مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
يشكل القطاع المسرحي رافداً أساسياً للحركة الثقافية والاجتماعية في أي بلد كان، وتأتي أهمية المسرح ليس باعتباره مجرد مرآة عاكسة لهموم ومشاكل المجتمعات وإظهار الصورة القاتمة على خشبة المسرح إنما بقدر ما يسهم في كشف الخفايا والمضي قدماً في رسم الصورة المثلى للمجتمع وتجسيد تطلعاته وإقناع الناس باتخاذ التدابير اللازمة التي من شانها دفع المجتمعات نحو التغيير وإيقاظ الضمائر وتطهيرها وتغيير الثقافات وتنقية الأنفس؛ مما يساعد على بناء ثقافة مجتمعية جديدة ويسمو بالواقع الاجتماعي.... تلك مسؤولية ملقاة على عاتق المسرح بشكل خاص والفن عموماً.
في الآونة الأخيرة شهد المسرح في عدن انتعاشاً معتدلاً وخطى خطوات متقدمة ليصبح تقليداً شبه موسمي رغم أنه لا يزال يواجه العديد من التحديات أهمها على الإطلاق عدم وجود مبنى مسرحي حقيقي في م/عدن يمكن الاستعانة به لتأدية العروض المسرحية، والافتقار للتجهيزات الفنية اللازمة ومن ناحية أخرى عدم اكتراث وزارة الثقافة بدعم الأعمال المسرحية أو تبني الفرق الفنية المتميزة لضمان الاستمرارية لها وانطلاقاً من نظرة أنها تؤدي رسالة إنسانية سامية في خدمة المجتمع والنهوض بالواقع الثقافي في اليمن.
ويصحبنا هذا إلى الحديث عن واحدة من أهم الفرق الفنية المتواجدة على الساحة الفنية في اليمن والتي تمكنت خلال سنوات عمرها الست من تكوين قاعدة جماهيرية كبيرة ولمع نجمها وذاع صيتها إلى خارج اليمن بعد أن أذابت الجليد وحالة التراجع وأعادت النبض للحياة المسرحية، وبعد النجاح التي تحقق لها في مسرحية (معك نازل) فاجأتنا فرقة خليج عدن هذه المرة بالمسرحية الراقية "كرت أحمر" التي أسدل الستار عنها مؤخراً على مسرح سينما هيريكن بعدن. ويعد هذا العمل المسرحي – كرت أحمر- نقلة نوعية للمسرح اليمني؛ فقد وضعت هذه المسرحية الخطوط العريضة لمسرح يمني هادف وجعلته أقرب إلى أن يكون مشروعاً تنويرياً.
"كرت أحمر" عرض مسرحي توفرت له كل مقومات النجاح من نص مسرحي غاص في عمق المجتمع ونقل أوجاع الناس وأحاسيسهم على خشبة المسرح وامتزجت الضحكة مع غصة الألم والحسرة، وواكب ذلك إخراج متقن ومنظم وأداء متميز من الممثلين الذين كانوا حجر الزاوية في نجاح النص ورؤية المخرج عمرو جمال للمجتمع والإنسان، بينما لعبت المؤثرات الضوئية دوراً هاماً في تثبيت عين المتفرج وجعلته يعايش أحداث المسرحية بكل تفاصيلها، أما الديكور رغم تواضعه إلا أنه خدم أهداف المسرحية، وأضافت جميع المكملات الجمالية الأخرى في المسرحية جاذبية تركت أثراً عميقاً في نفوس المتفرجين وبصمة في عالم المسرح الهادف.
تمحور نص المسرحية بعدد من الاسكتشات المتنوعة التي لم تخل من الجرأة في تناول موضوعات تهم المجتمع مصحوبة ببعض قضايا الانتهاكات لحقوق الإنسان، كما طرحت نماذج لسلوكيات متعلقة بالأفراد، بدأت بكارثة التعليم ومعاناة الطالب طوال سنوات مراحله الدراسية وانتهت بالوعود الكاذبة التي يقطعها نواب الشعب في حمى الانتخابات، وبين هذين المشهدين وجدت العديد من الصور تمثلت في فساد القضاء وصورة معبرة عن عمالة الأطفال وحرمانهم من حقوقهم في اللعب والتعليم مروراً بضياع الشباب وتفشي المخدرات، وكانت أهم صورة تلك التي حكت عن الواقع الصحي وما تعانيه المستشفيات من انعدام النظافة والإهمال المتعمد والأخطاء الطبية التي تحولت إلى ظاهرة شبة يومية.
وأخيراً نقول أن "كرت أحمر" أكثر من مجرد عمل مسرحي عابر، فكل جهد بذل في هذا العمل هو جهد خلاق ومبدع ساهم في ظهور البوادر الأولى لفكر جديد في العمل المسرحي، وفريق العمل -دون شك- يستحقون منا كل الإشادة والتقدير والتشجيع.
*عن صحيفة "اليمن".