|
لا مفارقة تبدو ظاهرة للعيان بين النظام والإخوان من حيث سعي كل منهما لقتل الحلم الثوري بطريقته الخاصة ، وان كان الطرف الثاني بتصرفات بريئة ووديعة تتخذ غطاء يستدعي بنا العودة إلى اجل غير بعيد لنستذكر أن كلاهما ظلل الأخر تحت إبطيه وترعرعت مواشيهما في حظيرة واحدة .
اجتمعوا بالأمس ففصلوا الدين مقاسات تتناسب مع مصالح النظام ، ويتشاركون اليوم بؤاد الحلم الثوري عن قصد وربما عن حسن نية ،والثورة بين الحلم وشبح الكابوس تعيش مرحلة من المخاضات العسيرة لم يتحدد مولدها بعد .
كغيرهم من الشباب العرب حلم اليمنيون أن يقطفوا زهرات ربيعه غضه ارتوت بدماء البعض منهم ودموع الأمهات الثكالي ، ولست بحاجة إلى أن اطرق الحديث عن حجم الأمل الذي عشناه في بداية الربيع العربي ، بداية من الأمل الذي كان معقودا على الوعي الثوري كي يصهر الأيدلوجيات الدينية والاجتماعية في مجتمع مدني حديث يتسم بالوعي الثوري وإدراك متطلبات الواقع ورسم ملامح المستقبل بنظرة مدنية ووسطية بعيدا عن الغلو والتطرف، فراهنا على نجاح الثورة وتحقيق الأهداف رغم قسوة النظام في التعامل البربري وبطشه الوحشي مستخدما كافة الوسائل من اجل تحقيق كل التهديدات إلى واقع معاش على الأرض ؛ ابتداء من القاعدة والحرب الأهلية ومن ثم صوملة الوطن السعيد الذي يعيش اليوم عصور ما قبل التاريخ ويعاقب جماعيا؛ ومن لم يقتل بالرصاص يقتل اليوم بانعدام أدنى مقومات الحياة الإنسانية ويقتل الأخر على سواحل البحار تحت وطأة الحر ليفرض النظام على الواقع المعاش خارطة صومال جديد بمكوناتها الثلاثة فمسرحيات الإرهاب والقاعدة في أبين وأرحب ، والحرب الأهلية في الجوف ، في حين اليمن بامتداده الجغرافي يعيش حالة انهيار اقتصادي غير مسبوق.
ولن نخوض في ذلك طويلا فقراءة الواقع تسبق كل التحليلات ، إلا أن ما تعانيه الحالة الثورية اليوم في اليمن وخلال المخاضات الثورية من عمر الثورة تتطلب قراءتها من منظار الواقع وليس التعاطف ؛ لكي نستفيد من الايجابيات والعمل على تدارك أي أخطاء رافقت العمل الثوري ،فرغم كل الطعنات المؤلمة التي تلقتها الثورة اليمنية واستطاعت التغلب عليها بعزيمة لا تلين ، فان الحديث عن القمع الذي مارسه النظام والحالة السلبية التي انتهجها المجتمع الدولي تجاه اليمن لم يكن بالأهمية بمكان من الحديث عن الطعنات الأشد إيلاما التي تتلقاها الثورة اليمنية من الموروث الأفغاني للمدرسة الأفغانية التي أسست في تسعينات القرن الماضي برعاية من النظام ومباركة الأمريكان ، وخريجي هذه المدرسة هم شركاء النظام بالأمس في جرائمه بحرب 94م وفي حروب صعده وهم مسئولون اليوم عن الحرب في الجوف بالوكالة وعن عرقلة المسار الثوري ، واعتقد إن الحالة الثورية أن لم تستطيع التغلب على الفكر الأفغاني وصقله فان ذلك ينذر بضرورة المراحل الثورية اللاحقة وربما طول الأمد الثوري، وأتمنى أن لا أكون متشائما ان قلت أن ما يحدث اليوم يبدوا نسخة مطابقة لستينات القرن الماضي من حيث الامتداد الزمني الذي استمر لسنوات.
وبالحديث عن أفغنة الثورة فان هذه الحالة تمثل معوق أساسي أمام نجاح العمل الثوري وحسم مراحله ؛ فهي ولدت قلقا لدى الشارع اليمني من المصير المجهول خصوصا في ظل تنامي الحديث عن شكل أو هوية اليمن ما بعد الثورة في ظل الحديث عن الاقصاءات المبيتة والمتعمدة و التي تكشف كل يوم عن الوجه الحقيقي ، وما تم إثارته مؤخرا حول المدنية والإسلام هو حديث سابق لأوانه ، والحديث عن التضاد بينهما مجرد فزلكه في المنظور الضيق للإسلام ، وأي حديث يندرج عن التعارض بينهما هو حديث أيضا يندرج تحت واد العمل الثوري أو النيل من اغتيال عفة الثورة والمتاجرة والمزايدة على دماء الشهداء ، كما أن فرز المجتمع بالهوية والعمل على تصنيفات متعددة لمجرد وجهة النظر التي تصب في مصلحة الوطن وتحت رايته الواحدة هي مؤامرة داخليه على الثورة اشد مرارة من التأمر الخارجي ، وعلى من يريد الحديث عن الإسلام وجوهرة وان يكون وصيا عليه أن لا ينسى أن ذاكرة التاريخ لا تزال حيه ودماء إخواننا من المحافظات الجنوبية لا تزال تعطر الأرض وتنتج كل يوما ياسمين يهتف إلى الحرية ويتوق إلى الدولة المدنية الحديثة ، وان دماء أبناء صعده وسفيان والجوف ومأرب ستظل شاهدة أيضا عن الفتاوى السرية والعلنية وعن تفصيل الدين بمقاسات تتناسب مع المصالح الضيقة لذلك أتمنى أن يدرك الجميع أن الثورة اليمنية ليست بحاجة إلى مرشد أعلى أو وصيا ، فهي ولدت في سنها القانوني وولدت بفكرها الثوري الذي لا يحتاج إلى إرشاد تحت غطاء التظليل .
في الأحد 31 يوليو-تموز 2011 03:53:51 م