علي محسن: مهما تراجع صالح في النهاية سيوقع على المبادرة الخليجية
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و يوم واحد
الخميس 19 مايو 2011 11:12 م
 
 

أكد اللواء الركن علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع، بأن الرئيس علي عبد الله صالح سيوقع في النهاية على المبادرة الخليجية، وقال بأن اليمن سوف يصبح أكثر استقرارا بعد حدوث التغيير، وسيكون له حضوره الإقليمي والدولي الذي يتناسب وأهمية موقعه وعمقه الاستراتيجي في المنطقة والعالم.

وقال في حوار له مع صحيفة «عكاظ» السعودية في مقر الفرقة الأولى المدرعة في العاصمة اليمنية بصنعاء أن «هناك من يريد أن تبقى اليمن في بؤرة للصراعات القبلية والتناحر»، موضحا بأنه يراهن على وعي الشعب اليمني والصورة الحضارية الرائعة التي قدمها منذ بداية الثورة نحو نيل حريته وحقوقه وصون كرامته لكي يرسم مستقبلا مفعما بالتفاؤل والطمأنينة. وأفاد أن ثقافة إقصاء الآخرين والتعالي ونزعة الاستحواذ هي التي أوصلت اليمن للأسف إلى هذا المستوى الذي لم نكن نتمناه، بحسب تعبيره.

وأضاف محسن «إن رياح التغيير التي هبت على المنطقة هي بمثابة تسونامي تغيير حقيقي في المنطقة»، بيد أنه قال إن مطالب الثورة في اليمن سبقت ثورة تونس ومصر ولم يستجب النظام لمطالب الشعب، وبالتالي جاءت ثورة تونس ومصر كمحفز للشباب وتحركه نحو التصعيد والاعتصام وخروج الشباب من منطلق أن الحقوق تنتزع ولا توهب. وفيما يلي نص الحوار :

• كشخصية عسكرية واجتماعية لها حضورها في المحيط السياسي هل يتجه اليمن برأيكم نحو الاستقرار أم نحو التشطير والتشتت؟

- الأمل بالله سبحانه وتعالى ثم بإرادة اليمنيين والأشقاء والأصدقاء، لدينا تفاؤل أن اليمن سوف يكون أكثر استقرارا في قادم الأيام بعد التغيير، وسيكون له حضوره الإقليمي والدولي الذي يتناسب وأهمية موقعه وعمقه الاستراتيجي في المنطقة والعالم رغم تخوفنا من تصرفات النظام الحالي التي أقدم عليها منذ بداية الأزمة من خلال توزيع السلاح الثقيل والخفيف، إلا أنهم بحساباته الخاطئة يريدون أن يبقى اليمن بعد رحيله بؤرة للصراعات القبلية؛ لكننا نراهن على وعي شعبنا والصورة الحضارية الرائعة التي قدمها منذ بداية الثورة وتخليه عن السلاح رغم ما يواجهه من قتل واعتداءات عليه في ساحات الاعتصام ولم يستخدم سلاحه حتى الآن، وما نشاهده الآن من توجه للشعب نحو نيل حريته وحقوقه وصون كرامته يرسم مستقبلا مفعما بالتفاؤل والطمأنينة. إننا في معترك مخاض سياسي واجتماعي حقيقي يبشر بالكثير وبالتالي فإن مؤشرات الاستقرار أكثر من مؤشرات التشطير والتشتت.

• في تصوركم لماذا وصلت الأزمة في اليمن إلى هذا المستوى من الاحتقان والانفجار المرتقب لا سمح الله؟

- إقصاء الآخرين والتعالي ونزعة الاستحواذ هي التي أوصلتنا للأسف إلى هذا المستوى الذي لم نكن نتمناه.

• من خلال متابعاتنا للشأن اليمني نعرف أن هناك الكثير من المبادرات التي قدمت لنزع فتيل الأزمة في اليمن.. برأيكم لماذا لم تنجح كل هذه المبادرات؟

- نعم هناك مبادرات كثيرة قدمت لحل الإشكالية السياسية في البلاد بين المعارضة والحزب الحاكم.. إلا أن هذه المبادرات يروج لها إعلاميا لكنها تفشل قبل الدخول في تفاصيلها، وإجمالا كانت الاختلافات والتراجع عن هذه الاتفاقيات والمبادرات للأسف تأتي من الحزب الحاكم مما سبب الكثير من الأزمات وزاد في تعقيد المشكلة وعمل على نسج الكثير من العقد والتراكمات والتي أضحى معها الحل أو التوافق مع الرئيس أشبه بمعضلة عصية على الحل، وأنا شخصيا كنت لأكثر من مرة ولعدة مبادرات الوسيط الأساسي بين الرئيس علي عبدالله صالح والمعارضة، وللأسف فإن النظام دائما هو الذي ينقلب على كل الاتفاقيات.

• هناك طرح أن الثورة الشبابية الشعبية اليمنية هي استنساخ لما حصل في تونس ومن بعدها مصر؟

- بطبيعة الحال رياح التغيير التي هبت على المنطقة هي بمثابة تسونامي تغيير حقيقي في المنطقة، لكن الحقيقة أن مطالب الثورة في اليمن سبقت ثورة تونس ومصر.. لكن النظام لم يستجب للمطالب، وبالتالي جاءت ثورتا تونس ومصر كمحفز للشباب وتحركه نحو التصعيد والاعتصام وخروج الشباب من منطلق أن الحقوق تنتزع ولا توهب. ثم لحقت الأحزاب بالشباب بعد أن وصلت إلى طريق مسدود، ورأت أنها إن لم تلحق بثورة الشباب فسيتجاوزها الشباب وبالفعل تلاقت أهداف الشباب مع الأحزاب لتشكل في المحصلة مطلبا شعبيا عاما مبتغاه وهدفه إسقاط النظام وتغيير الوضع في اليمن إلى وضع أفضل بالطرق السلمية بدون استخدام أي سلاح. وبالتالي فنحن اليوم نشهد صورة حضارية رائعة يرسم لوحتها كل أبناء الشعب وفي مقدمتهم الشباب كون هذا الشعب المسلح يترك السلاح في منزله أو قريته ويأتي أعزل عاري الصدر ليلتحق بالثورة ويتحمل الضربات تلو الضربات من قبل بعض أفراد الأمن المركزي ويتحمل العنت الكبير من وترويع وترهيب. واعتصاماته ومسيراته الحضارية الرائعة هذه رغم كبر حجمها وكثافتها في كافة محافظات الجمهورية إلا أنها صورة حضارية جميلة لا تحرق فيها سيارة ولا ينهب فيها متجر ولا يقتحم فيها منزل وكأن الحياة عادية وعلى وتيرتها، إن في صنعاء أو عدن أو تعز أو أي محافظة متحملا تهورا من جانب واحد.. وللأسف لا يوجد لدى المؤسسة الحاكمة صبر فبمجرد خروج أي مسيرة سلمية من الشباب تتم مواجهتها بالرصاص الحي والقنابل الغازية المحرمة والقنابل المسيلة للدموع والمياه الملوثة مستخدما هذه الأسلحة في كل ساحات الاعتصامات. والحقيقة أن الشباب والمعارضة لديهم القدرة على التصعيد لكنهم حريصون على عدم تعريض السلم الاجتماعي للقلق وحرصا على تماسك النسيج الاجتماعي للشعب.

• عفوا.. لكن الرئيس يدعو إلى تداول سلمي للسلطة؟

- صحيح هو يقول ذلك.. لكنه عند طلب المعارضة لهذا التداول السلمي يصبحون في قاموسه قطاع طرق، فإذا كان التداول لصالحه فهو سلمي أما إذا كانت المعارضة ستحوز عليه فهو غوغائية. وبهذا الخصوص تحضرني قصة ظريفة حصلت في اليمن إذ اختلف اثنان من الخصوم وذهبا إلى شخص ليحكم بينهما فطلب أحدهما من هذا المحكم أن يحكم أولا لصالحه ثم يعمل على ضبط غريمه لتنفيذ الحكم لصالحه. وهو يقول يا أشقاء في الخليج، ويا أصدقاء أمريكان وأوروبيون نريد وساطة لحل المشكلة في اليمن، ولكن أريد أن تحكموا لصالحي ويا أمريكان أنا قابل تدخلكم ولكن ما يؤدي إلى نتيجته لصالحي. ثم أي تداول سلمي للسلطة هذا الذي يدعونه وهم يرفضون إرسال برقية عزاء في وفاة الشخصية الوطنية الفذة فقيد الوطن المرحوم فيصل بن شملان لأنه نافسه في الانتخابات الرئاسية. وبالتالي نحن أمام جهل مركب وعقد نفسية معقدة يتم التعامل بمخرجاتها مع الشعب، للأسف فلو خرجت مظاهرات ولو بقدر 1% من هذه المظاهرات التي تخرج اليوم في اليمن خرجت في أمريكا لرأينا أوباما يخرج إليهم مقدما اعتذاره للشعب الأمريكي مستعدا بتقديم نفسه للمحاكمة دون خروج جندي واحد لمهاجمتهم، ولو خرجت في باريس لوجدنا الرئيس الفرنسي يعلن عن تنحيه مع حكومته وإقراره عن اعتزال العمل السياسي نهائيا، ولا نذهب بعيدا فمثلا لو خرجت نسبة ضئيلة من هؤلاء المتظاهرين في تركيا لخرج إليهم رجب أردوغان بنفسه خجلا مما أوصلهم إليه طالبا من شعبه الصفح عن أخطائه في حقهم مستجيبا لمطالبهم حفاظا على استقرار بلاده وأمنها وصونا لحقوق شعبه دون إزهاق روح واحدة أو إراقة قطرة دم، لكن النظام بحسب تركيبته النفسية لا يمكن أن يتخذ مثل هكذا قرار مصيري لا ينسجم وفهمه السياسي ومعرفته للتاريخ.

• يقال في الأروقة أن هناك اتفاقا جمعكم بالرئيس صالح شخصيا وكنتم حاضرين في هذا الاتفاق وكان قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ.. ما الذي حال دون تطبيقه؟

- بالفعل كان هناك اتفاق يوم الأربعاء 23/3/2011م في اليوم الثالث لإعلاننا تأييد ثورة الشباب السلمية، تم الترتيب له في منزل الأخ العزيز الفريق عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية وبحضور الرئيس وحضوري والأخوين العزيزين عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى، والدكتور عبدالكريم الإرياني مستشاره السياسي، وكنا قبلها قد تواصلنا أنا والرئيس تلفونيا وطلبت منه عهدا بالموافقة على التنحي، وطلب هو خروجنا معا فأجبت بالموافقة حفاظا على وحدة وسلامة اليمن واستقراره، وبالفعل أعطاني عهدا على ذلك، وفي يوم الاتفاق في منزل الأخ النائب كرر أمامهم جميعا قبوله التنحي وشرطه الخروج معا، وكانت ورقة هذا الاتفاق قد أعدت من قبل الرئيس والإرياني وعبد الغني ونصت على رحيلنا وتسليمه سلطاته للأخ النائب، وفي نهاية الجلسة اشترط حضور السفير الأمريكي كشاهد على هذا الاتفاق، وبالفعل حضر السفير الأمريكي وتسلم نسخة من الاتفاق. والتقينا في اليوم الثاني الخميس 24/3/2011م بدون حضور الرئيس ومعنا بعض أعضاء المعارضة وبحضور السفير الأمريكي واستكملنا بنود الاتفاق ومساراته وتم إبلاغه بذلك ووافق دون شروط وتمت صياغة بنود الاتفاق على أن نلتقي صباح السبت 26/ 3/20110م للبدء في التنفيذ ولكن للأسف تراجع الرئيس عن الاتفاق ولم نلتقِ بحسب الاتفاق، وطبعا هذا التراجع من قبله والتراجعات السابقة أفقدت النظام المصداقية، إن كان على المستوى الشعبي أو على المستوى الإقليمي

• ألم يحصل بينكم والرئيس مراجعة حول هذا الاتفاق؟

- بالفعل حصل بيننا مراجعة وقال أنا متمسك بالشرعية فقلت له إذا كنت تزعم الشرعية فها هو الشعب الذي منحك الشرعية يسحبها منك فعليك العودة للشعب.

• ماذا عن المبادرة الخليجية؟

- المبادرة الخليجية في بدايتها كانت نابعة من رؤية خليجية أخوية بحتة، أما المبادرة الخليجية الثانية في الأساس بنيت تقريبا على اتفاق تم بيني وبين الرئيس عن طريق وساطة قبلية كان على رأسها اللواء غالب مطهر القمش واللواء أحمد إسماعيل أبو حورية، ووضعت هذه الاتفاقية ووقع عليها من قبل كل الأطراف والوساطة والدكتور الإرياني مستشار الرئيس وأنا والرئيس، وللأسف كانت هذه الاتفاقية بحسب ترتيباتها لدى النظام أنها التفاف على المبادرة الخليجية الأصل، إذ بمجرد توقيعنا عليها أوفد بها وزير الخارجية إلى اجتماع وزراء خارجية دول الخليج في الرياض ليطرح عليهم أن المشكلة اليمنية انتهت بمجرد توقيعنا أنا وهو على هذه الاتفاقية باعتبار أن المشكلة منحصرة في شخصه واللواء علي محسن وأن لا وجود لإشكالية مع الشعب أو المعارضة، ولن يتطلب هذا الاتفاق سوى أن تكون دول الخليج مظلة وبالفعل تبنت دول الخليج هذا الاتفاق واستحسنوا بند الرحيل. وبعد ذلك اقترحوا أن تكون فترة التسليم شهرا، وعند التمحيص نجد أن المبادرة الخليجية في صيغتها الأخيرة هو الذي وضع بنودها بنفسه أي الرئيس بالتشاور مع الأشقاء في دول الخليج والسفير الأمريكي وتمت مباركتها من الجميع حرصا منهم على تجنيب اليمن أتون الفتنة والصراع.

والأشقاء في الخليج والأصدقاء بذلوا جهودا كبيرة يشكرون عليها أثناء محادثاتهم مع الكل ومع المعارضة ومعنا ووجدوا أننا حريصون على الاتفاق والرئيس هو الذي وضع الجدول الزمني للتنفيذ، ومضوا في المبادرة ثم خرجت بصيغتها النهائية ووافقت عليها الأطراف من مبدأ الحرص على سلامة البلاد ووافق عليها عند معرفته بموافقتي لكن المعارضة في البداية تحفظت على تغيير البند الأول الذي كان ينص على التنحي ونقل السلطة لنائب الرئيس وتغير إلى تسليم صلاحياته لنائبه ثم الاستقالة بعد ثلاثين يوما من التوقيع، وبعد ذلك بذلت جهود مضنية مع المعارضة من قبل الأشقاء والأصدقاء وقبلت المعارضة وتفاجأ الرئيس بموافقتهم ليخرج بعد ذلك بعقبة جديدة أمام الاتفاق من أنه لن يوقع باسمه كرئيس جمهورية، وإنما كرئيس للمؤتمر الشعبي العام، وفي الأساس مطلب الشعب هو رحيل الرئيس وتنحيه وليس تنحي المؤتمر الشعبي العام ورحيله، الشعب والمعارضة ليس لديهم إشكالية مع المؤتمر وإنما مع الرئيس نفسه وحصل منه تراجع ليخرج بعدها ويتحفظ على التوقيع، وهكذا نجده يختلق بين وقت وآخر معضلة أخرى للتنصل مما وافق عليه مسبقا، وأنا أستغرب كيف أن النظام لم يستفد من فترة تجربته ولا من التاريخ فالرجل العظيم الذي يريد أن يترك وراءه تاريخا له ولشعبه هو الذي يتخذ قرارات مصيرية حتى ولو على نفسه.

• إذن في رأيكم ما هو المخرج؟

- المخرج هو أن يقتنع النظام أن الشعب أصبح غير قابل له لكنه يوافق ثم يتراجع وأتمنى له أن يترك السلطة ولا يزال لديه شيء من الاحترام في نفوس الناس، وأتمنى من الأخوة في الخليج أن يتمسكوا بمبادرتهم نصا وروحا وأنا واثق أن النظام سيوقع في النهاية.

عن صحيفة عكاظ السعودية