العقلاء وحدهم من نركن إليهم
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 8 أيام
الأحد 09 يونيو-حزيران 2013 04:38 م

دخول مؤتمر الحوار اليمني مرحلته الثانية والحاسمة في إنتاج المخرجات الملزمة للجميع تستدعي منا قراءة لمسار الحوار ومآلاته بكثير من التساؤل.. بسبب الارتباك الذهني بين الواقع والمأمول

في المراحل الحرجة من حياة المجتمعات والشعوب، حيث المعمعة وتعميق الأزمة تجد عامة الناس مرتبكين لا يعرفون من أمرهم شيئًا، ويفكرون بعقل يستحضر النفخ في الصور عند قيام الساعة وانتهاء المصير ((أزفة الآزفة))..العقلاء وحدهم من يرون الأمور بطريقة مختلفة عن الآخرين فيحددون مسار التاريخ إلى وجهة حالمة تبدو للعامة من الناس مستحيلة ..

ما يجري في مؤتمر الحوار اليمني هناك قلة من العقلاء، هم وحدهم من نركن إليهم في تحديد مسار التاريخ، بينما البقية الباقية هم مجموعة من المهرجين والغوغائيين يقولون ما يحلو لهم دون وعي لما بعد لحظة القول.. نسمع منهم جعجعة ولا نرى طحينًا.. وحضورهم ليس منه مهرب لاكتمال المشهد التمثيلي ..

العقلاء الذين نقصدهم ليسوا حزبًا، ولا يظهرون بنكهة حزبية أو أيدلوجية، وإنما يبرزون في المراحل الحاسمة من التاريخ باعتبارهم قامات وطنية سواء علم الناس تفاصيل جهودهم أم لم يعلموا، لأن انتماءهم الى الوطن الكبير يفرض عليهم طريقة مختلفة من التفكير، وطريقة مختلفة في النظر إلى منطق الأشياء.. هؤلاء العقلاء: يمتلكون معرفة وخبرة وكفاءة وحصيلة فائضة من الحكمة تمكنهم من قراءات الأفكار وقراءة تحولات البوصلة للمزاج العام، هم من سيحسم نتائج الحوار؛ لأن وظيفتهم الإمساك بزمام التاريخ، شأنهم شأن كل العظماء.. هؤلاء العقلاء ينتمون إلى الكل الوطني، إلى الكل السياسي، إلى الكل الحزبي، إلى الكل التاريخي، إلى فسيفساء المجتمع، ولا يتحيزون إلى زاوية مهجورة أو مكان فسيح ضد أمكنة أُخرى متعددة ..

فبقدر ما نرى الأمور بتشاؤم كبير ونفقد الثقة مع كل قطرة دم تُسال، ان اضطراب في الأمن والسلم الاجتماعيين، او انقطاع الكهرباء والغاز والنفط، وسرقات المال العام بضراوة أكثر مما عهدنا، فإننا نعول على هذه النخبة العاقلة التي نتخيلها أن تكون موجودة في الوقت المناسب والمكان المعتبر ..

نحن سائرون إلى الأفضل بوجود العقلاء الصامتين مهما كان المسير بطيئًا، وسيظل بطيئًا بحكم التبعات الاجتماعية والمورث الثقيل والمآسي التي لن تُمحى من الذاكرة دون أن نمنحها وقتًا كافيًا ..

إذا فشلت مخرجات الحوار الوطني عندها سنجزم أن البلاد خالية من العقلاء التاريخيين وغير التاريخيين، وأن المجانين واللصوص وقُطّاع الطرق وحدهم من يتحكم بمصائرنا، وأننا كشعب لا نستحق الحياة.. نتمنى أن لا نصحو من أحلامنا على هذه الكارثة، وأن لا نكون من ضحاياها..

hodaifah@yahoo.com