كان العراق قبل الغزو الأمريكي من أرقى البلدان العربية في مجال الصناعة والتعليم، وكان بلد راقي ينعم بالأمن والاستقرار، وكان اليمن حينها من ضمن أسوأ دول العالم اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وكان يعاني من ضعف كبير في مجال التعليم، حتى أنه كان يفتقد للمدرسين التربويين وكان يستقبل المدرسين من العراق، وكان الطلاب اليمنيين خريجي الثانوية العامة يذهبون لدراسة الجامعة في العراق .
أمريكا كانت تبرر نيتها لغزو العراق بأنها تريد تحرير العراق من حكم صدام حسين الذي كانت تصفه بالدكتاتوري المستبد .. وقد كان العراق في عهده ينعم بالأمن والاستقرار، ولا يوجد تمييز عنصري أو مذهبي، فلم يكون هناك من إقصاء أو تهميش لطائفة ما، ولا توجد أي حروب أو صراعات طائفية .
بينما كان اليمن حينها يعاني من الفقر والبطالة بسبب فساد علي صالح الذي عبث بثروات اليمن وأساء إدارة البلاد ودهور التعليم والاقتصاد، ولو كانت أمريكا تريد غزو العراق لإنقاذ الشعب العراقي لغزت اليمن للإطاحة بعلي صالح ونظامه الحاكم، لإنقاذ الشعب اليمني الذي انهكه فساد صالح ونظامه وأهلكه .
أمريكا لم تغزو العراق من أجل بناءه، فهو لم يكن مدمّر لتعمّره، بل كان عامر وشاهق العمران وصاعد فيه، ولهذا جاءت لتدميره والإطاحة بعمرانه الصاعد .
لو كانت أمريكا تغزو البلدان لبنائها لكان اليمن المدمّر حينها أولى بالغزو من العراق العامر، ولكنها كانت تدعم نظام علي صالح وتسانده وتثني عليه، وتمده بأحدث الأسلحة المتطورة، ولم تتحدث عن فساده وتجويعه لشعبه وتدميره لاقتصاده وصحته وتعليمه .
عندما ضاق الشعب اليمني ذرعاً بصالح انتفض عليه قبل أربع سنوات في مثل هذا الشهر، وهتف برحيله ورحيل الفساد، وما أن كاد الشعب اليمني القضاء على صالح ونظامه حتى جاء التدخل الأمريكي باسم التعاون الدولي والأممي، ودعم حقوق وحريات الشعوب، زاعماً وقوفه الى جانب الشعب اليمني وتطلعاته وحرياته .
فجاء الدور الأمريكي مغاير لما يتحدث عنه في الإعلام من وقوف الى جانب الشعب اليمني وثورته وحقوقه التي ترعاها وتتضمنها الدساتير الدولية والمواثيق الأممية .
وقد تجلّى الدور الأمريكي على أرض الواقع معادي للشعب اليمني، ومن خلال مزاعمه باتخاذ عقوبات صارمة ضد المعرقلين صالح والحوثيين، وفّر لهم الغطاء الواقي من خلال هذه التهديدات حتى مكنهم من تمرير مشروعهم الانتقامي من الشعب اليمني وثورته، حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه، وهو من يرعى ذلك المشروع التدميري الذي دمّر المدمّر وجزّأ المجزّأ، ويوهمنا بالخطاب في الإعلام بالتصدي له، ولكن من دمّر العراق لن يبني اليمن .
كيف نريد من أمريكا وهي من غزت العراق العامر ودمّرته أن تبني اليمن ؟؟؟ كيف نريد من إيران ومليشيا الحوثي الشيعية في اليمن أن يعمّروا اليمن وإيران وشيعة العراق هم من دمّر العراق العامر ؟؟؟ كيف نريد من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أن ينقذوا اليمن وهم من خطّط لتدمير العراق العامر وبرروا غزوه واحتلاله وتدميره ؟؟؟ .
لا نستغرب المواقف الركيكة للمبعوث الأممي لدى اليمن جمال بن عمر إزاء ما يحدث في اليمن من فوضى وانتهاكات من قبل جماعة الحوثي، ومن خروج عن إطار مخرجات الحوار الوطني، ومن إرباك وإفشال للعملية السياسية وانقلاب على السلطة الشرعية، فمن دمّر العراق لن يبني اليمن .
ولا ننسى بأن جمال بن عمر كان من ضمن بعثات الأمم المتحدة الى العراق، وهو من ضمن المشاركين في صياغة دستور العراق بعد الاحتلال الأمريكي، ومن ضمن من شكلوا حكومة ما بعد الاحتلال كما هو من ضمن من أشرفوا على الحوار الوطني العراقي .