ذاتية مقززة .. لحراكيون منفرون
بقلم/ مشعل محمد
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 22 يوماً
الإثنين 16 مايو 2011 10:12 م

لا نعرف ما هي مشكلة البعض مع لقاء القاهرة الذي شارك فيه عدد من الجنوبيين دون الخوض في صفاتهم أو مراكزهم أو تنوعهم وغيره فهو ليس بالشيء المهم وقد نتفق معهم بالرأي أو نختلف وهذا بديهي لكنه لا يلقي حقهم في أي عمل أو مساعي تتعلق بأي من القضايا السياسية والوطنية ووفق قناعاتهم أو توجهاتهم، ومهما كانت طبيعة اللقاء فالمؤكد أن هؤلاء جنوبيون لهم الحق المطلق في التعبير عن أنفسهم وتوجهاتهم السياسية المتعلقة بقضية الجنوب بأي شكل من الأشكال دون الانتقاص من حقهم من قبل أيا كان أفرادا أو جهات، وهو ليس موجه ضد احد ولم يفرض المنظمون أو المشاركون وصايتهم على الجنوبيين، على النقيض مما يفعله عدد ممن يقدمون أنفسهم بصفات هناك الكثير من الشك في مضمون صحتها من قبيل (قيادي جنوبي) كأوصياء على الجنوب أو قضاياه سيما عندما يفعلونها بأسوأ الطرق والأساليب التي تضعف مصداقيتهم وتقوض صفاتهم المزعومة أو تشوهها أن صحت تلك الصفات.

ولعل آخر واهم الانجازات في مجال الكتابة والتنظير السطحي ما كتبه يحيى غالب وذيله كعادته بعبارة(محامي وقيادي جنوبي)، والكتابة بمفهومها ليست مدح أو قدح فحسب، وتكون غير ذي فائدة ما لم ترتكز على فكره حقيقية ومفاهيم ناضجة، ومقال يحيي غالب الذي سخرة بمجمله للهجوم والإساءة للقاء القاهرة والمشاركين فيه وهو ليس الوحيد فهناك العديد ممن سخروا جهودا كبيره للتحريض ضد المشاركين في لقاء القاهره بمختلف الوسائل ابتداء من التواصل الشخصي بالمشاركين ومرورا بالمقايل وما يمارس فيها من دس ووقيعه وصولا الى وسائل الاعلام العامه كممارسة نوع من الارهاب الفكري وانجر بعدهم العديد من الجنوبيين البسطاء والعاطفيين مايؤكد ان ماكتبه غالب ليس الوحيد ولكنه الاول والاسوء لارتباطه بالصفتين التي ذيل بهما غالب موضوعه الذي يعد من النوع الرديء المعتمد على الأسلوب العقيم والطرح الاقصائي ، وهو ما يسيء لصاحبه وللصفتين اللتان يحملهما ويضع صحتهما في دائرة الشك .

وفضلا عن ذلك فهو يعد بما لاشك فيه عملاً هداماً حيث يصر الرجل على استحضار التاريخ بجانبه السلبي وإسقاطه على عدد من الجنوبيين لمجرد تنظيم لقاء يجمعهم ومهما كانت توجهاتهم التي قد يتفق أو يختلف معها أي فرد إلا إن الحتمي انه لا يحق لأي فرد أو جهة إلغاء حق الآخرين بأي عمل أو مساعي سياسيه ولا يحق لغالب أو غيره فرض أساليب (اللاعمل) التي يتبعونها وتكاد إن تودي بالحراك وزخمه وليس بقضية الجنوب التي هي ملك لكل الجنوبيين دون استثناء كما إن أي جنوبيين ليسوا بحاجه لأذن من يحيى غالب أو أي من هم على نسق تفكيره للتشاور السياسي أو حتى السعي لإنتاج رؤى ومشاريع سياسيه تعبر عن قناعاتهم، المؤسف إن الأمر لا يقتصر على يحيى غالب في ممارسة هذا النوع من العمل ومحاولة فرض الإرهاب الفكري بل يشمل بدرجه رئيسيه )أصحاب الاعتذار الشهير) الأبطال وهو احدهم .

ورغم معرفة الجميع بحقيقة الاعتذار الشهير لأحد أبطال الزنازين إلا إن ما لم يعرفه الجميع إن الاعتذار لم يقتصر على قارئه حينها وتضمنت النسخة الرسمية لرسالة الاعتذار توقيع المحامي والقيادي الجنوبي كاتب المقال سيئ الصيت وآخر يحمل نفس الصفتين وجميعهم من هواة الكتابات التنظيرية السطحية الموجهة جنوبا أكثر مما هي موجهه ضد الخصم الحاكم شمالا الذي استباح الجنوب وقتل الجنوبيين، وثالثهما ظل ومازال يركز كتاباته بمبادرات وتنظيرات بيزنطية عقيمة، وبينما هو مشغولاً بذلك كانت توكل كرمان بنت الشمال حاضرة في جنيف لحضور مؤتمر دولي طرحت فيه القضية الجنوبية بقوة ، وهو على مرمى حجر من مكان انعقاد المؤتمر ولم يكلف نفسه عناء الحضور .

في الوقت الذي قد نتعاطف وكثيرين مع حقيقة الاعتذار كنتيجة للظروف السيئة الافتراضية في زنازين تقع تحت سطح الأرض إلا إن استمرارهم بنصب أنفسهم رموزا عظام وسواهم متآمرين على قضية الجنوب قد يسقط التعاطف كثيرا ويفرض بقوه حقيقة إن الرموز الوطنية التحررية لابد وان يكونوا عصيين على اعتذار صدم الجنوبيين به ووصف حينها بالمذل والمخيب، لكنهم بالمقابل يستمرون في تماديهم وتقديم أنفسهم كأوصياء على قضايا الأوطان وكأناس يحتكرون الحقيقة دون غيرهم ما يعد احد أهم أسباب تردي البناء التنظيمي للحراك والذي أدى بدوره لفشل العمل السياسي الحقيقي الذي لا يتماشى مع صلابة القاعدة الجماهيرية للحراك .

اليوم عليهم الإدراك جيدا إن الملعب السياسي الجنوبي ليس حكرا عليهم للعبث به كما يريدون، وهو ما يتطلب من قوى الحراك الأخرى وعقلاءه التحرر من الإرهاب الفكري الذي يحاول هؤلاء ممارسته، وعمدوا طوال بضع سنوات من عمر الحراك للإساءة والتحريض على كل من يختلف معهم بالرأي أو حتى يختلف معهم بأساليب العمل السياسي فحسب والتي يفترض تنوعها وتعددها .

إن الحريصين على الحراك وقضية الجنوب يجب إن يستوعبوا جيدا إن تلك الممارسات لا تزيد حراكهم وقضيتهم أي قوه بقدر ما تؤدي إلى عزل الحراك كتنظيم سياسي يفترض إن يكون له فاعليته السياسية المتجددة والمواكبة لأي متغيرات سياسيه وتلك الممارسات وأصحابها ومنظريها أصبحوا عامل منفر لكل العقول والنخب السياسية في الجنوب اللذين باتوا يشعرون باستحالة إن يتم استيعاب أفكارهم ورؤاهم ضمن الساحة السياسية للحراك إلا إذا كانوا مستعدين للخوض في الفوضى وتحفيز نزعاتهم الذاتية بقوه بحيث تصبح اكبر بكثير من نزعات هؤلاء المتنطعين .

في الوقت الذي بدأت فيه قوى جديدة تتشكل ولهم كل الحق في الحديث عن قضية الجنوب مهما كبرت ملاحم (غالب) البطولية في الزنزانة رقم (6) التي عودنا كثيرا على ذكرها رغم معرفة الجميع أنها لم ولن تكن يوما الزنزانة الوحيدة التي أغلقت أبوابها بإحكام على أبناء الجنوب وربما بظروف أكثر قسوة فضلا عن آلاف الشهداء والجرحى، نجد صاحب الزنزانة رقم (6) وزملائه المعتذرين وكل من يعمل على شاكلتهم يعمدون منذ سنوات لخلق ثقافة (لا يعنينا) وأصبحت كل الساحات والأطراف السياسية بتنوعها وأهميتها وكل ما يدور ويعتمل فيها لا تعني الحراك بشيء، وهو ما لا يمت بصله للعمل السياسي المفترض إن تقوم به اطر الحراك وقياداته والدفع بناشطيه للانخراط في جميع الأنشطة والفعاليات السياسية، والمؤسف أنهم لم يكتفوا بذلك بل ذهبوا لاتهام من يجتهد لانتاج اي افكارسياسيه لقضية الجنوب، وعمدوا على تجريده من ولاءه الوطني، متناسين بان الجنوب ملك لكل أبنائه وليس ملك شخص أو حزب أو جماعة، وان الجميع مطالب بإعلاء ثقافة التصالح والتسامح ومد جسور الحوار مع الجميع مهما كان التباين أو الاختلاف في الرؤى لأنه لا يمكن لأي جهة أو فريق الانفراد بطرح الحلول من وجهة نظره دون الآخرين فالجنوب أحوج ما يكون اليوم إلى التفاف كل أبنائه حول قضيته السياسية وبما يخدم تطلعات الجماهير، بعيداً عن اللهث خلف الزعامات ومحاولات البعض تقديم أنفسهم كأوصياء على الآخرين كون ذلك مدعاة للتمزق والتشرذم وهو ما لا يخدم الوفاق والتوحد .