علي ناصر مع (مأرب برس): لا ترضوا بنصف ثورة
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 27 يوليو-تموز 2011 04:49 م
 
 

نتفهم الظروف والأوضاع التي أملت على شباب ثورة التغيير السلمية الإعلان عن تشكيل مجلس رئاسي من 17 شخصاً

اختيار الشباب لأعضاء المجلس يدل على ثقتهم بأصحابها وبقدراتهم على تحمل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلد

لا أرى أن هناك تسرعاً في تشكيل المجلس الرئاسي.. بل قد يكون من الصحيح إن الإعلان عنه قد تأخر وكان يجب أن يتم قبل هذا التاريخ

علينا التعامل بايجابية مع الإعلان الصادر من شباب ثورة التغيير بتشكيل المجلس الرئاسي وعدم التشكيك بنواياهم الصادقة

العودة إلى اليمن هي من ضمن أولوياتي في المرحلة القادمة

بصرف النظر عن مدى إصابة صالح أو الصورة التي ظهر بها بعد الحادث، فإنه كان قد فقد السيطرة على الأمور في البلد منذ اندلاع ثورة شباب التغيير

كنت أتمنى عليه بعد ظهوره أن يبادر إلى إعلان استقالته ونقل سلطاته الدستورية إلى نائبه بدلاً من الحديث عن مواجهة التحدي بالتحدي

العامل الخارجي أحد عوامل كثيرة أبطأت في سرعة تحقيق هدف الثورة الأول المتمثل في إسقاط النظام

ثمة عوامل داخلية أيضاً أسهمت بدورها في إبطاء انتصار الثورة, ومن أهمها عدم وجود قيادة موحدة للثورة والدور الذي لعبته بعض قوى المعارضة في الحلول بديلاً عن الشارع في التفاوض مع السلطة

التدخلات الخارجية في الثورات عبر التاريخ مسألة مؤكدة إما لإجهاضها أو لعرقلة مسيرتها بما في ذلك تاريخ الثورة اليمنية في الشمال وفي الجنوب

ما تشهده الساحة الجنوبية هو دليل صحي وكلا الرأيين أو الموقفين سواء موقف اللقاء التشاوري الجنوبي في القاهرة أو لقاء بروكسل يصبان في اتجاه البحث عن حل عادل للقضية الجنوبية

الجنوبيون ومنذ أن اتفقوا على التصالح والتسامح في اللقاء التاريخي الذي عقدوه في جمعية أبناء ردفان في عدن في العام 2006 قد سلكوا الطريق الصحيح لاستعادة وحدتهم الوطنية ودفن الخلافات منذ عام 1967م والبحث عن حل لقضيتهم الجنوبية العادلة

مسألة التخوين وتجريم طرف لآخر في الجنوب أظن أنها تصدر عن أفراد لازالوا ينتمون إلى ثقافة الماضي والى ثقافة ما قبل التصالح والتسامح ولا تعبر عن الوعي الجديد

القضية الجنوبية هي أس جوهر الأزمة اليمنية وأي حل لا يتضمن حلاً عادلاً للقضية الجنوبية يرضي الشعب في الجنوب لن يكتب له النجاح

القوى الوطنية والسياسية في الشمال باتت على وعي كامل بأبعاد الأزمة وبعدالة القضية الجنوبية

ما يجري في أبين يهدف في جزء منه إلى نقل المعركة والأنظار من صنعاء إلى مكان آخر بإثارة فزاعة القاعدة التي تثير قلق القوى الإقليمية والدولية لاستدرار عطفها وتأييدها، ولتطويق الحراك في الجنوب وتشويه صورة النضال السلمي الجنوبي

يتم استهداف عدن لأن هناك قوى تريد تمهيد الطريق للتدخلات الخارجية عبر إيصال رسالة ما إلى الخارج بان القاعدة صارت في عدن وتهدد المصالح الاجنبية والملاحة الدولية في خليج عدن وباب المندب, وكل ما يمس بأمن مدينة عدن ومواطنيها ومثل هذا السلوك الإجرامي لن يمر بدون عقاب

حاوره رئيس التحرير الزميل / محمد الصالحي

* مع ما يدور اليوم في الساحة السياسية في اليمن, قاربت الثورة على نصف عام, ولا تزال في مطلبها المتمثل في إسقاط النظام, والذي تعده الهدف الأول الذي سيمهد الطريق إلى الهدف التالي والاستراتيجي والمتمثل في إقامة دولة مدنية يتفق اليمنيون حول صيغة نظامها السياسي بما يشكل نوعا من التكافؤ بين الجنوب والمشال.

سيادة الرئيس علي ناصر محمد, لنبدأ من الأحداث الأخيرة, والذي تم فيها إعلان مجلس رئاسي من 17 شخصًا, كان شخصك الكريم من ضمن القائمة. بدءًا ما تقول فيما جرى, وهل أبلغتم مسبقًا بتشكيل المجلس؟

نحن نتفهم الظروف والأوضاع التي أملت على شباب ثورة التغيير السلمية الإعلان عن تشكيل مجلس رئاسي من 17 شخصاً، وكلهم من الشخصيات الوطنية المعارضة للنظام في الداخل والخارج، فالبلد والثورة تمران بمرحلة حرجة، وتنتظرهما مهام جسيمة خلال الفترة الانتقالية المفترضة بعد سقوط النظام وما تبقى منه .

أما فيما يتعلق بالتشاور حول تشكيل المجلس الرئاسي المعلن، فقد كانت هناك مشاورات بشأنه بين شباب ثورة التغيير في ساحة الحرية وبين العديد من القوى السياسية المعارضة في الداخل والخارج كما علمنا.. ولكن ليس لي علم إذا ما جرى إعلام كافة الأشخاص الذين وردت أسماؤهم ضمن تشكيلة المجلس أو أخذت موافقتهم وبصرف النظر عن ذلك فان اختيار الشباب لأعضاء المجلس يدل على ثقتهم بأصحابها وبقدراتهم على تحمل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلد، وعلى حرصهم وشعورهم بالمسؤولية التاريخية.

* الكثيرون من الأعضاء الذين تم اختيارهم, قالوا إنهم لم يعلموا بما جرى إلا عبر وسائل الإعلام. ألا ترى سيادة الرئيس أن نوعا من التسرع قد جرى في هذا الأمر؟

على العكس أنا لا أرى أن هناك تسرعاً في تشكيل المجلس الرئاسي.. بل قد يكون من الصحيح إن الإعلان عنه قد تأخر وكان يجب أن يتم قبل هذا التاريخ، بعد جمعة الكرامة أولا، أو بمجرد نشوء الفراغ الدستوري بغياب الرئيس اثر إصابته في حادث الرئاسة ثانياً.

* كأحد أهم وأبرز القيادات السياسية اليمنية في الخارج, كيف ترى توقيت إعلان المجلس, وماذا تودون أن تضيفوا عليه إن طلب منكم ذلك؟

علينا التعامل بايجابية مع الإعلان الصادر من شباب ثورة التغيير بتشكيل المجلس الرئاسي وعدم التشكيك بنواياهم الصادقة والدوافع التي أملت عليهم اتخاذ هذه الخطوة في هذا التوقيت، إذ لا يمكن أن تبقى البلد في حال فراغ دستوري، أو بدون قيادة وطنية مجمع عليها لإدارة البلد خلال المرحلة الانتقالية، لكنني أرى أنه من الضروري تطوير تشكيلة المجلس بحيث تمثل فيه كافة القوى الوطنية في الداخل والخارج ولا يشعر احد بالإبعاد أو التهميش.

* هل معنى ذلك انك ستعود إلى اليمن وهل هناك تنسيق جماعي يجري حالياً بين الأعضاء المختارين؟

طبعاً العودة إلى اليمن هي من ضمن أولوياتي في المرحلة القادمة.

* كيف يقرأ سيادة الرئيس, ظهور صالح مرتين متتاليتين, أولاهما بصحة متدهورة للغاية, والأخرى بصحة جيدة. حتى ظن الجميع أن صالح في ظهوره مساء الـ7 من يوليو أعطى دلالة واضحة أن الرجل لم يعد, دستوريا, قادرا على تولى مهام رئيس الجمهورية. هل تستشف شيئا ما من خلال ذلك؟

بصرف النظر عن مدى إصابة علي عبد الله صالح أو الصورة التي ظهر بها بعد الحادث في الحالتين اللتين تشير إليهما ، فانه كان قد فقد السيطرة على الأمور في البلد منذ اندلاع ثورة شباب التغيير وامتدادها إلى كافة محافظات اليمن وفقد ثقة الشعب به وبنظامه، وأصبح في حال عجز دستوري وغير قادر على أداء مهام رئيس الجمهورية بعد أن خرجت الملايين تملأ الساحات والمدن وتطالب برحيله ... وعززت إصابته في حادث الرئاسة من هذا العجز، وإذا كان ثمة رسالة يراد توجيهها من خلال ظهوره مرتين متتاليتين فربما لتعزيز موقف بقايا النظام

وكنت أتمنى عليه بعد ظهوره أن يبادر إلى إعلان استقالته ونقل سلطاته الدستورية إلى نائبه كان من شان ذلك ضمان نقل سلمي للسلطة بدلاً من الحديث عن مواجهة التحدي بالتحدي.

* ثم من خلال ذلك, ما هو الدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية كجارة شقيقة لليمن, وكقوة إقليمية في هذا الأمر؟ هل فعلا كما يقول الثوار في ساحات التغيير والحرية أن الرياض تسعى إلى إجهاض الثورة اليمنية؟

لا يمكننا تغيير الجغرافيا ، لكن بوسعنا صنع التاريخ ... السعودية جار شقيق لليمن كما ذكرت وقوة إقليمية في المنطقة ، وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن واستتباب الأوضاع فيها فيه مصلحة أكيدة ليس لليمن وحدها بل للملكة ولبقية الجيران في الخليج ، وأيضا للعالم لموقعها الاستراتيجي المهم ، العلاقات اليمنية السعودية كما هو معروف مرت بمراحل متفاوتة تتراوح بين الحرب والتوتر والاستقرار والتعاون والمخاوف المتبادلة بسبب خلافات عديدة يتعلق بعضها بالحدود وبعضها بالموقف من ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر ومن الوحدة اليمنية وبطبيعة السياسات والتوجهات السياسية والاجتماعية لكل منهما، لكن ينبغي أن يكون مفهوماً أن هناك مبدأً دولياً يحكم العلاقات بين الدول والشعوب في اختيار نظام حكمه ونمط حياته ، إذا التزمنا جميعاً بهذا المبدأ فلن تكون هناك ثمة حاجة إلى الشك بنوايا كل من البلدين تجاه الآخر ، وبمثل هذه السياسة يمكن إقامة أفضل التعاون وحسن الجوار بين اليمن وجارتها السعودية.

* إذا لم تكن المبادرة الخليجية قد لعبت دورا محوريا لصالح نظام "صالح", وبرهنت على أن دولا خليجية, وفي مقدمتها المملكة السعودية وقفت بالفعل مع صالح أو مع ما تبقى من نظام صالح, فما الذي, برأيك سيادة الرئيس, قد أبطأ من سرعة تحقيق أهداف الثورة اليمنية في إسقاط النظام؟ هل أحزاب المعارضة (المشترك) لعبت دورا سلبيًا؟ هل عدم اتفاق كافة القوى الوطنية والسياسية على صيغة سياسية محددة ربما لعب دورا سلبيًا؟ أم ماذا؟

ثمة عوامل كثيرة أبطأت في سرعة تحقيق هدف الثورة الأول المتمثل في إسقاط النظام ، والعامل الخارجي واحد منها ... ولكنه ليس العامل الوحيد ، ثمة عوامل داخلية أيضاً أسهمت بدورها في إبطاء انتصار الثورة ... ولعل من أهمها عدم وجود قيادة موحدة للثورة والدور الذي لعبته بعض قوى المعارضة في الحلول بديلاً عن الشارع في التفاوض مع السلطة بينما كان يجب أن يترك أمر حسم إسقاط النظام بيد شباب ثورة التغيير مما اظهر الأزمة وكأنها خلاف بين النظام والمعارضة في حين أن جوهر الأزمة هو بين النظام والشعب وثورة شباب التغيير التي ترفض وجود هذا النظام وبقاياه، تستطيع أن تقول أن أحزاب المعارضة قد وقعت في فخ التفاوض مع السلطة ولم ترم بكامل ثقلها وأوراقها إلى جانب الثورة، ولكن لا يمكننا التقليل من دور أحزاب المعارضة "المشترك" ولجنة الحوار الوطني برئاسة الأستاذ المناضل محمد سالم باسندوه تحديداً في الثورة وما منحته إياها من زخم جماهيري بحكم ما تملكه من قوة تأثير في الشارع كما لا يمكن أن نغفل أن الثورة افتقدت إلى صيغة أو إستراتيجية موحدة ولكن الجميع اجمع على هدف إسقاط النظام، وهذا وحده عامل مهم ، وفي الأخير فان الذي استفاد من هذه المبادرات والتعديلات المستمرة على المبادرة الخليجية في صيغتها الأولى التي كانت تحظى بقبول محلي وإقليمي ودولي هو النظام ، رغم تحفظ الشباب على تلك المبادرة كما انه لم يجر معالجة القضية الجنوبية في إطار المبادرة الخليجية المقدمة وكل هذا شكل عوامل ضعف فيها.

* كيف يمكن التأكد من أن الرياض وواشنطن بالفعل تعملان لإجهاض الثورة في اليمن؟

التدخلات الخارجية في الثورات عبر التاريخ مسألة مؤكدة إما لإجهاضها أو لعرقلة مسيرتها بما في ذلك تاريخ الثورة اليمنية في الشمال وفي الجنوب ... ولكن هذا يظل تاريخاً .. أظن أن الأمر لم يتغير عما كان عليه بحكم اختلاف المصالح وتناقض السياسات والتوجهات ، ولكن ما أريد قوله أن إرادة التغيير حق مطلق للشعوب في الوقت الذي تراه مناسباً وعندما تنضج الظروف لذلك التدخلات الخارجية قد تبطئ الحل لكنها لن تستطيع منع الحل والحسم، وما نشهده من تدخلات خارجية يدخل في إطار الترتيبات لملء الفراغ الذي نشأ عن انتصار وقيام ثورات الشباب العربية ليس في اليمن وحدها بل في مصر وتونس وليبيا.

* الحراك الجنوبي في الجنوب, والحوثيون في الشمال, واللقاء المشترك هنا وهناك, وشباب الثورة في كل اليمن. ما الذي جعل كل هؤلاء عاجزين على الحسم الثورة منذ الفراغ الهائل الذي تركه النظام بعد حادة النهدين في الـ3 من يونيو الماضي؟

رحيل رأس النظام علي عبد الله صالح بعد إصابته في الثالث من يونيو الماضي ، لا يعني بان النظام الذي صنعه طوال 33 عاماً قد رحل معه ... فالمعروف عن هذا النظام انه خلق مؤسسات شكلية (مجلس شورى – برلمان – مجلس وزراء) لكن السلطة الفعلية كانت بيد الرئيس وأسرته وكذلك المؤسسات العسكرية والأمنية ... وبقايا هذا النظام لا تزال متشبثة بالسلطة دفاعاً عن المصالح وليس عن نظام صالح وهو حال دول عربية أخرى التي تشهد مثل هذه الانتفاضات الشعبية، وسبق أن أكدت أكثر من مرة أن السلطة ليست نهاية الحياة، والسلطة ترتكب المجازر ضد شباب ثورة التغيير السلمية يومياً تقريباً خاصة في مدينة تعز الباسلة وفي سواها من المدن وآخرها محاولة اغتيال الأخ المناضل محمد اليدومي رئيس حزب الإصلاح، اعتقد أن كل القوى التي ذكرتها من الحراك الجنوبي إلى الحوثيين إلى المشترك إلى شباب الثورة على مستوى اليمن كله اجتمع على هدف واحد وهو إسقاط النظام لكنهم لم تكن لديهم خطة متفقاً عليها لكيفية إسقاطه واستلام السلطة.. ولعل هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى هو الذي منع التعجيل بسقوط النظام حتى اليوم.

* ومن ثم لماذا وقف نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي موقفًا سلبيًا ولم يملأ الفراغ الذي دعاه الجميع, ومن ضمنهم أنتم, لأن يملأه وأن ينتصر للثورة؟ هل للقوة العسكرية التي يتحكم بها نجل الرئيس دور كبير في أعاقة قيام هادي بما كان من المنتظر أن يقوم به؟

بإمكانك أن توجه هذا السؤال إلى نائب الرئيس، وهو وحده من يملك الإجابة عليه ، ووحده يعرف الظروف التي أملت عليه ذلك الموقف ، ولا يمكنني أن أجيب نيابة عنه

* إذا ثبت حقيقة أن الرئيس الدوري للقاء المشترك الدكتور ياسين سعيد نعمان قد فضل فعلا الاعتكاف والغياب عن الساحة السياسية, كما تتضارب الأنباء, وفعلا هو الآن خارج اليمن, على ماذا يدل ذلك؟

لا علم لي بان الدكتور ياسين نعمان اعتكف عن الساحة السياسية ... الذي اعرفه عن شخصية الدكتور ياسين انه معارض للنظام من موقعه سواء كأمين عام للحزب الاشتراكي اليمني أو من خلال موقعه كرئيس دوري لأحزاب اللقاء المشترك وليس من النوع الذي يترك الساحة خاصة في مثل هذه الظروف ... ولو كان قد اتخذ مثل هذا القرار كان سيعلنه على الملأ.

* هل اللقاء المشترك لا يزال مشتركًا؟ هناك من يقول إنه لم يتبق شيء اسمه مشترك, وأن هذا التكتل أصبح بيد حزب الإصلاح "الإخوان المسلمين".

الذي يملك الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال هم أحزاب اللقاء المشترك أنفسهم وليس أنا. 

* أخيرًا في هذا الجانب, وقبل الانتقال إلى القضية الجنوبية, ماذا لو عاد الرئيس صالح إلى صنعاء؟ ما هو مستقبل الثورة اليمنية؟

بوسع الرئيس علي عبد الله صالح أن يعود إلى البلاد كمواطن في الوقت الذي يشاء ... مستقبل الثورة وعملية التغيير مسألة ليست بيد شخص بعينه .. بل صارت إرادة جماهيرية، وقطاره الذي انطلق لا يمكن أن يتوقف سواء عاد إلى البلد أم لم يعد. 

***

* في مايو الماضي, انعقد مؤتمر للجنوبيين, وصف بالحاشد والأول من نوعه منذ 1994 في العاصمة المصرية القاهرة, برئاستك. وأعلنتم, سيادة الرئيس, تبنيكم للخيار الفيدرالي من إقليمين, جنوب وشمال طبقا للخارطة السياسية التي كانت قبل 1990. ثم انعقد مؤتمر آخر لجنوبيين آخرين برئاسة الرئيس الجنوبي ونائب رئيس دولة الوحدة السابق علي سالم البيض, في العاصمة البلجيكية بروكسل نهاية يونيو المنصرم, وتبنى هذا الأخير خيار حق تقرير المصير و"فك الارتباط".

وفي الداخل الجنوبي انعكس هذا التباين بين مناصري الجانبين, وأدى إلى مشاحنات واختلافات, خاف معها الجميع أن يعاد ذلك النوع من الفرز الذي تم في أزمة 1986. لماذا لا يتفق الجنوبيون من أجل القضية الجنوبية؟

الاختلاف في الرأي لا يعني الخلاف ... انه أمر طبيعي في الحياة وفي السياسة ، المهم أن نعرف كيف ندير خلافاتنا عبر الحوار ولا نجعلها تتحول إلى خلاف أو خصومة ، ما تشهده الساحة الجنوبية هو دليل صحي وكلا الرأيين أو الموقفين سواء موقف اللقاء التشاوري الجنوبي في القاهرة أو لقاء بروكسل يصبان في اتجاه البحث عن حل عادل للقضية الجنوبية ، ولهذا أنصار ولذلك أنصار ولا يمكن أن ينتج عنهما انقسام أو فرز كالذي تشير إليه ، ولقاء القاهرة التشاوري هو امتداد للتصالح والتسامح الجنوبي الذي بدأ قبل أربع سنوات. 

* الواقع يقول اليوم, وحتى الكثير من الكتاب عبر عنه بصراحة وحمل كافة قيادات الجنوب في الخارج مسئولية ما يحدث, يقول الواقع إن هناك تباينات شاسعة تصل إلى حد تخوين وتجريم كل طرف للآخر, والطرفان يتهمان بعضهما بإلحاق الضرر بالقضية الجنوبية.

اعتقد أن الجنوبيين ومنذ أن اتفقوا على التصالح والتسامح في اللقاء التاريخي الذي عقدوه في جمعية أبناء ردفان في عدن في العام 2006 قد سلكوا الطريق الصحيح لاستعادة وحدتهم الوطنية ودفن الخلافات منذ عام 1967م والبحث عن حل لقضيتهم الجنوبية العادلة، وقد سلكوا الطريق السلمي من أجل استعادة حقوقهم السياسية والمدنية عبر الحراك السلمي الجنوبي الشعبي، وكانوا السباقين في تعبيد هذا الدرب حتى قبل انطلاق الثورات الشبابية في الوطن العربي، وأعطى الحراك زخماً ليس للقضية الجنوبية فحسب بل في الشمال أيضا ًالذي سرعان ما وجد ترجمة في ثورة شباب التغيير السلمية في صنعاء أولا ثم في بقية المحافظات ومدن اليمن شمالاً وجنوباً والذي زلزل أركان النظام .

مسألة التخوين وتجريم طرف لآخر أظن أنها تصدر عن أفراد لازالوا ينتمون إلى ثقافة الماضي والى ثقافة ما قبل التصالح والتسامح ولا تعبر عن الوعي الجديد الذي تكون بفضل عملية التصالح والتسامح تلك ، وكل الجنوبيين منطوون اليوم في الحراك الوطني السياسي الجاري أن على مستوى الجنوب أو على مستوى اليمن كله . ونأمل أن تختفي مثل هذه الظاهرة المضرة بالحراك ، وهذا الاسبوع شهدت بعض المحافظات عدد من اللقاءات لتجاوز مثل هذه الظواهر السلبية التي مر بها الحراك / ونحن اذ نحيي هذه الروح الوطنية التي تدل على النضج والشعور بالمسؤولية الوطنية ونأمل ان يعم هذا السلوك على مستوى الخارج أيضاً.

* هل لديكم الثقة أن القوى الوطنية والسياسية في الشمال تملك توجهًا جادًا حل القضية الجنوبية في المرحلة المقبلة فيما إذا سقط نظام صالح؟

القضية الجنوبية هي أس جوهر الأزمة اليمنية وأي حل لا يتضمن حلاً عادلاً للقضية الجنوبية يرضي الشعب في الجنوب لن يكتب له النجاح، واعتقد أن القوى الوطنية والسياسية في الشمال باتت على وعي كامل بأبعاد الأزمة وبعدالة القضية الجنوبية، وأظن أنها من الوعي والمسؤولية الوطنية بحيث لا تعيد إنتاج الأزمة على نفس طريقة النظام السابقة والتي قادت البلد إلى ما هو فيه ولهذا يجب أن تفكر جادة بأن يكون من أول ألولياتها بعد سقوط النظام وضع حل عادل للقضية الجنوبية يرضى عنه الشعب في الجنوب ... وهذه مسألة يمكن الوصول إليها عبر الحوار الوطني.

* منذ الـ27 من مايو, والمعارك الطاحنة لا تزال تجري رحاها في محافظة أبين الجنوبية, وقتلت وجرحت وشردت الآلاف. ما الذي يجري؟ من يتحكم بالأحداث هناك؟ هل القاعدة (المفترضة) تتحرك وتنفذ ما يملي عليها النظام؟ وهل النظام, في وضعية كهذه, له القدرة على إدارة معركة كلتك؛ لأجل مكاسب سياسية؟ أم هناك أطراف أخرى, ومن هي؟

ما يجري في محافظة أبين الجنوبية منذ الـ 27 من مايو وحتى قبل هذا التاريخ مثلما حدث في المعجلة يمكن قراءته على وجهين ، الوجه الأول الذي تقوم به بقايا أركان النظام الهادف إلى نقل المعركة والأنظار من صنعاء حيث فقد النظام السيطرة ويواجه مصيره المحتوم على يد ثورة شباب التغيير السلمية ، إلى مكان آخر بإثارة فزاعة القاعدة التي تثير قلق القوى الإقليمية والدولية لاستدرار عطفها وتأييدها من ناحية ، ولتطويق الحراك في الجنوب من ناحية أخرى وتشويه صورة النضال السلمي الجنوبي وخلق بؤر توتر تعيق إيجاد الحل للقضية الجنوبية عبر الاستيلاء على عدن وإعلانها إمارة إسلامية تحكمها القاعدة

آما الوجه الآخر لقراءة ما يحدث في أبين فيمكن قراءته بأنها محاولة لملء الفراغ الذي سينشأ عن سقوط أو إسقاط النظام تقوم به قوى تدعي بأنها أنصار الشريعة ... وسواء كانت قاعدة حقيقية أو مفترضة يحركها النظام لخلط الأوراق وتعقيد الأوضاع، في كلا الحالتين فان ما يحدث في أبين خلق وضعاً مأساويا أدى إلى قتل وجرح العشرات والى تشريد عشرات الآلاف، أي أن هناك جريمة ترتكب في أبين، نحن ندعو إلى وقف تلك المأساة فوراً ليعود الأمن والأمان إلى أبين ومدن الدلتا ليستطيع المواطنون الذين هجروا قسراً العودة إلى قراهم وببيوتهم والى حياتهم الطبيعية الآمنة.

* شهدت وتشهد مدينة عدن, عددا من الانفجارات والاغتيالات التي أودت بحياة اثنين من القادة العسكريين, وأضرت بأمن المدينة. من يقف وراء ذلك, ولماذا عدن بالذات؟

حتى الآن لا توجد تفاصيل عن القوى التي تقف وراء عمليات التفجير في عدن ولكنني اعرف لماذا هي عدن مستهدفة، أظن أن هناك قوى تريد تمهيد الطريق للتدخلات الخارجية عبر إيصال رسالة ما إلى الخارج بان القاعدة صارت في عدن وتهدد المصالح الاجنبية والملاحة الدولية في خليج عدن وباب المندب، وبالتالي فان النظام هو الشريك الوحيد والضمانة الوحيدة للأمن والاستقرار في المنطقة– ولعل هذا ما تريد السلطة إيصاله- من خلال تلك التفجيرات في عدن.. نحن نحذر من تكرار ما حدث في زنجبار وبعدها في لحج، ومؤخراً في مدينة عدن كما نحذر من دعم القوى الإرهابية وندين كل ما يمس بأمن مدينة عدن ومواطنيها ومثل هذا السلوك الإجرامي لن يمر بدون عقاب .

* كلمة أخيرة لـ:

لشباب الثورة: انتم تصنعون اليوم تاريخاً جديداً لليمن، فواصلوا ثورتكم السلمية حتى النصر، ولا ترضوا بنصف ثورة.

الحراك الجنوبي: الطريق السلمي الذي بدأتموه قبل أربع سنوات سيعطي ثماره . قوتكم في وحدتكم وعدالة قضيتكم.

للقاء المشترك "وتحديدًا حزب الإصلاح": مكانكم الطبيعي هو مع الثورة لا فوقها ولا خلفها بل معها.

للجيش: الدور الوطني للجيش هو أن يكون مع الشعب وليس مع النظام .

للمملكة العربية السعودية: مصلحة الأخوة في المملكة العربية السعودية وفي بقية دول مجلس التعاون الخليجي هو الوقوف مع الشعب اليمني واحترام إرادته في التغيير، الحكام زائلون والشعوب هي الباقية

للولايات المتحدة الأمريكية: للولايات المتحدة الأميركية مصالح في اليمن والمنطقة لكن الذي يقرر بقاء الحاكم أو إزاحته في بلدٍ ما هو الشعب وليس الإرادة الخارجية.

*الصورة: الرئيس الأسبق علي ناصر محمد, ورئيس التحرير.