بدأ الإختراق الفعلي للحراك عند تشكٌّل أول جبهة معارضة لنظام حكم عفاش فى الجنوب (موج) في نوفمبر 94م، والتي كان يرأسها عبد الرحمن الجفري، ثم تشكلت حركة (حتم) في عام 97م في الضالع ولها فروع في عدن ولحج، واستطاع كذلك اختراقها، وتعود أسباب الإختراق الى قوة الأجهزة الأمنية آنذاك، وقدرتها الفائقة في ضخ الكثير من الأموال وشراء الذمم، وخصوصًا أن الكثير ممن تم كسبهم يعانون الكثير من الفاقة المالية، فتم اعتقال الكثير من العناصر المرتبطة بهاتين الحركتين، وبالتالي استطاع أن يخمدهما معًا.
في مارس 2007م تم تأسيس جمعية المتقاعدين العسكريين نظرًا للقهر الحقيقي الذي حصل للعسكريين الجنوبيين بتسريحهم قسريًا، ورميهم برواتب ضئيلة لا تكفيهم، وفي 7/7/2007م خرجت أكبر مظاهرة في ساحة العروض بخور مكسر، وبالزي العسكري بقيادة العميد/ ناصر النوبة، وهو الميلاد الحقيقي للحراك الجنوبي، وكانت المطالب حينها حقوقية بحتة، تلتها مهرجانات متفرقة للعسكريين منها ما حصل بجانب مكتب المحافظة بالمعلا، ثم بدافع التنافس تلى ذلك تشكيل مكونات سياسية مثل الهيئة الوطنية للإستقلال والمجلس الوطني للحراك، وهيئة النضال السلمي في زمن متقارب ويبدو للمتابع أن هذه التشكيلات كان بعضها مدعوم من السلطة، وبعضها مدعوم من طرف علي ناصر والعطاس، وبعضها مدعوم من تيار البيض وباعوم، ثم بعد ذلك تم تشكيل المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب في عام 2009م حين خرج البيض من سردابه، ثم حدث تمزّق لهذا الفصيل الكبير، وأصبح فصيلين يقودهما البيض وباعوم، ثم أعادتهما إيران بواسطة أذنابها في لبنان الى فصيل واحد، خاضع لها.
وفي ثنايا هذه التشكيلات برزت قيادات وأسقطت قيادات، وتفرّعت مكونات، ودمّرت مكونات، المؤكد أن سببها وجود اختراقات من النظام العفاشي آنذاك، عبره شخصيًا وبعض أذنابه وأجهزته المخابراتية، وكذلك اختراقات من أطراف خارجية تتقاطع مصالحها مع بعضها البعض، ليؤكد لنا أن هؤلاء القيادات مستأجرين لخدمة مشاريع خارجية، الغائب الأكبر فيها هو حق أبناء الجنوب فى العيش برخاء.
لم يكتف ِ علي عفاش وأجهزته الأمنية في تمزيق الكيانات الحراكية، بل أبدع في صناعة تشكيلات جديدة في الساحة، مناوئة ومنافسة للتيارات الجنوبية الأخرى، لها صلات وعلائق بالنظام العفاشي، ومنها ملتقى أبناء الجنوب في صنعاء من شخصيات جنوبية، ويقود هذا التيار القبطان/ سعيد اليافعي ود. صالح باصرة، وهناك تيار آخر ظل يعارض قيادة الإشتراكي المعارض لعفاش، تحت مبرر إصلاح مسار الوحدة، والذي كان يقوده د. محمد مسدوس وحسن باعوم، ثم خروج هذا التيار من اطار الحزب الإشتراكي، ليتم تهيئته بطريقة عفاشية معينة، ليكون مناوئًا للإشتراكي من ناحية فيضعفه داخليًا بوجود انشقاقات فيه، ثم يقوم بتبنيه مبدأ عدم صحة أن يبقى عضو الحزب الإشتراكي ضمن إطار الحراك، ولذلك كان يدعو هذا التيار الى إستقالة كل شخص اراد الإرتباط بالحراك من الحزب الإشتراكي، باعتبار أن الحزب الإشتراكي متماهٍ مع النظام في الشمال ويقبل به كمحتل، ومن هنا وجدت اختلالات حزبية، وتناقضات بين الولاء الحزبي والولاء المناطقي، ولا يخلو أن تكون تلكم التناقضات والتمزقات سببها الإختراق لبعض القيادات المرتبطة بالفريقين المتناقضين المختلفين.
بعد اضطراب الوضع في عدن، بعد الثورة الحراكية وخروج المظاهرات المناهضة للنظام العفاشي آنذاك، نزل علي عفاش الى عدن، واستدعى الكثير من القيادات الحراكية في عدن ولحج والضالع وغيرها، وأغدق عليهم بالمال والسيارات، وبالتأكيد استطاع شراء الكثير منهم، لأنهم بعد ذلك لم يُسمع لهم صوت، ومنهم مكون ناصر النوبة، الذي لم يستطع الثبات واقفًا مع المتقاعدين الذين أخرجهم من بيوتهم لمتابعة حقوقهم، ولم يحقّق لهم غاية ومثله كثير، ومن هنا استطاع أن يمسك بخيوط اللعبة في يده مستغلة حاجة هؤلاء القيادات للمال، واستمر بواسطة أجهزته المخابراتية توسيع دائرة الإنشقاقات، وبث الخلافات، وإنشاء كيانات جديدة مناهضة لأخرى قديمة، ومن كثرتها لا يستطيع المتابع أن يعددها، أو يحفظ أسماءها ولا قياداتها.
نكمل في الجزء السادس، تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع إن شاء الله.
6/4/2016م