اليمن بعيون سويدية
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 4 أشهر و 3 أيام
الأحد 07 يوليو-تموز 2024 07:35 م

نص كلمة كلمة توكل كرمان في فعالية اليمن بعيون سويدية بتركيا

في البداية شكرا جزيلا لكم، أود ان اعبر عن سعادتي بوجودي بينكم في هذه الفعالية المشحونة بالتاريخ والفن والشجن.

أود أن أرحب بكم جميعا وبشكل خاص الدكتور بيورن فينغرين، من السويد الذي يعد السبب في وجودنا معا هنا في هذه اللحظات، جاء الدكتور بيورن الى اليمن في وقت كانت فيه اليمن ينقصها كل شيء وفي نفس الوقت كانت تنفض عن نفسها غبار الامامة وتحاول اللحاق بركب الحضارة والتقدم متحدية إرث من التخلف الذي لا مثيل له في هذا العالم ومؤامرات عديدة سعت لإعادة عقاب الساعة إلى الوراء.

الدكتور بيورن مثل العديد من أصدقاء اليمن الذين قرروا المجيء الى بلادنا رغم أن الأوضاع السياسية والاجتماعية لم تكن بالتأكيد أوضاعا مثالية او طبيعية او في حدها الطبيعي الأدنى، كان كل شيء في أسوأ حالاته وكل شيء في بداياته والبدايات بقدر ما تكون ممتعة أيضا تكون صعبة وصعبة جدًا.

مرة أخرى أهلا بكم جميعا، وأهلا بك دكتور بيورن في هذه الفعالية في إسطنبول والتي كنا نتمنى ان تكون أيضا في اليمن، كان بإمكاننا ان نلتقي في احدى المدن اليمنية التي تعرفها جيدا لتجدد ونجدد معك الذكريات ولكن اليمن كما تعلم تقاسي حربا وانقلابا مركبا ومدمرا يشترك فيه القريب والبعيد، هذه الحرب التي سوف تصبح بعد حين ذكرى بائسة يتذكرها شعبنا العظيم بكثير من العبرة والاستهجان.

 

أيها الأعزاء..

لا يخفى عليكم ما للصورة من أهمية في حفظ الذاكرة وتوثيق اللحظات والمناسبات المهمة في حياة الافراد والمجتمعات والدول وعلى تلك الوظائف المهمة فان الصورة تمنحنا إمكانية التعرف على مشاعر الناس المختلفة وعلى طريقة حياتهم وعلى ما يمرون به من ظروف مختلفة. أسوأ شيء قد يحدث لبلد ما أن يصبح بلا ذاكرة، هذا يجعله عرضة للاستغلال وبرغم ما يكتنزه اليمن من إرث ثقافي وحضاري وتنوع سياسي وثقافي ومن طبيعة خلاّبة فان العناية بالصورة لم يكن أمرا شائعا ولا زال حتى الآن باستثناء بعض المشاريع الفردية التي تعد على أصابع اليد الواحدة، كان هذا الباب ولا يزال مهملا للأسف الشديد.

صحيح في هذه الأيام هناك قفزة كبيرة في مجال الاهتمام بالصورة خاصة في عصر السوشيال ميديا والتطور الهائل لتكنولوجيا الاتصالات وظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الأشخاص الذين يقومون بتوثيق مشاعر الناس ويومياتهم بصورة واعية بمهنة التصوير ورسالته لا يزالون يعدون بالأصابع ولايزالون دون الحد المأمول. أرجو أن تساهم هذه الفعالية في تحفيز عدد كبير من الشباب في استخدام الصورة لتوثيق يوميات الناس ومعاناتهم ورصد ما يحدث للمجتمع من تحولات في العادات وفي المعمار وغير ذلك..

 

الأصدقاء الأعزاء..

نؤكد أن الدكتور بيورن وغيره من الدارسين والمصورين واكب مرحلة انتقال اليمن من مرحلة الى أخرى، واليمن كما تعلمون في المرحلة التي واكبها كان بلدا معزولا ومن المؤسف أن هناك من يريد أن يجعله مستمرا في ذلك الانعزال، أن يعود ذلك البلد المعزول وهو ما يتناقض مع روح العصر ومع اليمن بلد الحضارة العريقة، ومع طبيعة شعبنا التي تميل للتفاعل مع العالم وليس فقط مع محيطه وحسب.

بلدنا كما تعرفون تعيش منذ نحو عقد من الزمن حربا قاسية أدت إلى نشوء واقع بائس يتمثل في سقوط المؤسسات وهيمنة الميليشيات المسلحة والوصاية الخارجية في نفس الوقت على مجالات الحياة في بلدنا اليمن وانهيار الخدمات واتساع رقعة الفقر وتزايد الانتهاكات ضد حقوق الانسان، الآن حان الوقت لوقف كل ذلك، الشعب اليمني يستحق أن يعيش بسلام وازدهار..

لا يوجد اليوم عنوان أهم من عنوان غزة التي تواجه حربا ظالمة وسط صمت وتواطؤ دوليين، كيف يمكن الموافقة على جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني اليوم؟ ما يحصل اليوم في فلسطين يستدعي انتفاضة كل شعوب الأرض، وانتفاضة كل حكومات الأرض، نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين ولا نعيش في الأزمنة البائدة لكي تمر هذه الجريمة دون حساب او عقاب.

الإنسانية تذبح اليوم في غزة ومجازر التطهير العرقي وحرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وصمة خزي وعار ليس في حق الاحتلال الإسرائيلي بل في جبين المجتمع الدولي بأسره والذي لم يعمل شيئا لإيقاف هذه المجازر التي تحدث يوميا تحت عينه..

أنا هنا أحيي بلاد مانديلا العظيم، أحيي دولة جنوب افريقيا التي رفعت قضية ضد إسرائيل بتهمة ارتكابها الإبادة الجماعية، وأحيي أيضا المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية واصداره مذكرة باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ومساعديه وقادة جيشه بتهمة ارتكاب حرب إبادة ومجاز تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني في غزة وأتمنى أن يتضافر المجتمع الدولي في تحقيق العدالة في هذا الجانب.

أخيرا.. أكرر شكري لكم جميعا لحضور هذه الفعالية، شكرا دكتور بيورن ، وشكرا لمؤسسة توكل كرمان بقيادة المديرة الاستثنائية الأستاذة مسك الجنيد وكل فريقها الرائع والمثابر على هذه الفعالية المهمة والتي سنتعرف من خلالها على جزء من تاريخ الجمهورية اليمنية التي بإذن الله وبإرادة شعبنا لن ينكس لها راية ولن يحبط لها غاية..

شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،