الإصلاح والحرب
بقلم/ فيصل علي
نشر منذ: 9 سنوات و 6 أشهر و 17 يوماً
الثلاثاء 21 إبريل-نيسان 2015 10:08 ص

من الصعب جدا ان يفهم متعصب الفرق بين المقاومة والإرهاب ، ببساطة المقاومة عمل شعبي طوعي بدون مقابل والإرهاب مسألة معقدة لا احد يدري من تخدم بالضبط..

في 2 مايو 2011 تم اغتيال الشيخ اسامة بن لادن رحمه الله ورميت جثته مقابل سواحل بحر العرب .. كان قد ذهب في شبابه للجهاد في افغانستان سنة 1988 ضد الغزو الروسي لأرض المسلمين الأفغان.

لن نخوض في تفاصيل حياته ولا تفاصيل جهاده الا بالقدر الذي يخدم موضوعنا، فبعد ان تقاطعت المصالح بين المسلمين والأمريكان في صراع المياه الدافئة التي اراد السوفيت الخروج من برودهم إليها عبر افغانستان كان الصراع الدولي محتدما لاجل تلك المياه الموصلة الى بحيرة النفط العربية..

بعد ان انتهى الصراع بهزيمة الروس الأغبياء الذين تم تدمير اتحادهم السوفيتي في "ضيعة" افغانستان كانت مشكلة المجاهدين العرب تقلق كل من دعمهم..

كان أسامة الشاب النحيف الأقدر على تجميع الشباب حوله بعد رحيل الدكتور الشهيد عبدالله عزام رضوان الله عليه في عملية دموية انهت حياته، كل اؤلئك الشباب تبرأت منهم دولهم وسحبت السعودية فيما بعد الجنسية من أسامة اليمني الحضرمي الأصل.

كل هذه التجربة المريرة التي افضت الى ضياع شباب بالآلاف زين لهم الشيوخ الطريق الى الجنة فعلقوا في أفغانستان الأرض الجبلية القاحلة التي ياكل أهلها الأعشاب والبيض والحصى.

كان الشيخ عبد المجيد الزنداني قد زار افغانستان إبان تلك الفترة والقى خطب الجهاد على الشباب هناك وكانت تجمع الشيخ الزنداني علاقات قوية بالجنرال ضياء الحق صاحب مشروع القنبلة النووية الإسلامية، وكان الشيخ على موعد سفر في رحالة خارج باكستان مع ضياء الحق لكنه تأخر عن الرحلة التي كان على متن طائرتها أيضاً السفير الأمريكي في إسلام آباد..

يقول غونتر دين سفير أمريكي سابق في مذكراته التي تحمل عنوان المنطقة الخطرة : دبلوماسي يكافح من أجل مصالح أميركية Danger Zone : A Diplomat’s Fight for American’s Interests ، إن جهاز موساد الإسرائيلي كان متورطا في إسقاط طائرة الرئيس الباكستاني الأسبق الجنرال محمد ضياء الحق وعلى متنها السفير الأميركي لدى باكستان أرنولد رافي في أغسطس/آب عام 1988.

عاد الشيخ الزنداني الى السعودية ومنها عاد الى اليمن بعد سنة 1990 .. ووصل للحكم في 93 عضو مجلس الرئاسة اليمنية.

لكن الأوضاع لم تستقر وبدأ صالح كلب المخابرات الدولية بارسال تقارير عن الشيخ وعن الإرهاب وعن الخلايا الإرهابية حتى يتم ابتزاز الإصلاح من جهة وابتزاز الشيخ من جهة أخرى بانه لم يسلمه بحسب مذكرة الخزانة الامريكية التي اتهمته بدعم الإرهاب بناء على تقارير صالح نفسه.

كان الشيخ قد قاد معركة سياسة لاجل "الشريعة" بعد عام تسعين في الاستفتاء على الدستور الذي تم مقاطعته ففاز الاستفتاء بنعم وذلك لقلة الخبرة في السياسة لدى الشيخ وحزب الإصلاح الناشئ حديثاً في تلك الفترة.

ظل الشيخ يترقب أنباء اعتقاله واحاط نفسه بحراسة وغموض اخرجته عن دور الفاعلية السياسة فانشأ جامعة الإيمان التي اثقلت عليه وعلى الإصلاح وظلت الأصوات تتعالى ان الجامعة تخرج الوهابيين في وسط زيدي، وهذه التهمة المذهبية هي التي جعلت الحوثيين يسيطرون على الجامعة بعد 21 سبتمبر 2014.

اليوم بعد اشهر من سيطرة الحوثيين على الدولة بدعم من حليفهم صالح وقيام عاصفة الحزم بواجبها تجاه الشعب اليمني الذي صحى الفجر ووجد عصابة الحوثي تحكمه، تريد السعودية زج حزب الإصلاح في الحرب التي تجنبها بذكاء عشية الإنقلاب الحوثي على السلطة..

انا اتعجب كثيرا عندما اسمع دعوات بهذا الخصوص لحزب ان يتحول الى ميلشيات مسلحة، وعندما استمعت مؤخرا لمقابلة مع الدكتور النفيسي التي يقول فيها ان الإصلاح يمتلك مليشيات قوامها 40 الف مسلح ودعا الى دعمهم بالكاش والكلاش ..

مع اني التحقت بالإصلاح في مقتبل العمر الا اني لم اسمع بوجود هذه الميلشيات، وكل ما اذكره اني ذهبت الى احد قادة الحزب في تعز آن ذاك الأستاذ منتظر محمد احمد وقلت له اريد الذهاب الى الجهاد في أفغانستان!! كان ذلك عام 92 فقال الحرب انتهت هناك ..

كنت اعيش الجهاد مع مجلتي الجهاد والمجاهد الصادرتين من بيشاور باكستان بالعربية فاحببت ان التحق بالقوم في جبال الهندكوش وكنت احلم متى سافحط بالدبابة في تورا بورا ووادي بانشير عند الزميل احمد شاه مسعود الذي عرفت انه فيما بعد كان شيعيا.

اقنعني الاستاذ منتظر ان اردت الجهاد فليكن في بلدي وقال الجهاد ليس حرب وقتل الجهاد بناء وتنمية وبلدك احق بك من افغانستان مللت من حديثه وتقبلته على مضض، كيف بهذا يصدني عن الجهاد غي سبيل الله ؟.

فيما بعد كنت قد وضعت حديثه نصب عيني وفهمته جيدا، وبالمناسبة لم اذهب لوحدي للاستاذ فقد كان معي صديق قديم فكرنا سويا بالجهاد وتركنا الفكرة معا واختلفنا مرارا بعدها فكان يصفني اني ذاهب في طريق التنوير مثل طه حسين ههههه كنت اضحك فانا لا اعرف طه حسين الا مرة شاهدت صورته على كتاب في مكتبة ، وكنت اتهمه انه متطرف وافترقنا طويلا والتقينا فيسبوكيا لكننا اختلفنا فمازال هو متطرفا وانا بحسب كلامه قد صرت علمانيا.

وفي الحقيقة ليس صديقي هذا هو وحده من لا يؤمن بفكر جديد ولا بحياة اجد هو مثله مثل الكثير من النسخ الإصلاحية المكررة التي ترى انها تدافع عن الشريعة وتحمي الحرم من طرف العدين الى الركن اليماني في الكعبة..

المشكلة تكمن في منهجنا الثقافي الذي ينتج لنا الكثير من الكراتين والقليل من الأرواح التي تعرف الله لانها لم تصبر على هذا المنهج العقيم وطورت من قدراتها الإدراكية.

كنت مع غيري قد وصلنا الى قناعة فصل العمل السياسي عن الاجتماعي الدعوي الخدمي لما لبقائهما معا من مساوئ سياسية وهذه القضية محل نقاش دائم ،بينما يرى الطرف الاخر ان المخضرية هي الحل..

طيب يا أحباب انا لست داعية ولن اكون وانتم لستم دعاة وانما تصنفون انفسكم وعاملين فيها اباء الدين والشريعة..

كانت 2011 مثابة تحول قيمي عندي فامنت باليمن اكثر وامنت ان الهوية اهم من الشريعة التي يؤمن بها غيري وان المكون الديني جزء من الهوية وليس بديلاً عنها ولا يحل محلها وهذا محل خلاف دائم ..

عاصفة الحزم من نعم القدر التي منحها الله لانقاذ شعبنا لكن من يقودونها يريدون بشكل مباشر ان يتحول الحزب الذي نشأت فيه ودافعت عنه فكريا ولعنت بعض قياداته حنقا في بعض الأحيان الى ميلشيات لينسفوا كل ما تم بنائه فكريا وتنظيميا ، واذا ببيان الشيخ الزنداني يصب في هذا المصب مما يجعلني في حنق وغيض شديد من شيخي الذي احبه انا وانقده انا وارى ان نقده او حتى لعنه حق من حقوقي انا "ماهو اصلا انا جزء من النظام الأبوي الذي نشأت فيه" ..

المهم ان لا يأت احد من الخارج وينقده لاني اغتاض من الحمقى الذين يعتقدون ان الشيخ متشدد دينيا بينما هو منفتح ولطيف ومتسامح - هذا الكلام على مسؤوليتي انا برضه - لكنه متعصب لرأيه فقد نشأ ابنا لشيخ قبلي نزلت اسرته من ارحب في عهد الإقطاع الى اب للسطو على اراضي الناس والتعيش على حساب الآخرين كبقية النقائل القادمين من المشرق بحجة انه قتل وهرب .. ما يهمنا هو ديكتاتورية الشيخ في تعصبه لرأيه لا في تشدده الديني.

واليوم طالعتنا الشرق الاوسط السعودية وهي صحيفة كلاسيكية لها جمهورها العربي كنت ومازلت احدهم بحوار مع الدكتور هود أبو راس يتهم فيه الإصلاح بعدم غزو صعدة قبل الإنقلاب الحوثي ويثبت أيضاً ان للإصلاح 40 الف مليشاوي ..

مما اضطرني للرد على ابو راس في صفحتي على الفيسبوك بوصف مرادف لعدم الفهم لاتلقى على اثر ذلك كمية من تعليقات "كراتين" حزبنا العظيم الذين يرون في الشيخ الزنداني الذي ذكرته في المنشور شيئاً مقدسا مع اني قلت له ان اراد الجهاد فليجاهد وهذا كل مافي الأمر..

مشكلتنا التعبوية في الإصلاح مرتبطة بمفاهيم دينية نظرية غير مرتبطة بوطن وهذا بعيد عن التنظير السياسي الحزبي الذي لم يترك لاهله المجال للتنظير وكل ما لدينا مفاهيم تربوية لا علاقة لها بالروح ولا بالواقع كما اشرت لها اعلاه.

لايدرك هؤلاء الأصدقاء المساكين الذين ظلمهم حزبهم الذي ينظمون إليه بحب بلا فهم والحب والعاطفة لا يكفان للانضمام لحزب سياسي ناجح..

هناك من يريد استدراجكم لمعركة للدفاع عن الحرم او الدفاع عن العقيدة لا للدفاع عن انفسكم ولا عن الدفاع عن شرفكم ولا عن بلادكم ، وان دعموكم ورضيتم بالحرب سيتركون لكم فرصة تدمير انفسكم ووطنكم ومن ثم ستبدأ عمليات اصطيادكم كالكلاب الضالة عبر الدرونز وقوات مكافحة الإرهاب هذا اذا خرجتم منتصرين من قتال مرتزقة الحوثي وإيران اللذان وفرا الطرف الموضوعي الأخر للحرب..

انا حتى وان لم اكن يهمني حزب الاصلاح حالياً لكن يهمني ان تظلوا طبيعيين يا أحباب تمارسون حياتكم بدون تخفي وهروب وقتل، كلما ارى الكم الهائل منكم في كل مجال اتمنى لكم الخير ولا اريد ان يضحكوا عليكم بشعارات تنهيكيم ، احكمت قيادتكم في عدم خوض الحرب فلا تسمحموا لاحد ان يجركم اليها حتى لو كان الزنداني ذاته..

الحرب لا تعني الا ان تظلوا مطاردين بينما من باعوكم في عمران وظلوا يعملون "كمراكب" للحوثي سيعودون لطاولات الحوار وسيتحدثون باسم الشعب وانتم مبعدين بقوة غبائكم وعاطفتكم.

وعلى كل حال بعد المنشور السابق ذكره تواصل معي الدكتور ابو راس وقال انه سيصدر بيان يوضح ماقاله للشرق الأوسط ..

ما يهمني ويجب ان تفهمه السعودية والعاصفة والتحالف الدولي ومجلس الأمن ان الشعب اليمني يقاوم الظلم والطغيان ورجاله يواجهون الحوثي في كل ساحة.

وعليكم ان تدركوا ان المقاومة يجب ان تكون باسم الشعب لا باسم الحزب ، وهذا هو الأصل ،غنحن لا نريد تبعات على احد مستقبلاً فمن أجل الشعب كانت المقاومة ومن اجل الشعب سنضحي كلنا.

بلدكم وهويتكم وهويتكم اليمنية احق بالتضحية لاجلها لا من اجل شعارات يتم تصنيفكم من خلالها لكن لو صنفوكم مقاومة شعبية يمنية فقط سينتهي دور اي تدخل ضدكم .

لا مانع من التضحية بالدم والمال لاجل اليمن لكن بفاعلية وذكاء في الخطاب والأداء وتوزيع الأدوار لا ان يقودونكم مثل الغنم..

كونوا اصلاحيين او ما شئتم مستقبلا لكن وقاوموا باسم الوطن و تحت راية الوطن حتى لا يتخطفكم الناس ويصنفونكم الان وغدا ..

تعبت وانا اشرح اذا اردتم عودوا لاول المقال وتذكروا بن لادن وجماعته كيف تمت مطاردتهم وكيف قضوا حياتهم..

اما انا لاجل هويتي اليمنية وتراب بلدي وشعبي ساكون اينما يريد شعبي لن اتاخر ولن اكون الا مواطن يعرف ماذا عليه ان يصنع اينما كان ..

الصراع في اليمن سياسي واصبح جزء من صراع دولي على ممر باب المندب وطريق النفط ويشبه صراع افغانستان الا ان موقع بلدنا اهم من موقع افغانستان مليون مرة ،ولذا لن يضحك عليكم احد انها حرب عقيدة ودين هي حرب مصالح وسياسة واقتصاد ولا مانع ان تكونوا ضحايا ان شئتم اما الصراع فقائم قائم...

لمزيد من التفاصيل تابعوا صفحتنا على الفيس بوك   هنــــــــــــا

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
حافظ مراد
وجوه بريئة تحت وطأة الحرب
حافظ مراد
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
علي محمود يامن
عبدالفتاح … المفكر القائد والاديب المنظر
علي محمود يامن
كتابات
د.مروان الغفوريتفجيرات عطان بصنعاء !!
د.مروان الغفوري
مقاربة بين مفهوم الوطن والمستضعفين ونُصرتهم وعاصفة الحزم
د. عبده سعيد مغلس
هادي أحمد هيجمن اروقة الإصلاح 2
هادي أحمد هيج
مشاهدة المزيد