من هي الدول التي أصدرت حتى الآن قرارات عقابية بحق الحوثيين في اليمن؟ من هو ماهر النعيمي الذي عاد لسوريا بعد غياب 14 عاما ضربة مالية للنظام المخلوع.. تجميد حسابات مصرفية لرجال أعمال الأسد حرب البحار يشتعل من جديد ..وسفينة حربية مجهولة تطالب سفينة قرب المياه السعودية بالتوجه نحو إيران الكويت تُسقط الجنسية عن 38 مواطناً ومصادر تكشف الاسباب حكم قضائي بوقف تطبيق أحد أولى قرارات ترامب الرئاسية زعمت إسرائيل اغتياله قبل 8 أشهر.. ظهور علني ومفاجئ لقيادي في كتائب القسام» سجناء العراق بين جدران الموت والإعدامات الطائفية ... بلا قيود تفتح ملف المجازر الصامته مأرب: وزارة الشباب والرياضة تدشن البرنامج التدريبي لعام 2025م تستهدف تأهيل شباب13محافظة. أول توجيهات رئاسية للبنك المركزي.. استعدادات لعزل البنك المركزي بصنعاء وسحب السويفت ونقل مقار البنوك الى عدن
في زمن الثورة يعتلي الشك كل شيء.. ينساب أولاً في صمت.. يتغلغل ببطء بيننا، ثم لا يلبث أن يتحول إلى مارد جبار خرج فجأة من قمقمه الذي ظل حبيسه لقرون طويلة دون أن يكون ثمة أثر لأي قمقم أو خاتم أو مصباح، ودون أيضاً أن يدعي أحد شرف إخراج هذا المارد "بالدعك" أو "المسح" أو "الاستحضار"..
وما يثير الدهشة فعلاً.. أننا نستنكر وجوده بيننا، ثم لا نتوانى -كل بطريقته - للإستحصان به "من الشخص وليس من الحصان".. ونبدأ بالشك في الآخر الذي ثورنا ضده.. وهو شك مقبول.. ثم نشك في الآخر الذي انضم إلى ثورتنا - وهو شك مفهوم-، ثم لا ننفك نشك في بعضنا بعضاً.. لتتحول الثورة حينئذ إلى "ثورة الشك".. ولكن ليس على طريقة "أم كلثوم"..!! هذا ما يثير الدهشة.
أما ما يثير الخوف، فهو نجاحنا دائماً في إيجاد ما يبرر شكنا أياً كان وتحويله من شك - لصيق بالظن الذي لا يغني عن الحق شيئاً- إلى يقين غير قابل للدحض، وهذا التحول هو الذي قاد معظم رجالات الثورات في العالم إلى المقاصل والمشانق والسجون.
ولأن الشك -كما أسلفنا- لصيق الثورات، فإن ما يجعل ثورة أنجح من أخرى هو الشك نفسه، فالطريقة التي تتعامل بها الثورة -أياً كانت- مع الشك المصاحب لها، والمسيطر عليها، هي التي تحدد مدى نجاحها، فالأصل أن كل الشكوك لها مبررات، ولكن ليست كل الشكوك -بمبرراتها- صحيحة، فالشكوك التي تقوم على مبررات مشروعة لا يجب التعامل معها بالقمعية التي يتم التعامل بها مع الشكوك ذات المبررات غير المشروعة، والتفريق بين المشروع وغير المشروع ليس صعباً.. ولكن الصعب فعلاً هو معرفة مدى أحقية الشخص أو الجهة "المشكوك فيها" في استخدام مبررات مشروعة والاستفادة منها.. هذه النقطة هي التي من شأنها فعلاً إنجاح ثورة على الإطلاق، أو إفشال على الإطلاق.
وبقدر ما يعد النجاح في التعامل معها فتحاً ربانياً تستند إليه مقومات التجرد في التناول والتقييم والحكم، والإلمام بشواهد الظاهر، وخفايا الباطن، بقدر ما يعد إغفال ذلك فشلاً موبقاً للثورة ماحقاً لها ولآمالها.
ومع أن الشك عند أرسطو هو الطريق الصحيح للمعرفة الحقة "الحكمة"، إلاَّ أن "شك الثورات" لا يقوم على عقلية أرسطو الفلسفية، وإنما على عقلية نيرون الذي شك في إمكانية إصلاح "روما" فأحرقها ليقيم مكانها "روما" جديدة - بحسب رؤية المفكر القومي الراحل عصمت سيف الدولة للواقعة-، والفرق بين العقليتين جلي، ونتيجة كل منهما تكاد أن تكون حتمية!!..
وما يجعل الخوف كلياً.. طغيان شكنا على فكرنا، وإطلاق العنان له لإصدار أحكامه على بعضنا البعض.
وربما يكون ما نحن في حاجة له الآن، هو "استراحة محارب"، نمنح لأنفسنا ولبعضنا البعض فيها الوقت لإجلاء النوايا، بعيداً عن بريق الشعارات وانفعالات المد الثوري، المصحوبة بأمواج من الشك.. حتى في الشك نفسه!!.