الكاهن العفاشي مع الحزب الإشتراكي بعد الوحدة :
دخل عفاش الوحدة وهو يعلم عن الرفاق أكثر مما يعرفونه، واستطاع من خلال خبرته بهم أن يلعب بأوراق عديدة، أهمها: أنه رأى في هؤلاء الإشتراكيين حاجتهم للرفاهية والترف الذي لم يكن معهودًا لديهم ابان نظام الحكم الإشتراكي، فأفخم بيت لدى أبرز قياداتهم فى الجنوب لا يوازي بيتًا واحدًا لأصغر تاجر في الشمال، وبهذا استطاع أن يشتري الكثير من القيادات العليا والوسطى بكل سهولة، بعض ذلك كان يتم بطريقة سرية، ليضمن من خلاله الحصول على المعلومات عنهم واستمرار تدفقها اليه، من ثم تسيير دفّة الحزب من خارجه، ثم تأجيج الصراعات بين قياداته، وبعضهم انخرط في حزبه المؤتمر فيما بعد، وهم كثير وفي كل المستويات الحزبية العليا والوسطى.
استطاع أن يوجد فصيل "تصحيح مسار الوحدة" بهدف شق الحزب، وإخراجه عن مساره، وتشكيل فكر جديد مناهض للفكر الإشتراكي المعمول به في وثائقهم، ووضع المناضل/ علي صالح عباد والقيادات الرصينة التي تلتف حوله في مآزق كثيرة، لأنهم لم ينجرفوا مع ألاعيبه، وظلوا صامدين أمام اختراقاته المستمرة، ووقفوا لكل القيادات التي أرادت أن تتماهى مع عفاش وألاعيبه، وساعد عباد في ذلك ثبات وصمود الأمين العام المساعد/ جار الله عمر- رحمه الله-، والذي قتله عفاش في أحد مؤتمرات الإصلاح عقوبة مواقفه القوية نحوه.
في نفس الوقت ظل عفاش يعزف على وتر المناطقية بين إشتراكيي الجنوب واشتراكيي الشمال، ليلغي أولاً الأممية الإشتراكية المتمردة على الحدود الجغرافية المصطنعة، ثم يلغي الوطنية اليمنية، التي ظل الحزب الإشتراكي يتغنى بها لأعوام مديدة منذ الإستقلال في عام 67م ليضعه في بوتقة المناطقية، والكل يعرف أن العناصر القيادية في الحزب الإشتراكي الشمالية ليست بأقل كفاءة ولا قدرة قيادية من القيادات في الجنوب، لكن الكاهن العفاشي استطاع أن يستغل الأطراف الجنوبية وبالذات في القيادات الوسطى الموجودة في عدن وفي حضرموت وفى الضالع وفي عدن وأوصلهم عبر عناصره المشتراه والمدسوسة في الإشتراكي لأن تنادي وتطالب بضرورة انفصال الحزب الإشتراكي في الجنوب عن الحزب الإشتراكي في الشمال، ليضع قيادات الإشتراكي من الشمال بين مطرقة متطرفي الجنوب أو أن يضعهم تحت سلطانه وجبروته وتخويفهم باستهدافهم فيما لو تمت عملية الإنفصال، وكان من نتاج ذلك أن قيادات اشتراكية محسوبة على الجنوب اتهمت بأن لهم عروق شمالية مثل د. ياسين سعيد نعمان، واستمرت الإنشقاقات الحزبية الفكرية والعملية حتى يومنا هذا، وإن بقيت الهيكلة الحزبية على ما هي عليه، فأصبح الإشتراكي منقسمًا بين الشماليين والجنوبيين، ولا يوجد أي توافق أو تقارب حزبي، بل العداوة والقطيعة مدفوعة من الأطراف الجنوبية بشكل كبير، ويبدو أن الأمور ستؤول في نهاية المطاف وخصوصًا بعد انتهاء الحرب الى انشقاق حزبي كبير ذات طابع مناطقي جهوي.
وإمعانًا في التمزيق، وللهروب من المطالبات الإشتراكية بتسليم مقر الحزب في المعلا بعدن، اصطنع لهم شخصية اشتراكية من إب، يحمل رتبة عسكرية "عقيد" يدعى/ يحيى الصباحي، بحجة أنه أمين عام للحزب الإشتراكي، بكل جراءة وإسفاف وزوده بالمال اللازم، وأعطاه توجيهًا رسميًا الى إدارة أراضي وعقارات الدولة بأن يتم تسليم مقر الحزب للأمين العام/ يحيى الصباحي، وكلفه بتشكيل حزب اشتراكي جديد، وأسند الى بعض الشخصيات الأمنية والعسكرية التابعة له في عدن للتواصل معه، ومساعدته للتواصل مع بعض الشخصيات الإشتراكية، لكنه لم يفلح في تنفيذ هذه المهمة.
استطاع أن يضم بعض الشخصيات البارزة في الإشتراكي الى صفه وإغراءهم بالمناصب ولوازمه، وإحضارهم من خارج البلاد منهم سالم صالح محمد- الأمين العام المساعد للإشتراكي، وأحمد بن دغر، وأحمد الحبيشي، وغيرهم، وكذلك شراء الكثير من القيادات الإشتراكية في المحافظات الجنوبية، وخصوصًا بعد حرب 94م عن طريق المال والمناصب، فانجرف الكثير والكثير من هؤلاء جريًا وراء مصالحهم، فكانت القاعدة الحقيقية للمؤتمر الشعبي في الجنوب هي من الخارجين من الإشتراكي.
استعان بعبد الكريم شائف مستغلاً علاقته المناطقية ببعض القيادات الإشتراكية في عدن، وأغدق عليهم بالمال لينفذ ألاعيبه، وأهم الأعمال هو تجميد التحشيد الشعبي لنشاط أحزاب اللقاء المشترك المناهض لحزب المؤتمر في انتخابات عام 2003م، لتقوم هذه الشخصية القيادية الحزبية في عدن بتجنيب الإشتراكي عن أي تنسيق مع الإصلاح وبقية الأحزاب الأخرى، وكان من نتيجتها السقوط المدوي للقاء المشترك، وصعود واسع للمؤتمر الشعبي العام في عدن، وحصوله على غالبية الأصوات.
الكلام يطول في ذلك، لا يسعنا المقام هنا التفصيل فيه، لكن باختصار نستطيع القول أنه خلخل الحزب الإشتراكي الذي كان له قوته في الجنوب والشمال، فأخرجه من الأممية، ثم العربية القومية والوطنية، وأدخله في سراديب المناطقية الجهوية، ثم وضعه مع أمينه العام الجديد "السقاف" في زبالة المشروع الإيراني الفارسي المجوسي، فهل ستقوم بعد ذلك للحزب الإشتراكي قائمة.
وفي مقال قادم بإذن الله نتحدث كيف استطاع الكاهن العفاشي أن يخترق الحراك ويدمره من الداخل؟!
16/3/2015م