عودة الطابع الوطني لمؤسسة الجيش
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 4 أيام
الأحد 14 إبريل-نيسان 2013 06:22 م

وضعت قرارات الرئيس الشجاعة حداً للمزاج اليائس في الشارع ووضعت اليمن كلها على أبواب التغيير الكبير الذي فتحت آفاقه الثورة الشعبية السلمية.

وليس أكثر ملاءمة للدخول في المرحلة الجديدة من إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة الطابع الوطني إلى بنيانها وهيكليتها ، وقد كانت التغييرات الواسعة التي تضمنتها حزمة القرارات التاريخية خطوة حاسمة في هذا المسار ، لأن بقية خطوات إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس وطنية أصبحت تحصيل حاصل حتى مع الإدراك للمدى الزمني الذي ستحتاجه اليمن لإعادة إنتاج مؤسستي القوة «الدفاع عن الوطن والحفاظ على امن المجتمع» الذي ربما يمتد إلى سنوات طويلة ، غير انه لن يكون معيقا لاستعادة الدولة وهيبتها طالما وقد أنجزت الخطوتان الأكثر الحاحاً ؛ استحقاق التغيير في البنية القيادية العليا والوسطى ، وتوحيد مؤسسة الجيش التي انقسمت إبان الثورة مابين ضفتي الشعب الثائر المطالب بالتغيير والنظام المتشبث بالهيمنة والتسلط.

الآن فقط وبعد هذه الخطوة الجريئة التي تبعث الطمانينة وتبدد ظلال اليأس ستهدأ أرواح الشهداء والجرحى الذين ضحوا بحياتهم من اجل التغيير.   

البطء في خطوات التغيير كان قد تحول إلى علامة استفهام كبيرة تلتف على المشهد بكل مكوناته من السلطة الانتقالية وحكومة الوفاق الى الكتل المجتمعية الكاسحة التي اندفعت إلى ساحات الثورة لترفع صوتها بشعار التغيير ، لأن عدم تحقيق أهداف الثورة ، وتسلق الانتهازيين والنفعيين مواقع الوظيفة العامة يمثل رسالة محبطة من واقع أرادوا تغييره وبدت تضحياتهم في لحظة خيبة الأمل كأنها هباءاً منثورا.

اللافت في ما حدث حتى الآن هو قوة صبر الرئيس ورصانته ، وقد تبين انه لم يفرط باستحقاقات التغيير ، صحيح انه تباطأ في اتخاذ القرارات وقد اعترف بخطئه بقوله إن هذه القرارات كان ينبغي أن تصدر في 2012 ، غير انه لم يغفل عن ضرورة انجاز الخطوة التاريخية ، وقد فعلها وسوف يجد أثرها من خلال الالتفاف الشعبي والحماس وقوة الأمل التي سرت من جديد في كل أوصال المجتمع. 

كان تخريب مؤسسة الجيش شرطاً ضرورياً لإنجاز الهيمنة العائلية على الدولة. وقد استمرت الخطوات الممنهجة بشكل حثيث حتى أفرغت مؤسسة القوة المفترض بها حماية الوطن من مضمونها الوطني والوظيفي ، حيث اختل تركيبها الوطني على المستوى القيادي والتكويني وغدت في خدمة الهيمنة الفردية والعائلية. 

وكانت قضيتي الجنوب وصعده انعكاساً لهذا الخلل الكبير. ففي الجنوب تم تسريح الآلاف من الضباط والأفراد من وظائفهم وطبق التقاعد التعسفي وأقصيت الكفاءات لتفسح المجال لأصحاب الولاءات.

وفي صعده استخدمت الحروب لتصفية الحسابات، ومن اجل تكتيكات التوريث تم الزج بالجيش في قضية كان يمكن مواجهتها بالأفكار والتعليم وان تطلب الأمر بإجراءات أمنية محدودة ، وأدى ذلك إلى نمو الظاهرة المذهبية وتوسعها وصعودها على رافعة الحروب التكتيكية التي فتحت أبواب الأمن القومي اليمني للتدخلات الإقليمية والصراعات التي تخاض على ارض اليمن بالنيابة.

لقد انعكست العصبوية في القوات المسلحة على المجتمع وأصابته بتشظيات غائرة ستحتاج اليمن إلى زمن طويل لإعادة لحمتها واندماجها الوطني.

ومثلما كانت التشظيات انعكاساً للهيمنة العصبوية على سلطة الدولة واهم مؤسساتها «مؤسسة القوة» ، فسوف تكون اللوحة الوطنية الجديدة التي مثلتها القيادة الجديدة كخطوة حاسمة لاستعادة الطابع الوطني لهذه المؤسسة ، ستكون فاتحة لاستعادة الاندماج والتلاحم الوطني ، لأنها تهيئ شرطاً جوهرياً لإنجاز الدولة الوطنية الجديدة ، دولة القانون والعدالة الاجتماعية والمشاركة الشعبية ، الدولة لكل مواطنيها بكافة توجهاتهم ومناطقهم وألوانهم وقبائلهم ومذاهبهم وآرائهم.