من الواضح أن تحالف الحوثي صالح تلقى ضربات موجعة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية خلال مائة يوم من انطلاق عملياته في اليمن وذلك في 26 من مارس الفائت ، استطاعت هذه الضربات أن تعطل سلاحه الجوي وتدمر جزء كبير من ترسانة الأسلحة التي عمد علي صالح لتخزينها في جبال صنعاء طوال ثلاثة عقود تحسباً لأي أخطار تهدد كرسي حكمه .
كما أن الخسائر البشرية التي تكبدها تحالف الحوثي صالح لا يستطيع أن ينكرها أحد سواء من خلال قصف قوات التحالف أو عمليات المقاومة الشعبية المؤيدة لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي في عموم المناطق اليمنية ،
ومع أن حالة الضعف هذه واضحة ، إلا أن المقاومة الشعبية غير قادرة على إحداث أي تقدم استراتيجي على الأرض حتى الآن على الأقل وذلك بفعل عوامل عدة أهمها :
* عدم امتلاكها للسلاح النوعي في مقابل سلاح الدولة الذي يسيطر عليه تحالف الحوثي صالح.
* تفتقر للمهارات القتالية التي تتمتع بها مليشيات الحوثي كخبرة قتالية تراكمية اكتسبتها من خلال حروبها الست السابقة مع نظام حليفها الحالي علي صالح ، أو من خلال تلقيها لتدريبات قتالية على يد الحرس الثوري الإيراني سواءً في معقل الجماعة بمحافظة صعدة أو خارج اليمن ، ناهيكم عن المهارات القتالية لقوات الرئيس السابق علي صالح و التي أعدها على أساس أنها قوات نخبة يمنية مهمتها الرئيسية المحافظة على نظام حكمه وضمان انتقاله من بعده لنجله أحمد الذي هو في الأساس قائداً لها
* تشتت المقاومة الشعبية على الأرض و عدم امتلاكها غرفة عمليات مشتركة تضبط إيقاع عملياتها وتوجه ضرباتها بشكل صحيح .
*انعكاس الخلافات التي بدأت ترشح مؤخراً بين الرئيس هادي ونائبه بحاح و أعضاء الحكومة والمؤيدين لشرعية هادي من قيادات حزبية و عسكرية ومدنية سابقة أو حالية وشخصيات اجتماعية وقبلية على مكونات المقاومة الشعبية على الأرض .
نستطيع أن نجزم أن خلافات النخب اليمنية المقيمة مع الرئيس هادي في الرياض سيكون لها انعكاسات خطيرة على الأزمة اليمنية ، كونها بالأساس خلافات لها تراكمات زمنية ومن الصعوبة تجاوزها ، كما بإمكان صالح وهو الماهر في ذلك اللعب على وترها جيداً لإطالة أمد الصراع الذي سيصب في الأساس لصالح تحالفه مع جماعة الحوثي كونه القوة المسيطرة على الأرض .
مائة يوم و عاصفة الحزم لم تحقق هدفها المتمثل في إعادة الرئيس هادي وحكومته إلى سدة الحكم بعد أن انقلبت عليه مليشيات الحوثي مطلع العام الحالي ، أو تُؤمن له مدينة يمنية يتمكن من ممارسة سلطاته وحكومته منها ، وإن كان تحقق لها أي العاصفة أهداف أخرى بالتأكيد سيكون لها انعكاسات كبيرة في قادم الأيام على على الحوثيين و صالح إذا قُدر للقوى المناوئة لهما والتحالف العربي الداعم لها الاتفاق على تفاصيل المرحلة المقبلة في اليمن ، إذ من الواضح أن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية يفقد ثقته بالرئيس هادي يوماً بعد آخر وإن لم يفصح عن ذلك علانية ،كما لديهم تحفظات على بعض القوى الفاعلة على الأرض كحزب الإصلاح ، فيما تعاني الكيانات الأخرى من خلافات وتصدعات لا تؤهلها للقيام بأي دور محوري خصوصاً في الظرف الحالي الذي تمر به اليمن ، وبدا ذلك واضحاً من التسريبات التي نسبت لتقرير إماراتي حول الوضع في مدينة عدن والذي خلص إلى أن الحراك الجنوبي غير مؤهل لاستلام زمام المبادرة في المدينة ، ولا توجد أي قوى جاهزة هناك للقيام بالدور الأمثل غير حزب الإصلاح الذي لدولة الإمارات بالذات موقف منه بحكم مواقفها الواضه من حركة الإخوان المسلمين .
وبذلك نستطيع أن نصل إلى نتيجة ربما تكون مُدركة لدى الكثير من المتابعين للوضع اليمني بأن ضربات التحالف وإن استمرت ألف يوم اخرى لن تحقق أهدافها كاملة طالما والتحالف عاجز عن إيجاد شريك قوي وفاعل يحقق توازن ملموس على الأرض يجبر تحالف الحوثي وصالح على العودة إلى طاولة الحوار والقبول بالحلول الممكنة ، إذ لا يمكن أن تحكم اليمن إلا بشراكة حقيقية بين جميع مكوناته الساسية والاجتماعية .
ما عدا ذلك لن يتغيير شيئ سوى أعداد القتلى والجرحى وكذا أعداد النازحين واللاجئين والمنازل والمدن المدمرة