ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
مأرب برس – صنعاء- نبيل البكيري
طول أمد المواجهة بين القوات الحكومية اليمنية وأنصار التيار الحوثي، وعدم تحقيق الحسم فيها من خلال تجدد المواجهة بين فترة وأخرى، وهول الأضرار المادية والبشرية التي خلفتها هذه المواجهات، كل ذلك أصبح يشير لدى المراقبين والمحللين في أن ما يدور في هذه المحافظة اليمنية ما هو إلاّ جزء مما بات يُعرف بالمخطط الإيراني في المنطقة العربية التي تلعب بأوراق الأقليات الطائفية.
المخطط الإيراني الذي بدأت ملامحه تتشكل جلياً بعد سقوط العاصمة العراقية بغداد في 9نيسان 2003م بيد قوات الاحتلال الأمريكي التي عمدت بدورها إلى تسليم مقاليد الأمور في العراق إلى عدد من القيادات (الدمى) الشيعية
الموالية لإيران.
سيناريوهات المخطط الإيراني برزت بوضوح من خلال الدور الإيراني الكبير الذي غدت تلعبه على الأرض العراقية التي يسرح فيها أكثر من ثلاثين ألف من أفراد المخابرات الإيرانية، الذين يشرفون ويدربون فرق الموت الشيعية التي تقتل على الهوية في بغداد التي تحولت إلى مدينة للأشباح.
هذا الدور الخطير في العراق هو الذي جعل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يحذر من مغبة تمادي إيران في هذا الدور، محذراً مما سماه (الهلال الشيعي في المنطقة) الذي تسعى إيران إلى تحقيقه من خلال اللعب على أوراق الأقليات الطائفية، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان والتيار الحوثي في اليمن.
فمن هم الحوثيون؟ وما طبيعة العلاقة التي تربطهم بإيران؟
صحيح أن الظهور الإعلامي لما صار يُعرف بتيار الحوثيين أو أنصار الحوثي لا يتجاوز أربع سنوات حتى الآن منذ اشتعال أول موجهة لهذا التيار مع القوات اليمنية في صيف 2004م، والتي انتهت بمصرع زعيم هذا التيار حسين بدر الدين الحوثي في نفس العام بعد ثلاثة أشهر من القتال.
إلا أن المراقبين يرون أن جذور هذا التيار تعود إلي ثمانينيات القرن الماضي إذ بدا أول تحرك تنظيمي مدروس لهذا التيار في عام 1982م على يد الشيخ صلاح أحمد فليته، والذي أنشأ في عام 1986م بدعم إيراني اتحاد الشباب، وكان مما يُدرس لأعضاء هذا الاتحاد مادة عن الثورة الإيرانية كان يقوم بتدريسها الأخ الأكبر لحسين بدر الدين الحوثي محمد بدر الدين.
وفي عام 1988م تجدد نشاط هذا التيار الشيعي الهوى الزيدي المذهب، وذلك بعودة بعض الرموز الملكية التي نزحت إلى المملكة العربية السعودية عقب قيام الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962م ضد نظام الأئمة من بيت حميد الدين، وكان من أبرز العائدين حينها العلامة الزيدي مجد الدين المؤيدي والعلامة بدر الدين الحوثي، الذي يُعدّ بحق الزعيم المؤسس للحركة الحوثية والأب الروحي لها، وبالتالي فليس ولده حسين أو غيره إلاّ مجرد قيادات تنفيذية للحركة.
ومع قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م تحولت أنشطة هذا التيار إلى مشروع سياسي تساوقاً مع المناخ السياسي الجديد الذي أقرّ التعددية السياسية والحرية الإعلامية، فظهر على مسرح الحياة السياسية اليمنية ما يربو على (60) حزباً سياسياً من مختلف التوجهات اليسارية والقومية والإسلامية والمذهبية، كحزبي الحق وإتحاد القوى الشعبية.
وفي هذه الأثناء كان حسين بدر الدين الحوثي قد قرر خوض غمار العمل السياسي من خلال انضمامه لحزب الحق الذي تأسس من قبل مجموعة من الشخصيات الزيدية، والذي شارك في أول انتخابات برلمانية تُقام في اليمن بعد الوحدة، وفاز بمقعدين برلمانيين، كان أحدهما من نصيب حسين بدر الدين الحوثي نفسه الذي لم يستمر طويلاً في هذا الحزب، وقدم استقالته مع زميله عبد الله عيضة الرزامي، وهما العضوان الوحيدان لحزب الحق في البرلمان.
وكان تقديم الاستقالة من قبلهما على خلفية رفض مجموعة من المقترحات التي تقدما بها لرئاسة الحزب من أجل تطوير وتفعيل عمل الحزب، وخاصة وقد تولدت لديهم قناعة راسخة أنهم لن يستطيعوا من خلال العمل السياسي أن يخدموا مشروعهما المكلفين به إطلاقاً، وذلك من خلال قراءة متأنية لنتائج الأصوات التي حصل عليها الحزب في الانتخابات البرلمانية التي لم تتجاوز 8و0 من نسبة المصوتين في هذه الانتخابات، وهي نسبة ضعيفة جداً، ولا ترقى إلى مستوى ما يخططان له.
وبمجرد تقديم الاستقالة غادرا الحياة السياسية متجهين إلى الدعوة والإرشاد من خلال تأسيس منتدى الشباب المؤمن وذلك في عام 1997م، وهو المنتدى الذي كان قد سبق إلى تأسيسه الباحث والمفكر الزيدي محمد يحيي عزان في عام 1992م.
استقطب المنتدى عدداً من مثقفي المذهب الزيدي، الذين سرعان ما اختلفوا مع حسين الحوثي في كثير من القضايا المتعلقة بعمل المنتدى وأفكاره التي كانت أكثر قرباً من الاثني عشرية منها إلى الزيدية.
تطور هذا الخلاف إلى انشقاق في التيار الذي تزعم فيه حسين الحوثي الجناح المدعوم إيرانياً فكرياً ومالياً، والذي غدا يعمل تحت مسمى سياسي، وهو تنظيم الشباب المؤمن.
ومن هنا يرى البعض أن الحركة الحوثية هي امتداد للفكر الإمامي الاثني عشري الذي عاد بقوة على مسرح الحياة السياسية بقيام الثورة الإيرانية عام 1979م بقيادة الخميني.
ويرى كثير من الباحثين أن مبدأ تصدير الثورة الإيرانية هو وراء الحركة الحوثية، إضافة إلى العلاقة القوية التي تربط الثورة الإيرانية مع العائلة الحوثية في اليمن، والتي زادت بقوة عقب الإقامة القسرية للعلامة بدر الدين الحوثي في طهران وقم، والتي هاجر إليها بعد خلاف له مع عدد من علماء المذهب الزيدي حول مسألة قصر الإمامة والرئاسية في البطنين الهاشميين الحسن والحسين دون غيرهما؛ إذ إنه في تلك الفترة كان بعض علماء الزيدية قد اجتهدوا في هذه المسألة التي كانت تمثل لهم حرجاً شديداً مع حكام صنعاء الجمهوريين، ولتجاوز هذا الحرج خرجوا باجتهاد مفاده أن الرئاسية والولاية جائزة في كل مسلم قائم بحدود الله في خلقه، وأن مسألة البطنين مسألة زمنية لم يعد مسوّغ لوجودها.
هذا الاجتهاد كان سبب مغادر الحوثي لليمن متجهاً إلى طهران للإقامة فيها، ولم يعد إلى اليمن إلاّ عقب قيام الوحدة اليمنية بعد وساطة عدد من علماء الزيدية لدى الرئيس علي عبد الله صالح.
ملامح السيناريو الإيراني في اليمن تمثل من خلال استخدام شيعة العراق العرب الذين كان مرحباً بهم في اليمن بحكم العلاقة القوية التي تربط صنعاء ببغداد، والذي أتوا إلى اليمن شكلوا عدداً كبيراً طوال مرحلة التسعينيات نتيجة الحصار الاقتصادي الظالم على العراق.
توغل هؤلاء العراقيون في كثير من الأجهزة الحكومية التربوية والصحية مستغلين الثقة الممنوحة لهم من قبل الحكومة اليمنية في نشر المبادئ والأفكار الاثني عشرية، وخاصة في أوساط التجمعات الزيدية، وكذلك لوحظ التزايد الشديد للمكتبات الشيعية والتسجيلات التي تدعو إلى الفكر الشيعي، وذلك بفعل الأموال الإيرانية الكبيرة التي تدعم مثل هذه الأنشطة.
أما الآن ومع تجدد المواجهات للمرة الثالثة منذ اندلاعها في 2004م فقد شعرت الحكومة اليمنية بالخطر ولم تعد قادرة على الصمت إزاء ما يجري على أراضيها؛ فقد قررت الحكومة اليمنية الخروج عن صمتها المعهود، مشيرة بأصابع الاتهام إلى بعض الدول وعلى رأسها إيران، التي سارعت بنفي علاقتها بما يجري في صعده، كما هي تصريحاتها دائماً حول هذه القضية منذ بدايتها.
وعلى الرغم من هذا النفي الإيراني فإن إيران نفسها لم تعد تستطيع إخفاء تضامنها مع جماعة الحوثي، فقد أعقب صدور بيان نفيها ذلك الأسبوع الماضي تجمع مئات من علماء الدين في إيران أمام السفارة اليمنية في طهران للتعبير عن احتجاجهم على ما أسموه بالمجازر التي تُرتكب ضد الشيعة في اليمن، وطالب المتظاهرون بطرد السفير اليمني في طهران، وتغيير اسم الشارع الذي تقع فيه السفارة اليمنية إلى اسم الحوثي.
هذا الدور الإيراني فيما يجري في صعده بات واضحاً تماماً، على الرغم من تردد وتناقض التصريحات بين الطرفين اليمني والإيراني بهذا الخصوص، وهذا ما كشف عنه مؤخراً في حواره مع صحفية الوسط اليمنية عضو مجلس النواب اليمني وعضو لجنة الوساطة في قضية الحوثي الشيخ عثمان مجلي، وهو من مشايخ صعده، والذي أكد أن هناك دعماً إيرانياً لأنصار الحوثي، وخاصة أن عدداً من أنصار الحوثي قد زاروا إيران غير مرة، مؤكداً أن السفراء الإيرانيين طوال فترة التسعينيات وإلى ما قبل اندلاع الموجهات كانوا يقومون بزيارات دورية لهذه المنطقة.
ومن هنا فإن هذا التصريح أكد حقيقة الدور الإيراني فيما يجري في صعده، وأن هناك مخططاً تم إعداده بعناية من قبل إيران، وإن أخفت الدبلوماسية حقيقة ما يجري، لكن أظهرت الأمور على أرض الواقع الأشياء على حقيقتها طول أمد المواجهة التي دخلت سنتها الرابعة، وحجم الأضرار التي خلفتها الحروب الثلاث، والتي لم تنته ثالثتها حتى الآن، كل هذا يدل على أن للقضية امتداداً إقليمياً وأطرافاً خارجية تغذيها، وأن على رأس هذه الأطراف هي إيران التي تسعى إلى إعادة مجدها الفارسي الذي كان له موطئ قدم على أرض اليمن.
المصدر / ألإسلام اليوم