قطر تقدم تجربتها الأمنية في إدارة الجوازات والخبرات والتدريب لوزير الداخلية اليمني إسبانيا تُواجه كارثة هي الاولى من نوعها... حداد وطني وعدد الضحايا في ارتفاع المليشيات تستكمل «حوثنة» الوظيفة العامة بقرارات جديدة لماذا تعرقل إيران انضمام تركيا إلى البريكس؟ إغتصاب الأطفال.. ثقافة انصار الله في اليمن صحيفة فرنسية...جنود الاحتياط ينهارون و 170 ألف جندي إسرائيلي يغرقون .. تفاصيل الإنهيار من الداخل ثمانية مرشحين لجائزة هدف الشهر في الدوري الإنكليزي تكشف عنهم رابطة الدوري وزير الأوقاف يشدد على اللجنة العليا للإشراف على موسم الحج انتقاء أفضل الخدمات لحجاج اليمن في كل المحطات مسؤول سوداني رفيع يكشف حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التهريب 55 ألف تأشيرة متاحة للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. السفارة الأمريكية باليمن تمدد الموعد النهائي لتقديم طلبات الهجرة
إذا كان عادل إمام قد اكتفي بالقيام بأدوار كوميديا التهريج الرخيص في السينما المصرية، كان من الممكن قبوله والاقتناع به، تماماً كما تعايشنا وقبلنا مهرجين آخرين تطول قائمة أسمائهم في تاريخ السينما المصرية، وإن كان بعض أصحاب الأذواق المتدنية يجدونهم مضحكين ومسلياتية.. لكنه - بكل أسف - صدق نفسه، وصدق ما يخلعه عليه البعض من أوصاف ومبالغات، وتصور أنه يستطيع القيام بدور سياسي في الواقع أيضاً تحت راية «الزعيم» والبطل و«الواد الجامد» أمام الكاميرات بالطبع.. وما إلي ذلك
غير أن المشكلة الحقيقية التي تغيب عن بال عادل إمام، بثقافته المحدودة جداً ووعيه البسيط الذي ينحصر في الحصول علي أكبر قدر من المنفعة الشخصية في كل الأحوال والعهود، أن الدور السياسي الحقيقي الذي يمكن أن يلعبه فنان أو ممثل أو سينمائي أو رجل مسرح، ليس هو دور الممالئ للسلطة أيا كانت، ولا دور المهرج الذي يقلد المسئولين في جلساتهم ويضحكهم علي أنفسهم، كما فعل ويفعل عادل إمام منذ «مدرسة المشاغبين»، أي منذ أن تحول إلي القيام بدور واحد طوال الوقت هو «مسلياتي أصحاب السعادة»، بل دور المعبر بحق عن ضمير الشعب وعن آمال وآلام هذا الشعب وكل شعوب الأرض
لكن لا مانع من أن يتظاهر عادل إمام بالنقد السياسي، بل وبالرفض السياسي أيضاً، فربما سهل له بذلك إرضاء نرجسيته التي تصور له - أمام الناس - أنه بالفعل أصبحت له كلمة فوق كلمة السلطان، ولكنه يعلم الحقيقة ويعلم محدودية دوره وشأنه لدي أصحاب السلطان، وأنهم يستخدمونه فقط للتنفيس والتمرير الزائف بل أحياناً للسخرية من الناس أيضاً والإساءة إليهم كما في «الإرهاب والكباب» مثلاً، وربما يكون فيلمه الشهير «السفارة في العمارة» أكثر أفلامه شعبوية وضحكاً علي ذقون السذج والجهلاء من أصحاب الذوق السقيم الذين أمكنهم ابتلاع أكذوبة عادل إمام يعارض التطبيع مع إسرائيل، بينما الفيلم في الحقيقة يسخر من القوي الوطنية المصرية ويعرض بها تعريضاً سمجاً ثقيل الظل، ويخدم كل أغراض وسياسات الحكومة بل ويخلع علي ضباط الأمن صفة شديدة الرونق والإنسانية. اعتاد عادل إمام علي التعامل مع كُتاب سيناريو «خصوصيين» منهم وحيد حامد الذي ظل كاتبه الملاكي سنوات، ثم تضاءلت قيمة الذين يكتبون له الآن وهبطت إلي مرتبة الكاتب الإذاعي «الفوري» غير الموهوب يوسف معاطي، الذي لا يجد لديه متسعاً من الوقت لكتابة ما تتطلبه ماكينة أفلام عادل إمام وربما يلجأ أيضاً إلي «الشطارة» و«الفهلوة» وأشياء أخري لا يمكننا البت فيها ينتظر أن يحسمها القضاء
إن ممثلين في حجم شارلي شابلن وفانيسا ريدجريف ومارلون براندو وجليندا جاكسون وغيرهم، اكتسبوا قيمتهم الحقيقية من الوقوف مع الناس، مع جمهورهم الحقيقي من الطبقات الفقيرة والمتوسطة واتخذوا من المواقف ما يشعل هذه الجماهير بنور المعرفة والتنوير، وتصدوا للمؤسسة القمعية وكان يتعين علي البعض منهم أيضاً أن يدفع الثمن، ولم يقفوا إلي جانب المؤسسة الحاكمةوقد كان المفروض أن يكون عادل إمام إذا كان يعتبر نفسه حقاً، من فناني الشعب، وأصحاب التأثير في الجماهير، ويريد أن يلعب دوراً في قيادة تيار الوعي في مجتمعه، أن يقود مظاهرات الغضب علي ضرب غزة، وقصف المدنيين العزل الأبرياء هناك
غير أن عادل إمام، الذي لم تعرف عنه أي اهتمامات سياسية تتجاوز السائد والمكرر في الإعلام الرسمي، فلم يخرج في مظاهرات الغضب وآثر في الوقت نفسه، ألا يكتفي بدوره المناسب تماماً وهو «الواد سيد الشغال» بل خرج علينا أخيراً لكي يعلق ويحلل ويعلن موقفاً يتطابق مع الموقف الرسمي المتخاذل للمؤسسة وللإعلام الرسمي في مصر، وهو الموقف الذي يبرر لإسرائيل هجمتها الأخيرة، ويلتمس لها الأعذار، دون أن يبدي أي نوع من التعاطف الإنساني حتي مع الضحايا الذين تسيل دماؤهم أنهاراً في غزة اليوم
وقد بلغ سقوط عادل إمام أنه أخذ أيضاً يدين مظاهرات الغضب التي اندلعت في بلده احتجاجاً علي ما يجري من مذابع جماعية في غزة، وهو موقف يرد عليه موقف الفنانين والمثقفين البريطانيين الذين يتظاهرون يومياً وأسبوعياً في العاصمة البريطانية ضد البربرية الإسرائيلية التي لا يمكن لأي إنسان يعمل في مجال الفنون والثقافة، ولا لأي امرئ مهموم بقضايا الإنسان في كل مكان، أن يتجاهلها أو يقف إزاءها ساكناً صامتاً.. وكان يجب أن يعرف عادل إمام أن التظاهر السلمي شكل أصيل من أشكال التعبير الديمقراطي عن الرفض والغضب والاحتجاج. لكن عادل إمام لم يكتف حتي ولو بالصمت بل نطق كفراً، وأصبح يتعين عليه بالتالي أن يواجه غضب جمهوره وازدراء التاريخ
ولابد في النهاية أن الجمهور الذي سبق أن رفعه إلي ذروة النجاح وأتاح له تحقيق الثروة والجاه، سيتخلي عنه الآن، بل لقد آن الأوان لأن يضعه أيضاً في المكان الذي يستحقه والذي اختاره لنفسه.. وليبق عادل إمام «الواد سيد الشغال» في خدمة الحكومة
* جريدة البديل المصرية