آخر الاخبار

55 ألف تأشيرة متاحة للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. السفارة الأمريكية باليمن تمدد الموعد النهائي لتقديم طلبات الهجرة غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد اول دولة عربية تعلن عن تطوير 8 منظومات متكاملة لصناعة الطيران حادث مروري مروع في المهرة يخلف 11 ضحية

لو عاد البوعزيزي إلى الحياة!
بقلم/ خلف الحربي
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و يومين
الأربعاء 30 مارس - آذار 2011 05:46 ص

مسكين محمد البوعزيزي، مات دون أن يعلم أنه بإحراقه لنفسه سوف يقلب العالم العربي رأسا على عقب، كان أقصى ما يتمناه هو أن يقابل أي مسؤول في الولاية كي يشرح له مشكلته الصغيرة، لم يكن يفكر إطلاقا في الحرية والديمقراطية وتداول السلطة، كل هذه العناوين الكبيرة لم تكن تعني له شيئا، قدر ما تعنيه له عربة الخضار البدائية التي يكسب منها قوت يومه، والتي لم تكن تحمل أكثر من الكوسة والملفوف والفجل والبصل، والتي تمت أزاحتها بعنجهية من الطريق العام، ففي اللحظة التي أحرق فيها نفسه كان يشعر بأنه غير قادر على تغيير واقعه البائس، وإذا به يشعل نيران التغيير في كل ديار العرب من المحيط إلى الخليج.

منذ تلك الحادثة الصغيرة ونشرات الأخبار لا تتوقف عن بث الأخبار العاجلة، سقطت أنظمة حديدية، واهتزت عروش، ورحلت أسماء ووجوه كثيرة كنا نظن أنها باقية إلى ما لا نهاية، ولأنني مثل ملايين العرب الذين يتسمرون اليوم أمام شاشات المحطات الإخبارية، تراودني بين فترة وأخرى فكرة غريبة، وهي أن البوعزيزي لم يمت، ولكنه دخل في حالة غيبوبة ثم أنقذه الأطباء بعد عدة أشهر، أتخيله يسير بصعوبة وجسده مشوه تماما بفعل الحريق، أطلب منه أن ينظر إلى ما حدث في تونس ومصر وليبيا، وأشير إلى الموجات الاحتجاجية التي شملت أغلب ديار العرب، وأسأله مذهولا: (بوعزيزي.. وش سويت؟!).

ليس لدي أدنى شك بأنه لو تحقق هذا السيناريو الفانتازي وعاد البوعزيزي للحياة فعلا، فإنه سيصاب بلوثة عقلية، لأن ما حدث يفوق الخيال فعلا، تخيلوا شابا لم يكن قادرا على الحوار مع موظف البلدية يغير التاريخ، ويكاد يعيد تشكيل كتاب الجغرافيا، ولكن ــ كما يقال ــ معظم النار من مستصغر الشرر، فالبوعزيزي شكل رمزا صارخا لغياب العدالة والحرية والحوار في العالم العربي، واستطاع رغم بساطته المتناهية إيصال الرسالة التي عجزت النخب العربية عن إيصالها طوال القرن الماضي، وهي أن غياب الحرية والمساواة يعني باختصار غياب لقمة العيش الكريمة، ولذلك يعيش عامل النظافة في بريطانيا حياة أفضل من أستاذ جامعي في بعض الدول العربية!.

قبل حادثة البوعزيزي وتداعياتها التاريخية كنت متيما بقصيدة للشاعر أحمد مطر يرثي فيها فنان الكاريكاتير المناضل ناجي العلي يقول فيها: (ماذا يضيرك أن تفارق أمة.. ليست سوى خطأ من الأخطاء؟، رمل تداخل بعضه في بعضه.. حتى غدا كالصخرة الصماء، لا الريح ترفعها إلى الأعلى.. ولا النيران تمنعها من الإغفاء)، ولكنني اليوم أشعر بأن نار البوعزيزي أحرقت واقع الصخرة الصماء!.

klfhrbe@gmail.com

*نقلاً عن عكاظ