جامل: الحوثي اتخذ خياره العسكري وتوهم أنه سيبتلع الدولة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 9 سنوات و شهر و 6 أيام
السبت 03 أكتوبر-تشرين الأول 2015 08:43 م

أجرت صحيفة الراية القطرية حواراً مع الباحث السياسي والدبلوماسي اليمني في السفارة اليمنية في اسطنبول طلال جامل "مأرب برس" يعيد نشر نص الحوار:

• كيف تنظرون كيمنيين إلى دور قطر في دعم الشعب اليمني؟.

- نحن في اليمن وأعني كافة المكونات السياسية والاجتماعية ، نقدر ونثمن عاليًا ما توجه به القيادة القطرية أميرًا وحكومة ، وما يقدمه أيضًا الشعب القطري الشقيق، ولا ننسى مشاركة قطر الفعّالة في التحالف العسكري القائم حاليًا.

أستطيع القول بثقة إن دولة قطر حاضرة على الدوام في اليمن، وتكثف حضورها واتخذ منحى عميقًا، منذ اندلاع الأزمة الأولى في اليمن بين الرئيس المخلوع علي صالح والحوثيين، حيث تكفلت آنذاك بإعادة إعمار صعدة، وحاولت لمّ الشمل بين الحكومة والحوثيين لرأب الصدع اليمني، ونحن في اليمن أيضًا لا ننكر دور قطر الإنساني في اليمن، كما أن قطر داعم رئيسي لليمن على الدوام.

 • كيف تقرأ التحولات العسكرية التي شهدها اليمن بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني ؟.

- قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب التأكيد على أن الوضع العسكري في اليمن مرتبط بالوضع السياسي، ووضع اليمن حاليًا مرتبط بالتحولات الإقليمية والتطورات الداخلية.

هذا يعني أن الاتفاق النووي الإيراني انعكس على العلاقات السعودية الأمريكية، بمعنى أن الأمريكيين أصبحوا حلفاء لإيران، وهذا التحول أدى إلى الضغط على السعودية للتخفيف من حدة المعارك في اليمن، لكن السعودية زادت من العمل العسكري في اليمن كرسالة لجميع الأطراف، إنها قادرة على تحقيق الانتصار في الخارج بدون رغبة أمريكية ، علمًا أن زيادة احتدام العمليات، لا يقابلها جيش نظامي في اليمن، بل بقايا حرس جمهوري للمخلوع علي صالح، مع مجموعات للحوثي متواجدة في الشمال المحاذي للسعودية.

• ما هو مصير الحوثيين في اليمن ؟.

- الحوثيون ليسوا إطارًا سياسيًا ملموسًا حتى نستطيع تتبع مراحلهم ومسيرتهم، بل هم عبارة عن ميليشيا مسلحة بعيدة عن جسد الدولة، واتخذت خيارها العسكري مبكرًا، وقد شاركوا في الحوار الوطني بعد ثورة 11 فبراير 2011 ، عبر مبادرة خليجية قضت بجلوس اليمنيين جميعًا على طاولة الحوار.

لكن وللأسف كان الحوثي وقت الحوار يستعد في صعدة للتحرك في المنطقة، وتوهم أنه سيبتلع الدولة، ولذلك رأيناه يتربص بالوضع السياسي حتى 14 سبتمبر 2014 ، وبدأ الاجتياح الشامل للمحافظات والمدن بالتحالف مع نظام صالح ، وكان عنوانهم العريض هو تصحيح مسار ثورة 11 فبراير.

بعد ذلك اتضح للجميع أن تحركهم يهدف للاستيلاء على مؤسسات الدولة وإسقاط النظام الجديد، برئاسة عبد ربه منصور هادي، وعندما شعر النظام الجديد بأن الخطر سيطال الدولة بأكملها، اضطر للانتقال إلى عدن، وهناك بدا مشهد آخر، وواصلت الميليشيات التقدم إلى عدن لاعتقال الرئيس هادي، فطلب السعوديون منه الخروج.

حاليًا نشهد تراجعًا للحوثي من أجل تصفية حساباته مع كافة القوى، وبدأ بحصار المدن اليمنية والمواجهات مع المقاومة، وقام باختطاف الصحفيين ووضعهم دروعًا بشرية، وكان شعاره: من ليس معي فهو ضدي.

بعد دخول التحالف إلى اليمن، والعمل على إسقاط الحوثي، نرى التحالف يزحف نحو صعدة فالجوف إلى صنعاء، للقضاء على قوات الحوثي وصالح، لكن يبدو أن هناك من يرغب في إبقاء التواجد الحوثي في المشهد السياسي اليمني، وأستطيع القول إن التحرك الأمريكي جاد للحفاظ على الحوثيين، كما أن السعودية تغض الطرف عن الرحلات المكوكية الحوثية إلى مسقط في عمان من أجل الحوار، بمعنى أن الرياض راغبة أيضًا بذلك ، لكن بعد تجريد الحوثي من سلاحه، كما أن هناك رغبة لإلغاء صالح وإبقاء حزبه في المشهد.

• ما هو الحل الأمثل في اليمن ؟.

- الحل الأمثل لليمن ليس عسكريًا ولا إقصائيًا بل بالحوار الوطني والالتزام بوثيقة مخرجات الحوار الوطني المنبثقة عن المبادرة الخليجية التي شملت إصلاحات دستورية ومصالحة ورسمت سياسة البلد الجديدة والدستور الجديد وشكل الدولة ومؤسساتها وكذلك الحكم الرشيد.

• ما هي التحضيرات لإعادة صنعاء مجددًا إلى الشرعية ؟.

- هناك سيناريوهان، الأول: محاصرة صنعاء من كافة الاتجاهات وقطع الإمدادات كلها، خاصة أن العاصمة محاطة بجبال ويبلغ ارتفاعها فوق مستوى سطح البحر 1500 متر، ما يسهل حصارها، لكننا سنشهد عندئذ كارثة مدنية.

أما السيناريو الثاني فهو اتخاذ التحالف قرارًا مفزعًا وهو الدخول المفاجئ إليها واقتحامها، وسنكون في تلك اللحظة أمام مشهد خطير يشبه مشهد بغداد عند احتلالها في ربيع عام 2003.

* كيف تقرأ الأوضاع في الجنوب وعدن بشكل خاص؟.

- معروف أن الحوثي مكث في الجنوب أربعة أشهر، وخلف دمارًا شاملاً وعطل الحياة ودمر المؤسسات، وترك المدينة خلفه شبه مدمرة ، وها هي الآن بعد دخول التحالف إليها تعالج جراحها.

وبالنسبة للخريطة السياسية في عدن فهناك فريقان: الأول يقول إنها لا بد أن تنفصل عن الشمال بسبب فشل الوحدة ، في حين إن الفريق الثاني يطالب بالإبقاء على الوحدة ، وأن الدماء التي سالت عززت الوحدة ، مشددًا أن اليمن تحرر من كافة القوى في الشمال وقوى الجنوب المتحالفة مع الشمال تحت شرعية عبدربه منصور هادي، ولذلك فإن عدن بين كماشتين: دعاة الوحدة ودعاة الانفصال.

• هل يمكن أن نرى مصالحة في اليمن ومتى ؟.

- ستكون هناك مصالحة في اليمن، لكن ليس في المدى المنظور، بسبب المواجهات العسكرية وعمليات التحالف، وشعار: لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، لكنني أؤكد أن المصالحة سترى النور في المدى البعيد، لأنه لا بد من المصالحة والحوار، ولا بد أن يفهم الجميع أن فريقًا بعينه لن يحسم المعركة لصالحه، لأن اليمن يشهد توازن رعب وهناك 60 مليون قطعة سلاح في أيدي الشعب.

• من سيعيد إعمار اليمن وكم تقدرون التكاليف ؟.

- أعلنت قوات التحالف وفي مقدمتها السعودية والإمارات أنهما سيتكفلان بهذا الملف بعد انتهاء الأحداث، وبدأت الإمارات تعد برنامجًا للإعمار في الجنوب، ونتوقع أن تكون التكلفة غالية، ولا أحد يستطيع قبل أن تضع الحرب أوزارها تقدير كلفة إعادة الإعمار، واليمن يعاني من التدمير.