تعز.. بين الشموخ والإقصاء والآمال المرتقبة..
بقلم/ بدر الشميري
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 25 يوماً
السبت 21 إبريل-نيسان 2012 06:14 م

قبل الثورة- فالثورة أبرزت تعز، ومن خلالها عرف الخارج الكثير عنها- كنت أتحدث مع احد الأصدقاء،وأثناء الحديث ، سألني -ويتكرر السؤال:سأل عن مدينتي؟

أنا من تعز ..صمت دقائق ،وعلامات الحيرة في وجهه ،يفرك رأسه، ويتمتم ،أدركت انه يجهلها،لم يكن الوحيد يجهل تعز، فهناك الكثير،جهلهم نابع عن غياب الحالمة من المشهد اليمني،وإقصاءها عن الظهور،غيبها صالح في غياهيب سياسته التخلفية، وأرادها أن تكون تابعا"رغم تقدمها ،وقدمها بالمعرفة والثقافة والفكر،لا يريد أن يرى العالم اليمن بصورته المدنية،بل زاد في الإساءة لتعز بإعادة القبيلة الى المقدمة بصورها السلبية ،واستنسخ مشايخ سوء، تربوا وتعلموا على يديه،حتى يكرس التخلف،وينزع روح المدنية الحالمة المتدفقة.. 

بادر بسؤال آخر، لعله يعرف بالإجابة عنه أكثر عن تعز، وهل تعز قريبة من صنعاء؟؟

هي ليست قريبة من صنعاء فحسب، بل هي أخت صنعاء، وشقيقتها الكبرى بعدد سكانها،كريمة بالعطاء، فأبناءها متواجدون بفكرهم وثقافتهم بأكثر المحافظات اليمنية، وفي مقدمتهم صنعاء،ولكن حاكم صنعاء لا يقدر القريب،ولا ذو الشأن إلا وفق معايير وضعها تبقيه على كرسيه، و يفنى غيره،،فكانت تعز بالدرجة الأولى ضحية تلك المعايير الاقصائية المتخلفة ، الحالمة تعز،مدينة الثقافة،والمعرفة،والفكر والسياسة،ماضيها كانت عاصمة الدولة الرسولية(626-858هـ/1404-1228م) ، عرفت هذه الدولة في تاريخ اليمن، إنها من أعظم الدول اليمنية ،وأطولها عمرا ،استمرت قرابة قرنان وثلث القرن ،ذاع صيتها ،فكانت ذات شأن ومكانة،في ظلها تم توحيد اليمن ،من حضرموت جنوبا وحتى مكة شمالا،وهذه إشارة إن وحدة اليمن، ليست بدعة ابتدعت في1990،وإنما تجري في شرايين اليمنيين مجرى الدم منذ القدم ،وأقدم من ذلك زمن حكم الدولة السبئية....

علو شأن اليمن ومكانتها ليس بالتمزق والتشطير، وإنما في ظل دولة موحدة قوية،فعلى دعاة التشطير أن يدركوا أن بقاء اليمن موحدا"يحفظ لها مكانتها وقوتها وهيبتها،وان التشطير من مخلفات الاستعمار،ومن احتج بالضعف الموجود ،فنتاجه فساد النظام،أما الوحدة فيها روح اليمن منذ القدم...

 بسطوا سيادتهم الفعلية على كل جهات اليمن، ودخلوا مناطق وحصون لم يستطعها قبلهم الأيوبيون، ودانت لهم القبائل، والأسر الحاكمة، كالأئمة الزيدية في صعدة وجهاتها ،وآل حاتم في صنعاء وما حولها..

ساهمت الدولة الرسولية في نشر الدين والثقافة والمعرفة ،وكان لها دورا اسياسيا"-يجهله الكثير- في نشر رسالة الإسلام الى جنوب شرق أسيا ،بجانب دور تجار حضرموت،وكما نقل عن احد الأكاديميين( لولا دور دولة بني رسول في القرن السادس الهجري بجانب دور تجار حضرموت ما كان للإسلام أن يصل الى تلك البقاع)وهذه حقيقة ،فالفرد دون دولة تسنده وتشد عضده ،لا يستطيع أن يقدم شيئا"..

تلك تعز الحالمة بماضيها المزدهر، الحافل بالمعارف المتنوعة، وبالفنون المتعددة، في شتى الميادين الإبداعية كانت تعز رافدا مهما"،وينبوع متدفقا"لا ينضب،متوجا" بتوحيد الأرض اليمنية ،ورفع شأن ومكانة الإنسان اليمني..

بعد العز والشموخ والمكانة،عادت الى الانكسار والتهميش ،طوال ثلاثة عقود ونيف، من التهميش والإقصاء،ونكران الجميل من قبل حاكم صنعاء لهذه المدينة،رغم حلمها عليه وصبرها، ضاق بها الحال وعزمت على التغيير ...

لم يطول الصمت، فأبت الحالمة إلا أن تخرج من صمتها وحلمها،تًعزُ بإرادة شعب، عز عليها أن تراه يتجرع ويلات الفساد، أشعلت شرارة الثورة،وتوهج نارها في جميع محافظات اليمن قاطبة ،كانت تعز في مقدمة المدن الثائرة،فدفعت بأبناءها وقود لها،ولم ترضخ، رغم قسوة النظام في الانتقام منها ،وإسرافه في دكها وحرق أبناءها،من اجل حرية شعب بأكمله،حرية وطن من أسر الأسرة..

*الامآل المرتقبة :

بعد ثورة شعبية من اجل المستقبل ،وما ترتب عليها من دمار للمدينة ،زيد على ذلك القصور في الكثير من الخدمات الأساسية ، يعقد أبناء تعز آمالهم بمستقبل يعيد للحالمة عزها ،على يد المحافظ الأستاذ /شوقي احمد هائل، فقد الفت المحافظة دورهم الخيري، ،وبصماتهم في خدمة المحافظة..

يضعون آمالهم وثقتهم بدور فعلي للمحافظ، –بتغيير سياسة إدارة المحافظة ،سياسة تختلف عن أداء من سبقه من المحافظين، بمكافحة الفساد ،وتطهير المؤسسات والمرافق الحكومية من الفاسدين ،العابثين بمصالح الناس،وتشييد بنية تحتية للمحافظة ،متكاملة تلبي مطالب المواطنين في المدينة والأرياف..

ونحن نتحدث عن معانات أبناء تعز،لابد أن نشير الى انعدام الخدمات الأساسية عن الكثير من مديريات المحافظة وأريافها،ومنهم مديرية (مقبنة)اكبر مديريات المحافظة ،بل اكبر مديرية في اليمن، دون إعارة هذا الجانب الأهمية،وبتعاقب المحافظين، تظل أدوارهم محصورة بالمدينة ومراكز المديريات،وتجاهل كبير للأرياف.. لم تصل خدمات الدولة الى الكثير من الأرياف ،منذ ثورة 1962 ،والى الآن وهي مازالت تنتظر الدولة،بتقديم الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه، وطرق،ومراكز صحية..

الأمل كبير بالله، ثم بالمحافظ، أن يضع تعز بكافة رقعتها الجغرافية نصب عينيه،فالمواطنين ضاقوا ذرعا" بالتهميش والتجاهل،ودفعوا الكثير من اجل الخلاص من عزلة الإقصاء والنسيان ...

إن ازدهار تعز ،وتطهيرها من بؤر الفساد، وإعادة روح المدنية فيها ،كفيل بإعادة الروح المتقدة بالأمل والبناء لليمن، فصلاح تعز سوف ينعكس ايجابيا" على باقي المحافظات ،وكما ألفوا هذه المدينة رائدة التغيير في الثورات اليمنية،ستكون رائدة التغيير ايضاً ،بإحداث نقطة تحول في البناء والتطوير والمعرفة في اليمن ...

badrhaviz@hotmail.com