تجريب المجرّب غباء، والإستسلام له جريمة ألعن من جرائمه كلها، وزد فوق ذلك أن قبول الدخول بالمفاوضات أو لنسميها "مناكفات" معهم هو شرعنة رسمية للإنقلاب، وإعتراف بطرف أسقط الدولة ودمّر البلاد وقتل العباد، ولا مجال لأن نقبل أن المفاوضات هدفها فضح الإنقلابيين أمام العالم.
أخيرًا انكشفت اللعبة الأممية، بأن يقوم التحالف الإنقلابي "الحوثي العفاشي" بدور تعطيل المفاوضات، وإيصالها الى طريق مسدود، ثم تقوم الأمم المتحدة ومجلس الأمن بطرح مبادرة توافقية، تحت مبرر أن الأطراف المتفاوضة لم تصل الى اتفاق، وهذه المبادرة الأممية المهجّنة من القرار الأممي 2216 لن تمس جوهره، وستعطي فرصة لهؤلاء المجرمين الذين فقدوا كل شيء بالعودة الى سدّة الحكم مرة أخرى.
الآن وقع الوفد الحكومي المفاوض في مأزق الإنسحاب والتراجع، وتم التفويت عليهم فرص الإنسحابات السابقة التي أتيحت لهم أمام تعنّت الإنقلابيين، فتم إيصالهم الى انتظار الحل الإستسلامي الأممي الذي سيدمّر كل انتصارات عاصفة الحزم، ونضالات رجال المقاومة في كل ساحات القتال، ويعيد الأمور الى ما كانت عليه وأسوأ، وإن رفض الوفد الحكومي أي حل، لن يتم التعامل معهم مثلما كانوا يتعاملون مع الإنقلابيين، بل سيتم تصويب سهام الإتهام نحوهم أنهم معطلون الحلول السلمية.
وبتصويب النظر بعمق الى المآلات المتوقعة، والمفخخات التي تنتظرنا في حال قبولنا للحل الإستسلامي، نرى أن ذلك سيؤدي الى "إعادة ضبط المصنع" للمشروع الإيراني الفارسي المجوسي فى اليمن من جديد، وهذه هي الكارثة المحققة التي لم يفهمها الكثير من اللعب والعبث الإيراني من خلال صبيانهم في مناكفات الكويت، وبدعم من امريكا وحلفائها.
ومن مفخخات الحل الإستسلامي أن هذه العصابات التي امتهنت الحروب والقتل والتدمير ستستمر بعد تأمينهم من ضربات طيران التحالف، التي سيتم ايقافها بالحل السلمي الذي سترعاه الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وبالتالي أي تدخّل سعودي سيعتبر تدخلاً فى الشؤون الداخلية اليمنية، ولن يكون الرئيس هادي موجودًا حتى يطلب التدخل السعودي لإنقاذ البلد، لأن من ضمن المخطط الدولي أيضًا إزاحته، وإيجاد رئيس "متحوّث مخفي، ومتمأرك مؤدلج".
ومن المفخخات التي نخشاها، أن اليمن ستتمزق وفقًا للمخطط اليهودي القديم الذي يرى بضرورة تمزيق اليمن الى ست دويلات، ولن يكون اليمن في حال تمزّقه مددًا لبلد الحرمين الشريفين من أي اعتداء عليها من الدولة الإيرانية الفارسية التي تطمح للسيطرة على مكة والمدينة، مع العلم أن كل مهيئات التمزيق موجودة الآن في شمال اليمن أو جنوبه، وهي بحاجة فقط لإشعال فتيل التمزيق.
ومن المفخخات التي ستحصل، وهي آثار لما ذكرته من المفخخات عدم استقرار الوضع المعيشي والأمني والسياسي والنهضوي للبلد، لأننا حينذاك سندخل في صراع من نوع آخر مع قوم لا يحكمهم ديــــن ولا أخلاق ولا ضمير ولا قانون، وسيتم إدخالنا من حيث لا نريد في صراعات دموية ومناطقية وطائفية.
أما على مستوى المنطقة، فهناك كارثة من نوع آخر، وهي سعي الأطراف الدولية لإفشال مشروع عاصفة الحزم الذي أنجب لنا الإتحاد الإسلامي العظيم باعتبار أن أول معركة له مع المشروع الفارسي الرومي قد فشل، وبالتالي فلا داع ٍ لاستمراره، وستقوم امريكا وحلفاؤها من الروم بإقناع الكثير من الدول الإسلامية التي تحالفت مع السعودية لتركها وحدها في مواجهة مصيرها.
قد يقال بالغت في توصيف المشهد، لكن هذا هو المخطط القديم الجديد الذي سيتم تنفيذه إن قبلت الدولة الشرعية وقيادة التحالف العربي بهذا الحل الإستسلامي وستذكرون، لكن ما أعتقد به أن السعودية لن تقبل بمثل هذه الحلول الإستسلامية، لأنها أيقنت أنها هي الهدف الرئيس للبطش بها من لعبة الدولة الفارسية فى اليمن، ولذلك لن تسمح بمثل هذه الألاعيب أن تستمر.