العرب والأقصى ومطربة من الدرجة الثانية
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و شهر و 21 يوماً
الأحد 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 05:04 م

الدول العربية هي الأشد بخلا بين دول العالم وخاصة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية.. باتت هذه المعلومة حقيقة مؤكدة، ولندع الأرقام تتحدث.

تنفق الدول العربية ثلاثة ملايين دولار سنويا على دعم صندوق الأقصى، بينما تخصص نفس الدول 16 مليار دولار سنويا لإنتاج الكليبات الراقصة والأغاني ، وعلى الجانب الآخر ترصد إسرائيل ملياراً ونصف المليار دولار سنويا لعمليات تهويد القدس .

هذا الوضع المخزي وصفه الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بقوله : "إن الأنظمة العربية والإسلامية شركاء في جريمة تهويد القدس وتدمير الأقصى فما يصل إليها من أموال لدعم القضية والدفاع عن المسجد وعن بقاء القدس عربية وإسلامية لا يكفي لإحياء حفل لمطربة من نجمات الصف الثاني" .

حيث يقول د. عمار علي حسن مدير مركز الدراسات السياسية بالشرق الأوسط : "إنها مسألة واضحة وفي غاية البساطة حيث أن الإنفاق على الأغاني والأفلام مرتبط ارتباطا عضويا بشركات أجنبية تعمل ضد مصلحة الأقصى " .

ويضيف : " أصبح من المعروف أن طبقة رجال الأعمال الجدد لهم مصالحهم مع الغرب وأمريكا وإسرائيل أكثر من العالم العربي، مثلا الأمير الوليد بن طلال له مصلحة في التعامل مع اليهود والأمريكان أكثر من مصلحته مع الفلسطينيين، وبالتالي أصبح من الطبيعي الإنفاق على الكليبات والأفلام وتجاهل القدس ماديا ومعنويا " . 

إعلام التفاهات

يوضح د. رفعت سيد أحمد مدير مركز "يافا" للدراسات الإستراتيجية أن هذه الأرقام لا تحتاج إلى تعليق، فهي تتحدث عن نفسها وهي نتيجة طبيعية للخلل في أولويات الأمة وترتيب أولويات النخبة الثقافية والسياسية وحتى الدينية، ولذا يتم توجيه الإنفاق على قضايا فرعية وهامشية.

واتهم د. رفعت النخبة الثقافية والسياسية بخلق هذا الخلل وليس الناس المستهلكون للأغاني والأفلام ، فالنخبة الإعلامية هي "المسئولة مسئولية مباشرة عن نشر التفاهات".

بينما يرجع الكاتب الصحفى طلعت رميح تجاهل قضية القدس إلى المناخ السائد في المنطقة على المستوى السياسي والثقافي بجانب حالة "الارتداد" الحضاري وفي ظل استمرار تقييد الحريات وعمليات القمع و انتشار الثقافة والتعليم الأجنبي . مؤكدا ان كل ذلك أخرج شخصيات أقرب إلى التغريب منها إلى الانتماء لعروبتها وثقافتها.

ويشير رميح إلى وجود مخطط لإلهاء الناس وجذبهم إلى كل ما هو "تافه" ، ويقول : " ان صورة الانفاق على الأغاني والأفلام تتكرر في جهات عدة منها الإنفاق على مساحيق التجميل والعطور، والطامة الكبرى تتمثل في الإنفاق الرهيب على التليفونات المحمولة في دول تعد فقيرة، هذه الأسباب مجتمعة تبعد الناس عن قضايا الأمة بينما تقاتل المقاومة الفلسطينية وظهرها عار من أي دعم " .

مخطط الإلهاء

ويسخر الكاتب الصحفي يحيى قلاش من الوضع القائم بقوله: "إن الثلاثة ملايين التي تُنفق في دعم صندوق الأقصى رقم كبير جدا، لأن الأقصى ليس في بال أحد إلا من تمسك بالعقيدة ورسخ في قلبه الإيمان، لكن أصحاب القرار في أمتنا العربية والإسلامية ليس في بالهم الأقصى نهائيا".

وأضاف: "إذا نظرنا إلى حال الدول العربية الكبرى مثل مصر نجد أن حرب الإلهاء الكبيرة التي تحيط بالناس ليست محض صدفة، وأصبح الناس مشغولين بقضايا أخرى بداية من شذوذ الفنانين إلى المعارك بين شوبير ومرتضى منصور، ومن كأس العالم للشباب إلى مباراة مصر والجزائر والتركيز الإعلامي الكبير عليها وكأنها حرب، بالإضافة إلى غياب الرؤية العامة والقيادة العامة والمشروع العام الذي يصب عليه اهتمام الناس " . 

واردف يقول انه من المؤكد أن الثلاثة ملايين دولار المرصودة للأقصى ليس لهم علاقة بأي جهة رسمية في أي دولة عربية أو إسلامية، ومن تبرعوا بها هم من أهل الخير الذين مازالوا يذكروا الأقصى وسط هذه الفوضى العارمة.

ويلفت قلاش النظر إلى أن القضية الفلسطينية يتم حاليا تصفيتها وبيعها لإسرائيل وأمريكا، ويقول : " ان الوطن العربي يغلي ونحن في سبات عميق فأين نحن مما يحدث في اليمن والسودان والعراق والصومال بجانب قضية منابع النيل واحتمال دخول مصر حرب مياه وشيكة.. كل ما يحدث حولنا شيء مؤسف وكارثي وعلينا أن نعتمد على الله والأمة ولا نراهن أبدا على أي نظام أو دولة أو مؤسسة رسمية، لأن في ذلك خداع للنفس وضياع للمستقبل " .

هدم الأقصى

يذكر أن المسجد الأقصى يتعرض منذ عشرات السنين لمجموعة من الحفريات التي تنفذها قوات الاحتلال ومتطرفون يهود حول وتحت المسجد بغرض هدمه لبناء هيكلهم المزعوم المسمى بـ "هيكل سليمان".

وكانت أولى مراحل حفريات المسجد الأقصى قد تمت بعد حرب 1967 حيث تم هدم حي المغاربة الملاصق لحائط البراق في الجهة الغربية من المسجد ، وجعل باب المغاربة مدخلاً لجنود الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين إلى ساحات المسجد.

ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف عمليات الحفر بحجة البحث عن هيكل سليمان، وكان مسئولون فلسطينيون قد كشفوا مؤخرا عن بدء تعرض المسجد الأقصى لعملية انهيار تدريجي نتيجة عمليات الحفر التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي للأنفاق تحته، في الوقت الذي تستعد فيه تل أبيب لافتتاح شبكة أنفاق جنوب المسجد المبارك.

وأكد حاتم عبد القادر مسئول ملف القدس في حركة فتح أن الأشجار المعمرة حول المسجد الأقصى بدأت تتساقط جراء أعمال الحفر التي تقوم بها قوات الاحتلال وهو ما يؤشر لبدء انهيار تدريجي يتعرض له المسجد الأقصى .

تركيا .. الملاذ الأخير

وكان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس شن مؤخرا هجوما عنيفاً على القيادات الفلسطينية والدول العربية نتيجة عدم التحرك لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى، مطالباً رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان بالتحرك لنصرة القدس.

وقال مشعل في خطاب ألقاه أمام قادة الفصائل الفلسطينية بالعاصمة السورية دمشق: "لأول مرة في التاريخ يمنع الآذان في المسجد الأقصى وكذلك للمرة الأولى تغلق مداخل الحرم القدسي الشريف".

وأضاف: "ما العدو الصهيوني حاليا لا يعتبر نهاية المطاف، يريدون تقسيم الأقصى كما سبق وأن قسموا الحرم الإبراهيمي في الخليل لإقامة طقوسهم وبناء هيكلهم المزعوم".

ودعا مشعل الشعوب العربية والإسلامية إلى مسيرات غاضبة تضامناً مع الأقصى، وقال: "إنها معركة مباركة ضد العدو الصهيوني المغتصب وإن الله سبحانه وتعالى يقف معنا".

ووجه رسالة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان ناشده فيها إنقاذ ونصرة الأقصى، قائلا :" الدولة العثمانية لها ميراث في القدس والأقصى المبارك وأناشدك يا أردوجان أن تنقذ حرمة المسجد الأقصى".

كما طالب بتعليق مبادرة السلام العربية مع إسرائيل ، وأشار إلى أن العرب "يتعاطون أدوية مخدرة لا تؤدي سوى إلى الفشل السياسي" ، مطالبا إياهم بالوقوف عند مرحلة "لا حرب ولا سلام" حتى لا يخسروا أنفسهم وجاءت تصريحات مشعل السابقة متزامنة مع اندلاع مواجهات عنيفة مؤخرا بين فلسطينيين كانوا يعتصمون داخل المسجد الأقصى وقوات الاحتلال الإسرائيلي في باحات الحرم القدسي، حيث استخدمت الشرطة الإسرائيلية القنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين الفلسطينيين وقامت بإلقاء القبض على 12 منهم .

يذكر أن شخصيات دينية وهيئات فلسطينية كانت دعت الفلسطينيين إلى الدفاع عن المسجد الأقصى اثر دعوة جماعات يهودية متطرفة اليهود إلى دخول الحرم القدسي الذي يطلق عليه اليهود اسم "جبل الهيكل " يوم 25 أكتوبر/تشرين اول الماضي .