سقطري .. جزيرة لا يسكنها إلا النساء
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر
الأحد 31 مايو 2009 06:33 م

بأكثر من 600 نوع من النباتات النادرة، و 730 نوعاً من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السراطين، ومئات الكائنات الحرية والبرية تبدو جزيرة سقطري اليمنية، لؤلوة طبيعية، تنتظر من يلمعها وينفض الغبار عنها، لتكون مقصداً مهماً للسياح من أقطاب العالم. ولأهمية هذه الجزيرة وما تضمه من ظواهر طبيعية، سارعت الأمم المتحدة لتعلنها محمية طبيعية وتخصص لها ميزانية، لحماية ما بها من حيوانات وطيور ونباتات وطبيعة من الأيدي البشرية التي تفسد على هذه الجزيرة ما وهبها الله لها.

وتعد سقطري أكبر الجزر التابعة للجمهورية اليمنية، وتقع في البحر العربي على بُعد 318 كم من رأس فرتك بمحافظة المهرة شرق خليج عدن, وتبلغ مساحة الجزيرة 3650 كم مربعاً، ويوجد بها مطار دولي وعدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة, حيث يعمل غالبيتهم في الزراعة ورعي المواشي والاصطياد والغوص . كما أن الجزيرة غنية أيضاً بمصائد اللؤلؤ.

تتشكل تضاريس الجزيرة من جبال وهضاب وسطى وأودية وسواحل, وأعلى قمة في الجزيرة يصل ارتفاعها إلى 1500 متر عن سطح البحر, والمناخ في الجزيرة استوائي, حيث تبلغ درجة الحرارة في السهل والساحل 38 درجة صيفاً، وفي أعالي الجبال تتراوح بين 25 - 28 درجة، والأمطار موسمية في الربيع والخريف. وفي الشتاء تتعرض الجزيرة والمنطقة البحرية بصفة خاصة لعواصف ورياح شديدة،

وعندما يبدأ موسم الرياح في جزيرة سقطري اليمنية، فإن كل شيء يتغير في حياة الأهالي، ومن بين أهم التغيرات التي تفرضها الرياح أثناء تجولك في أرجاء الجزيرة أنك نادرا ما تجد رجلا. فجميع الرجال يبدؤون هجرتهم السنوية مع بداية موسم الريح، متجهين إلى محافظة حضرموت، وهي أقرب المدن إليهم، ولا يبقى إلا قليلون، يضيق بهم الحال داخل الجزيرة التي تحاصرها الريح لمدة أربعة أشهر، وهي فترة اغتراب الرجال الذين ورثوا هذه العادة من أجدادهم ومازالوا يحرصون عليها.

وبعد مرور الأشهر الأربعة، تقام الاحتفالات وتزداد الأهازيج، ابتهاجاً بعودتهم، وتتزين النساء بأجمل ما لديهن من الثياب لاستقبال الأزواج المهاجرين إلى الضفة الأخرى، حيث لا توجد رياح متقلبة تمنع حتى هبوط الطائرات على مطار الجزيرة، وتؤجل الرحلات إلى غير هذا الموسم، الذي ينتهي بهطول أمطار غزيرة.

الكهوف المسكونة

كانت جزيرة سقطري منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد، أحد المراكز المهمة لإنتاج السلع المقدسة في الديانات القديمة، ولذلك اكتسبت شهرتها وأهميتها كمصدر لإنتاج تلك السلع التي كانت تستخدم في الطقوس.

ينتشر الكثير من الكهوف والمغارات الجبلية في مواقع عديدة من سقطري، والجزر التابعة لها السوقطري ومعظم تلك الكهوف والمغارات مأهولة بالسكان، وأهمها مغارة دي جب في سهل نوجد، حيث تعتبر أكبرها حجماً وتتسع لعدد من الأسر.

وتمتد شواطئ الجزيرة مسافة لأكثر من 300 ميل, حيث كثبان رمالها البيضاء الجميلة، إضافة إلى ذلك تنتشر أشجار النخيل بكثافة, وتعد هذه الشواطئ مواقع مثلى للاستجمام والغوص بعد توافر خدمات البنية الأساسية في الجزيرة وتهيئتها بالخدمات السياحية. كما تحتوي مياه الشواطئ على أحياء مائية عديدة ونادرة، منها السلاحف, بالإضافة للشعب المرجانية واللؤلؤ الذي اشتهرت بها جزيرة سقطري منذ العصور القديمة. وما يزيد جمال الجزيرة, شلالات المياه الغزيرة التي تنتشر في مواقع مختلفة ومن أكبرها شلالات دنجن، ومعظم هذه الشلالات تنبع من أعالي الجبال على مدار العام.

أرخبيل سقطري

يعد أرخبيل سقطري متحفاً للتاريخ الطبيعي، بما تحتويه من تنوع نادر يجعله جوهرة طبيعية, وتتميز الحياة البحرية في الجزيرة بتنوع كبير مع تواجد 253 نوعاً من المرجان، و730 نوعاً من الأسماك الساحلية و300 نوع من السراطين والكركند والربيان, بالإضافة إلى ذلك تم تسجيل أكثر من 60 نوعاً من الأحياء المائية البحرية، مثل الاسفنج، والصدفيات، التي تلعب دوراً مهماً في عملية التوازن البيئي.

وحسب المركز العالمي لمراقبة شؤون البيئة، فقد صنفت جزيرة سقطري إحدى الجزر العشر الغنية في العالم لما تحتويه من تنوع حيوي متميز وفريد.

الغطاء النباتي

تتميز جزيرة سقطري بغطاء نباتي وفير، حيث تصل الأنواع النباتية فيها إلى حوالي750 نوعاً, بينها مجموعة من النباتات، يستفاد منها في الطب الشعبي وعلاج الأمراض، ومن هذه النباتات أشجار الصبر السوقطري وأشجار اللبان والمر ودم الأخوين، بالإضافة إلى نباتات طبية أخرى شائعة الاستعمال في الجزيرة، مثل الجراز والأيفوربيا وغيرها.

كما يوجد في الجزيرة نباتات نادرة أخرى, وما يلفت نظر الزائر انتشار شجرة الأمته، بالإضافة إلى غابات أشجار النخيل الكثيفة المنتشرة في أماكن كثيرة أهمها ضفاف الوديان الجارية فيها المياه على مدار العام، وحسب علماء الطبيعة والبيئة أنها تحتضن أكبر تجمع للتنوع النباتي في العالم من أصل ما يزيد على 600 نوع نادر . كما تعيش في الجزيرة آلاف من الحيوانات البرية مثل الماعز السقطري المميز، وحيوان «قط الزباد» الذي يستخرج منه مادة الزباد وهي مادة عطرية تستخدمها معامل إنتاج العطور.

طيور فريدة

طيور سقطري متعددة الأنواع بحيث تشكل أحد معالم بيئة التنوع في الطبيعة, ومشاهدة أنواع الطيور ليس بالأمر الصعب، فهي تطير بالقرب من الزائر وفوق الأشجار وفي مياه البحر المحيطة بالجزيرة.

وتحتضن الجزيرة أكثر من 179 نوعاً من الطيور منها 25 نوعاً نادراً تعيش في 32 موقعاً على الجزيرة, وستة أنواع من الطيور المستوطنة تنفرد بها سقطري دون غيرها من بقاع العالم. كما تنفرد بأنواع من الحشرات، منها فراشات النهار المستوطنة وعددها 15 نوعاً وفراشات الليل، وتضم 60 نوعاً إلى جانب 100 نوع آخر من الحشرات 80 منها خاصة بسقطري. في العام 2000 أعلنت سقطري محمية طبيعية، واعتمدت داخلها 23 محمية طبيعية خصص لها 10 ملايين دولار مقدمة من مرفق البيئة العالمي التابع للأمم المتحدة. وفي العام 2008 أعلنت لجنة التراث العالمي التابعة للمنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة «اليونسكو» رسمياً انضمام أرخبيل سقطري إلى قائمة التراث الإنساني العالمي