أنت أكبر دليل يا سلطان السامعي
بقلم/ عادل الاحمدي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 22 يوماً
الثلاثاء 24 يوليو-تموز 2012 04:19 ص

شر البلية ما يضحك، وأشر منه من يحاول صنع مواقف مضحكة في مواضع لا تقبل الهزل، كما هو حادث مع الشيخ سلطان السامعي، الذي انبرى قبل ساعات للدفاع عن سادته الجدد ملالي إيران مهاجماً حكومة بلاده وساخراً مما أعلن عنه الأسبوع الماضي من القبض على خلية إيرانية يديريها قيادي سابق في الحرس الثوري الإيراني، ذلك الكشف الذي أعقبه تحذير من الرئيس عبدربه منصور هادي لإيران بعدم التدخل في الشأن اليمني.

سلطان السامعي الذي أنشأ كياناً أسماه "جبهة إنقاذ الثورة السلمية" ونصب نفسه ناطقاً رسمياً لها، قال إن حكومة الوفاق عندما "بدأت تشعر بفشلها الذريع من خلال تململ الناس من أدائها، وبدأ الحديث عن فشل الحكومة في أوساط العامة، وعجزها عن الكشف عن المتهمين في التفجيرات الإرهابية في صنعاء وعدن وغيرها، لجأت – حسب نص كلامه – إلى اشغال الناس بمعارك وهمية بعيدة عن قضاياهم الحقيقية، بإعلانها الكشف عن خلية تجسس وهمية ايرانية تعمل في اليمن منذ سبع سنوات".

لو كان هذا الكلام صدر من قبل أي سياسي يمني غير سلطان السامعي لكان يمكن النظر فيه، لكن أن يصدر من سلطان السامعي فهذا قمة الاستخفاف باليمنيين وقمة الاستغباء بعقولنا وقمة الاستهتار بالصحافة والصحفيين والسياسة والسياسيين.. حينما يقوم شخص يعد أبرز تجليات وثمار العمل الاستخباراتي التخريبي الإيراني في اليمن بقول مثل هذا الكلام، فالمعروف هو أن سلطان السامعي صار هو الوكيل الحصري والحذاء الأيسر في تعز لحذاء إيران في اليمن الذي هو الحوثي..

وراح الرجل وبكل سفور يفتتح فروعاً لثقافة الخرافة والدجل في تعز، مدينة العلم والمتعلمين.. تعز مدينة الثقافة والفن والفكر المستنير.. تعز بلد الأكاديميين والعباقرة والمفكرين.. وراح السامعي طيلة أحداث ثورة التغيير في العام 2011 يستغل الأجواء الثورية لخلق حالة من الفوضى داخل الوسط الثوري، تحت غطاء خادع وباهت وهو "جبهة إنقاذ الثورة" التي سقطت بحسب رأيه في براثن المبادرة الخليجية التي من أبرز رعاتها الجارة السعودية ، ولأن السعودية عدو في نظر إيران ولأن سلطان السامعي خادم خدام إيران في اليمن، أصبح الأخير بالتالي عدواً للمبادرة الخليجية، مع احترامنا الأكيد لكل من يعارض المبادرة الخليجية وفقاً لحسابات وطنية بحتة وليس تنفيذاً لإملاءات ساسانية من ملالي طهران الذين فتحوا قنواتهم وندواتهم وخزناتهم للشيخ "المتروك" سلطان السامعي الذي أثبت إلى أي حدٍ بلغت تفاهة المشروع الإيراني في اليمن، ذلك الذي يجد له حُجّاباً وسدنة من مثل سلطان السامعي ومن على شاكلته.

كان بإمكان الرجل أن يصمت، لكنه أبى إلا أن يقول: "خذوني..". ذلك أنني عندما سمعت بأمر الخلية المقبوض عليها وتجنيدها للشخصيات والمشايخ، تبادر إلى ذهني مباشرة سلطان السامعي، كأحد خساراتنا الوطنية التي يندى لها الجبين وينزف لها القلب ألماً وأسفاً، وهو بهذا التصريح يريد أن يقول لأسياده بأنه تلميذ نجيب في مدرسة الابتذال ويريد أن يقول لحكومة الوفاق إن الحوثي والبيض لم يعودا وحدهما من يعبر عن المشروع الإيراني في اليمن، بل إن هناك "عكفي" من أبناء القبائل على درجة أعلى من النجابة وعلى استعداد أكبر لمسح كرامة الذات والوطن على أقذر البلاط مقابل بسمة رضا يعتقد أنه سينتزعها من سادته الجدد..

هذا تفسير، والتفسير الآخر هو أن السامعي أزعجه التفصيل الذي نشر حول طبيعة ونطاق هذه الخلية الإيرانية المكشوفة، بحيث أراد مسبقاً أن يدرأ عن نفسه تهمة يتوقع أن السلطات عثرت على بعض وثائقها وأدلتها، فراح يصف الخلية بأنها "وهمية"، وكأنه وفي مثل هذا الوصف، اتهام للرئيس وحكومة الوفاق والأجهزة الأمنية بتلفيق اتهام كيدي ضد إيران.. مستبقاً أية تحقيقات أو أدلة إضافية يمكن أن تعريه تماماً، ومدلياً بتصريح يريد القول من خلاله إنه مطلع اطلاعاً تاماً على أمرين: الأول، هو واقع السلطات الأمنية في اليمن الذي اتهمها بافتعال قصة الخلية.. والثاني تهكمه الذي يظهر فيه وكأنه مطلع على الواقع اليمني جيداً وطبيعة المشاريع المتغلغلة فيه، وهذه هفوة قد نحسبها على من ينكر وجود هذه الخلية ومثيلاتها عن واقع جهل.. فما بالك بمن ينكر وهو نفسه دليل باقع وبرهان ساطع وفضيحة عارية وعنصر مكتسب لخلية إيران التي بسبب عملها الاستخباراتي التخريبي في اليمن ابتلينا بست حروب في صعدة، ولا زال الرجل ينكر.. سبحان الله الذي ابتلانا في اليمن بمثل هؤلاء الأشخاص الذي يطلون على الشعب وليس في وجوههم مضغة لحم أو قطرة ماء.

تستحق هذه الشخصية الانهزامية أن نقسو أثناء حديثنا عنها، وألا ندخر جهداً في تعريتها للناس، ذلك أن أصحاب الضمير الحي هم وحدهم من يهزّهم ويؤلمهم هذا الانسحاق السامعي المهين، متوقعين أن عاهات ينطبق عليها قول المتنبي.. "إذ ساء فعل المرء ساءت ظنونه.."، سينبرون للدفاع عنه ويتهمون كاتب هذه السطور بالعمالة لعبدربه منصور هادي أو لمحمد سالم باسندوة أو لعبدالله عبدالعزيز أو لأوباما.. ذلك أن ليس لديهم شيء يدافعون عنه أو حجة يتحصنون بها أو عروة يستمسكون بها عدا التشكيك والتشويه والتشويش.

ولقد كنت إلى حد قريب أحسب أن الشيخ سلطان السامعي سيعود ولاشك إلى الوطن وأن شقه الوطني النابع من تربة هذه الأرض سيتغلب على شقه المصلحي الانتهازي (المؤقت حسب ظني)، لكن السامعي لم يتوقف حتى اليوم عن إرسال أعداد من أبنائنا للدراسة في حوزات قم ومشهد حسب ما أكده لي أحد أبناء منطقته.. لقد صار مسعى الرجل ذا أضرار بعيدة المدى، حتى وإن ندم على ما فعله ومزّق نفسه إرباً ألماً وندامة.. إذ ما الفائدة أن تتوب بعد أن تفسد وطناً وتسهم في تلويث مخيلة أجيال..

وها أنت ذا في تصريحك هذا الذي تدافع فيه عن لص غاشم يطل بخيشومه من بعيد ويعمل لتمزيق بلدك ويقتل أبناءك وإخوانك.. وفي لحظة تستوجب منك الصمت على الأقل.. ها أنت ذا تثبت لنا أن هذا المشروع الذي بعت نفسك له يسحق آدمية أتباعه ويستأصل فيهم آخر ذرات النخوة والشهامة، فتعساً لك، وتعساً لمعشرٍ لا يستقبحون ما فعلت، وتعساً لفردة أرخص منك قد تحدث نفسها بالدفاع عنك.