ما لم يكشفه صندوق الجزيرة من خيوط اللعبة.
بقلم/ د.عادل صالح طماح
نشر منذ: 8 سنوات و 6 أشهر و 14 يوماً
الأحد 01 مايو 2016 03:37 م
بقدر الاعجاب الذي ناله برنامج صندوق الجزيرة الأسود في حلقته \"خيوط اللعبة\" لدى متابعي القناة إلا أنه بالقدر ذاته أثار سخط الكثير من المتابعين الذين يدركون أن للعبة خيوط أكثر وأهم مما تم كشفه لم يتطرق إليها البرنامج ولم يكشف عن الكثير من الخفايا حول أسباب السيطرة الحوثية على أجزاء واسعة من محافظات اليمن.
ويبدو أن صندوق الجزيرة قد أصابه العطب حتى غابت العديد من الحقائق التي عرض النزر اليسير منها في حلقة \"خيوط اللعبة\" تماما كما يحدث مع بعض صناديق الطائرات المنكوبة غير أن ثمة فارق بين عطب الصندوق الأسود للطائرات وعطب صندوق الجزيرة فالعطب في الطائرات قد يكون نتيجة شدة وهول بعض حوادث السقوط وعطب صندوق الجزيرة كان بفعل فاعل.
نعم لقد تدخلت أيادي خفية في تغييب حقائق كثيرة وهامة جداً ساهمت في سيطرة الحوثي على مقاليد الأمور في اليمن لأن تلك الحقائق قد لا تروق لصانع القرار في القناة أو بالأصح قد تحرجه أو بعبارة أخرى قد لا تتوافق مع سياسة القناة الرامية إلى اجتناب كل ما من شأنه إحراج حكومة قطر تجاه جيرانها الخليجيين فقد تعمدت إعطاب جزء من الصندوق.
على أية حال ما دامت الجزيرة قد تعمدت إخفاء بعض الحقائق المخزنة في صندوقها فسأحاول جاهدا إعادة فحص الصندوق والبحث فيه من جديد عن بعض الخيوط التي طالتها يد التغييب.
فمن أهم خيوط اللعبة التي أخفيت في الحلقة الخاصة من \"الصندوق الأسود\" الدور الخليجي المشبوه الذي ساهم إلى حد كبير في تمكين الحوثي من السيطرة على جل محافظات الجمهورية اليمنية.
فقد كان للقرار الأرعن الذي أصدرته بعض دول الخليج بإعلان الحرب السياسية على فصيل هام وحيوي وفاعل من فصائل السنة وهي جماعة \"الاخوان المسلمين\" واعتبارها جماعة إرهابية في وقت كانت فيه إيران تدعم بلا حدود الفصائل الشيعية ومنها جماعة الحوثي اليمنية وتغذيها ماديا بالمال والسلاح ومعنويا بالتلميع في عشرات القنوات الشيعية الأمر الذي سهل صعود وصدوع نجم هذه الجماعة وساهم في سرعة انتشارها.
تزامن هذا أيضاً مع حرب أخرى ضروس تعرضت لها هذه الجماعة من دولة خليجية للأسف سنية هي دولة الإمارات العربية المتحدة التي جعلت من مواجهة جماعة الاخوان المسلمين هدفا رئيسياً وأساسيا في سياستها الداخلية والخارجية.
فعلى الصعيد الداخلي شنت الحكومة الاماراتية حملة اعتقالات واسعة طالت كل من له أي صلة ولو محتملة بجماعة الاخوان وعملت على طمس واجتثاث كل ما له علاقة بالإخوان فكريا وثقافيا وتربويا ودعويا.
وعلى الصعيد الخارجي سعت الامارات بكل ما أوتيت من قوة إلى تسخير جزء كبير من أموالها الطائلة لأفشال واسقاط كل رموز الاخوان في الوطن العربي والإسلامي حتى وصل بها الحال إلى السعي لإسقاط حكومة حماس في غزة بدعوى أنها اخوانية ولم تراعي أن حماس وحكومتها تقف حارسة على ثغرة من ثغرات الأمة \"فلسطين\" وتواجه أعتى وأقوى أعداء الأمة وهو الكيان الصهيوني.
أما اخوان مصر فقد كان لهم نصيب الأسد من تآمر النظام الاماراتي بحكم أن مصر هي منبع الاخوان ومسقط رأس جماعتهم ولهذا فقد ضخت عشرات المليارات من الدولارات للسفاح عبدالفتاح السيسي للانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي وقد كان للإمارات العربية المتحدة ما أرادت وسقط مرسي بالفعل وبسقوطه كان أمراء الامارات خاصة والخليج عامة قد هدموا واحداً من أقوى وأمنع الحصون الواقية لهم ولبلدانهم ولأمتهم من خطر التمدد الشيعي الفارسي الذي يسعى لابتلاع الجزيرة العربية برمتها وضمها إلى الامبراطورية المجوسية الموعودة..
كل هذا التآمر الخليجي والحرب الشعواء على الاخوان جرى في وقت كان فيه شيعة اليمن يتمددون بفعل الخدمات الجليلة والهدايا الثمينة التي قدمتها لهم دول الخليج على طبق من ذهب بكسرها لشوكة الاخوان المسلمين مما سهل لجماعة الحوثي ابتلاع اليمن محافظة تلو الأخرى ولم يدرك الخليجيون حجم الخطأ والكارثة التي اوقعوا انفسهم فيها إلا بعد أن صرح مسؤول إيراني رفيع بعد سقوط العاصمة اليمنية بيد الحوثيين بأن \"صنعاء\" أصبح العاصمة الرابعة التي تعود إلى حضن الدولة الفارسية.
هذه حقائق لا ينكرها إلا معاند وخيوط واضحة جلية لا يخفيها إلا مغالط وقد غالطت الجزيرة جمهورها بالفعل عندما تغاضت عن هذه الحقائق في عرضها لأسباب صعود جماعة الحوثي وسيطرتهم على مقاليد السلطة في اليمن في برنامجها \"الصندوق الأسود – خيوط اللعبة\" فهل تعيد الجزيرة فتح الصندوق من جديد وتكشف ما اخفته من خيوط اللعبة..؟؟
أتمنى ذلك ويتمناه معي كل محبي ومتابعي قناة الجزيرة الرائدة.