هل فعلها اللواء الأحمرمن أجل اليمن؟!
بقلم/ ناجي منصور نمران
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 22 يوماً
السبت 26 يناير-كانون الثاني 2013 09:24 م
كان ولا يزال اللواء محسن حديث الساحة منذ اندلاع شرارة الثورة الشبابية وإعلانه الانضمام لصف الثوار بعد جمعة الكرامة الدامية، زاد ذلك الحديث تصاعداً في الآونة الأخيرة بعد تردد الكثير من الشائعات حول تمرده على قرارات الرئيس القاضية بإلغاء الفرقة وتقسيم المنطقة الشمالية الغربية إلى منطقتين، والتي إن صحت فإنها لا محالة تتناقض مع ماتردد بداية الثورة حول عزم الرجل اعتزال الحياة العسكرية إلى الأبد وإفساح المجال أمام الدماء الجديدة للأخذ بزمام المبادرة وتحمل مسئولية بناء البلاد شبه المنهارة، وهذه هي الخطوة التي ننتظرها من اللواء كدليل على إثبات حسن نيته في تصحيح الوضع المتردي على مختلف الأصعدة كونه قد ساهم بشكل فعال في استفحال وتفاقم المشكلة طيلة العقود الثلاثة الماضية كأحد أبرز قيادات النظام السابق، فقد قدم كل مابوسعه لدعم صالح سواءً من خلال الحيلولة دون إزاحته من على الكرسي في مرات كثيرة وقمع خصومه كما حصل مع الناصريين بعد اغتيال الرئيس الحمدي ، أو حتى لعب دور الرجل الأول في كثير من الظروف وهو الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد، وقد أشار إلى ذلك محسن صراحة في حوار سابق أجرته معه صحيفة الجمهورية

بغض النظر عن حقيقة تلك التسريبات من عدمها، فإن البعض قد يتعاطف مع اللواء من باب رد المعروف على حد تعبيرهم ، حيث يعتقد هؤلاء أن الموازنة بينه وبين العميد كشخصيتين لابد من إزاحتهما من المشهد لضمان استقرار الأوضاع، فيه نوع من الظلم ونكران للجميل على اعتبار أن لحظة دعم محسن للثورة كانت هي القشة التي قصمت ظهر صالح وبلاطجته، والحقيقة تُقال أن مساندته للثورة في تلك المرحلة بلاشك تُحسب له ومن ينكر ذلك فهو جاحد ، ولكن التمادي في استخدام موقفه المؤيد للثورة من قبل البعض كشماعة تبرر تحكمه في مصير البلاد غير مقبول، فالحكم على الرجل لمجرد تبنيه هذا الموقف أمر يخالف المنطق تماماً خصوصاً وأن تاريخه العسكري طويل وحافل بالعديد من الأحداث ،والانجرار وراء العواطف في مثل هذه القضايا المصيرية قد يؤثر في أحيان كثيرة على رؤيتنا للأوضاع وتقييمها بطريقة صحيحة لاسيما على المدى البعيد، وعلينا إن أردنا تقييم الموقف بموضوعية وتجرد أن نعود للوراء قليلاً لكي نستطيع تكوين صورة واضحة المعالم حول ما إذا كان ذلك الطرح فيه تجني عليه أم لا، وبمجرد إلقاء نظرة سريعة على الماضي القريب سنجد أن هنالك حقائق ثابته لا يستطيع أحد إنكارها وعلينا أن نأخذها بعين الاعتبار عند التعاطي مع ملف اللواء، وهي كالتالي :

1- محسن كان أحد أبرز أركان النظام السابق إن لم يكن أقواها، وأحد أسباب بقاء صالح على الكرسي طيلة ال33 عاماً.

2- محسن كان أحد كبار الفاسدين في البلاد والثراء الفاحش أكبر دليل على ذلك.

3- محسن انقلب على صالح في لحظة فاصلة جاءت لمصلحة الثورة ولولا انشقاقه، بعد إرادة الله، لما وصلنا للمرحلة التي نعيشها اليوم.

4- نرى أن انشقاق محسن عن النظام كان لأحد سببين لا ثالث لهما ، الأول إما بداعي الانتقام من صالح الذي حاول جاهداً تصفيته بكل الطرق كان آخرها ماكشفته وثائق ويكيليکس حول محاولة اغتياله أثناء معارك حرب صعدة الأخيرة والتي تمت بالتنسيق بين اليمن والسعودية ، وذلك من خلال إعطاء إحداثيات موقع تواجده للطيران السعودي ليقوم بضربه على أساس أنه موقع تابع للحوثيين ولكن المحاولة باءت بالفشل، والسبب الثاني ربما صحوة ضمير متأخرة.

هذه النقاط الأربع مجرد خطوط عريضة ومقتضبة تلخص سيرة اللواء، ومع كل ذلك نقول أنه قد قدم خدمة البلاد بإعلان انشقاقه عن صالح، وعليه الآن أن يترك الميدان العسكري والسياسي معاً مفسحاً المجال لغيره، إذ سيخرس بذلك ألسنة الكثيرين، وسيثبت أن دعمه للثورة كان نتاجاً بالفعل لصحوة ضمير أكدها بالوقوف ضد صالح من أجل اليمن لا من أجل الحفاظ على مصالحه الشخصية، مالم فالشكوك والمخاوف التي تُثار حول نواياه ربما تكون صحيحة، وعلى من يتعاطف معه لمجرد مساندته للثورة وعلى أساس أن الإسلام يجب ماقبله عدم تناسي ضرورة أن يحسن المسلم الجديد إسلامه.

لامجال للعواطف هنا، لأن اليمن اليوم على مفترق طرق فإما أن تكون أو لاتكون، والشعب غير مستعد لتقبل الخيار الثاني مهما كان الثمن فقد سئم الناس حياة البؤس والشقاء ومن حقهم أن يعيشوا بحرية وكرامة مثل باقي الناس، وذلك لن يتأتى لهم إلا بخلع العباءة المصبوغة كلياً باللون الأحمر وإلى هنا ويكفي للواء والعميد، فقد جرب الشعب اللون الواحد وأثبت فشله الذريع في رسم لوحة اليمن السعيد، وآن الأوان لاستخدام تشكيلة تستوعب كل الألوان لرسم تلك اللوحة التي عجزنا حتى اللحظة في رسم ملامحها الأولية.