القاسم المشترك بين فلول مصر واليمن
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 3 أيام
الأحد 14 يوليو-تموز 2013 05:04 م

لأول مرة في التاريخ يخلع الحكام من السلطة بثورات شعبية عارمة بعد ان تعودت المجتمعات على خلعهم بانقلابات عسكرية دموية ، مصر واليمن من دول الربيع العربي التي تحقق لها خلع حكامها القابضين على السلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت وكان حاكمي مصر واليمن المخلوعين يسعيان لتوريث الحكم الجمهوري لنجليهما في سابقة جديدة على أنظمة الحكم الجمهورية

خروج الشعب بالملايين لم يكون نتيجة ترف او فضول شعبي وإنما كان حاجة ماسة ومطلب شعبي لرفع الظلم والاستبداد عن الشعب والبحث عن الحرية والكرامة ومحاولة لإرساء أسس جديدة للحكم وتداول السلطة

سلمية الثورة الشعبية في مصر واليمن أبهرت العالم وقدمت نموذجا حضاريا أدهش العالم ، استطاعت ثورة الربيع العربي في مصر واليمن من تحقيق جزء هام لأهم أهداف الجماهير وهو إزالة الحاكم ووقف عملية التوريث التي كان يخطط لها

اندلاع الثورة كان مفاجئ للجميع ولم يكون الطغاة في مصر واليمن يتوقعون خلعهم بهذه الطريقة وبهذا الصمود الأسطوري وخاصة في اليمن التي تعرضت لعرقلة الثورة في وقت مبكر من اندلاعها بسبب سيطرة العائلة على كل مفاصل وأجهزة الدولة

حاول المخلوع علي صالح ان يجر الثوار الى حرب أهلية ليتمكن من البقاء وتخويل مسار الثورة لإخراجها عن سلميتها وهو الأمر الذي فوته عليه الثوار وقادة الثورة وأنصارها ولم يتبقى أمامه إلا الخضوع لمنطق الثورة واستحقاقها الذي فرض عليه الخروج من السلطة مخلوعا وان كانت الطريقة التي تم خلعه بها تختلف عن الخلع الذي لاقاه حسني مبارك في مصر

الثورة الشعبية في مصر واليمن وباقي دول الربيع العربي أزعجت حكام المنطقة وخاصة حكام دول الخليج ما عدا دولة قطر التي دعمت حق الشعوب بتقرير مصير حكامها ووقف الاستئثار بالسلطة والثروة والدولة

حكام الخليج اعتبروا ثورة الربيع العربي اكبر خطر يهدد وجودهم وسلطتهم ومشيختهم على الدول فعملوا منذ اندلاع الثورة الشعبية في ربيع 2011م في تونس وما تلاها من بعد في مصر واليمن وليبيا وسوريا والبحرين وسلطنة عمان وحتى المملكة السعودية التي كانت جماهيرها الشعبية بدأت بتحفيز عملية التقليد الذي لم يكتب بسبب القبضة الحديدية للسلطة هناك

ثورة الربيع العربي التي اقتربت من دول الخليج كادت ان تقضي على سيطرة العائلات على هذه الدول ولان الأمر خطير ويهدد بزوال هؤلاء الحكام عملوا على توحيد جهودهم ورص صفوفهم لمواجهة خطر الربيع العربي الذي داهمهم سريعا رغم وجود المقدمات التي تؤيد ضرورة الثورة لهذه الدول

وبما ان ثورة الربيع العربي هاجس مؤلم لحكام الخليج على المدى القريب والبعيد ويكفي ان ذكرى هذه الثورات والتغيير الذي سينتج عنها يمثل هذا سر القلق من اندلاع الثورة في وجوه هؤلاء الحكام في أي لحظة نتيجة انتقال السلطة والثروة من أيدي عائلة بعينها الى الشعب عامة وللتوقعات أيضا التي ستتحقق في مجال العدالة والمساواة والحرية والتنمية الحقيقية

اتفق حكام الخليج رغم اختلافهم فيما بينهم كعائلات حاكمة ورغم اختلافهم مع شعوبهم وقهرهم لها بالقوة اتفقوا على إجهاض ثورة الربيع العربي في مهدها وعلى مستوى الدول التي اندلعت فيها الثورة الشعبية

مصر واليمن أكثر الدول التي تحقق لها استعادة الدولة والسلطة بعد ان كانت مغتصبة ومصادرة بيد أشخاص وعائلة واحدة وكانت ثورتي مصر واليمن ثورة سلمية بكل المقاييس

حكام الخليج الذين يمتلكون المال الوفير نتيجة الثروة النفطية الكبيرة اعتمدوا مخططات الإجهاض بكل الوسائل وبكل الأساليب وخصصوا ميزانيات ضخمة لهذا الغرض

مصر يسعى قادة دول الخليج لإجهاض ثورة 25 يناير وقد تحقق لهم جزء من هذا في 3 يوليو 2013م بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي الذي نفذه قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي وبدعم مالي وسياسي وإعلامي واستخباري كبير من خلال تركيزهم على بقايا نظام مبارك وتقديم دعم مالي كبير لمواجهة النظام الجديد الذي جاء بناء على رغبة الشعب المصري ، جيش الخليج الإعلام الفضائي والمطبوع والالكتروني واشتروا رجال السياسة والأعمال ونشطاء المجتمع المدني ضد الرئيس مرسي لتشويه صورته كما أنهم قاموا بدعم وتمويل شبكات تخريب بصور متعددة لإفشال الحكم الجديد وقد نجح ذلك كثيرا

في اليمن بادر قادة الخليج إلى احتضان الثورة وتنويمها على سرير العناية الفائقة منذ شهرها الأول مع اختلاف الطريقة والآلية التي اعتمدوها لإفشال ثورة مصر

إفشال ثورة اليمن جاء مدسوسا ضمن المبادرة الخليجية التي أطلقها حكام الخليج بدعوى الحفاظ على اليمن واستقراره من الانزلاق نحو الحرب الأهلية وهو ما سيؤثر على امن الخليج بالطبع

أدوات الإفشال جاءت ضمن بنود المبادرة الخليجية حين أبقت على نظام المخلوع شريكا وموجودا في السلطة إضافة الى إبقاء المخلوع شخصيا مع عائلته دون محاسبة ودون ان تمسهم الثورة انطلاقا من توصيفهم لثورة اليمن بأنها أزمة بين فرقاء السياسة وهذا هو الخطأ الذي ارتكبه قادة الثورة ونشطائها بالقبول للمبادرة الخليجية التي اعتبرها السياسيين في قوى الثورة بأنها وسيلة سلمية للقضاء على الحاكم واستعادة السلطة من يده وهذا منطقي الى حد كبير ان خلع علي صالح جاء بناء على هذه المبادرة

لكم الخطأ هو ترك المخلوع وعائلته أحرار ومحصنين بقانون محلي بعدم المساس بهم او محاسبتهم او إخضاعهم لقانون العدالة فيما بعد

أول خطوة عملية لتنفيذ المبادرة الخليجية كان تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي نصت المبادرة ان تكون مناصفة بين قوى الثورة الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك وشركاه وبين حزب المؤتمر الشعبي الذي يرأسه المخلوع على ان تكون رئاسة الحكومة من نصيب اللقاء المشترك الداعم للثورة وكان التوافق على اسم المناضل الأستاذ محمد سالم باسندوة الذي كان يشغل منصب رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة وهو الكيان الذي كان يمثل كل قوى الثورة وأنصارها

اسم الأستاذ باسندوة ومكانته الوطنية والنضالية ونزاهته ونظافة يده من المال العام هو الذي جعل منه شخص يحظى بالإجماع العام من قوى الثورة و في الجانب الأخر مثل هذا الإجماع استفزاز للمؤتمر ورئيسه المخلوع نتيجة معرفته بنظافة باسندوة وصلابته في عدم قبوله وخضوعه لاملاءات وإغراءات المخلوع

منذ اليوم الأول لتولي الأستاذ باسندوة لرئاسة حكومة الوفاق بناء على المبادرة الخليجية والمؤتمر الشعبي العام يمارس ضد الرجل كل أنواع البطش والظلم الى درجة الاستخفاف والخروج عن أدب الاختلاف ووظف المؤتمر كل وسائل الإعلام المختلفة لشن الحرب على باسندوة

هذا هو القاسم المشترك بين فلول مصر واليمن مع أن الأدوات الخارجية هي نفسها بأشخاصها وجهزتها وأموالها ودعم الفلول في اليمن جاء موثقا محليا وإقليميا ودوليا من خلال بقاء علي صالح شريكا في السلطة وبقائه ضمن أطراف العمل السياسي ومهمته الحقيقية القيام بمهمة إفشال الحكومة التي يرأسها باسندوة الممثل لقوى الثورة

تواجه حكومة باسندوة كل أنواع المخططات التي تهدف لإفشالها من قتل واغتيالات وقطع لخدمات الكهرباء والنفط والاتصالات وقطع الطرقات وإشعال الفوضى ودعم كل من له ألف باء في الجريمة والتخريب وبدعم لوجستي ومالي من علي صالح الذي حول قصره في صنعاء الى غرفة عمليات لتخريب اليمن وإفشال المسار الجديد وبضمانة المبادرة الخليجية

المخلوع علي صالح يحظى بدعم حكام الخليج وهم من يمده بالمال الكافي لإفشال حكومة التغيير وتحقيق أهداف الثورة ومع هذا ما لا يفهمه قادة الخليج بأن الثورة اليمنية محمية بحماة وطنيين أقوياء يحظون بإجماع وطني وان هؤلاء الحماة هم الأكثر تأثيرا وان ملياراتهم ستفشل أمام وطنية ومواقف هؤلاء ، لا يفهم الخليجيين المكانة التي يتمتع بها اللواء علي محسن الأحمر في أوساط الجيش والقطاع الاجتماعي وكل النخب الاجتماعية بكل ألوانها إضافة الى الشخصيات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي ساهمت بالوقوف مع الثورة وساهمت بالقضاء على حكم المخلوع

الفارق بين مصر واليمن أن السيسي ظهر على السطح بانقلاب وهو ما لا يجيده السيسي النسخة اليمنية الذي اعتقد انه يسكن شخصية الرئيس هادي الذي جاء أيضا وفق المبادرة الخليجية ودوره المشابه للسيسي من خلال سكوته عن إجراء أي محاسبة قانونية لمن يقف وراء التخريب وسياسة الإفشال المعتمدة والممنهجة ورغم انه يجيد التسريبات الإعلامية التي تظهر وكأنه على خلاف مع المخلوع نظريا لكن عمليا يبدو وهم متفقان في محاصرة التغيير بكل أنواعه

مهما اختبئ السيسي نسخة اليمن وأينما اختبئ وتحت أي قميص يختبئ لن ينجح ولن يكتب له سوى الهزيمة