رِحْلَةُ الحِوَارِ النَّاجِح
بقلم/ محامي/احمد محمد نعمان مرشد
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 10 أيام
السبت 08 يونيو-حزيران 2013 03:38 م

أن المتتبع لما يدور ويُناقش هذه الأيام بين المتحاورين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل يدرك يقينا أن بعض المتحاورين يتعاملون بأنانية وسلبية مع البعض الأخر وإذا استمر الحال على ما هو عليه في هذا النوع من الحوار فلن تُحل مشكلة ولن يُوصّل إلى هدف معين كما انه لن يُحقق نتيجة مرضية. فالمحاور الناجح هو الذي يبتعد عن الأنانية وضيق الصدر ويقوم بطرح أفكار بَنَّاءة وآراء سديدة وتقديم ذلك في سلوك راقي مهذب مقنع للطرف الآخر كما أن المتابع لما يدور في جلسات مؤتمر الحوار الوطني يتألم كثير لما يحدث بين بعض المتحاورين الذين شوهوا المظهر الجمالي والفني للحوار واخلوا بأدائه وآدابه حيث وصل الأمر ببعض  المتحاورين إلى التصرف مع الغير تصرف الأطفال وليس تصرف العقال حيث قام احدهم وهو مقرب جدا من (الرئيس السابق) برمي زميله بــ (دبة الماء الصحي ) أثناء النقاش والمحاورة مما اضطر زميله إلى الرد  عليه بالكرسي  ولا داعي لذكر اسم البادئ  فكل من تابع الجلسات وقرأ الصحف يدرك ذلك فمثل هذا الشخص عليه أن يبدأ الحوار مع ذاته قبل الحوار مع الغير لان من عجز عن الحوار مع نفسه بأدب وقيم وأخلاق فهو بحواره مع الغير اعجز لاسيما وان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. والمحاور الناجح هو الذي يصارح نفسه بقوله لها ( رأيُنا سديد ويحتمل الخطأ ورأي غيرنا مرجوح ويحتمل الصواب ) ولنا المثل الأعلى والقدوة الحسنة في سيد البشر والعجم صلى الله وعليه وسلم حيث قال  : « إذا حكم الحاكم ، فاجتهد وأصاب ، فله أجران . وإذا حكم ، فاجتهد فأخطأ ، فله أجر واحد)

وقد سجل التاريخ اختلاف الصحابة في أشياء كثيرة وردت فيها نصوص قرآنية وأحاديث نبوية كما اختلف التابعون وتابعوهم والأئمة المجتهدون في الكثير من المسائل الفقهية دون الإساءة إلى بعضهم بإيغار الصدور وجرح الكرامة .واليمن اليوم تمر بأحداث متنوعة وعصيبة توجب على أبنائها المتحاورين الاتفاق في الرؤى والمواقف وتصحيح الأخطاء وازدهار الحياة والتوجه نحو بناء الدولة المدنية الحديثة والحكم الرشيد لاسيما وان الشعب اليمني والمجتمع الدولي يعلقان كل الآمال على نجاح المتحاورين في مؤتمرهم فهم مدعومون اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى التعامل مع الأحداث والوقائع والمتغيرات بعقلية أكثر مرونة وتفكير ناضج مع الانفتاح على آفاق العصر ومعطياته المتجددة على أن تكون الحوارات جدية وهادفة مع جميع الجهات وعلى كافة الصُّعُد والمستويات المتنوعة ليشترك الجميع في بناء دولة حضارية مميزة فيها قيم الخير والحق والعطاء والفضيلة يسود فيها مبدأ التعاون والتسامح بين الجميع جاعلين هذه الآية القرآنية نصب أعينهم (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِإِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَاكَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)