فتح الإسلام.. حقائق وأسرار
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 5 أشهر و 22 يوماً
الجمعة 25 مايو 2007 09:30 م

طرح الصراع الدائر في لبنان بين الدولة اللبنانية ومنظمة "فتح الإسلام" علامات استفهام حول طبيعة هذه المنظمة وسرّ انطلاقتها وظهورها السريع كقوة مسلحة تهدّد الأمن اللبناني وأمن المخيمات الفلسطينية.

الحكومة اللبنانية سارعت إلى اتهام "فتح الإسلام" بأنها صنيعة سورية، والبعض نسب المنظمة إلى تنظيم القاعدة، خصوصاً مع بروز إشارات على تورطها في أعمال داخل العراق.

ففي 10 أيار / مايو ادعت منظمة "فتح الإسلام" مقتل اثنين من قادتها وعنصرين آخرين خلال محاولتهم عبور الحدود السورية العراقية باتجاه العراق.

كان هذا البيان الذي سبق أحداث مخيم نهر البارد بنحو 10 أيام بمثابة أول اعتراف من الحركة بقيامها بنشاط في العراق.

وجاءت أحداث نهر البارد لتعزّز الأسئل ة حول الجهة التي تحرّك هذه المنظمة. رواية سيقت للدلالة على نشأة الحركة من رحم تنظيم فلسطيني معروف بعلاقاته الوثيقة بالجهاز الأمني السوري. وإدعاءات أخرى نسبتها إلى تنظيم القاعدة، لكن الأكيد أنها تمثل جسماً جديداً لم تعرفه فصائل العمل الوطني الفلسطيني من قبل. فما هي قصة هذه المنظمة؟ وما هي بعض ملابسات نشوئها؟

انشقاق داخل انشقاق

بدأت الضجة بشأن حركة "فتح الإسلام" مع استيلاء عناصر منشقة من حركة فتح – الانتفاضة في شهر تشرين الثاني /نوفمبر على مواقع لـ"فتح – الانتفاضة" في مخيم نهر البارد خصوصاً شمال لبنان ومواقع أخرى.

وحركة "فتح – الانتفاضة" التي يتزعمها العقيد محمد سعيد موسى (أبوموسى) ومقره دمشق هي انشقاق عن حركة فتح التي يقودها اليوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ففي عام 1983 دعمت سورية مجموعة من ضباط حركة فتح وجيش التحرير الفلسطيني في حركة انشقاق عن زعيم منظمة التحرير وحركة فتح ياسر عرفات قادها العقيد أبوموسى وأبوخالد العملة وعدلي الخطيب (أبوفاخر) وغيرهم. وجرت مواجهات عنيفة في شمال لبنان والبقاع أفضت إلى إخراج عرفات نفسه من طرابلس التي عاد إليها بعد طرده من دمشق، وتمخضت عن إعلان قيام مجلس قيادة الانتفاضة في حركة فتح التي عرفت فيما بعد بحركة فتح – الانتفاضة.

وظل تأثير هذه الحركة ضعيفاً في لبنان مقتصراً على الفاعلية العسكرية التي أمنها لها الدعم السوري، في حين كان حضورها في الأراضي الفلسطينية المحتلة شبه معدوم.

وخلال سنوات الحرب اللبنانية طهّرت القوات السورية والقوى الفلسطينية المتحالفة معها (فتح – الانتفاضة و"الجبهة الشعبية – القيادة العامة" بصورة خاصة) مخيمات شمال لبنان من كل وجود لحركة فتح بزعامة ياسر عرفات. كذلك قامت بإخراج من كانت تصفهم بـ"الزمر العرفاتية" من مخيمات بيروت للاجئين الفلسطينيين، وانحصر وجود القوى الموالية لعرفات في مخيمات الجنوب اللبناني.

وظلت حركة "فتح – الانتفاضة" خلال سنوات تعمل بقيادة زعيمها أبوموسى، ولكن الرجل الأبرز والأقوى في الحركة كان نائب أبوموسى أو أمين السر المساعد للحركة أبو خالد العملة. وحول هذا الرجل نسجت الروايات الأخيرة، وإليه نُسب "الفضل" في تأسيس حركة فتح – الإسلام.

العبسي.. الرجل اللغز

تقول رواية جمعت خيوطها من مصادر مختلفة أن فلسطينياً اسمه شاكر العبسي جاء إلى لبنان قبيل حرب تموز /يوليو الأخيرة التي شنتها إسرائيل وبدأ منذ ذلك الوقت في العمل على تحضير انشقاق في "حركة – فتح الانتفاضة".

والعبسي هو عقيد طيار فلسطيني ـ أردني في جيش التحرير الفلسطيني، التحق بفتح - الانتفاضة عام 1983 بعد خروج ياسر عرفات من بيروت، وتردّد أنه ظهر أخيرا في العراق، حيث كان نائبا لإبراهيم صالح قبلاوي الذي قتل مع أبو مصعب الزرقاوي. وتقول معلومات صحافية إن العبسي كان مسؤولا عن ترحيل العناصر من لبنان وسورية إلى العراق بعد تجميعهم في معسكرات خاصة. والعبسي محكوم عليه غيابياً بالإعدام في الأردن بتهمة قتل دبلوماسي أميركي عام 2002، وهي القضية نفسها التي حكم فيها بالإعدام على أبومصعب الزرقاوي بالإعدام أيضاً. ونجح العبسي في الفرار إلى سورية حيث اعتقل لفترة، قبل أن يطلق سراحه ويعود إلى لبنان.

وتشير المعلومات إلى أن العبسي نسّق مع الرجل الثاني في حركة فتح – الانتفاضة أبوخالد العملة، واتفقا على أن يستخدم الأول اسم الحركة في لبنان وأن يشرف على العناصر في مواقعها هناك والذين كانوا في حالة تململ نتيجة عدم دفع رواتبهم.

وفي خريف 2006 أعلن العبسي انشقاقه عن حركة – فتح الانتفاضة، واستطاع أن يجمع عدداً كبيراً من العناصر قدّرها مسؤول منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان خالد عارف بنحو 200 عنصر واستولى على عدة مراكز وخصوصاً في مخيم نهر البارد شمال لبنان الذي اتخذه مقراً له وفي مخيم البداوي القريب منه.

وقد أدّى ظهور الحركة الجديدة التي تبنّت الإسلام نهجاً إلى سلسلة مشاكل امنية في مخيمي نهر البارد والبداوي.

في دمشق.. العملة من المزّة إلى الإقامة الجبرية

لكن في دمشق برز نوع آخر من المشاكل بعدما شاع خبر الحركة، واتُهمت بأنها صناعة المخابرات السورية. وسارعت الحركة على لسان أبوخالد العملة نفسه إلى نفي ارتباطها بـ"فتح الإسلام". وأكّد العملة في إيضاح مسهب عن ملابسات ظهور "فتح – الإسلام" أنه لا علاقة لها بحركة فتح – الانتفاضة وإن بيان "فتح الإسلام" يتناقض مع منطلقات ومفاهيم ومبادئ فتح – الانتفاضة، خصوصاً أن الحركة الوليدة تتبنى إيديولوجيا إسلامية في حين أن حركة فتح (الانتفاضة) "تتسع لجميع الأفكار القومية والإسلامية والديمقراطية (..) ولم ترفع يوماً راية إيديولوجية".

ودافع العملة عن سورية نافيا علاقتها بفتح الإسلام متهماً الولايات المتحدة وقوى 14 آذار / مارس في لبنان و"آل الحريري تحديداً" بإشاعة هذه الأنباء "وتقديمهم التمويل للمتطرفين مع الحرص على تسللهم إلى المخيمات الفلسطينية لمحاولة زرع الطائفية".

كما أعلنت اللجنة المركزية للحركة في بيان أن لا علاقة لها بـ"فتح – الإسلام"، وأن العبسي "كادر حركي جرى تجميده من صفوف الحركة لعدم التزامه منذ فترة من الوقت".

خضة في فتح – الانتفاضة وقرارات فصل

لكن وبالرغم من تصريح العملة، سرعان ما اتخذت القضية أبعاداً أخرى مع إقدام السلطات السورية على اعتقاله، وقرار زعيم "فتح – الانتفاضة" أبوموسى بفصله من الحركة مع قياديين هم إبراهيم عجوة (أبويافا) أمين سر إقليم الأردن في "فتح الانتفاضة"، وأبوفادي حماد أمين سر إقليم لبنان، وأبواصطيف أمين سر إقليم سورية (الأخير تمّ وقفه عن عمله ولم يفصل).

وتبعت قرارات الفصل والإيقاف تقديم رئيس المؤتمر العام الخامس لحركة فتح – الانتفاضة عدلي الخطيب (أبوفاخر) استقالته من الحركة ومطالبته ابوموسى بالتراجع عن قرارت الفصل وتشكيل هيئة طوارئ حركية تحقّق في جميع القضايا والاتهامات (12/12/2006).

وفي شهر كانون الأول / ديسمبر 2006 اعتقلت سلطات الأمن السوري الرجل الثاني في حركة "فتح – الانتفاضة"، وتردّد أن لاعتقاله علاقة بنشوء المنظمة الجديدة "فتح الإسلام"، قبل أن تعود لإطلاق سراحه بعد فترة وتبقيه في الإقامة الجبرية.

أبوموسى يتهم العملة باختلاسات

وأشاعت قيادة أبوموسى أنباء عن اختلاسات مالية مسؤول عنها أبوخالد العملة. وسرّبت جهات قريبة من أبوموسى معلومات عن اختلاس العملة مبالغ مالية قدرت بالملايين استخدمها لشراء عقارات له في سورية سجّلها بأسماء أقارب له ومن بينهم ابنه خالد الذي اعتقل معه.

ونُقلت عن أبوموسى رواية غير رسمية ادعى فيها أن العملة احتضن العبسي وقدّم له دعماً لوجستياً ومالياً مقابل دعم مالي من آل الحريري.

الرواية "السورية"

وفقاً لهذه الرواية غير الرسمية التي سربتها وسائل إعلام قريبة من سورية، فإن أبو موسى ادعى أن العبسي أقام له قاعدة عسكرية في منطقة الحلوة الحدودية اللبنانية القريبة من الأراضي السورية، وأنه (أي أبوموسى) سأل العملة عما فعله، فأجابه أنه ارتأى أن يحتضن العبسي حتى لا يهرب من الحركة ويعمل ضدها. وبدوره بدأ العبسي في استقدام عناصر سلفية جهادية من دول عربية ومن باكستان لينضموا إليه.

وتضيف هذه الرواية أن أبو موسى تلقى اتصالات من لبنان تقول إن عناصر قاعدة "الحلوة" يكفرون الأعضاء الآخرين في الحركة، ما دعاه لسؤال العملة مجددا، فأجابه أن العبسي رجل ناجح جدا، ولذلك فإن بقية العناصر يغارون منه ويكرهونه، وأنهم كاذبون فيما يقولونه عنه.

وأبدى أبو موسى خشيته أمام العملة من أن يأتي لهم العبسي بـ "بلوة"، وطلب من العملة أن يذهب وإياه إلى قاعدة "الحلوة" ليرى الوضع في هذه القاعدة على الطبيعة، لكن العملة سارع إلى نقل قاعدة العبسي من "الحلوة" إلى مخيمي نهر البارد والبداوي، وكان عدد عناصر القاعدة قد ارتفع حينها إلى 75 عنصرا، حيث قرر العملة أن يتمركزوا في القاعدة البحرية التابعة للحركة في مخيم نهر البارد. كما سلمت لهم مكاتب مؤسسة معامل صامد لأسر الشهداء في مخيم البداوي.

وتقول هذه الرواية إن "غرباء من جنسيات متعددة بدأوا بالتوافد للسكن في محيط قاعدة العبسي في مخيم البداوي وخاصة من الجنسيات السعودية والعراقية والمصرية واليمنية والسورية والباكستانية والليبية. وقد لفت ذلك نظر اللجنة الأمنية في المخيم.

صراع بين آصف شوكت والعملة

وتزعم هذه الرواية أن أبو موسى قال لزواره معلومات تفيد أن العملة كان اصطدم بالأمن السوري قبل تكشف قضية العبسي، وتحديداً مع الفريق آصف شوكت مدير الإستخبارت العسكرية السورية يوم فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية. يقول أبو موسى إن العملة اشتبك يومها مع قادة "حماس" خلال اجتماع لقادة الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية، وقال إن "حماس" لم تفز، وإنما "فتح" هي التي أسقطت "فتح" بسبب تنافس مرشحيها، وأراد يومها أن يصدر بيانا ضد "حماس"، لكن أبو موسى يقول إنه هدده بأنه إن فعل ذلك فإنه سيصدر بيانا ضده.

وتضيف هذه الرواية أن أبوموسى تلقى اتصالا من آصف شوكت الذي كان منفعلا جراء اتصال أجراه مع العملة. قال شوكت لأبي موسى "هذا واحد وقح وسافل". وروى لأبي موسى أن الفصائل الفلسطينية اشتكت من موقف العملة ضد فوز "حماس"، الذي رأت فيه سورية صفعة للمشروع الأميركي، وأنه اتصل بالعملة ليستمع إلى وجهة نظره ويحاوره فيها، فما كان من العملة إلا أن بادره صارخا بصوت عال "بدكوش إيانا بنطلع" من سورية.

يضيف أبو موسى أنه اتصل بالعملة وسأله "كيف تصرخ في وجه شوكت..؟ وإلى أين تريدنا أن نرحل..؟". وأضاف أبو موسى مخاطبا العملة "ارحل لوحدك إذا بدك".

ويقول أبو موسى إن شوكت اتخذ موقفا من العملة منذ ذلك اليوم، وأنه طلب منه عدم إحضار العملة معه إلى أي لقاء يجمعه مع قادة الفصائل الفلسطينية.

وتتابع هذه الرواية أن شوكت الذي احتوى غضبه من العملة جراء تلك المكالمة الهاتفية، اتصل بأبي موسى حين تكشفت قضية العبسي وعلاقة العملة بها، وقال له وفقا لأبي موسى "عند أمننا لا أحد كبير..أنتم تشكلون ثغرة في جدارنا الأمني وترعون عناصر معادية لسوريا من داخل القطر ومن خارجه"، فأجاب أبو موسى "نحن حلف واحد.. أبو خالد العملة ربما هو من يفعل هذا، ونحن غير مسؤولين عما يفعله أبو خالد وشاكر العبسي". ولدى اصدار بيان تشكيل "فتح الإسلام". اتصل شوكت بأبوموسى مجددا وقال له "اللي حسبناه وجدناه. نريد مساعدة للأمن السوري فيما يجري عندكم". ويقول أبو موسى عدنا عندها للأرشيف، وأخرجنا الرسائل المتبادلة بين العملة والعبسي.

وتشير هذه الرواية أنه تمّ طلب العملة من قبل مسؤول الإدارة في الاستخبارات العسكرية السورية، وقد تم استجوابه من الصباح حتى ظهر ذلك اليوم. ولدى السماح له بالعودة لبيته، لم يخبر أبو موسى بما جرى معه. وحين فاتحه أبو موسى بالأمر بعد أن عرف به من مصادر أخرى، قلل العملة من أهمية ما جرى. وتنقل الرواية عن أبوموسى أن يوسف شديد نائب العملة في قيادة القطاع الغربي كان تم اعتقاله قبل العملة بخمسة ايام.

ويقول أبو موسى إنه حين طُلب العملة للاستخبارات السورية مرة أخرى قال لهم "العملة يكذب علينا..إذا بدكم إياه تحققوا معه لازم أكون موجود"، ولهذا رافقه أبو موسى في المرة الثانية، لكن المسؤولين الأمنيين السوريين طلبوا من أبو موسى المغادرة لأنه غير مطلوب.

وبادر أبو موسى، وفقا لروايته غير الرسمية، إلى دعوة المجلس الثوري للحركة للانعقاد فورا حيث اتخذ المجلس قرارا بفصل العملة من عضوية الحركة، لكنه يواصل الشغب على أبو موسى حتى الآن.

بعد اعتقال العملة تمت مداهمة بيته، والقبض على ابنه خالد، وتمت مصادرة السلاح الموجود في بيته لغايات الحماية، والسيارات الموجودة في حيازته، باستثناء واحدة ابقوها لاستخدامه، وكل ما وجدوه من وثائق لديه.

ولدى إطلاق سراحه من السجن، وجد العملة نفسه مفصولا من عضوية الحركة، وقد حاول عقد مؤتمر صحافي لإعلان وجهة نظره فيما جرى، لكن السلطات السورية منعته من ذلك، لكنه يردد أن السلطات السورية هي التي طلبت منه عقد مؤتمر صحافي ينفي فيه أنه كان معتقلا، فرفض فعل ذلك.

رسالة نسبت للعملة يهاجم فيها سورية

وفي مقابل هذه الرواية التي لم يؤكدها أبوموسى وتناقلتها مصادر قريبة من سورية، سرّبت وسائل إعلام مناهضة للسوريين ما قالت إنها رسالة وجّهها العملة من سجنه في المزة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل.

وحملت هذه الرسالة، التي نشرتها صحيفة المستقبل اللبنانية، ما يشبه الاعتذار من روح ياسر عرفات ونقداً لاذعاً لسورية التي اتهمها العملة باستغلال تنظيمه. وفي هذه الرسالة، التي لم يتسن للعملة تأكيدها بسبب وضعه قيد الإقامة الجبرية، يخاطب أبوخالد العملة فيها مشعل بتعبير "ولدي" ويشكو له أن السوريين استغلوه "أبشع استغلال" ويقول فيها "أعتذر إلى الله الذي سأقف بين يديه للسؤال عن كل صغيرة وكبيرة، نعم أقرّ وأعترف بالخطيئة، فكما تاه أتباع موسى في سيناء، تهنا نحن مع أبوموسى في بادية الشام". ويعتذر العملة صراحة من أبوعمار ومن الشعب الفلسطيني ومن أولئك "الذين غررنا بهم وتبعونا".

ويتهم العملة المخابرات السورية باختراق الجسم الفلسطيني وبالوقوف وراء سلسلة أحداث أمنية من بينها اغتيال ماجد أبوشرار القيادي في فتح عام 1981 وسعد صايل عام 1982، وغيرها من الأحداث التاريخية..

ويتوجّه إلى مشعل بلغة نصح قاسية يحذره فيها من التعامل مع النظام السوري ضد قيادة الرئيس محمود عباس ويذكره بما "ارتكبه" هذا النظام بحق منظمة التحرير الفلسطينية.

وإن كان العملة لا يشير في هذه الرسالة المنسوبة إليه إلى ظروف وأسباب اعتقاله إلا أنه يلحظ أنه معتقل في سجن المزة "بدعوى مكافحة الإرهاب".

رواية فتح الإسلام عن نفسها

ومهما كان من شأن صحة الروايات حول نشوء فتح الإسلام وحقيقة الخلاف داخل حركة فتح – الانتفاضة، فسرعان ما احتلت "فتح الإسلام" مكانة أمنية وعسكرية في مخيمات شمال لبنان وباتت واقعاً لا يمكن تجاوزه. وفي حوار صحافي أجري أخيراً مع شاكر العبسي الذي أعلن نفسه "أميراً" للحركة يعرّف العبسي حركته بانها جماعة "منهجها الكتاب والسنة".

ومع أن العبسي ينفي علاقة منظمته بتنظيم القاعدة، إلا أنه يعتبر أن كل من يقاتل تحت راية الإسلام "هو أخ لنا". وينفي العبسي أيضاً أي ارتباط مع أي نظام، كما ينفي أن تكون حركته تكفيرية فـ"لا نكفر أحداً من أهل القبلة ممن يلتزم منهج الكتاب والسنة".

ويقرّ العبسي بأنه كان مسجوناً في سورية ولكن ليس بتهمة الارتباط بالقاعدة، بل بدعوى محاولة القيام بعملية في الجولان، مشيراً إلى أنه عندما خرج من سورية إلى معسكر "فتح – الانتفاضة" لم يكن مطلوباً من السلطات السورية. ويقول العبسي إن أبوخالد العملة لم يؤيد الانشقاق عن فتح – الانتفاضة، وإن الاتصال معه مقطوع منذ زمن بعد وضعه في الإقامة الجبرية.

ويرفض العبسي أي حديث عن ارتباط منظمته بأي فريق سياسي محذراً من أي عدوان للجيش اللبناني سيقابل برد عنيف جداً ورافضاً الاعتراف بشرعية أي محكمة دولية فهو لا يعترف إلا بـ"محكمة إسلامية".

وسبق حديث العبسي عدة بيانات لـ"فتح الإسلام" من بينها بيانها التأسيسي الأول الذي اعلنت فيه انشقاقها عن "فتح – الانتفاضة". وفي هذا البيان الذي تتحدث فيه الحركة عن انبثاقها من حركة فتح الأم ومن حركة التصحيح فيها (فتح الانتفاضة) ولكنها تشير أيضاً إلى ارتباط "فتح الانتفاضة" بأجهزة مخابراتية ولذا حصل الخروج عليها.

وتتوجه الحركة إلى كل التنظيمات الفلسطينية الأخرى داعية إياها إلى العودة إلى الدين الذي "يوحّد صفوفنا" وتحذّر أيا كان من المس بالحركة.

فتح – الإسلام في "اللعبة اللبنانية"

وإذا كانت هذه بعض ملابسات الصراع المثلث في صفوف حركة فتح – الانتفاضة والجهاز الأمني السوري، فإن تتابع الأحداث في ما بعد في لبنان بدا يتخذ مناح خطيرة بعدما كشف عن تورط حركة فتح – الإسلام في عمليات تمس الأمن الداخلي اللبناني.

ففي 13 شباط / فبراير 2007 حصل انفجاران في منطقة عين علق شمال بيروت ذات الغالبية المسيحية استهدفت حافلتين تقلان ركاباً مدنيين وأدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص وجرح أكثر من 20 آخرين. وبعد أقل من شهر أعلنت السلطات الأمنية اللبنانية أن ستة موقوفين ينتمون لـ"فتح الإسلام" اعترفوا بتورطهم في التفجير.

ومن بين الذين أُعلن عن توقيفهم سوريون وفلسطينيون- بعد دهم شقة استأجرها سوري في منطقة الأشرفية ببيروت كانت تحتوي على أسلحة ومتفجرات.

ووفقاً للرواية الرسمية الأمنية اللبنانية فإن الشبكة التي نفذت التفجيرين يوم 13 شباط / فبراير الماضي- تضم ثمانية أشخاص فر منهما اثنان، وكانت تخطط لاغتيال شخصيات سياسية واستهداف قوات اليونيفيل الدولية في جنوب لبنان. وقد قالت صحيفة المستقبل اللبنانية إن الشبكة كانت مكلفة من المخابرات السورية باغتيال 36 شخصية سياسية لبنانية تنتمي لتحالف 14 آذار / مارس. كذلك اتهمت الحركة بالتحضير لإعتداءات ضد قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

ورغم أن حركة فتح – الإسلام نفت أن يكون لها أي صلة بالمجموعة وكذلك فعل العبسي في حواره الصحافي الأخير، إلا أن السلطات اللبنانية دأبت منذ ذلك الحين على اتهام فتح – الإسلام بالارتباط بالمخابرات السورية وبتنفيذ مخططات سورية في لبنان.

حركة فتح: ظاهرة لا تعالج إلا بالقوة

اختلفت المواقف تجاه التعاطي مع حركة فتح الإسلام بين داع إلى الحزم معها والمشدد على ضرورة معالجة الأمور بالحوار. ولهذه الغاية مُدت قنوات حوار عدة مع الحركة من بينها الاتصال الذي قام بين رئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان فتحي يكن وقادة الحركة، إضافة إلى الحوار الذي قام بين الحركة وبعض المشايخ اللبنانيين والفلسطينيين من الطائفة السنية.

إلاَّ أن الطرف الأكثر تأييداً للحسم العسكري مع الحركة كان حركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. ففي أكثر من مناسبة دعا أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان العميد سلطان أبوالعينين إلى استخدام القوة ضد فتح – الإسلام.

وفي نهاية آذار / مارس 2007 صرّح أبوالعينين في ندوة بنادي التصامن صور ما حرفيته متحدثاً عن فتح الإسلام " مؤكدا "انها لن تعالج إلاَّ بالقوة، ونحن مكرهين أو مرغمين سنصل إلى هذه المرحلة عاجلا ام آجلا".

وعاد أبوالعينين وكرّر هذا الكلام في أكثر من مناسبة.

فتح الإسلام وتقرّبها من القاعدة

تعدّدت الروايات عن نشوء منظمة فتح الإسلام وملابسات تسلحها السريع وضمها لأفراد من جنسيات مختلفة فلسطينية ولبنانية وحتى عربية وأجنبية. وتبقى صحة ارتباطها بتنظيم القاعدة مثار تساؤلات كبيرة. فمع أن تنظيم القاعدة نفسه لا يمتلك جهازاً مركزياً، إلا أن جهاز إعلام القاعدة مشكل من مجموعات إعلامية على شبكة الانترنت ولا سيما ما يسمى مركز الفجر للإعلام والجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية. فهاتان الجهتان معتمدتان لدى تنظيمات القاعدة المختلفة وبعض الجماعات الإسلامية لتوزيع بياناتها سواء "دولة العراق الإسلامية" أو "جماعة أنصار السنة" أو "جيش الراشدين"، وغيرها من المنظمات الإسلامية المسلحة العاملة في العراق وأفغانستان والشيشان الخ.. لكن هاتين الجهتين لم تعتمدا بعد توزيع بيانات فتح الإسلام التي يقتصر نشرها في مواقع الانترنت على أفراد متطوعين ولا تحتل مساحة في الأقسام الرسمية للبيانات.

وتنشط فتح الإسلام في محاولة التقرب من تنظيم القاعدة، عبر رسائل وبيانات تنشر على الانترنت وتشيد بتنظيم القاعدة وبحركة طالبان. وكان آخر هذه البيانات بيان من الحركة تنعي الملا دادالله القيادي في حركة طالبان الذي قتل مؤخراً. كما أن الحركة بدأت تتبنى طروحات فكرية لتنظيم القاعدة منها تكفير الأنظمة العربية.

وفي بيان نشرته في شهر نيسان / أبريل الماضي اتهمت الحركة الحكام والأنظمة العربية بالرّدة والكفر. وطلبت الحركة من جميع المسلمين النصرة في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية، منددة بالحكام العرب. 

ووصف بيان الحركة الحكام العرب بـ"حكام الردّة" وخاطبهم "عودوا يا حكام الردة وأتباع الشيطان فغاية ما يرجى منكم أن تفتحوا لأميركا الباب إذا أقبلت وتغلقوه خلفها إن أدبرت، وها قد جاءتكم خَيْل الله تصول في الميدان ومن بلاد الشام إلى بيت المقدس وإلى كلّ الأرض بإذن الله".

وتوجّه البيان إلى المسلمين بالقول "إن كنتم إخواننا قد مللتم سماع نسق كلمات الشجب والتنديد والاستنكار، واشتقتم إلى حديث الصوارم وأصوات البواتر في أيدي الضياغم وصليل السيوف تجرّ الحتوف (…) فهلمّ إلى نصرتنا ولا تدخروا في ذلك وسعاً". "