عوانس اليمن ..
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و يوم واحد
الخميس 29 إبريل-نيسان 2010 11:59 ص

تحقيق: فؤاد قائد علي وخديجة عولقي

ظاهرة العنوسة التي تنتشر بين أوساط الشباب ممن تخلفوا عن اللحاق بقطار الزواج وأصبحوا محرومين من الدخول في قفص العش الزوجي لأسباب كثيرة، منها: الظروف القاهرة وأخرى اللام بالاة، وعدم الاكتراث بقيمة وأهمية الحياة الزوجية وتكوين أسرة تنعم بالمودة والرّحمة والحب، مُحاطة بالأولاد. لم تعد تلك الظاهرة الاجتماعية العسيرة حكراً على النساء دون غيرهن، فقد اتسعت وشملت الرجال ممن عزفوا عن الزواج الذي لم يعد يُشكّل لهم هاجسا حياتيا لإكمال نصف دينهم.. البعض م نهم يبرر ذلك بالظروف المعيشية الصعبة القاسية وقلّة الإمكانيات التي تحول دون خوض تلك التجربة الإنسانية الرائعة، مع أن الزواج هو الوسيلة الوحيدة لبقاء النوع الإنساني واستمراره، ووسيلة للاستقرار النفسي والاجتماعي.

"السياسية" سبرت أغوار الظاهرة، وأجرت تحقيقاً صحفياً شاملا عن أسبابها وانعكاساتها، من خلال لقاء عدد من العوانس، كما التقت الاخصائين الطبيين والاجتماعيين، واستأنست برأي الدّين لمعرفة الحقيقة الكامنة وراء تلك الظاهرة وآثارها، وذلك في سياق التحقيق الصحفي التالي:

الحب لا يكفي:

قال "ع. س" 48 عاماُ إنه فكّر بالزواج كثيراً منذ سن مبكّر وأن حلمه بالزواج ممّن كان يحلم بها قد تلاشى، وأصبح مجرد ذكرى حين، لأنها تزوجت بمن تقدّم لها بعد طول صبر وانتظار، فشعرت باليأس ومع مرور السنين، كانت مُحقة بقرارها؛ لأنه خيّب أملها بكثير من التلكؤ وعدم الجدّية.

وأشار إلى أنه لم يكن قادراً على توفير متطلبات الزواج إلى جانب العجز عن إيجاد مسكن الزوجية في ظل الظروف المالية الصعبة، وعدم القدرة على توفير أبسط المقوِّمات.

وأشار إلى أنه وبعد اقترابه من الخمسين عاماً لم يعد الزواج ضمن تفكيره، وقد أعطى الكثير من وقته واهتماماته لتربية ورعاية ابن كريمته، الذي عوّضه عن الحرمان من الأبوّة، فقد اعتبره بمثابة ولده الذي يسعى لتوفير متطلّباته الحياتية والتعليمية، ولينعم بالطفولة الآمنة.

أما المتحدّث الآخر، فقد كان العانس "ف. ص"، البالغ من العمر 50 عاماً، فأشار إلى أنه أصيب بعُقدة نفسية من الزواج، وذلك لسماعه من المشاكل والخلافات بين كثير من المتزوجين الذين أصبحت حياتهم مليئة بالمتاعب اليومية؛ نتيجة للخصومات التي تنشب بينهم، والتي لم يجد لها مبررا، وكانت من أسباب عزوفه عن إكمال نصف دينه؛ لأنه يرى الحياة الزوجية جحيما يوميا بفعل المشاكل التي تتفاقم بين كثير من العائلات، وعلى أمور كثيرة لا تستحق الخصومة أو الخلاف، ما شكّل لديه صورة قاتمة عن الحياة الزوجية التي لم تعد تعني له الأمان والاستقرار والمودة. مشيرا إلى أن العلاقة العاطفية بين الزوجين التي سبقت الزواج قد تعرّضت لصدمة عنيفة بعد الزواج ما جعل الحب والتفاهم بينهما بعد الزواج أمراً مستحيلاً. منوها بارتفاع نسبة الطلاق، ويكون ضحايا ذلك هم الأطفال.

أما الآنسة "ح. م" 57 عاماً وموظفة عاشت علاقة حب رائعة في مقتبل العُمر، وقد اعتبرت الشاب الذي أحبّته شريكاً قادماً للحياة، وفارس أحلام منتظرا، وقد تم عقد قرانها على ذلك الشاب أواخر السبعينيات، غير أن مشاكل كثيرة مرّ بها الوطن في تلك المرحلة العصيبة من مواسم الصراع السابقة، أدت به إلى السفر خارج الوطن، وانقطعت أخباره غير أنها اكتشفت بعد طول غياب وصبر وانتظار أنه تزوج بأخرى، ما عرّضها لصدمة عاطفية مُؤلمة جعلت من الوحدة أنيسها الوحيد، حتى توالت عليها المصائب والمتاعب وكان للإحباط دور مؤثر في حياتها التي تحوّلت إلى كابوس مُرعب وحالات قاسية من المُعاناة النفسية المريرة والاكتئاب.

ومن أجل الخروج من تلك الحالة البائسة، لجاءت إلى تربية إخوانها وأخواتها في ظروف وفاة والديهم، وحافظت عليهم من هوان اليُتم، ونذرت نفسها لخدمتهم ورعايتهم، غير أنهم تنكّروا لجميلها، ولم يكن الجزاء من جنس العمل، حتى وجدت نفسها وحيدة بلا سند أو ولد، وهي على عتبة العقد السادس من عُمرها.

العنوسة على الفضيحة:

السيدة "ع . س" "47عاماً" تنتمي لعائلة بسيطة، كانت جميلة جداً، لم يحرمها أهلها من التعليم، وعند ما تخرجت جلست في بيت أهلها تنتظر نصيبها، وكانت حياتها مثالية، كما كانت تظن.

حكاية بسيطة "التقت بمن أحبّته, واعتقدت بأنه سوف يتزوجها مثل الروايات التي قرأتها، إلا أن الواقع حكى لها غير ذلك.. قاومت كل شيء حتى تصل إليه، وتقابله، وتسمع كلام الحب المعسول، وتلك الوعود التي أمطرها بها وصدقتها بلا تردد.. ظلت على حالها تواعده إلى أن طلب منها الذهاب إلى مكان مظلم، وعاهدها أنه سيبقى معها مخلصا ووفيا إلى الأبد، بينما ظلت الأفكار تراودها، وكان حبها أكبر من كل شيء، كما كانت تعتقد، أكبر من شرفها وسمعة عائلتها. نعم، وافقت على الذهاب إلى حيث أراد، وحدث ما حدث وانتهى الوضع هناك، حيث توقفت حياتها وانتهى بها الأمر.

عادت إليه مرة أخرى تطلب منه الزواج فرفض، ورحل عنها بكل بساطة، فوقعت بين نارين، إما أن تفضح نفسها أو تبقى على حسرتها، وهكذا كتمت "ع . س" قصتها، وفضلت العنوسة على الفضيحة، وظلت بنظر أهلها فتاتهم الطاهرة البريئة، وهي الصورة النمطية التي رسمت في مخيلتهم".

السيدة "ف.ع" في الثامنة والأربعين من عُمرها، تقول: "النصيب فوق كل شيء"، ثم أكملت حديثها "كُنت عاجزة في دراسي وكنت الفتاة الوحيدة بين سبعة أولاد، وكان الحل الأنسب لي هو البقاء في البيت؛ لأتحمّل المسؤولية، وحتى ترتاح أمي"، وهكذا مرت الأعوام دون أن تشعر بها.

كان حُلم عمرها أن تنجب طفلا يظل حسها بالدنيا، ولكنها انشغلت في خدمة أخوانها وأهلها حتى تقدّم بها العُمر، مشيرة إلى أن هناك أسبابا أخرى تمنعها من الزواج الآن، منها أنها في هذا السن ليست بحالة تسمح لها بتحمّل المسؤولية، ولا تريد أن تفتح على نفسها باب الخراب، إلى جانب أن حالة أمّها الصحية لا تسمح لها، فقد كرّست حياتها لخدمتها.

مشاكل صحية صعبة:

وفي حديثها حول خطورة العنوسة، قالت الدكتورة فائزة أبو بكر سالم (أخصائية أمراض نساء وولادة في مستشفى الوحدة العام بعدن): "إن كروسومات المرأة بشكل عام التي تكون فوق سن الأربعين تتغيّر، وتكون أكثر ضعفاً، وبالتالي تصبح المرأة الحامل أكثر عُرضة للمخاطر، وكذلك جنينها, ويزداد الأمر صعوبة في حالة النساء اللاتي تزوجن في سن متأخرة فوق الأربعين، فهن أكثر عُرضة للمشاكل والمخاطر، وهُن بحاجة دائمة للعناية والرّعاية الخاصة".

وأضافت: "غالباً ما تكون النساء في مثل هذه الحالة عُرضة لارتفاع السكّر وارتفاع ضغط الدّم، أو ما يُعرف بالتسمم الحملي، وهي أمور يجب أخذها بعين الاعتبار، وذلك للحفاظ على صحّة الأم الحامل وطفلها أيضاً. أما في الولادة، قد تظهر صعوبات أخرى للمرأة في هذه السن، التي قد لا تتحمل فيه عملية الولادة الطبيعية، وقد تتعرّض لولادة متعسّرة؛ بسبب جفاف المادة التي تُسهل عملية خروج الجنين من الرحم، ما يؤدي في أحايين كثيرة إلى إجراء عملية قيصرية حتى تتجنّب فقدان الجنين. أما الأطفال الناتجون عن الزواج المتأخر فهم أكثر عُرضة للإصابة بالعيوب الخلقية، وهذا بسبب تغيّر كرسومات جسم الإنسان (رجلا كان أم امرأة) عند سن الأربعين وما فوق، ممّا يؤثر على شكل وصحة الجنين، ومن أبرز العيوب الخلقية التي يصاب بها الأطفال في مثل هذه الحالة هو ما يعرف بعيب الطفل المنغولي, ونسبة إصابة الأطفال به 1- 25 بالمائة من حالات الإنجاب في سن متأخر من 40 وما فوق".

تأثيرات ومخاطر نفسية:

أما الأستاذة فتحية سروري (أخصائية نفسية واجتماعية) فأشارت إلى أن العنوسة تؤثّر في نفسية الفرد إلى حد ما، لكن في أغلب الأحيان ليس إلى درجة المرض، وهذا يعتمد على استقرار الفرد ومناعته النفسية الجيّدة، فالبعض يرد حياة العنوسة إلى قضاء الله وقدره، وبوازع الإيمان الذي يتفاعل في داخله، بينما البعض تذهب به خواطره إلى أن هناك من يرصده بالعمل والسحر, والبعض يدرك أنه لم يكن يقدم على موافقة الزواج طيلة حياته الماضية، وفق شروط ومواصفات، لهذا لم يأت فارس الأحلام بالمواصفات المرادة، وتختلف شخصيات الأفراد حسب طبيعتهم وأفكارهم وسلوكياتهم وتقبّلهم للحياة.

مشيرة إلى أنه عند ما تمر السنوات الطويلة بالفتاة أو الفتى دون زواج ويكون قد فات قطار الزواج، يزداد الفرد أسًى وتساؤلا مصحوباً بمشاعر نقص، فحياته تنقصها الطرف الآخر المُكمل له، فهذه سُنة الحياة، وكثير من الأفراد الذين يشيع الإيمان في أنفسهم، ولا يستطيعون الزواج, يؤمنون بالتعفف، بينما في بعض الحالات تكون هناك آثار سلبية نتيجة للإحباط في العلاقات العاطفية، حيث تتعقّد النفوس ويطالها الصراع.

مؤكدة أن بعض الأُسر الواعية المُؤمنة لا تترك لديها العنوسية أي أثر، وهي تراعي مشاعر وإرادة أفرادها, كما أن هناك أسرا يغلب عليها التوتر والضّعف، تعمل ألف حساب لما يقوله المحيطون، ويؤثر بصورة مباشرة بهؤلاء الأفراد، فهذه الأسر تتّسم بسمات العصبية والقلق والخوف.

وأضافت أن المجتمعات العربية، بما فيها المجتمع اليمني، ينظر إلى المرأة نظرة فيها الترحم، وفيها التساؤل والحيرة، وكثرة التساؤل: لماذا لا تتزوج؟ ولماذا تأخرت عن الزواج؟ لقد فاتها قطار الزوج، لقد أصبحت عانساً. وتختلف النظرة عن الرجل، وتكون في أكثر الحالات أكثر إيلاماً في هذا الجانب من حيث اشتداد الخناق عليها، سواء من صديقاتها اللواتي تزوّجن أو من الجيران أو غيرهن من الفضوليات اللواتي يروق لهن حب الاستطلاع.

وأعربت سروري عن اعتقادها بأنه لا يوجد شيء اسمه إضراب عن الزواج، فقد ترجئ الفتاة أمر الزواج لسنوات كثيرة، فهذه حالة قلقة توجّه أفكارها إلى الإنسان المناسب الذي يمتلك مواصفات وشروطا تروق لها، وتتداخل في خواطرها، تجعلها تُحجم عن الزواج؛ قلقاً وخوفاً، وتمضي السنوات دون أن تتحقق هذه الرّغبات الكامنة في داخلها. بينما هناك حالات من الفتيات اللواتي يرفضن الزواج؛ لتربية ذويهن من الأطفال، ممّن افتقدوا الأب أو الأم، فتكون الأخت هي التي تضحّي بحلم الزواج، من ناحية أخرى قد تكون الفتاة العانس قد تعرّضت لصدمة عاطفية من إنسان أحبّته، وتعقّدت، وأصبحت تعيش حالة نفسية عصيبة، تفوتها على إثره فترات الزواج، وتصبح تُعاني من الاكتئاب والقلق الحاد، ولهذا في كل الأحوال تجب مُراعاة حالة الفتاة.

للشريعة كلمة:

إن البحوث أفرزت أرقاماً مُخفية عن نسبة العنوسة بين الجنسين (الذكور والإناث) ممّا يعنى أننا مقبلون على مخاطر اجتماعية كثيرة وأمراض نفسية عصيبة إلى جانب مشاكل تهدد أمن واستقرار المجتمع.

لقد حثّ ديننا الإسلامي الحنيف على الزواج في سن مناسب، وعلى الاختيار على أساس الدِّين، ودعا إلى تيسيره ونهى عن المغالاة في المُهور، وشدد على أهمية التوالد وحفظ النفس والنّسل وغيرها من القيم الإسلامية التي تمثل مرجعية أساسية لمواجهة ظاهرة العُنوسة والقضاء على أسبابها في مواجهة أخلاقيات العولمة والانفتاح غير الواعي.

إن الزواج هو الوسيلة الوحيدة ابقاء النوع الإنساني واستمراره، وهو الوسيلة المُثلى للاستقرار النفسي والاجتماعي للإنسان، وعليه فإن العنوسة وعدم التزاوج تخلق مشاكل خطيرة في الحياة البشرية، إذا تحوّلت إلى ظاهرة عامة في المجتمع. وعليه فإن الداعية الإسلامي، أرفد فؤاد باعباد، من محافظة عدن يقول: "إن الله عزوجل شرع لنا الزواج وسنّه لنا منذ بدء الخليقة، كما قال تبارك وتعالى { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا إنها آية ... أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة)، وقد شرع الله لنا الزواج لحفظ النسل البشري وشرعه لنا بالحلال لحماية المجتمع من الرذيلة ولحفظ الأنساب، كما قال الرسول (عليه الصلاة والسلام): "تكاثروا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة". وكما نعلم أن الأصل في الزواج التيسير، وليس التعسير، وكما علمنا من الرسول (عليه الصلاة والسلام) أنه كان يُسهل للشباب الزواج حتى بآية من القرآن الكريم، أو بخاتم من حديد. وما نلاحظه في مجتمعنا الآن من مشكلات ظاهرة، ومن ضمنها العنوسة، التي تفشت في واقعنا اليوم، والتي أضرت بمجتمعنا، وكما قال الرسول (عليه الصلاة والسلام): "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء (أي وقاية)". ولكن شاع في مجتمعنا بعض مشكلات الزواج، ومنها عدم التيسير فيه، وذلك عن طريق المغالاة في المهور، فالرسول (عليه الصلاة والسلام) يقول: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".

وإذا نظرنا إلى أسباب هذه المشكلة فسنجدها: المغالاة في المهور، والمتطلبات التي تقسم ظهر الشباب، إلى جانبطلبات مراسيم الزواج، ممّا يؤدي إلى عرقلة الزواج واتخاذ الطريق الخطأ ومسلك الشيطان، وغيرها من الأمور الخطيرة، وقد نهانا الله تعالى عن الحرام، حيث قال:{وَلاتَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}. ومن الواجب على أولياء الأمور اختيار الزوج الصالح، وتيسير الزواج؛ حفاظا على مجتمعنا الإسلامي من الرذيلة والانحراف.

نتائج ومخاطر:

ويشير اختصاصيون إلى أن للعنوسة نتائج خطيرة على مستوى الفرد والمجتمع، حيث الزيادة في أعداد اللّقطاء الذين يعثر عليهم في صناديق القمامة وأمام المساجد، وعلى أرصفة الشوارع، وتفشي ظاهرة الانحلال، بالإضافة إلى شعور العانس ذكراً كان أم أنثى بالوحدة المريرة، ذلك الشعور الذي يمكن تعويضه بالكثير من العلاقات الاجتماعية والأعمال التطوعية والخيرية؛ لكنه قد يُشكل خطراً قاتلاً يؤدي إلى الأمراض النفسية أو الانحرافات، ومصدرا لليأس والإحباط، وكذلك تؤدي العنوسة إلى كبت مشاعر الأمومة والأبوّة وإلى الإقبال على أنواع مُبتكرة من الزواج السرّي، (العرفي والمسيار وغيرها من العلاقات المحرمة القائمة خارج نطاق الأسرة الشرعية).

إن المرأة العانس تتعرّض أكثر من الرجال إلى الانتقاد شديد القسوة، الذي يُشعرها بالدونية، ويعرّضها للقمع الذكوري من قبل الأب أو الأخ، بحجة أنها بحاجة إلى الحماية، وأن كلام الناس لا يرحم، ممّا يجعلها تعيش في سجن غير مرئي مُحاطة بفكرة حمايتها من المجتمع الذي لا يرحم.

حلول جادة:

لقد أوشكت ظاهرة العنوسة أن تدمّر المجتمعات، وذلك على مستويات متعددة: الاجتماعي والاقتصادي وغيرها، حيث أصبح الزواج من أهم المشاكل التي تواجه الشباب اليوم، والتي تعجز أمام حلها المعادلات الحسابية، حتى باتت تلك الظاهرة تشكل كابوساًَ يتهدد الشباب من الجنسين، وهم يرون أجمل سنوات أعمارهم تطويها السنون، حتى يتقدّم العُمر ببعضهم، وعليه فإن أبرز الحلول لتلك الظاهرة تتمثل بالتالي:

-الرجوع إلى منهج الله تعالى بالاعتدال في الزواج وتيسيره وعدم المغالاة في المهور، والقبول بمن يرضون دينه وخلقه، بالإضافة إلى القناعة بما كتبه الله تعالى, وعدم التطلّع إلى ما في أيدي الناس إلى جانب تقديم الدعم للجمعيات الخيريّة التي تعمل بجهد صادق على تيسير الزواج الجماعي، وتتحمل تكلفة الزواج بصورة بعيدة عن المظاهرة والتّرف والغلو.

ومن المهم الإشارة إلى الجانب السلبي في سلوك بعض الشاب من الجنسين، حيث يدفنون أعمارهم في التفكير الطويل بشأن الزواج الذي يستغرق سنوات طويلة، ولم يقرروا بعد حسم زواجهم.

صحيفة السياسية