حول ما حدث في بيت الأحمر ..
بقلم/ هائل سلام
نشر منذ: 9 سنوات و 11 شهراً و 10 أيام
الأحد 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 07:53 ص
ماحصل للشيخ صادق الأحمر ومن إليه،أمر مروع زلزل كياناتنا كيمنيين،الكثيرون منا على الأقل.سلوك شائن ومشين،دخيل على أخلاقنا،لم نعتاده من قبل، بالنسبة لجيلنا أعني،وماعرفناه من أحداث،صراعات،وخصومات،بل وحتى تصفيات.
سلوك بشع،يفتقر الى نبل الفرسان وشرف الخصومة.إنه نوع من السلوك الحيواني الطقسي،الذي يفرغ فيه المعتدي قدرا مهولا من العدوانية،بشكل منهجي ومنظم، بغية إلحاق الحد الأقصى من الإهانة والإذلال بالمعتدى عليه،لهدف نهائي،على مايظهر،يتمثل بترويع كل الخصوم القائمين والمحتملين،من خلال جعل الضحية "المختارة"عبرة لمن يعتبر.
تكرار هذا السلوك،يجعل منه طقس هجاسي"مرضي"ينتظم في مجموعة من التصرفات المنمطة أو التي تتخذ طابعا نمطيا.يتم تطبيقها بكثير من الدقة في تسلسلها التصاعدي،مع الحرص على الثبات في تنفيذها،دون إكتراث بالقيم والعادات والتقاليد والأصول والقواعد والأعراف،وبكل مايمكن أن يقوله الناس.
تصرفات عدوانية هجومية في الظاهر،ولكنها في العمق،ذات هدف دفاعي، غرضها القضاء على خطر بروز رغبات أو نزوات أو أفكار مقاومة،حقيقية أو متوهمة.يلجأ اليها عادة من كان،هو نفسه،ضحية لعدوانات غاشمة ويخاف من تكرارها ضده على الرغم من تحوله من وضعية المعتدى عليه،الى وضعية المعتدي،أو كما يقال من حالة الضحية الى حالة الجلاد.(والمستغرب هنا أن يفسر البعض ماتقوم به مليشيا الحوثي على أنه نزعة ثأرية إنتقامية ضد بيت الأحمر،على الرغم من أن هولاء لم يكونوا طرفا في الحروب الظالمة التي شنت على الحوثيين،مايعزز الحاجة لتفسير أكثر دقة).
لسنا طرفا في الصراع،ولا نتتبع تفاصيله أصلا،ولكننا طرفا في"المواطنة"التي تحتم علينا فهم مايجري حولنا وإدانة كل سلوك يهدد قيم هذه المواطنة وأسس العيش المشترك. نتفهم أن الشيخ الأحمر قد يكون متهما بأي جرم،مثله مثل غيره من مواطني هذا البلد،ولكننا لانفهم،ولا نتفهم،أن يهان أو يذل،على ذلك النحو الذي يشعر معه المرء بإهانة وإذلال الإنسان،بما هو إنسانا مجردا.
من المفيد،ربما،أن نذكر هنا أن الدستور يقرر في المادة 52منه مايقرأ على نحو:( للمساكن ودور العبـادة ودور العلم حرمة ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها إلا في الحالات التي يبينهـا القانـون)،وأن القانون يقرر -بنص المادة 12 إجراءات جزائية-مالفظه:(للمساكن ودور العبادة ودور العلم حرمة فلا يجوز مراقبتها او تفتيشها الا بمقتضى امر مسبب من النيابة العامة وفق ما جاء بهذا القانون ويجب ان يكون ذلك بناءعلى اتهام سابق موجه الى شخص يقيم في المكان المراد تفتيشية بارتكاب جريمة معاقب عليها بالحبس على الاقل او باشتراكه في ارتكابها او اذا وجدت قرائن قوية تدل على انه حائز لاشياء تتعلق بالجريمة، وفي جميع الاحوال يجب ان يكون امر التفتيش مسببا).
والقول بأن ماتقوم به مليشيا الحوثي يأتي في سياق(الثورة)،مجرد لغو عديم المعنى،لسبب بسيط،هو أن الثورة المزعومة تلك أنتهت،بصرف النظر عن موقفنا منها، الى التوقيع على ماأسمي بـ (اتفاق السلم والشراكة)الذي يعني في ما يعنيه،التسليم بالمنظومة القانونية القائمة في البلاد والإحتكام اليها.
وبإمكان جماعة الحوثي الإستعانة بأجهزة الدولة،التي باتت،عمليا،في قبضتها، لحل خلافاتها مع خصومها،حفاظا على الشكليات والمظاهر على الأقل.
الدنيا ليست فوضى،إذ حتى الثورات نفسها تحتكم الى نظمها،وقوانينها العرفية الخاصة.والغريب أن تبدو جماعة الحوثي،بكل ماتفعله،وكأنها حريصة، لسبب نجهله،على أن تستثير،تستحث،وتستعجل،مع الأسف،ثورة شاملة ضدها.
الحياة غالية،ولكن هناك ماهو أغلى من الحياة،إنه الكرامة.
فلاتدفعوا الناس للتضحية بالغالي من أجل ماهو أغلى.