اليمن بين قرن الطغيان وقرن الشيطان
بقلم/ عبد السلام الكبسي
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 19 يوليو-تموز 2011 09:22 م

جاءت المبادرة الخليجية كأنها رقية شيطانية، وانبثق من أرض نجد قرن الشيطان يزف إلى اليمنيين أنباء عن مصارعهم جراء ما اقترفت أفواههم التي صرخت بالرحيل في وجه المارد الذي سخره كهنة "آل سعود" لخدمة أغراضهم التي لا ترى بالعين المجردة.

وهي ذات الأغراض التي قال أصحابها لأنبياء الله في لحظات مقاومة الباطل بحجج الإيمان "إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَّوَلِينَ" ، يعنون بذلك كل حق أريد به إزهاق باطل.

وهو ذات السياق الذي سار فيه الممثل الرسمي لدول الخليج يوم أن شرع في قراءة بنود المبادرة الخليجية في نسختها الأولى.

وبعيداً عن تتمة تلك المبادرة المشؤمة في نسخها الست، يقف وراء "عبداللطيف الزياني" من يحملون خناجر مسمومة يضعونها في خواصر اليمنيين، وعلى وجوههم تمتط ابتسامات بلهاء يفضحها الزووم الرقمي والميجا بكسل، لامتناع الرحمة عن قلوب أصحاب الشماغات المذهبة.

ورغبة منهم في كبت الحقيقة، وتحويل مسار التاريخ على النحو الذي يرضى عنه شراح المتون، عقب قراءة طقوس الماسونية بطريقة حدثنا عبداللطيف الزياني عن محمد بن زايد آل نهيان عن عبدالله آل سعود عن باراك حسين أوباما ، عمن وراءه من أقطاب الماسونية ممن يقفون على أعتاب الدرجة الثالثة والثلاثين من درجات الماسونية والتي وراءها ضياع للمتن ، وانقطاع في السند وانقطاع لأعناق الباحثين عن حقيقة القوى المحركة لذوي العقالات الملكية.

وعودة إلى بداية الفقرة السابقة، فقد جاء "آل سعود" إلى اليمن كما جاء أسلافهم من قبل، جاءوا يحملون إرثاً تاريخيا مادته الوهم وطبيعته القهر والحرمان.

وكان مجيئهم على خلفية قلق عارم واضطراب كبير أصيبوا به جراء تفجر الأوضاع في اليمن مع بداية الثورة الشعبية السلمية في فبراير الماضي، إذ أنهم ما استفاقوا من طوفان ثورتي تونس ومصر، حتى أوجس في قلوبهم خيفة بركان ثورة اليمن، فأدرك أكثرهم ولعاً بالكهنوت السياسي على، أن ما قرأه في بنود وثائق صياغة الجبروت، يشير إلى حدوث تحول تاريخي في المنطقة، ولما كان ذلك قد أسقط الرهبة في قلب خادم الحرمين، فقد بادر آل سعود إلى تحسس مقابض سيوفهم، كموروث تاريخي يعمدون من خلاله إلى تقمص الأدوار المنوطة بهم، والتي يظهر الشخص من خلالها على خلاف ما هو عليه، في تعمد واضح لمخالفة مذهب السلف الذي يقتضي انسجام الباطن مع الظاهر، تمهيدا لتحقيق معنى استخلاف الإنسان في الأرض كما أراده الله، لا كما أراده "آل سعود" الذين تعمدوا التأويل في هذا الأمر على خلاف ما أشار عليهم سلفهم "بن عبدالوهاب" من كون الإنسان منوطٌ به تحقيق العدل وإشاعة الأمل ونشر الفضيلة وما استفاظ في شرحه في مؤلفاته التي لم يحفظ منها آل سعود ما يكفيهم ليقول عنهم كل يمني حر "أثابكم الله" ، ولأجل ذلك كله فقد أصيب الناس في معاشهم بسبب جرأة الباطل لدى آل سعود على الحق الذي خرجنا لأجله، وأصبحت اليمن منذ عدة شهور مسرحاً لبث الغيض وإشاعة البلوى وسحق أحلام الحرية، وإرهاب المواطنين وحصارهم في أقواتهم وأرزاقهم، وتلك بالضبط هي وصية "خادم الحرمين" للرئيس اليمني، عقب جمعة الكرامة، ولم يكن له أن يتخلف عن تنفيذ تلك الوصية لا سيما وقد أوعز إليه "الملك المفدى" بضرورة الاستعصاء على مطالب الثوار، تلك التطمينات أرسلت بمعية ملايين الدولارات على طائرات ملكية، وارتسمت في مخيلة "علي صالح" ملامح مستقبل يريده مشرقاً، وعند الله نقيض ذلك.

إن اليمن اليوم تعيش ذات الأجواء التي عاشتها عقب ثورة 26 سبتمبر، إذ قادت فيها السعودية – كما هو ديدنها – ثورة مضادة استمرت أكثر من سبع سنوات، أنفقت خلالها ملايين الدولارات في محاولة لإعادة البدر إلى دار السعادة، واليوم ها نحن نقرأ سيناريو ملوك النفط بدهشة عارمة لتطابقه مع السيناريو السابق، وكأن اليمن ضحية وصية ملعونة أشيع عن "عبدالعزيز آل سعود" قولها، بضرورة إبقاء اليمن في منزلة بين المنزلتين، لكي يختفي الدور التاريخي لليمن، الذي انبثقت عنه حضارة عظيمة لن ينكرها بدو الصحراء والأعراب الذين مردوا على النفاق.

ونظراً لذلك فقد اجتمع على اليمن من المصائب مالم يجتمع لها من قبل، فقد وقع الناس ضحية قرنين، قرن الطغيان وقرن الشيطان، الأول طغيان حاكم مستبد والثاني تدخل سافر من جارة سيئة الصيت لحساب عصابة مارقة تلفظ أنفاسها.

لكن شعباً يعود نسبه إلى سام بن نوح، لن يبرح الساحات والميادين حتى يتم أمر الله أو يهلك دون ما خرج لأجله، ولم يكن خروج الشعب بطراً ورياءً، ووراء الصبر المصابرة ووراء المصابرة المرابطة ووراء ذلك كله "نصرٌ من الله وفتح قريب" ، إليكم ما رواه ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا، فقالوا: وفي نجدنا يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا، فقال الناس: وفي نجدنا يا رسول الله؟

قال ابن عمر: أظن أنه قال في المرة الثالثة: الزلازل والفتن هناك: وهناك يطلع قرن الشيطان" صحيح البخاري.