ما بعد الأحداث
بقلم/ هادي أحمد هيج
نشر منذ: 9 سنوات و 6 أشهر و 13 يوماً
الأحد 03 مايو 2015 05:45 م

هناك تغيرات في الواقع العربي بشكل ملفت للنظر، أتوقع يحدث تغيراً جديداً في الخارطة الجيوسياسيه ، فقد أصبحت دول الخليج كتلة متماسكة ، أو قل توحدت الى حد كبير في سياستها الخارجية والإعلامية الى حد كبير ، وخاصة زعيمتي الخليج السعودية وقطر ، فإذا استمرت في تطوير العلاقة او على الأقل الحفاظ عليها في هذا الحد الأدنى ، فسيكون لها في المستقبل ثقل دولي كبير ، لما يمتلكه الخليج من تحكم كبير في المخزون النفطي على مستوى العالم ، فإذا ضمت اليها اليمن بما يمتلكه من موقع جغرافي - وهذا ما تدل عليه المؤشرات من عاصفة الحزم - فهي ستكون أخلاقياً ملتزمة بأمرين : الأول الحفاظ على الوحدة اليمنية بعد هذه العاصفة وبهذا يتجنب اليمن الى حد كبير التآمر الإقليمي على تجزأته في المنظور القريب ، والثاني النهضة اﻻقتصادية ولربما يضم الى مجلس التعاون الخليجي

فاذا انضم اليمن الى هذا الحلف فستكون الجزيرة العربية متحكمة الى حد كبير بالملف الإقتصادي العالمي بالنفط كما اسلفنا ، وبالتحكم في التجارة الدولية بإشرافها على مضيق باب المندب ، ووجود كتلة بشرية كبيرة بانضمام سكان اليمن الى سكان الجزيرة ، ولن تجد عناء كبيراً بالنهوض بالإقتصاد في اليمن لإمتلاكه الكثير من الإمكانات الغير مستغلة -ميناء عدن على سبيل المثال- ناهيك عن بقية المقومات ، ويبدو والله اعلم أن السعودية لن تفرط في هيمنتها بالتحكم في القرار اليمني في المنظور القريب ، ولن تسمح بنظام في اليمن غير موال لها ومن يرى غير ذلك فلياتينا بدليل

هذا التغير الطارئ على الجزيرة ، سيعيد تعديل كفة أهل السنة وسيبدأ الزحف في التوسع شمالاً نحو الشام والعراق ، صحيح قد تكون البدايات مقاومة سياسية للحفاظ على البقاء تجاة التوسع الإيراني الصفوي الشيعي ، لكنه سيصب بشكل مباشر او غير مباشر في تقوية الجبهة السنية على المستوى المتوسط والبعيد -قد ﻻيرى بوضوح على المستوى القريب-

اما إذا إتسع الحلف ليشمل تركيا و باكستان ، فستكتمل عناصر القوة المادية إبتداءً بالإقتصاد ، فالكم البشري ، ثم قوة السلاح بإمتلاك باكستان للنقبلة النووية ، وهذا سيعزز الدور الإسلامي ، وسيأمن أهل السنة من كثير من الأخطار المحدقة ، ابتداءا بالتهديد الهندوسي وانتهاء بالتآمر الغربي مرورا بتقزيم الزحف الشيعي الصفوي ، واعتقد بان الكتلة السنية ستبدأ بالخروج الى حد ما من مرحلة الإستضعاف الى التماسك في ضل هذا الواقع الذي ﻻيحترم غير القوة ، ونستشف. هذا من اﻻرهاصات في تكوين مثلث سعودي تركي باكستاني وبداية الغيث قطرة

ولكن هذا يحتاج الى عمل جاد من قبل مفكري الحركة ومثقفي الأمة ، الإحاطة بأهل القرار في هذه المرحلة وعدم النظر الى حسابات للسياسات الراهنة والنظر الى المآﻻت الكلية للنتائج والزحف الى لملمة الصف السني الحاكم في المرحلة الراهنة ، و أتوقع أن تؤول اﻻمور اليهم في فترة ليست بالبعيده قد تكون متوسطة او بدايات الطويلة ، و إذا اراد الله شيئاً هيّأ اسبابه ، إذا حصلت الفتن في اليمن يطفئها الله ، وكأن فتنة اليمن بداية عهد جديد

وكون الحديث عن الأحداث فلزاماً أن نعرج على المآﻻت المتوقعة في اليمن :

تقودنا الأحداث على المستوى القصير الى أن السعودية ستتحكم في من يحكم البلاد في الفترة المقبلة فهي بداية لن تخسر هذه الإمكانات الهائلة ثم تتركه يقرر مصيره ، فاي فصيل ترضى عنه فإنه سيكون الأقرب الى تبوء سدة الحكم ،

ولتغير التوجه الخليجي ( بزعامة السعودية ) بسبب تجاوز الدور اﻻمريكي لها ، بميل السياسة الغربية وخاصة الإمريكية تفضيل الدور الإيران على الدور الخليجي رغم مصالحها في الخليج ، جعل الخليج يشعر بالضيم من جهة وبالإستخفاف بهم من جهة ثانية ، فإذا صدق هذا الحدس وأنها لم تُعلم امريكا كما صرح بذلك جون ماكين فإن هذا التغير سيزحف قليلاً الى الاسلام السياسي كما يسمونه ، وسيكون هذا ثمرة التضحيات والدماء التي قدمت من هذا التيار ولكن سيكون التغير طفيفا لسببين:

 اﻻول ، لن ينتهي الخوف من الغرب كاملاً لينطلق نحو الإلتحام باﻻسلام السياسي

والثاني ، حتى ﻻينافسهم على زعامة أهل السنة ، لأنهم يعتبرون أنهم الممثل الحصري والوحيد لأهل السنة ولن يفرطوا في هذا التمثيل بهذه السهولة ، و إنما سيكون هناك تقارب الى حد ما وعلى الإسلاميين إقتناص هذه الفرصة وعدم الإلتفات الى اي حسابات اخرى او مواقف آنيه مع فلان او ضد جهة ما ، ولتعمل مبادرة كونها الأحرص والأبعد نظراً ، قد يبقى التأثير عليها في مكان ما ﻻ تلتفت اليه وسيعالج بعد فترة من خلال هذه الفرصة

* هذه بعض الرؤى في التغيرات الجديدة في المشهد السياسي بناء على الأحداث القائمة ، ويجدر بنا الحديث عن تأثيرات المشهد على القوى اليمنية واستراتيجية كل قوه ان لم تحدث تغيرات سريعة في هذا المشهد .