اشهار التحدي في وجه الجنوبيين
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يومين
الثلاثاء 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:16 م

عندما يقف المرء على ما يبدر من بعض القيادات السياسية والنشطاء الحزبيين فيما يخص مستقبل اليمن عمومآ وموقفهم من القضية الجنوبية على وجه التحديد يجد: ان الخير كل الخير ينطق من حناجرهم, كما يجد: ان الحلول النموذجية لكل القضايا هي تلك الحلول المطلقة التي تنضح بها اقلامهم, وما دونها تلصق به اقذع الالفاظ .. نسمع عبارات تبسيطية وتناول سطحي يربط مشكلة الجنوب بشخص صالح وانه بانتهاء حقبته البائسة ستحل القضية اليآ, عندما يتمعن المرء بتلك الأحاديث يصاب بدهشة التأكد من هزال الحل القادم بالتدابير المخزونه الى ما بعد التثوير, يعترفون بأن للجنوبيين قضيه, ويقرون بالظلم الذي محق الجنوب ومازال, لكنهم يرفضون موضوع الأنفصال ويدينون فكرة فك الأرتباط ويشمئزون من فكرة الكونفدرالية ويتوجسون من الحكم المحلي ويكفرون الحراك الجنوبي اذا لم يكن من حيث المبنى والمعنى شمالي الهوى .. اذآ ماذا تبقى للخروج بحل للقضية الجنوبية ان كانت بالفعل قضية؟ فتأتيك الثوابت في جواب الأصلاح الثابت, مثل جواب الصالح الثابت, وكليهما يرتكز على الثبوت ولا غضاضة لديهما في ذلك لأن الجنوب كيان متحرك ومن واجبهما تثبيته وتعميده ان اقتضى الأمر بالدم,مثلما عمداه العام 94م وكله يهون باسم الوطن. 

على حسب هذا المبدأ التسطيحي في التشخيص ترتكز معادلتهما للحل على مبدئين اساسيين, الأول تسخين الجدل حول دور برىء لكل الموجودين في مشهد الراهن الثوري في حرب صيف 94م على الجنوب, وتبييض صفحة حزب الاصلاح في تلك الحرب, لهذا خرجوا علينا بالمؤصل الشرعي لتلك الحرب, الدكتور الشيخ عبدالوهاب الديلمي, صاحب الفتوى السيئة الصيت, التي حلل فيها دماء ابناء الجنوب شيوخآ ونساءآ واطفالآ, خرجو به في محاولة لأخراج الاصلاح من اشكاليه توصيف من هم الشهداء في تلك الحرب الظالمه؟ هل هم المقتولين من ابناء الجنوب او القتلة الذين استقدمهم الحزب لدعم قوات صالح, ظهروا علينا بالشيخ الديلمي, في 28 اكتوبر الماضي, بعد غياب طويل, ليقول ولكن هذه المره دون افتاء: بأن الرئيس علي عبدالله صالح هو المتسبب الأول في اشعال الحرب الاهلية في اليمن وليحمله المسئولية الكامله.

با مثبت العقول ماذا حدث؟ هل اسلم الجنوبيون ام ان اسلام عام 1994م يختلف, والعياذ بـ لله عن اسلام اليوم! ام ان المسأله مزايده سياسية والدم الجنوبي سلعتها! .. بهذا الأستنتاج الديلمي وفتواه يكون القاتل والمقتول في تلك الحرب شهداء وبهذا ايضآ يكون حزب الأصلاح قد ضرب ثلاثة عصافير بحجر الديلمي, حيث يكون قد استبق حل القضية الجنوبية بتقييد الحرب التي انتجتها, ضد صالح وتحميله دون غيره كامل الدماء والمآسي التي لم تدمر الجنوب وحسب بل دمرت الوحدة ايضآ, والأهم هو التحلل من مسئولية الفتوى الديلمية التي سقط بفعلها عشرات الآف الجنوبيين .. اي كانت الدوافع والاسباب, فأن مجرد ظهور صاحب فتوى قتل الجنوبيين دون تراجع صريح وواضح عن تلك الفتوى, ليس صدفة ولا بالونة اختبار, وانما هو اشهار تحدي صريح وواضح, لكل من تعز عليه تلك الدماء التي سفكت في طول وعرض الجنوب طوال 64 يوم.

اما المحور الثاني لتلك المعادلة فيتمثل بالسعي الحثيث لسلب الحراك الجنوبي السلمي شرعيته التي اكتسبها طوال السنوات الماضية بدماء المئات من الشهداء والآف الجرحى والمعتقلين في اقبية صالح واضعاف اضعافهم من المعوقين والأرامل والثكالى والأيتام, والعمل بكل ما اوتو من قوة صوب التحريم المعنوي والتجريم الاخلاقي لاي حديث عن الجنوب يتحرش بوحدة عمدوها بالدم الجنوبي, وعليه فأن اي جدل جنوبي يتناول قضيته خارج الاطار اياه مؤثم سلفآ, وان اي مضاهرة ترفع علم الجنوب فوق ارض الجنوب, يجب محاصرتها ومقاطعتها اعلاميآ والتقليل من قيمتها, بالصاق تهمة التبعية للأستعمار البريطاني وللشيوعية وبنت عمها الأشتراكية وفوق هذه وتلك التبعية لصالح ونظامه الفاسد, واي ساحة جنوبية لم تلد من رحم الحزب الموعود او المؤود, فليس لها محل في اعراب التثويرين, ليس هذا وحسب بل وينبش في وجهها ما يتيسر من مثالب الماضي الجنوبي القريب والبعيد, وان امكن احتلالها بقوة الحزب فسيكون ذلك في مصلحة ثورة الحزب ووحدة اعضاءه.

بالرغم من كل ذلك ينبغي الاشارة الى احتمالية الا يكون هكذا توجه, تعبيرآ عن مزاج عام لدى الاصلاحيين, فما يطرح من قبل بعض القيادات في الجنوب يدل بعدم وجود وحدة اراء بشأن القضية الجنوبية, كما وامر كهذا ليس بالظرورة ان يكون تعبيرآ عن بوادر موقف تصالحي مع الجنوبيين ولا يستبعد ان يكون ثمرة تقدير فرضته ظرورات الانتماء كما ولا يستبعد أن يكون لعبة تبادل ادوار فرضتها ظرورات المرحلة, لذا نقول: انه طالما هناك اجماع بوجود قضية اسمها جنوبية, فانها تستدعي التصرف باستقامة لمباركة الرأي الذي سيجمع عليه اصحاب القضية, دون ارهاب او تخويف, دون وصاية او حجر ودون توعد او توجيه حزبي ودون نفخ او ضغط على الجيوب او البطون, كما وتستدعي الكف عن شيطنة هذا الحل من اجل ذاك وتستوجب الحركة والقول الصريحين بدلآ من المراوغة والتكتيك لتخليد المراوحة في ذات المكان فالحل يكمن في رأي الجنوبيين جميعآ وليس غيرهم او الحزبيين وحسب, ولن ينجح اي حل يتم في غيبة الشعب في الجنوب.