اليوم تتفجر عدن الحبيبة حمما بشرية وتتطاير لحما أدمية . وكم سبقتها جرائم تمس حياة الناس وتمزق شراع الوطن ونسيجه الاجتماعي . كم تفجيرات وكم اغتيالات حدثت ! وكم حوادث خطف وتغييب حصلت !. وحتى اليوم لم تظهر للناس نتائج التحقيقات حولها , ولم يتم محاكمة مرتكبيها أو الضالعين فيها !. وكم تجاوزات أمنية واستغلال للسلطة وقع ! ونتج عنه مابين النهب والقتل والتعذيب والتغييب ! . وحتى اليوم لم نجد حسابا وعقابا لكل مسئول ومقاوم قام بها ظلما وعدوانا . ولا حتى جوابا شافيا يُذهب لوعة الباحثين عن مصير أبنائهم !. أين ذهب المغيبون ؟ في أي سجن أو حفرة ! يقبعون ؟ .
وبعد كل تفجير وتقصير هناك فئة ناشطة تقوم مباشرة بتنفيذ بروتوكول متبع لديهم يشمل التعتيم وقلب الحقائق . يبادرون إلى سرعة توجيه الاتهام نحو خلايا شمالية أوجهات سياسية معتادة , أو تحميل مسئولية التقصير أي شخصية من هنا وهناك !. ترتكز مهمتهم على سرعة تشتيت الأصوات وتفتيت المواقف التي تطالب بالمحاسبة الحازمة والقرارات الحاسمة ضد كل من تهاون في أداء مهامه . ولذلك يخلقون مسارا أخر للحدث , تتجه فيه الأفكار نحو جدال يذوب في مهاتراته كل صوت يطالب بالأمن والعدل والحق . إلى متى يستخفون عقول الناس ؟ دفاعا عن رموز وقيادات , هم أفسد من أعجاز تخل خاوية .. ودعما لأنظمة ومؤسسات , هي أوهن من بيت العنكبوت .
وهناك خطران عظيمان يظهران على السطح الجنوبي بكل وضوح . ـ الأول احتقان مناطقي متعصب يتجمع تحت السطح , وحين يجد يدا تثقب طريقا له , فسوف ينفجر في وجه الوطن مشوها كل جمال فيه , ومحرقا كل إخاء بين جنبيه . ـ والثاني اختلاف تضاد وتنابز بين الناشطين والمواطنين في تحميل مسئولية القصور والتفلت . فهناك من يحملها لمحافظ عدن ومدير أمنه , والبعض يوجهها نحو وزير الداخلية ( حسين عرب ) ومدافعا عن ( عيدروس وشلال ) بتعصب وقوة , والبعض يذهب بها للرئيس ( هادي ) مباشرة . وهذا التضاد ينبئ عن توجهات وتكتلات لدى كل طرف , وبناء عليها يتم اتخاذ الموقف والقرار . كل هذا ينذر بخطر شديد يتهدد ( عدن ) خاصة , والشق الجنوبي من البيت اليمني عامة . شق يعيث بعض أبناءه نقبا في أساسه , وخرقا في جدرانه ! فماذا ينتظر الباقون لمنع تحطم سقفه على رؤوسهم جميعا ؟ .
سيذهب البعض ـ كالعادة ـ نحو وجود خلايا شمالية أو إصلاحية , أو هو مخطط رسمه عقل عفاشي . أيا كان التحليل جزافا هراء , أو معقولا وجيها . إلا أن ما نحن متأكدون منه أن وسائل ومراحل المخطط , من التدبير والتوفير والتسهيل والمتابعة والمراقبة والتوقيت .. وصولا إلى التنفيذ , وما بعده .. ! , كل ذلك نفذته جوارح جنوبية . فبأي منطق نقول أن الجنوب على عقل واحد , وأن الجنوبي على قلب واحد . وأيَّ وطن وهوية ! ذلك الذي ما زلنا نطالب باستعادته يوميا ؟ .