آخر الاخبار

عاجل الكشف عن مصير جثمان حسن نصر الله.. تم دفنه بطريقة سرية كوديعة.. وأدى الصلاة عليه 5 أشخاص .. تفاصيل بعد موافقة واشنطن:الرئيس الايراني يكشف عن  الإفراج عن 6 مليارات دولار  من أموال إيران المجمدة وزير الدفاع الإسرائيلي: لدينا مفاجآت أخرى تنتظر حزب الله وتم القضاء على المستوى الثاني والثالث من قيادة الحزب خامنئي يدعو لربط الأحزمة من افغانستان الى اليمن ومن إيران الى غزة ولبنان مسئول ايراني كبير يتحدى إسرائيل ويصل بيروت لدعم حزب الله فيفا تدرس طلباً فلسطينياً بمنع إسرائيل من المشاركة في بطولات كرة القدم العالمية محافظات يتوقع أن تشهد هطول أمطار متفاوتة الشدة خلال الـ24 ساعة القادمة حقوقيون يتحدثون عن احكام الإعدام خارج القانون التي يصدرها الحوثيون هربا من الضربات الإسرائيلية..قيادات الحوثي تنقل اجتماعاتها السرية الى إحدى السفارات الأجنبية في صنعاء وعبد الملك الحوثي يفر الى هذه المحافظة المليشيا الحوثية تقوم بتصفية أحد موظفي الأمم المتحدة بكتم أنفاسه وخنقه حتى الموت... رئيس منظمة إرادة يكشف عن إعدامات جماعية للمئات بينهم مختطفين من محافظة صعدة

تيسير علوني من السجن الكبير إلي السجن الصغير
بقلم/ د أحمد زيدان
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 8 أيام
الخميس 26 إبريل-نيسان 2007 05:06 م

كانت الرحلة التي أمضيتها في الطائرة من مدريد إلي غرناطة، حيث معقل أبي عبد الله الصغير سابقاً تتعدي الساعة تقريباً إلا قليلاً، لكن نفسياً كانت تقدر بالنسبة لي بالساعات وربما بالأيام، كنت حينها كمن يسابق الزمن فمضيفي شخص ربطتني به صلات وعلائق عدة مهنية ووطنية، حيث أننا من بلد واحد، لقد انقطعت عنه لثلاث سنوات أو يزيد، حين عاد من تغطيته العدوان علي العراق، كنّا حينها سوية مع الزميل الأعز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ماهر عبد الله، عاد مضيفي من الدوحة إلي أرض أبي عبد الله الصغير وابن عباد ليسجن ظلماً وعدواناً بذرائع وحجج واهية أوهن من بيوت عنكبوتهم ...

حطّت بي الطائرة في مطار غرناطة لأستقل سيارة، كان الرابط الوحيد بيني وبين مضيفي الهاتف الجوال، إذ أنه يسكن علي مبعدة حوالي أربعين دقيقة بالسيارة من مطار غرناطة في ضاحية من ضواحيها تسمي أفكار، بدأت معها رحلة قصيرة غلفها الصمت الذي ربطــــني مع السائق، الذي كنت أجهل لغته وبكل تأكيد يجهل لغتي، وإن كانت لغتي قبل قرون هي اللغة الرسمية لبلاده حالياً وبلادي سابقاً، حين كان بنو الأحمر وبنو عباد وغيرهم سادة هذه المنطقة ..

بالوصف الهاتفي الذي كان يلقنه مضيفي للسائق تمكنا من الوصول إلي البيت الذي يقع علي تلة صغيرة تطل علي جبال من الزيتون البديعة الذي اشتهرت به الأندلس وإسبانيا بشكل عام، استقبلني الرجل وكأنه هو، لم يتغير بشاشة وإطلالة مرحة محببة إلي النفوس، وفوق ذلك نشاطاً ومرحاً، رغم مرض القلب الذي يعاني منه، لأدلف معه علي الفور بعد تبديل ملابسي إلي المطبخ، فجدران البيت تنكرت إلا له، كون زوجته وأولاده أرغموا علي البقاء في الدوحة يتابعون دروسهم، تلك الدوحة والجزيرة التي وقفت معه موقفاً مشرفاً، يشرف ليس كل عربي ومسلم، بل وكل إعلامي شريف، ستكون تلك الوقفة سابقة ومثالاً يحتذي أمام أية وسيلة إعلامية يتعرض أبناؤها للحيف والظلم، كان الجوع قد أخذ مني كل مأخذ لأسباب مفهومة بالنسبة لي ولأمثالي ممن يتحرجون من الأكل غير الحلال خلال السفر في طائرات تفتقر إلي الأكل الحلال، جلسنا نأكل ونتحدث ونتحدث وكأننا نسعي إلي التعويض عما فاتنا من سنوات طويلة بعيداً عن بعضنا بعضاً.

ربما لسائل يسأل كيف كنتم تتحدثون وأجهزة الرصد والتنصت قد تكون مزروعة ومبثوثة في كل زاوية ومكان من البيت، لكننا صحافيون إعلاميون لا نستطيع أن نخبئ شيئاً حتي عن أنفسنا، فضلاً عن غيرنا، وهو ما لا يريد أن يقتنع به بعض من أعمتهم هلوسة الحرب علي ما يوصف بالإرهاب ، فأخونا وصديقنا العزيز تيسير حفظه الله من كل مكروه وسوء كما يُقال عندنا في السوري: اللي في قلبه علي لسانه ..

كانت الإقامة الجبرية له سجناً بغض النظر عن خروجه من السجن الرسمي الكبير، لا يستطيع أن يتحرك خارج البيت إلا لساعتين يومياً، ليقضي حاجياته، تمشينا قليلاً من الساعة الرابعة عصراً إلي الساعة السادسة، ساعياً إلي شراء حاجياته بنفسه من السوق.

حديثه كان عن حقوق الإنسان وقيمة الإنسان التي حطت السجون والزنازين من قدرها، ربما ترسخت تجربته، وزادته قناعة في السجن بإيلاء ذلك أهمية، فالتجربة الشخصية، كثيراً ما تنعكس علي السلوكيات والسياسات والاستراتيجيات العامة للشخص، كما طاول الحديث جوانب عدة من الظلم الحاصل والذي حصل في بلاد كثيرة، وكيفية مواجهته، ودور المنظمات الحقوقية تجاهه، ليتشعب الحديث الذي يوصف بحق بذي شجون، إلي جروح المسلمين الممتدة علي امتداد الزمان والمكان، جروح بلا حدود، كانت جلستي معه ليومين، لكن خلتُ أنها لساعات، وذلك هو الزمن الذي يمضي ولا تبقي منه إلا الذكريات والمواقف، فمنهم من يخلده موقف شجاع ومشرف، ومنهم من يخلده عكس ذلك، والمثال الثاني أمامي يتجلي بأوضح آية حين أنظر إلي ذلك القصر المنيف قصر الحمراء، إنه موقف أبي عبد الله الصغير، الذي كانت نهاية مملكة بني الأحمر علي يديه، ولهذا قصة تقطع نياط القلوب وتدمي العيون، وصدق الشاعر حين قال:

لمثل هذا فليذوب القلب من كمد

إن كان في القلب إسلام وإيمان

#
اعلامي من سورية