اتفاق أمني بين تركيا و فلسطين يشمل إرسال قوات عسكرية 5 عبارات بحث على غوغل قد تعرضك للاختراق فورًا.. لا تقع بالفخ رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة الريال اليمني يواصل الإنهيار نحو الهاوية أمام العملات الأجنبية اليوم صور بالأقمار الصناعية تكشف النشاط العسكري للحوثيين في مطار الحديدة فيديو مروع .. عنصر متحوث يحرق نفسه امام تجمع للحوثيين وسط ميدان السبعين بصنعاء الصحفي بن لزرق يشعل غضب الانفصاليين بتغريدة منصفة كشفت عظمة «مأرب» ويؤكد: اتحدى اكبر مسؤول في الدولة ان يكذب حرف واحد مما كتبته عقب اقتحامه للمنبر رفقة مسلحين.. خطيب حوثي يتعرض لإهانة موجعة من قبل المصلين تفاصيل صادمة.. قاتل صامت يختبئ في مشروب يومي يشربه الجميع الباحث على سالم بن يحيى يحصل على درجة الدكتوراه من جامعة المنصورة بمصر بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف
( No need to be afraid of us ) لا داعي للخوف منا ..
كان هذا هو عنوان المقال الذي نشرته الجارديان البريطانية للمهندس/ خيرت الشاطر- رجل الأعمال المصري ، والنائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين آنذاك – في عددها الصادر بتاريخ 23 نوفمبر من العام 2005م ، وهو المقال الذي كان بمثابة طمأنة للولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً وللغرب والمجتمع الدولي عموماً ، حول مخاوفهم يومها جراء فوز الإخوان المسلمين بحوالي 88 مقعداً في الجولة الأولى والثانية فقط من الانتخابات البرلمانية التي جرت في تلك الفترة ، برغم التزوير وقوة وبطش النظام ، هذا كان من جهة ، ثم من جهة أخرى كان ذلك المقال بمثابة التعريف بالجماعة وإزالة كل تلك الضبابية التي ظلت تحول دون رؤية الغرب لها على حقيقتها طوال حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك ، في قضايا كثيرة تثير قلق الغرب ومخاوفهم من الإسلامين كمسألة القبول بالآخر ، كما مواقفها من قضايا حقوق الإنسان والمرأة والحريات الدينية والعامة ، ومحاربة الإرهاب وغيرها من القضايا التي تثير هواجس الغرب في التعاطي مع الإسلاميين عموماً .
ويبدوا لي أن ذاك المقال كان قد رسم ما يشبه "خارطة الطريق" في تعامل جماعة الإخوان مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ، الأمر الذي ربما أعطى انطباعاً إيجابياً لدى الأمريكان والغرب عموماً من إمكانية الحوار مع هذه الجماعة ، فالغربيون – كما نعلم جميعاً – لا يعرفون صديقاً دائماً ولا عدواً دائماً ، وصديقهم الوحيد هي "مصالحهم" ، ولذلك تُراهم "واقعيون" إلى حد بعيد ، على عكسنا نحن العرب ، الذين تغلب علينا "الراديكالية" في تعاطينا مع الآخر ، وهم في الغالب مستعدون للتعاطي مع أي بديل قد تفرضه الوقائع السياسية على الأرض في بلد ما ، كما هو حاصل الآن في دول الربيع العربي وبمقدمتها مصر .
ثم لا ننسى أن الرجل – أعني خيرت الشاطر – هو صاحب فكرة إنشاء موقع "إخوان ويب" ، الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين باللغة الإنجليزية ، والذي لعب دوراً هاماً ومحورياً في تقديم خطاب الجماعة وفكرها بقدر كبير من المرونة والاعتدال ، وبلغة يفهمها الغرب جيداً ، كما كان حلقة الوصل بين الإخوان والعديد من مراكز البحث المختلفة في الغرب ، بغية توضيح الأجندة السياسية للجماعة في التعاطي مع مجمل القضايا التي تخيف الغرب من الإسلاميين كما أسلفنا ، وأرى ذلك قد تجسد بشكل عملي من خلال اللقاء الذي جمع مؤخراً بين قيادات عليا في الجماعة مع مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز ، بعد فوزها في الانتخابات الأخيرة ، وهو أول لقاء يتم على هذا المستوى الرفيع بين الأمريكان وجماعة الإخوان ، كما أن جهود الشاطر في حواراته مع الغرب قد أسفرت عن تخلي واشنطن بدءاً من العام الماضي عن حظر الاتصال السياسي مع جماعة الإخوان المسلمين ، وهوما كانت تتمسك به إلى وقت قريب.
باعتقادي أن جملة تلك اللقاءات والحوارات التي جمعت الإخوان مع الأمريكان خصوصاً ومع الغرب عموماً ، والتي كان مهندسها "خيرت الشاطر" ، إضافة إلى الصعود القوي لجماعة الإخوان المسلمين ، وسطوع نجمها بعد ثورة 25 يناير ، ثم فوزها الكبير بالانتخابات الأخيرة ، كلها معطيات هامة أراها قد أقنعت الغربيين أخيراً بحتمية التعاطي مع هذه الجماعة ، باعتبارها واقعاً يجب التعامل معه ، كما أن الجماعة من جهتها قد أبدت مرونة شديدة لم تكن معهودة عليها من قبل ، وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال خطابها السياسي - وبخاصة بعد ثورة 25 يناير- حول مختلف القضايا ، أكان على المستوى الخارجي مع الغرب ، أو حتى على المستوى الداخلي مع المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي ، لدرجة جعلت معظم خصومها التقليديين في القوى الليبرالية يتهمونها ببيع مبادئ الإخوان التي أسسها الإمام حسن البنا من جهة ، وبأنها قد عقدت صفقة سياسية مع المجلس العسكري قبل خوضها الانتخابات من جهة أخرى .
أستطيع القول بأن تاريخ 25 يناير 2011م ، كان هو بداية العصر الذهبي لجماعة الإخوان المسلمين ، وذلك بعد عقود طوال من العمل المنظم والدؤوب داخل المجتمع المصري ، والمشوب بالقهر وبالملاحقة والاعتقالات والحرمان من ممارسة العمل السياسي من طرف النُّظم المتعاقبة على حكم مصر طوال تلك العقود ، وأنها قد وصلت – بتقديري على الأقل - إلى مرحلة النضج السياسي الذي يؤهلها لقيادة مصر في المرحلة الراهنة ، وذلك لسببين أراهما في غاية الأهمية ، أولهما قوة التنظيم والحضور الشعبي والجماهيري الذي برهنته الانتخابات الأخيرة ، والسبب الثاني هو مقدرتها على تقديم خطاب "براجماتي" متزن يحاكي – إلى حد بعيد – النموذج التركي ، أعتقد أنه قد أقنع الغرب إلى حد كبير، وجعلهم "ربما" يرون في حزب الحرية والعدالة المصري نموذجاً مماثلاً لـ العدالة والتنمية التركي ، وينظرون إلى الشاطر كنموذجاً مماثلاً لأردوغان .
ما أرجحه شخصياً .. وهو ما تشير إليه كل المعطيات على واقع الأرض بأن "الشاطر" بات هو المرشح الأكثر حظاً لرئاسة مصر ، لأسباب متعددة – أراها منطقية من وجهة نظري - منها علاقات الرجل الواسعة مع الغرب وبرجماتيته في التعامل معهم ، كما أنه يتمتع بكاريزما وحضور إعلامي قوي تميزه عن بقية قيادات الجماعة ، ثم أنه يوصف بالدهاء السياسي وبأنه رجل اقتصاد من الطراز الأول .
أضف إلى ذلك أنه من المعروف عن جماعة الإخوان المسلمين أنها لا تتخذ قرارات ارتجالية غير مدروسة ، ولا يمكن أن تتخذ قراراً مهماً بهذا المستوى وبهذا الحجم ، إلا وهي تدرك جيداً كل المعطيات السياسية من حولها ، ومن غير المستبعد أن تكون قد حسمت أمرها باتفاق مع حزب النور السلفي بهذا الخصوص ولم يتبق سوى الإعلان عنه ، بل ولربما تكون قد حسمت أمرها مع المجلس العسكري ومع الأمريكان أنفسهم ، خصوصاً وأن تقريراً للواشنطن بوست كان قد كشف الأسبوع الماضي عن انزعاج شديد للإدارة الأمريكية من نجاح الحملة الانتخابية للمرشح السلفي "المستقل" حازم صلاح أبو اسماعيل ، الأمر الذي أثار مخاوف الأمريكان من بزوغ نجمه ، كما كشف التقرير عن ارتياح الإدارة الأمريكية من ترشيح الشاطر، ومن أنها باتت ترى في الإخوان حليفاً لا مفر منه لمواجهة غلاة السلفيين " بحسب تعبير التقرير" .
بالمحصلة فإن مما لا شك فيه بأن جماعة الإخوان المسلمين تدرك جيداً أهمية الرضى والقبول الدولي والإقليمي بمثل هكذا خطوة "هامة وخطيرة" من طرفها ، حتى وإن كانت ترى بأن لها حضوراً شعبياً وجماهيرياً يؤهلها للوصول إلى القصر الرئاسي من بوابة الديمقراطية وعبر صناديق الاقتراع كما حصل معها في الوصول إلى البرلمان ، لأن عكس ذلك سيُعد بمثابة انتحار سياسي وخطأ استراتيجي فادح تكون قد وقعت به الجماعة ، فمن غير الطبيعي وليس من مصلحتها "منطقياً" الاستحواذ على كل المواقع القيادية الهامة ، وبخاصة رئاسة الدولة.