|
الوطن ملك الجميع هذا الذي نؤمن به ، وما يمر به اليوم يتطلب وقفه صادقه من الجميع هذا الذي نأمل وندعو إليه التفاف الجميع ، من أجل حياة الجميع ومستقبل الجميع ، وبالتالي يجب على كل فرد أن يساهم في إيجاد الحلول بالشراكة مع الجميع كل حسب قدرته وإمكانيته ، وموقعه ومهنته ، وذلك للخروج من هذا الوضع لمصلحة الوطن والمواطن .وانطلاقاً من هذه الفكرة ، مسكت قلمي وبسطت أوراقي لأُساهم ببعض الأفكار التي ينبغي على مؤتمر الحوار الوطني الالتفاف لها لكي نرسم مستقبل سليم لوطننا ومواطنيه .
الرسالة والتوصية الأولى :
- الدستور اليمني قد يكون متفرداً على نظرائه من التشريعات العربية بالنص على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تضمن نصاً يقول : \" تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق جامعة الدول العربية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة \" ، وهذا النص الذي يتم على ضوءه تحديد وضعية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في النظام القانوني اليمني، كما أنه النص الذي يتم التأكيد به من قبل كل الباحثين ومسئولي الحكومة اليمنية على التزامات اليمن بما حوتها الصكوك الدولية وانعكاساتها في صلب التشريعات الوطنية وفي مُقدمتها الدستور، إلا أنه ولو تمعنا في عُمق هذا النص لوجدنا ببساطه أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يغيب عنه الصفة الإلزامية حيث لم يضع التزامات قانونية على الدول، ومن هُنا نقول أن مثل هذا النص لا يحمل سوى قيمة أدبية ولا يجعل بذاته من مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو غيره من المواثيق الدولية جزءاً من التشريع الداخلي، وبالتالي فإن الجمهورية اليمنية بحاجة لنص صريح وواضح يحدد مكانة ووضعية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في النظام القانوني اليمني بدلاً من خضوع المسألة للاجتهادات المتضاربة .
الرسالة والتوصية الثانية:
- تتنوع المؤسسات الوطنية الرسمية لحقوق الإنسان في الساحة اليمنية هذا من ناحية ومن ناحية أُخرى فإن السياسة اليمنية تجاه قضايا حقوق الإنسان أثبتت بأنها تنتقل من مرحلة إلى أخرى وبشكل تدريجي( من لجنة للحقوق المدنية والسياسية إلى لجنة وطنية إلى وزارة ) والأخيرة استحداث وزارة مستقلة خاصة بحقوق الإنسان في الحكومة المشكلة عام 2003م إلى جانب كونه تتويجاً لجهود عدة سابقة ، وبالرغم من هذا التطور إلا أن هذا الشيء يجسد من ناحية أخرى مشكلة تتمثل في الخلط بين المؤسسات الوطنية والهياكل الحكومية في اليمن وهو خلط قد يحمل أحياناً قصوراً في إدراك طبيعة كل منهما كما يبدو أحياناً متعمداً بغية إسباغ قدر أكبر من المصداقية على الخطاب السياسي للدولة، وسواء جاء هذا الخلط عفوياً أو متعمداً فإنه يؤدي إلى نتائج سلبية على جوهر عمل هذه المؤسسات، ويفقدها رصيدها الأهم وهو ثقة الرأي العام، فدفاع الحكومة عن سياستها عبر الهياكل الحكومية التي تؤسسها أمر مفهوم، وقد يختلف أو يُتفق معه، ولكن إعادة إنتاج الخطاب ذاته على لسان مؤسسة وطنية يفترض أنها مستقلة يضعف المؤسسة والخطاب معاً .
الرسالة والتوصية الثالثة :
- الديمقراطية كعملية مستمرة ومتجددة لا تتوقف عند حدود الانتخابات، وبالتالي يكون من الخطأ الإفراط في تمجيد عملية الانتخابات التي هي حق من حقوق الإنسان في اليمن فالموضوع والقضية الأهم هي قضية الإرادة السياسية لدى الذين لديهم السلطة لمواصلة هذه العملية بنزاهة وشفافية، والاستفادة من الأخطاء التي ترافق عمليات الانتخابات، وبالتالي كما تم تسطيره في استنتاجات الدراسة فإن اليمن بحاجة إلى التحول من ديمقراطية الانتخابات إلى ديمقراطية المشاركة لما لها من أهمية في تحسين أوضاع المجتمع وحماية الحقوق والحريات العامة فيه .
الرسالة والتوصية الرابعة :
- نوصي مؤتمر الحوار الوطني على ضرورة القيام بمراجعة الأساليب التي يتم بها تكوين السلطة والمجلس التشريعي \" مجلس النواب \" وخاصة تعديل المادة \" 64/2/ج \" من الدستور، والمادة \" 56 \" من قانون الانتخابات العامة والتي اشترطت في مرشح مجلس النواب أن يجيد القراءة والكتابة، أي ألا يكون أمياً فقط، إذ ترى الدراسة أن اشتراط الدستور والقانون المذكور عدم الأمية التي وضعها لشغل منصب عضو مجلس النواب غير كافٍ حيث كان أحرى به أن يشترط الشروط نفسها إن لم تكن أكثر دقة من التي وضعها لشغل منصب أمين عام المجلس المحلي وذلك كون عضوية مجلس النواب من المناصب الحيوية والمهمة في أي بلد، إذ يسهم عضو مجلس النواب إسهاماً مباشراً في تعزيز حقوق الإنسان من خلال ما يقوم به المجلس من سن القوانين المنظمة لجميع نواحي الحياة في البلد ومناقشة الخطط الاقتصادية والتنموية وإقرار الموازنة العامة للدولة، وقيامه بالدور الرقابي على السلطة التنفيذية، والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقيات حقوق الإنسان، إضافةً إلى هذا فإن المجالس البرلمانية التي تضم بين جنباتها صفوة المجتمع من الكوادر المتعلمة والمؤهلة تأهيلاً علمياً وشاملاً لمختلف الأنشطة الإنسانية لاشك أنها ستقوم بواجبها تجاه حماية حقوق الإنسان على أكمل وجه عكس المجالس النيابية التي تفتقر إلى الخبرة والتأهيل العلمي العالي، فسوف يكون مصيرها بدون شك هو العجز عن القيام بأداء واجبها تجاه الحقوق والحريات العامة وشتى جوانب الحياة، ومن ثم العجز عن اتخاذ القرار السليم، من هنا يجب أن يضم المجلس التشريعي النخبة المميزة من أفراد الشعب، ومن ذوي التأهيل العلمي، لكي يكون أعضاء هذا المجلس قادرين (من حيث إمكاناتهم ومهاراتهم وكفاءتهم) على القيام بوظائفهم البرلمانية بشكل كفء وجاد وليس مجرد التمثيل الرمزي أو الشكلي، ولذا يفضل مراجعة ذلك لما له من أهمية لضمان وحماية حقوق الإنسان اليمني والمصلحة الوطنية العامة، علاوةً على هذا فإنه كما ترى الدراسة مدخل فعال لتفعيل دور السلطة التشريعية \"مجلس النواب\" وخاصة لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في المجلس لمراقبة السلطة التنفيذية \" الحكومة \" لضمان أن يكون عملها مطابقاً لما هو منصوص عليه في الدستور، ولا يكون ذلك إلا بتصحيح المدخل السليم كما أسلفت لهذه السلطة باشتراط مؤهلات عالية لمرشحي أعضاء مجلس النواب بدلاً لما هو حاصل يقرأ ويكتب لكي يقوم المجلس بدوره الرقابي على النحو المطلوب، لذا لا غرابة أن يكون دور السلطة التشريعية تجاه تعزيز حقوق الإنسان قاصراً لأن المدخل لهذه السلطة كذلك قاصر، وهذا باعتقاد الباحث غير لائق، خاصةٍ ونحن في القرن الواحد والعشرين عصر التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي نشهده، وفي السياق ذاته أيضا ترى الدراسة أن هنالك حاجة لإعادة النظر في المهام والأدوار المناطة بمجلس الشورى إلى جانب تعزيز الدور الرقابي والتشريعي لمجلس النواب، وكل هذه الجهود والإجراءات تبدو ضرورية لتعزيز مفاهيم الديمقراطية وبناء ثقافة الحقوق والحريات وبما يمكن الأجهزة التشريعية من ممارسة سلطاتها الرقابية على السلطة التنفيذية .
الرسالة والتوصية الخامسة:
- نأمل من السلطات العامة في الدولة أثناء ممارسة مهامها الدستورية أن تتقيد بالقواعد القانونية المنظمة لكيفية ممارستها لاختصاصاتها وهذا هو ما يطلق علية مبدأ خضوع الدولة للقانون، كذا نأمل من الحكومة اليمنية الوليدة بمواصلة جهودها في استكمال إصدار القوانين والتشريعات التي تضمن وتدعم الحريات العامة للمواطنين وتعمل على ضمانات حقوق الإنسان، واستكمال مراجعة الموجود وموائمتها مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها اليمن، كذلك سد النقص في الدستور القائم بعدم كفالته بعض الحقوق كحرية الصحافة والإعلام حيث لم ينص الدستور اليمني صراحةٍ على حرية الإعلام أسوةً ببقية الدساتير الحديثة معتبراً أن نص المادة \" 42 \" من الدستور- السابق إيراد نصها في سطور الدارسة – تلبي متطلبات الحماية الدستورية ، والحقيقة فقد كان الأجدر بالمشرع أن يفرد نصاً خاصاً في الدستور اليمني لكفالة حرية الصحافة والنشر بشكل صريح وجليي .
الرسالة والتوصية السادسة :
- ندعو إلى التزام وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي في الجمهورية اليمنية بإدخال ثقافة حقوق الإنسان وفقاً لمفهومها العالمي– مع مراعاة خصوصية المجتمع اليمني من الناحيتين الإسلامية والعربية – في إطار المقررات الدراسية بمراحل التعليم المختلفة وعلى المستويين الحكومي والأهلي وخصوصاً مرحلة التعليم الأساسي، حيث إنها المرحلة الأكثر تأثيراً في تشكيل الاتجاهات الأساسية للأجيال القادمة \" فالتعليم في الصغر كالنقش في الحجر\" على أن يكون ذلك وفق عدة ضوابط أوردتها الدراسة كما تضمنت رؤية لإنجاز مقرر مادة حقوق الإنسان يُدرس في الجامعات اليمنية، وبأسلوبين، وذلك أسوةً بما اتخذته الجامعات في بعض البلاد العربية، كما تدعو الدراسة ايضاً الحكومة اليمنية إلى أن تنشأ حوافز تشجيعية لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان أبرزها \" جائزة الدولة لحقوق الإنسان \" ويصدر بها قانون خاص، وفي الإطار القومي فإن الدراسة تدعوا الحكومة اليمنية بتقديم مقترح للجامعة العربية بإنشاء \" الجامعة العربية لحقوق الإنسان\" كذا \" مفوضية عربية لحقوق الإنسان \" و \" منتدى عربي لحقوق الإنسان \" .
الرسالة والتوصية السابعة :
- نلفت مؤتمر الحوار الوطني على ضرورة تبنية إنشاء قضاء إداري متخصص ومستقل في اليمن لما يمثله القضاء الإداري من أهمية قصوى وفعالة في سبيل حماية الحقوق والحريات، كما توصي بإنشاء محكمة دستورية مستقلة، وخاصة للنظر في نزاعات عدم الدستورية، وليس الاكتفاء بشعبة دستورية كما هو عليه حالياً في إطار المحكمة العليا .
الرسالة والتوصية الثامنة:
- هنالك حاجة ملحة لإصلاح النظام القضائي في الجمهورية اليمنية، ولعل الشاهد على ذلك أن معظم النزاعات وقضايا حقوق الإنسان يتم حسمها وفق الأحكام والتقاليد والأعراف القبلية، أي خارج إطار الدوائر القضائية الرسمية، ومن هنا أيضا فإننا ترى أن هنالك ضرورة تقتضي السعي الجاد من أجل المواءمة بين الأنظمة التقليدية وبين النظام القضائي الرسمي، وبصورة لا تتعارض مع ما نصت عليه العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وبما لا يتعارض مع دستور الجمهورية اليمنية أو يتنافى مع التزامات اليمن تجاه المجتمع الدولي .
الرسالة والتوصية التاسعة:
- توصي هذه السطور وتدعو مؤتمر الحوار الوطني وكذا الحكومة اليمنية أن تقوم بعد المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بنشرها في الجريدة الرسمية للدولة، فعدم نشرها يترتب عليه جهل الأفراد بها، بل وأحيانا امتناع القضاة عن تطبيقها في حالة إثارتها من قبل أحد المتقاضين بحجة أنها لم تنشرها الجريدة الرسمية في البلاد، هذا ولازالت اليمن لم تصادق على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولاشك أن هذا الأمر يعتبر ضرورياً لاكتمال أسس الحريات والحقوق العامة والديمقراطية التي تتبنها الجمهورية اليمنية .
الرسالة والتوصية العاشرة:
- نوصي مؤتمر الحوار الوطني و الحكومة اليمنية فيما يتعلق بمؤسسات وآليات حماية حقوق الإنسان في اليمن بغض النظر عن التسمية \" مؤسسة ، لجنة ، وزارة ، مجلس ....\" بأن الاستقلالية عن الحكومة في أي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان يفترض أنها الأمر المهم، بل هو كذلك لممارسة مهامها بفاعلية واستقلال لتعزيز وصيانة الحقوق والحريات العامة في البلاد، ويزيد من رصيدها الأهم وهو ثقة الرأي العام ومن ضمنها اليمن، كذلك أن تكفل في تشكيلها التمثيل التعددي لقواها الاجتماعية التي تنخرط في تعزيز وحماية حقوق الإنسان وهذا لا ينطبق على وزارة حقوق الإنسان بالشكل الكافي فثقل وغلبة المكون الحكومي في تشكليها وطابعها التقريري في قراراتها أفقدها امتياز الاقتراب من المعايير الدولية التي عبرت عنها مبادئ باريس \" محل الدراسة \" ، كذلك تؤثر إمكانية الوصول إلى \" وزارة حقوق الإنسان \" أيضاً على شرعيتها فالوزارة أو أي مؤسسة وطنية التي يتعذر الوصول إليها تصبح وزارة ومؤسسة غير فعالة، ويتم تقييم الوصول إلى الوزارة والمؤسسة حسب مقر مكاتب الوزارة والمؤسسة والالتزام بالصراحة، ومنهج التشاور ،واستخدام اللغات المختلفة، هذا وينبغي عدم إقامة مكان عمل وزارة حقوق الإنسان أو أي مؤسسة وطنية في مكان يتعذر وصول الكثيرين إليه، أو بجوار أحد المعسكرات ووحدات الجيش التابعة لوزارة الدفاع، وبجوار الأمم المتحدة كما هو عليها مقر وزارة حقوق الإنسان فإن هذه المناطق تثني بالفعل أصحاب الشكاوى الفقراء عن تقديم شكاواهم، وتثير لدى الرأي العام العنصر المهم والأساسي في عمل الوزارة وهي عدم المصداقية، والأهم من ذلك أن يكون مقر عمل الوزارة على طرق المواصلات العامة، والنقطة الجديرة بالنقاش من المسئولين في الحكومة اليمنية هي البعد المادي للوزارة فهي الوزارة الوحيدة في الجمهورية اليمنية التي ليس لها مكاتب وفروع بالمحافظات .
الرسالة والتوصية الحادي عشر ( والأخيرة) :
- ورسالتي الأخيرة نذكر مُؤتمر الحوار الوطني والحكومة اليمنية بالقول أن الناس يدركون أن المؤسسة التي تُنشئها الحكومة مباشرةً، ربما تكون تابعةً للحكومة إذا كان في ذلك أهمية حقيقة لها ( فما بال الأمر حين تصبح وزارة ) من هنا ولكي تكون للوزارة – أوي مؤسسة تقيمها الحكومة مستقبلاً - أهمية حقيقة ولإقامة علاقة بناءة يلزم توفر العنصرين التاليين:
-الأول :- الاستقلال عن السلطة التنفيذية للحكومة. والثاني :- المساءلة أمام السلطة التشريعية، بالإضافة إلى أنه ينبغي أن يكون تشكيل الوزارة ( والمؤسسة / اللجنة / لحقوق الإنسان في حين نشؤها ) تعبيراً عن المجتمع اليمني البيئة التي تعمل فيها فينبغي أن لا تغفل عضويتها من فئة القبائل، فئة الأخدام، والأقلية اليهودية رغم ضآلتها، والانتماء السياسي، كذلك أن تنضم إلى تكويناتها بدلاً أن تكون لجان مستقلة كما هي عليه الحال في الوقت الراهن إدارات مثل ( المعاقين، اللاجئين، القانون الدولي الإنساني، السجون والمساجين )، هذا وإذا كان إنشاء وزارة لحقوق الإنسان في اليمن عام 2003م كان محل ترحيب وتقدير كل اللجان التابعة للأمم المتحدة والمعنية بمراقبة مدى التزام الدول بالعهود والمواثيق الدولية ومنها على سبيل المثال لجنة حقوق الإنسان، واللجنة الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللجنة المعنية بإعلان حقوق الطفل فإنه ولتعزيز مثل هذه التوجهات من المهم إنشاء هيئة أُخرى مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان استناداً إلى ماعُرف بمبادئ باريس الخاصة بالمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان
في الإثنين 15 يوليو-تموز 2013 04:22:58 م