النظام ورموزه ما ظلوا يقبعون عشرات السنيين تحت جور الظلم والفساد.

مسيرة الحياة..

هي العمل الذي جعلنا نقف إجلالا واحتراما لكل من شارك فيها، كانت المسيرة هي المجددة للزخم الثوري لتدهش كل المتابعين للثورة اليمنية بإرادة وإصرار شعب الحضارات الضاربة في عمق التاريخ، تغلبوا على مشقة السفر متسلحين بآمال وأشواق تحدوهم للقاء احبتهم في صنعاء. تحملوا البرد والجوع بعد قطعهم مسافات جبلية، ليستقبلهم القتلة بزخات الرصاص .. كأني بهم ينظر بعضم إلى الآخر متسائلاً: هل من يقتلنا بدم بارد هم إخواننا ؟ فهم أنفسهم من قتل الشهيد انس السعيدي والشهيدة عزيزة ومئات من أبناء اليمن.

تغلبوا على ضعف اجسادهم وخواء بطونهم ودحروا القتلة مثبتين ان إرادة الشعوب اقوى من اعتى ترسانات الأسلحة.

بعد وصولهم الى ساحة التغيير بصنعاء تباينت وجهات النظر وتصاعد الجدل محدثاً شرخاً في النفوس يتبعه أحداث يأسف عليها كل ثائر.

لم يحاول أحد أن يلتمس العذر للآخر متقبلاً وجهة نظره ، حماس الكثير من المشاركين كان هو الصوت العالي وساهم البعض في استغلاله محاولاً تحقيق أهداف سياسية، والدفع بهم الى السبعين ولو توجهت المسيرة الى هناك لحدثت مجزرة لا شبيه لها في التاريخ اليمني. لأن هناك مئات من الجنود والبلاطجة أيدهم قابضة على الزناد.

المسيرة سميت "مسيرة الحياة" ، ولم تُسم "مسيرة الموت". لكن المتشوقين إلى الزحف، إلى القصر فاتتهم الفرص منذ جمعة الكرامة .. وتطلعوا إلى ذلك الزحف ليمتطوا مسيرة الحياة.

لنْ يطولَ البحثُ عنْ روحي وذاتي

سوفَ ألقى عنْ قريبٍ أمنياتي

هاهوَ الفجرُ الحقيقيُّ ابتدا

نورُهُ يمحو ظلامَ الحالكاتِ

قادمٌ في موكبٍ لا ينحني

من تَعِزَّ العِزِّ يمضي في ثباتِ

نافخٌ في الثورةِ الروحَ التي

أيقظتها من سُباتٍ كالمماتِ

موكبٌ في ثورةٍ سلميةٍ

ينشدُ التغييرَ بالسبعِ اللغاتِ

يملأُ الدنيا زئيراً معلناً

رفضَهَ للتسوياتِ الخاسراتِ

لا ضماناتٍ لسفاحٍ ولا

فاسدٍ تنجيهِ من حكمِ القُضاةِ.. من قصيدة (مسيرة الحياة) لياسين عبدالعزيز.

*الجمهورية