بحمدالله تعالى وصلت قبل قليل العاصمة السياسية " الرياض " كنت قبلها في منفذ الوديعة ، جوار البلد العظيم المحتل ، اقتربت من المنفذ اليمني لأرى التراب اليمني بتجاعيده الأصيلة ، لقد رمقته من بعيد ، ورأيت في محياه العزيمة والصبر على الآلام التي حلت به ، حاولت مصافحته بكلي وبعضي ، طلبت من العسكري السعودي إتاحة الفرصة لي ، لكنه رفض التزاما بـ( القانون ) .
وفي نوبة من الحزن هبت علي نسمات من الهواء اليمني ، وأقبل نحوي يعانقني ، ويمسح عن عيني دمعها برفق وحنان ، إنها نسمات الصباح العليل ، لقد علمت من هبته الساكنة أن ثمة :" رياح للنصر ستهب ، فلا بؤس بما كانوا يفعلون "!
كنت ممتلأ بالأمل والثقة بوعد الله ، فهو حسبنا ونعم الوكيل .!
التقيت هناك بعض أصدقائي دون ميعاد مسبق ، فرحت بهم جدا ، أحدهم لم أره منذ عشر سنين ، لكن ثمة شيئ وراء هذه العيون الغائرة ، ملامحهم تحمل في طياتها مليون كلمة عن السلوك البربري الذي تعامل به الحوثي معهم في رحلتهم ، تفتيش مستمر ، مضايقات مصطنعة ، أسئلة عقيمة ، نظرات تسخط وامتهان ، حسب ما فهمته وحدثني به أحدهم ، خمسون نقطة تفتيش كما قدروها ، لا علي من كل هذا ، الذي يهمني حجم الفزع والرعب الذي جعل حوافيش إيران بهذي الحال التعيسة .!
أما عن هؤلاء الأصدقاء فكنت أدرك أنهم يظنون أن قد تخلصوا من العناء والتعب بمجرد معانقتهم أرض الحرمين المباركة ، وبالمقابل كنت أدرك أنهم يوما ما لن ينتظروا سوى وطن يأويهم من ضيم الإغتراب المؤلم.!
وحده اليمن من بين بلدان كثيرة هو الذي يعيش في قلوب اليمنيين وغيرهم ، ليس لأنه بلدهم ، ولا لأن طبيعته الخلابة تجذب الآخرين إليه ، فكل هذا معلوم بالطبع والفطرة عند الناس ، لكن ثمة أمر شرف به أهل اليمن دون غيرهم ، إنه" المدد " نعم المدد الذي أخبر به المصطفى عليه الصلاة والسلام ، مدد للأمة من طينة حقيقتها رجل شامخ يسمى اليماني ، اليماني العزيز ، اليماني الأصيل ، اليماني النبيل ، اليماني الذي سيكون حاملا راية النصر يوم الإمتحان ، ما أسعدني اليوم بعد رؤية تراب اليمن من بعيد ، وبعد امتداحي بلدي ورجاله الأوفياء ، أحس بأنني أقوم ببعض واجبي نحوك يا وطني، رغم ألم المسافة التي تفصلني عنك يا أطهر بلد بعد أطهر أرض في قلبي ، ليتني عانقتك ونسيت القانون وصاحبه ، لكنني تذكرت أن القانون حلم المستقبل ، ولا مستقبل مع القانون لعدو خان العهد ، ونقض الميثاق ، فصبرا يمني فإن النصر صبر ساعة ، وساعتك قريب قريب .!!