ماذا تريد واشنطن من طهران ؟
بقلم/ حسن الرشيدي
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 19 يوماً
الإثنين 21 مايو 2007 06:15 م

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر و إثر تعرض الولايات المتحدة لهجمات على عصب حياتها الاقتصادية و السياسية في نيويورك و واشنطون بدأت الإدارة الأمريكية العدة لحرب ضروس ضد المراكز الإسلامية و العربية القوية في كل من أفغانستان و العراق و هنا وجدت القيادة الإيرانية الفرصة سانحة لتحقيق أحلامها التوسعية في الشرق الأوسط و في نفس الوقت إسقاط ألد أعدائها في المنطقة والذين يحولون بينها و بين تحقيق أهدافها و هم صدام حسين وحركة طالبان و الحركة الإسلامية السنية عامة و نجحت الولايات المتحدة بفضل المساعدة الإيرانية في إسقاط نظام صدام حسين و حركة طالبان ومحاصرة الحركة الإسلامية بتوجهاتها المختلفة و تمددت إيران لأول مرة في مناطق لم تكن تحلم بها من قبل في أفغانستان و العراق و هنا أدرك الحليف الأمريكي الفخ الذي وجد نفسه يقع فيه فبينما هو مستدرجا في مستنقع العراق و أفغانستان وجد حليفه الآخر الإيراني يتمدد استراتيجيا و على وشك إنجاز برنامجه النووي ليتحول ليس إلى قوة إقليمية فقط ولكن قوة دولية يحسب لها ألف حساب.

و بدأ التوتر في العلاقة بين إيران وأمريكا ليتحول إلى صراع يوشك أن ينفجر في أي لحظة .

و يتخبط كثير من المراقبين هل ستضرب أمريكا إيران و ما حدود تلك الضربة إن حدثت ومع تزايد المؤشرات لهذه الضربة حتى أن بعض التقارير قد بينت تاريخ الضربة باليوم لكن سرعان ما تحدث تهدئة بين الطرفين .

لذلك فإن أول ما يجب تحليله لتبين حقيقة الضربة الأمريكية المتوقعة لإيراني هو دراسة الدوافع الأمريكية لهذه الضربة.

و لن تخرج هذه الدوافع عن هذه الاحتمالات :

1.وجود البرنامج النووي الإيراني : استقبل العالم الغربي ، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية منه،إعلان إيران انضمامها إلى النادي النووي أي انضمامها إلى الدول الحائزة تكنولوجيا نووية بقلق بالغ و تنديد. واحتفلت إيران بإنجازها في استكمال دورة الوقود النووي،ذلك أن إعلان إيران أنها نجحت في تخصيب اليورانيوم إلى المستوى الضروري لإنتاج الوقود النووي و بالنسبة للولايات المتحدة فإن التسليم ببرنامج نووي إيراني عسكري معناه التسليم لإيران ليس قوة إقليمية فقط و إنما قوة عالمية تناطح برأسها القوة المهيمنة الأمريكية و في هذا تغيير لمفردات النظام الدولي وبنيته المتعارف عليه منذ انهيار الإتحاد السوفيتي كما أن السماح بامتلاك إيران السلاح النووي سيجعل الآخرين راغبين في الحصول عليه إذ ستلجأ بصفة خاصة السعودية و تركيا ومصر إلى إنتاج قنابلها النووية .

2.عدم التدخل في شئون العراق :في الفترة الأخيرة زادت الاتهامات الأمريكية لإيران بالتدخل في الشأن العراقي و ليس فقط تسليح الميليشيات الشيعية و لكن دعم مجموعات المقاومة السنية و بالرغم من أن أمريكا تحالفت في البداية مع إيران عند غزوها للعراق أي عملت على إدخالها في أراضي العراق و غضت الطرف على تدخلاتها في البداية إلا أنه فجأة انقلبت عليها و سر الانقلاب يكمن في هزيمة الأمريكان أمام حرب العصابات التي تخوضها المقاومة العراقية فقد اكتشفت أمريكا الدور القذر الذي كان يقوم به أحمد الجلبي لحساب إيران و كتب جورج فريدمان مدير مؤسسة (ستراتفور) الخاصة للاستخبارات العالمية يوم 19 فبراير 2005 في نشرة مؤسسته الشهرية بعنوان (أحمد الجلبي وصلاته الإيرانية) حيث لم يطلع الجلبي الأمريكيين بمعلوماته المخابراتية التي كان الإيرانيون يملكونها بالتأكيد و أكثرهم أهمية معلومتان الأولى: المدى الذي وصل إليه الإيرانيون في تنظيم الجنوب الشيعي في العراق، والثانية: المعلومات عن خطط صدام حسين لشن حملة حرب عصابات بعد سقوط بغداد وذلك لأن الإيرانيين أرادوا أن يغرق الأميركيون في حرب عصابات؛ فمن شأن هذا أن يزيد الاعتماد الأميركي على الشيعة وعلى إيران، ويسرِّع رحيل الأميركيين. كانت المخابرات الإيرانية قد توغلت بعمق في العراق. وكانت الاستعدادات لحرب العصابات واسعة للغاية. كانت إيران تعرف، وكذلك الجلبي. مع ذلك كانت الولايات المتحدة ستغزو، إنما كان يمكنها أن تستعد على نحو أفضل عسكرياً وسياسياً. لم يبلغ الجلبي البنتاغون بما كان يعرفه، وقد أدى هذا إلى جعل الحرب مختلفة بدرجة هائلة .

3.عدم التفكير في لعب دور إقليمي منفرد في المنطقة :فإيران تسعى لتحقيق الحلم الفارسي بإقامة إمبراطورية شيعية في العالم الإسلامي؛ هذا الهدف الذي يمثل حلم إيران الشيعية منذ حدوث ما يعرف بثورة الآيات. وفي وثيقة حديثة وسارية المفعول في عهد خاتمي نفسه أوضحت الغاية العظمى لهذه الدولة الشيعية؛ فقد أرسل مجلس شورى الثورة الثقافية الإيرانية رسالة إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، وكتب عليها: (سري للغاية)، كان مما جاء فيها: الآن بفضل الله، وتضحية أمة الإمام الباسلة قامت دولة الإثني عشرية في إيران بعد عقود عديدة، ولذلك فنحن ـ وبناء على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين ـ نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً وهو تصدير الثورة بوابة مهمة لتحقيق الحلم الفارسي بإقامة إمبراطورية شيعية في العالم الإسلامي؛ هذا الهدف الذي يمثل حلم إيران الشيعية منذ حدوث ما يعرف بثورة الآيات. وفي وثيقة حديثة وسارية المفعول في عهد خاتمي نفسه أوضحت الغاية العظمى لهذه الدولة الشيعية؛ فقد أرسل مجلس شورى الثورة الثقافية الإيرانية رسالة إلى المحافظين في الولايات الإيرانية، وكتب عليها: (سري للغاية)، كان مما جاء فيها:

«الآن بفضل الله، وتضحية أمة الإمام الباسلة قامت دولة الإثني عشرية في إيران بعد عقود عديدة، ولذلك فنحن ـ وبناء على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين ـ نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً وهو تصدير الثورة؛ وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلاً عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب فهي حكومة مذهبية، ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات. لكن نظراً للوضع العالمي الحالي والقوانين الدولية ـ كما اصطُلح على تسميتها ـ لا يمكن تصدير الثورة، بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة.

ولهذا فإننا من خلال ثلاث جلسات وبآراء شبه اجماعية من المشاركين وأعضاء اللجان وضعنا خطة خمسينية تشمل خمس مراحل، ومدة كل مرحلة عشر سنوات لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول، ونوحد الإسلام أولاً؛ لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب؛ لأن هؤلاء (أهل السنة والوهابيين) يناهضون حركتنا، وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين، حتى إنهم يعدُّون اعتماد المذهب الشيعي مذهباً رسمياً ودستوراً للبلاد أمراً مخالفاً للشرع والعرف. وإن سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم، ولإجراء هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقاتنا مع دول الجوار، ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم حتى إننا سوف نحسِّن علاقتنا مع العراق بعد الحرب؛ وذلك أن إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد. إن الهدف هو فقط تصدير الثورة؛ وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنتقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود».

و يعترف الباحث الشيعي اللبناني هاني فحص بأن التوجهات الإيرانية ذات أفق يتعدى جغرافيتها الوطنية.

 

 

و أمريكا مستعدة لجعل إيران تلعب دورا إقليميا فاعلا في المنطقة ولكن بالشروط الأمريكية وتحت مظلة الهيمنة الأمريكية و ليس بمواصفات إيرانية .

إذن الولايات المتحدة ترغب في تفاهم أمريكي – إيراني يتم بمقتضاه تقاسم النفوذ السياسي والاقتصادي في العراق والاعتراف بإيران لاعبا إقليميا بارزا مقابل تأمين النفط وطرق نقله وحماية الوجود الأمريكي في العراق والتخلي عن الميليشيات في لبنان وفلسطين واستبدالها بنفوذ سياسي مع عدم إعاقة إيران للمشاريع والمصالح الأمريكية في المنطقة .

المصدر البينة