|
أظهرت الثورتان التونسية والمصرية -كما اليمنية- مستوى من النضج في الممارسة المدنية كشفت عن جملة قضايا غاية في الأهمية والدّقة، منها- على سبيل المثال- على مستوى الوعي الفكري والممارسة العملية: الرد المزدوج المفحم على طرفين متعارضين متطرّفين يمكن وصفهما -تبعاً لمصطلح المفكّر السوري السلفي الحرّ محمّد سرور بن نايف زين العابدين- بـ(حزبي الولاة والغلاة)، أعني حزب السلطان أو من يعرفون بفقهاء السلاطين من طرف، ودعاة العنف باسم الجهاد، اللّذين تمكّنا على حين غفلة من تيار الوسطية الأعظم -لأسباب وملابسات شتّى- من اختطاف الإسلام، رغم أن كل اتجاه منهما يقف على النقيض تماماً مع الاتجاه الآخر.
لالحزب الولاة:
ومع أن الاتجاه الأول (الولاة) يضم أفراداً ينتمون إلى مدارس فكرية مختلفة منها الصوفي ومنها الشيعي ومنها الأصوات الفردية، لكنّ أسوأها بإطلاق هو ذاك الذي يدّعي انتماءه إلى مدرسة ( السلف الصالح)، وذلك لسببين : أحدهما: زعمه البائس بأن ذلك منهج علماء السلف ( مع مافي المصطلح من اضطراب وضبابية) وذلك اتهام سيئ لهم، إذ يربطهم على نحو من التبعية العمياء والخنوع والانحراف بسلاطين الغشم والظلم والعسف والفساد، باسم (السلف). والسبب الآخر: امتلاكهم قوّة أنظمة سياسية داعمة، وإمكانات مؤسسات دول تتبناهم وترعى مسارهم، ولاسيما تلك التي يرتبط بعضهم بعلاقات مقصودة مطلقة بها، بوصفها دولاً نالت ثقتها وحدها، في الريادة وتحكيم الشريعة بصرف النظر عن التمييز بين الحقيقة والدعوى في ذلك. ولهذا فحين يجد الطاغية نفسه أو نظامه محاصراً بمخالفة صريحة للشرع، فسرعان ما يستغيث بهؤلاء النفر من (الوعاظ) (المرتزقة)، أو (الدراويش) (المغفّلين) فيقدّمون له الفتاوى حسب الطلب، لايعدمون تخريجاً لموقف، أو تأويلاً لآية كريمة، أو حديث شريف، حتى لو أدّى ذلك إلى اعتساف النص اعتسافاً، أو تناقض على نحو سافر مع صريح فتاوى من يزعمون استنادهم إليهم من العلماء والأئمة في القديم أو الحديث، بل حتى لو تناقض ذلك مع فتاوى ومواقف سابقة لهؤلاء أنفسهم، أو لأشياخهم المعاصرين الذين يمتحنون الناس بالولاء لهم وفتاواهم، وكأنهم رسل الله المعصومون في هذا الزمان، أو أنهم وحدهم العلماء الذين لا يأتي على اجتهادهم الخطأ أو الزلل من أي وجه؛ وذلك بغية الانسجام مع مسلك الحاكم، بوصفه (ولي الأمر)، ومن نازع في ذلك فإنّه ينازع (الأمر أهله)، أي أنّه خارج عن الشرعية، مستحق للعقاب، ويصدِرون في حقّه ما تناقلته كتب التراث العقدي في حق فرقة (الخوارج) الشهيرة، تلك التي خرجت على الأمة بالسلاح، وكفّرت كل من اختلف معها، وهؤلاء هم: (حزب الغلاة)، وسيأتي الحديث الخاص بهم لاحقاً.
لقد كان هذا الاتجاه –ولايزال- ينشط حين تقوم الشعوب المقهورة بالتعبير عن مشاعرها، ومطالبها المشروعة، في قضاياها الوطنية أو القومية أو الإسلامية، عبر أنشطة المسيرات والتظاهرات والاعتصامات ونحوها، فإذا بفتاوى التحريم والحظر تتقافز، ولعل من أشهرها تلك المواقف المخزية، من المسيرات الحاشدة التي انطلقت مطلع العام 2009م للتنديد بمجزرة غزّة، والتعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وحينها، للمرء أن يدرك من المستفيد الأكبر من ورائها؟ وكيف ترتدّ نتائجها في الصراع الداخلي بين الشعوب المقهورة والأنظمة الرسمية المستبدة أو التابعة للدوائر الخارجية في صناعة سياساتها الداخلية (الحسّاسة)، إذ تسهم مثل هذه الفتاوى في صناعة العنف، حيث يضيّق الخناق على كل نَفَس حضاري، وأسلوب سِلمي، باسم (الشرع)، فلا يجد بعض المتوقِّدين مناصاً من الانخراط مع جماعات العنف( حزب الغلاة)، لأنها وحدها أكثر من لايلتفت إلى فتاوى (حزب الولاة)، وبذلك يشبع نزعة الغيرة على ما يعتقده واجباً دينياً، فتختلط عليه المفاهيم، حين يقتنع بصواب ذلك الخط، ويفقد بالمقابل الثقة في جمهور علماء الأمة ومفكريها ودعاتها ومربيها، لأنه يصنّف كل من لايؤمن بمساره الجديد( العنف) جزءاً من حزب (الولاة)، أو منحرفاً عن الجادة على أيّ حال.
إن الذريعة التي يرفعها هذه الاتجاه مكوّنة – في العادة- من شقين أحدهما: يتعلّق بعدم ورود أسلوب كهذا في السنة أو السيرة النبوية، ومن ثمّ يصنّفون ذلك في عداد (البِدَع) المحدَثة، ومع الضبابية التي تكتنف مصطلح (البدعة) كذلك، وبعيداً عن المضي مع هؤلاء في مناقشة بعض الأحداث التي تشير إلى حدوث مثل ذلك لدى بعض الصحابة، ومع صمتهم المريب حين تقوم مسيرات هادرة لاتخلو من طيش وسفه غالباً، من أجل مباريات كروية- مثلاً- ولاسيما مباراة كأس العالم، أو كاس الخليج ونحو ذلك، دون أن تسمع لهم صوتاً يشبه من أي وجه ما تسمعه عن المسيرات الحضارية المعبّرة عن آلام الأمة وآمالها؛ فكأنهم يفترضون أنّ كل الأساليب الدعوية التي يتفنن فيها بعض هؤلاء اليوم مثل الشريط بألوانه المختلفة، والأقراص الممغنطة، وكذا المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية ونواتجها من (فيس بوك) و(يوتيوب) ( وتويتر) و(إيميل)، ثم الهواتف المحمولة ورسائلها، إلى غير ذلك من تقنيات العصر، كأنّها جميعاً (توقيفية)، أي أنّها كانت مستعملة في عهد النبي- صلى الله عليه وآله وسلّم- منصوصاً عليها في كتاب الله! ( راجع: أحمد محمد الدغشي: فتاوى تحريم المسيرات والتظاهرات: كيف يصنع العنف؟ صحيفة الصحوة- صنعاء – 27\1\1430هـ- 29\1\2009م، وأعيد نشره في بعض المواقع اليمنية والعربية).. .
أمّا الشق الآخر فيتعلّق بما يتوهمونه من ضرورة مصاحبة كل مسيرة أو تظاهرة أو اعتصام لأعمال تخريب ومسلك فوضى وأعمال فساد تطال المؤسسات والمنشآت العامة والخاصة، والواقع أن ذلك هو فزّاعة الأنظمة (البوليسية)، لتحول دون حركة الشارع، ولكنها كالعادة تستند إلى ما يصفها الشيخ محمّد سرور بن نايف زين العابدين كذلك بـ( جيش الاحتياط)، أي حزب (الولاة) هؤلاء، الذين يستدعون عند الضرورة، تماماً كما يُستدعى الجيش الاحتياطي عند الأوضاع الاستثنائية ! أي أنّهم موظفون (مجنّدون) لإنقاذ الأنظمة عند اشتداد الخناق الشرعي عليها!
ويكفي للرد على هؤلاء وأولئك ذلك المشهد الحضاري الواعي الذي أظهر مدى التحضّر والتمدّن، للشباب الذي تظاهر على مدى شهر في العاصمة التونسية دون أن تسجّل عليه حالة اعتداء تورّط فيها، أو انجر إليها من أيّ نوع، وكذا المظاهرات والاعتصامات التي بلغت الملايين، بميدان التحرير بالعاصمة المصرية القاهرة، وكذا في مختلف المحافظات المصرية، دون أن تسجّل عليهم كذلك حالة اعتداء واحدة على إنسان أو حيوان أو جماد، ثم ما كشفت عنه كذلك جملة المسيرات التي تمت في اليمن قبل أن تتحول إلى اعتصام جماعي طوى شهره الأول وانتصف شهره التالي، دون أن تسجّل عليه حالة واحدة من تلك السلبيات كذلك. وإذا كانت فزّاعة الأنظمة (البوليسية)، التي تتهم الجماعات الإسلامية بالعنف عادة وديدناً، أُخرست بالسلوك الحضاري عالي المستوى للمتظاهرين في مصر، إذ لم تسجّل حالة اعتداء واحدة على كنيسة أو رجل دين أو مسيحي، رغم حالة الانفلات الأمني غير المسبوقة، طيلة ما يزيد عن خمسة عشر يوماً لدى هذه الأخيرة، فإن المدهش أن ماكشفت عنه التحقيقات هنالك أظهر أن وصم الإسلاميين بالعنف ليس دائماً حقيقياً بل ليس بأكثر -في أوقات عديدة- من (فزّاعة) أدمنت عليها تلك الأنظمة، إذ اتضح أن الفاعل الحقيقي لجرائم العنف، ولاسيما ضدّ المسيحيين وكنائسهم وآخرها جريمة العدوان على كنيسة القديسين بالاسكندرية رأس السنة الميلادية 2010م، وأفضت إلى مصرع 23 شخصاً، وإصابة 97 آخرين، هي وزارة الداخلية المصرية حينذاك، ورأس الأفعى فيها وزيرها: حبيب العادلي الذي بات يقبع مع جلاوزة آخرين اليوم في سجن طرة .
لقد لفت نظر المتابعين ذلك المظهر المثير للإعجاب والاعتزاز وهو حفاظ المتظاهرين على البيئة بكل مكوّناتها، فكلنا شاهد مئات وربما آلاف المصريين عقب سقوط نظام مبارك يتسابقون إلى تنظيف ميدان التحرير، إيذاناً بإخلائه، بما يؤكّد مدى عمق التربية الجمالية لديهم، وكذا الإحساس بالولاء لمجتمعهم (الجديد)، إذ يقومون بذلك في شعور بالفخر، وإحساس حقيقي بالانتماء إلى المجتمع الذي يعنيهم اليوم. والحق أن مشهدا يمنياً مماثلاً تم في 3/2/2011م أمام بوابة الجامعة الجديدة ونواحيها بصنعاء، حيث لم تسجل حلة اعتداء على أيّ كان، وعلاوة على ذلك قام فريق النظام في المسيرة التي نظمها اللقاء المشترك لأحزاب المعارضة بعملية تنظيف شامل لكل مستهلكات المتظاهرين، وتأكَّد ذلك بما لامزيد عليه في الاعتصام الجماعي الطويل لهؤلاء بساحة التغيير بصنعاء، حيث طوى شهره الأول، ولم يشكُ أحد من هذه الناحية، حتى النظام السياسي وأتباعه اللذين يتلمّسون العيب للبراء، لم يعثروا على ضالتهم في هذا، وهو ما بعث برسالة حضارية عن مستوى الوعي المتنامي لدى الشباب اليمني، المتهم بضعف الحس الجمالي عادة.
وثمّة مزية إيجابية أخرى في ثورة اليمن لم تتوفر لأي من الثورات العربية السلمية الراهنة الأخرى، وهي ذلكم السلوك الحضاري الأرقى لجمهرة المتظاهرين في كل ساحات التغيير في اليمن، إذ راهنت جهات عِدّة داخلية وخارجية على سلاح الشعب اليمني، وأن من شأن أي حركة مطالب (مدنية) في صورة اعتصام أو مسيرة أو مظاهرة أن تجرّ إلى استعماله ضدّ خصومها، وهو ما تبين زيف ذلك وخطؤه بالمطلق، ولاسيما بعد أن طالت مسيرة الاعتصام على هذا النحو دون أن تسجّل حالة (دفاع) مسلّحة واحدة -وليس (اعتداء)- من قبل أيّ متظاهر على جماعات السلطة في صورة أمن أو(بلطجية)، بل لفت أنظار العالم في أحداث يوم الجمعة الدامية في 18/3/2011م اختلاط أصوات الشباب المتظاهرين -وهم أنفسهم رجال الإسعاف والمستهدفون من قبل عصابات الأجهزة الأمنية وقوات الحرس الجمهوري والخاص وجماعات البلطجية- بهتاف (سِلمية سِلمية)، كما أن شباباً ينتمون إلى مناطق قَبَلية مشتهرة بملازمتها للسلاح كظلها، -كالجوف مثلاً- لكنها حين دخلت ساحة التغيير في الجوف وضعت السلاح جانباً، وانطلقت في نشاطها السلمي كأقرانها في المحافظات اليمنية الأخرى، وحين وقع الاعتداء عليها كانت إذ تلملم جراحها فتسعف جرحاها وتدفع بمن سقط شهيداً منها إلى خارج المواجهة تهتف بشعار ِسلمية سِلمية و( ياللعار ياللعار سلمية تواجه بالنّار) مما أحال ذلك درساً عملياً بليغاً حقّا للعالم كلّه،ً في منهج الجهاد المدني، نظراً لكون اليمانيين يسلكون هذا المسلك مع امتلاكهم للسلاح (الناري) وبذلك فشل الرهان الداخلي والخارجي على استعماله في اعتصامهم المديد!!
في ختام الحديث عن هذا الاتجاه ربما يتأكّد للقارئ الكريم مدى التسييس الصارخ لهذه الفتاوى من خلال آخر (صرعة) لأحد أبرز رموز هذا التيار وهو الشيخ عدنان العرعور، الذي مافتئ يقف مع الأنظمة المستبدة في كل مكان ضد حركة الشعوب المقهورة ومنها اليمن، حيث تقدّمه القنوات الرسمية فيها كـ(مُخلّص)، بعد أن اشتدّ خناق العلماء الأحرار عليها، لكن تُرى ما باله اليوم يدعو –عبر قناته الطائفية الشهيرة وذلك مثبت على اليوتيوب لمن أراد التثبّت- إلى مسيرة مليونية ضد النظام السوري؟!!!
لم يعد ثمّة سرّ في أن السبب الوحيد أن هذا النظام مصنّف عندهم على اتجاه الشيعة، ولاسيما مع علاقته التي لاتخفى بإيران وحزب الله. سلوا الشيخ وماذا عن البدعة ومخالفة هدي السلف والمفاسد التي يدبجونها قبل أحداث سوريا الأخيرة؟!
لا لحزب الغلاة:
أمّا حزب الغلاة هذا الذي يضم مايعرف بـ(تنظيم القاعدة) وكل ذوي الفكر التكفيري المؤمن بحتمية التغيير المسلّح فقد كان يجد ضالته في بث قناعاته عبر مسلك أنظمة الغشم والفساد، حين تعمل على تزوير إرادة الشعوب في الانتخابات النيابية والرئاسية والبلدية وسواها، وفي التعيينات التي لاتقوم على كفاءة أو مؤهلات حقيقية أو قدرات متميّزة، بل تقوم على الحزبية الضيّقة والمحسوبية والقرابة والشللية بعناوينها المختلفة، ومع أن نموذج حزب العدالة والتنمية التركي في التغيير المدني السلمي يعدّ من أبلغ الردود العملية على هذه الدعوى؛ إلا أنها كانت بمثابة الاستثناء في تجربة النضال السلمي، علاوة على أنها لاترضي قناعات التنظيمات المسلّحة وأفكارها الخاصة، حتى جاءت ثورات تونس ومصر واليمن، فأكّدت أن هذا المسار هو الأساس في التغيير الإيجابي البنّاء، على حين لم تقدّم لنا كل تجارب العنف سوى الدّمار الذي لايبقي ولا يذر، سواء على كوادرها، أم على الشعوب التي تزعم تلك الجماعات أنها تسعى لتخليصها من الظلم والطغيان. ومع أنّه لابد من حساب قائمة الأرباح والخسائر لحجم التضحيات التي تقوم بها أي حركة تمرّد أو ثورة كتلك التي تقوم بها جماعات العنف باسم (الجهاد)، مقارنة بتلك التي تقوم بها حركات الاحتجاجات السلمية، والنتيجة واضحة بلا عناء، ولكن – من جانب آخر- ائتوني بنموذج واحد لجماعات العنف في المجتمعات الإسلامية نجحت في تحقيق انتقال حقيقي للسلطة بصرف النظر عن أساليبها العنيفة؟ ليس أمام الجميع سوى تجربة طالبان في أفغانستان، التي لايمكن وصفها ابتداء بأنها من هذا القبيل تماماً، إذ تمت في ظروف لاتزال على صلة شبه عضوية بوضع الاحتلال السوفيتي، ومع ما في التجربة من نقاط سوداء ومواقف محرجة مخجلة لتجربة الإسلاميين في السلطة- إن صحّ تصنيف ذلك عليهم نظرا لموقف العداء الذي أعلنته الحركة ضد الجميع- إلا أنّه لابد من التأكيد ابتداء على ضرورة الفصل التام بين العمل المسلّح ضد الاحتلال الصارخ البيّن وأذياله كما كان في أفغانستان أيام الاحتلال السوفيتي، أو في العراق وأفغانستان من قبل الاحتلال الأمريكي وأذياله حالياً- ناهيك عن العدو الصهيوني- وبين العمل العدواني المسلّح المتدثّر باسم الجهاد، كما في أكثر من بقعة وقُطر، لعلّ أسوأها اليوم (الصومال) من قبل ما يُعرف بحركة ( الشباب المجاهدين)، و(الحزب الإسلامي)، ضدّ رفيق دربهم ورئيس محاكمهم الإسلامية الأسبق شيخ شريف أحمد! وذلك حقّاً أبرز نموذج للقاعدة في التغيير، نقول هذا: لمن تغلبه العاطفة أحياناً، ويلقي بالشرع والعقل والواقع جانباً !
من غير المستغرب – بعد ثورة مصر تحديداً- أن ثمّة ألغازاً ومعميّات وأسراراً قد تتكشف خيوطها في وقت غير بعيد، عن حقيقة بعض هذه التنظيمات، وبعض رموزها المتطرّفين، التي تسارع إلى تبنّي عمليات لاتشرّف سويّاً – ناهيك عن من يزعم حمله رسالة الإسلام- وقد ساعدت هذه الثورة -إلى حدّ كبير- على إدراك جانب من لغز تلك التصريحات والبيانات التي تسارع (القاعدة) ( أو أن سكوتها دليل رضاها على الأقل) إلى تبنيها، رغم مافيها من البشاعة وسوء المسلك، ومن آخرها تفجير كنيسة القديسين بالاسكندرية، حيث تبيّن تورّط حبيب العادلي فيها، رغم ما أصاب العديد من شباب مصر من اعتقالات وتعذيب، أفضى إلى موت بعضهم تحته من قِبَل رجالات المباحث و الأجهزة الأمنية، وفقاً لتوجيهات وزير داخليتهم سيء الذكر!! غير أن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري سارع – من حيث يدري أو لايدر إلى تبرئة العادلي وزبانيته،وذلك حين أشار في تصريحات له في 25/2/2011م إلى ما يؤكّد تبني القاعدة لتلك العملية، إذ مع رفضه وشيخه ابن لادن- حسب تصريحه- تحريم العمليات ضدّ المدنيين؛ فإنه قد أوضح أن سبب عملية كنيسة القديسيين بالاسكندرية "تجاوزات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وتغوّلها وتحولها لحكومة داخل الحكومة" ( انظر: موقع صحيفة المصري اليوم، www.almasryalyoum.com/node/329807 ).
*أستاذ أصول التربية وفلسفتها- كلية التربية – جامعة صنعاء
في الأربعاء 06 إبريل-نيسان 2011 03:10:01 م