العديد من المراقبين والمحللين اليمنيين غلبت عليهم النظرة التشاؤمية حيال الاجتماع الرباعي الذي عُقد في التاسع عشر من شهر يوليو/ تموز الجاري في العاصمة البريطانية لندن.
ومصدر هذا التشاؤم التقدير الخاطئ هو أن الاجتماع الرباعي أكد على الحل السياسي للأزمة اليمنية. والحقيقة أن اجتماعاً كهذا ما كان يجب أن يخرج إلا بالتأكيد على هذا الموقف وعلى دعم المبعوث الدولي.
لكن الحل السياسي الذي أقره الاجتماع الرباعي ليس هو الذي يريده الانقلابيون وهو الذهاب إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية قبل البدء تنفيذ الترتيبات الأمنية التي ينص عليها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
فهذا الاجتماع شدد “على أن الحل الناجح يشمل ترتيبات تتطلب انسحاب الجماعات المسلحة من العاصمة ومناطق أخرى، واتفاق سياسي يتيح استئناف عملية انتقال سياسي سلمية وتشمل الجميع”.
وهذا الموقف في تقديري يعتبر جديداً بالنسبة لبريطانيا وأمريكا اللتين كان سفيراهما يضغطان بقوة على الحكومة للقبول بمقترح تشكيل حكومة شراكة وطنية قبل انسحاب الميلشيا من المدن وتسليم السلاح، ودعماً مقترحاً أممياً للحل يقوم على هذه الخطوة تحديداً.
بل أن البيان الصادر عن الاجتماع الرباعي خطا خطوة أخرى مهمة بتأكيده أن إعادة تشكيل حكومة ممثلة للجميع هو السبيل الوحيد لمكافحة جماعات إرهابية كـ”القاعدة” و”داعش” بفعالية، ومعالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية بنجاح.
أي أن الذريعة التي سمحت للحوثيين بأن يعوثوا في الأرض فساداً، لم تعد متاحة لهم اليوم، فقد قاموا بكل ما قاموا به لأن الولايات المتحدة والغرب عموماً ذهبوا خلف فكرة أن الحوثيين يمكن أن يكونوا أداة فعالة في مكافحة الإرهاب المستشري في اليمن، ولكنهم كانوا سبباً في تفاقهم ظاهرة الإرهاب، بعد أن أظهروا نزعة استئصال طائفية للخصوم واستثاروا الجميع ضدهم، ليتبين أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتم بنجاح إلا عبر حكومة تمثل جميع اليمنيين.
إن اجتماع لندن الرباعي على الرغم من أنه انعقد في الظاهر ليدعم مشاورات الكويت، إلا أنه حدد المسار الذي يجب أن تمضي فيه هه المشاورات، وهو مسار مرفوض بالجملة من الانقلابيين على الرغم من أنه لا يخرج عن قرارات الشرعية الدولية، بل يعبر عن جوهر هذه القرارات وبالذات القرار رقم 2216.
وهناك مؤشرات تدعم الاعتقاد بأن اجتماع لندن شكل انعطافة مهمة في مسار الأزمة اليمنية أهمها التصريح الصادر عن نائب وزير الخارجية الكويتي الذي قال إن بلاده ستعتذر عن عدم مواصلة المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة إذا لم تتمكن الأطراف اليمنية من إيجاد حل لأزمة بلادهم في الموعد المحدد للمشاورات، وقوله: نحن استضفنا بما فيه الكفاية، وعلى الأشقاء أن يعذرونا إذا لم نكمل الاستضافة”.
هذا الموقف القوي جداً من جانب الكويت يتكامل تماماً مع مخرجات اجتماع لندن الرباعي وزيادة على ذلك، ما نراه اليوم من تطورات ميدانية تتمثل في اندلاع المواجهات العسكرية الشاملة في منطقة حرض التي يمكن أن يستعيدها الجيش الوطني قريباً من الانقلابيين، وتصاعد وتيرة القصف الجوفي في أكثر من جبهة على مواقع الانقلابيين.
إن هذه التطورات تشير إلى تبدل في المواقف من شأنها أن ترجح خيار الحل العسكري، أو اعتماد القوة القهرية لإجبار الانقلابيين على القبول بالحل السياسي.