|
نحاول دائما التفريق بين الفرد المنظمة والمنظمة التي تتكون من أفراد في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فنعجز عجزا شديدا.. فالكل يتفقون في التهام منظماتهم ودولهم حكام ومعارضون.. مفكرون و مسايرون.. خبراء وخبرة..
ففي اليمن على سبيل المثال كان العديد من الصحفيين يطالب بالحصول على ترخيص لصحيفته أو صحيفة منظمته دون جدوى ولم تفلح اجتماعات مجلس النواب والندوات الفكرية والقانونية ووسائل الضغط المختلفة التي مارستها قوى ومنظمات المجتمع المدني بمختلف توجهاتها وانتماءاتها الفكرية والسياسية .. كانت الإجابة أن تلك الطلبات غير مستوفية للشروط ومع ذلك كان يسمح لبعض المشبوهين فكريا وسياسيا بإصدار صحف بمنتهى السهولة.. كانت المشكلة تبدو قانونية ظاهريا لكنه كان واضح للعيان أنها مشكلة سياسية او مزاجية.. ثم رئيس الجمهورية بمنتهى البساطة يوجه بالسماح بإصدار الصحف !! فأن صح هذا التوجيه فنحن حقيقة أمام أمرين اثنين أحلاهما مر.. إما أن رئيس الجمهورية يوجه بخرق القانون وبالتالي يجب توجيه تهم خرق القانون له ومحاسبته على ذلك أو أن وزير الإعلام كان يمارس خرقا للقانون وبالتالي يجب أن تحرك ضده قضية إساءة استخدام السلطة ويجب أن يعزل على الأقل ويعود إلى كراسي الإحتياط السياسي ( مجلس الشورى)..
ما الذي يجب أن ينفذ القانون أم توجيه الرئيس.!!؟؟ سؤال أطرحه للجميع وحقيقة لو كانت هناك دولة حقيقة لما سمعنا عن شيء اسمه توجيه الرئيس والنائب لأن القانون هو الذي يوجه الرئيس والنائب وكل أفراد الشعب.. لكن القانون ما هو إلا لعبة في يد من يريد اللعب به .. والحقيقة المرة التي تتضح أن الدولة كلها قد تم اختزالها في شخص الرئيس أو أنه ابتلعها وساعده الجميع على ذلك.. وأنا هنا أشير إلى حقيقة تعاني منها الأمة كلها من أقصاها إلى أقصاها.. أتذكر مثلا أن الكثير من علماء الحجاز كانوا يسخرون من فكرة حوار الأديان وينشرون الكتب والمطويات ويدبجون الخطب والمحاضرات في عدم جواز ذلك ولعلكم تتذكرون ذلك معي ولكن وبعد أن دعا الملك عبدالله إلى حوار الأديان وشارك في بعض منتدياته الدولية صارت فكرة حوار الأديان دلالة على بعد نظر جلالته ودور الممكلة المهم وأصبحنا نقرا الكتب ونسمع المحاضرات التي تتحدث عن حوار الرسول الأعظم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مع اليهود ونصارى نجران التي ربما يتغير أسمها إلى نجرين كما تم تغيير جيزان إلى جازان .. مثل ذلك عندما كانت بعض الأصوات تتحدث عن عدم جدوى تدريب الرياضيين في مصر ألعابا مكلفة مثل تنس الميدان والاسكواش وعندما صرح الرئيس مبارك أن لعبته المفضلة الاسكواش تم افتتاح المراكز والفروع لتلك اللعبة حتى صار لمصر بطلا للعالم وبقى التنس يبكي عدم الاهتمام..
إذا فكرة ابتلاع الدولة ليست اختراعا يمنيا وكما أن اليمن ترفض أن تكون من المخترعين للممارسات الصحيحة على مستوى الحاكم فكذلك هي على مستوى المعارضة.. ولعلكم تذكرون أن الشيخين لم يذهبا مذهب حزبهما الإصلاح في دعم مرشحه للرئاسة بل وأظهرا تأييدهما الكامل للرئيس وأعلنا ذلك أكثر من مرة.. وكان يجب على الحزب وقياداته كبادرة تدل على احترام الذات والمبدأ أن يجتمع لوقفهما من ممارسة عملهما لما قاما به من مخالفة الحزب وقراراته.. وهذا ما يجب أن يفعله أي حزب محترم في أي دولة محترمة لكن لم يحصل شيء.. لماذا لأن الحزب الشيخان والشيخين الحزب.. نفس الشيء عندما لم يقم الحزب الاشتراكي بفصل قيادته التي دعت للانفصال وسواء كان لها مطالب عادلة أم لا.. وسواء كان الانفصال من الدولة أو النظام.. كان يجب وقف القيادة التي ساهمت مع غيرها في واحدة من اكبر الكوارث التي مازلنا ندفع ثمنها ظلما وطغيانا حتى الآن..
والشيء نفسه في منظمات المجتمع المدني فمثلا بلا قيود منظمة يفترض أنها تضم صحفيات مناضلات من اجل تحقيق العدالة لكن الرئيسة والمتحدثة الرسمية وكاتبة المقالات وربما معدة اخبار الموقع هي توكل كرمان التي أكن لها كل تقدير واحترام ومع ذلك يبدو أنها التهمت منظمتها أو اندمجت منظمتها فيها .. والشيء هو نفسه عندما نتحدث عن المواقع الصحفية والصحف المطبوعة.. تصوروا أني أرسل مقالاتي لكثير من الصحف بجانب نشرها في مدونتي ومأرب برس و مجموعة المدونين العرب البريدية ومع ذلك نشر لي موضوع هنا أو هناك بعد أن نشر في المجموعة البريدية ومن نفس الصحيفة التي أرسلت إليها المقال ملحقا بصورتي ولم ينشر لكني أجد المقال بعد أسبوعين أو ثلاثة وقد نشر إما بغير اسم وإما باسم مختلف مع إعادة صياغة وإما ببعض التدخلات مع عدم نشر الصورة مما يدل على أن هذه المؤسسة الصحفية المفترضة هي مؤسسة فرد وليس فيها لا مراقب لغوي ولا مهني ولا مدير تحرير ولا حتى مراسلين أقصد مراسلين صحفيين.. كما يدل على أن المصدر كان مجموعة المدونين العرب البريدية كما تقرأ نفس رئيس التحرير في كل خبر وملاحظة وإضاءة.. والشيء نفسه تجده في الاتحادات الرياضية والعمالية والنقابات بمختلف تكويناته.. هل تعرفون اتحاد عمال اليمن.. واتحاد الكرة واتحاد الأحرار السود واتحاد العاطلين عن العمل وغيرهم إلا من خلال شخص أو شخصين..
وبالمناسبة هذا الشخص أو الشخصين هو الذي توجه له كلمات الشكر والتقدير والإشادة والاعتراف بحكمة القيادة والتوجيه وعصمة التفكير والقرار.. أنا هنا لا ولم أرد الإساءة لأحد لكني أدعو إلى تفعيل العمل الجماعي واحترام القوانين والقواعد النافذة والمتفق عليها لمصلحة ومصالحة هذا الوطن الذي سنظل نحبه وننافح من أجله..
لماذا لا تتم مراجعة للذات من الجميع رؤساء ومرؤوسين لكل أنشطتهم في ماذا تجاوزوا ومتى قصروا وكيف يكون الإصلاح لهذا الخلل الجسيم في مسيرة الحياة في هذا البلد بل لكل هذه الأمة..
اليمن ستمر بسنتين مهمتين في تاريخها المعاصر ويجب أن تشحذ الهمم من كل ذوي التأثير على الناس لفعل ما يكون في مصلحة اليمن وليس في مصلحة الحاكم أو المعارضة أو أفراد في هذه المنظمة أو تلك..
وعلى ذكر الانتخابات بعد سنتين فنحن نسمع في هذه الأيام الصراع الذي يخوضه موظفو اللجنة العليا للانتخابات من اجل تشكيل نقابة لهم ورفض ذلك من قبل قيادة اللجنة العليا للانتخابات.. والأمر مبكي ومضحك فالمبكي أن من حق المواطنين في الجمهورية اليمنية تشكيل المنظمات الجماهيرية والنقابية والانضمام إليها وقد كفل هذا الحق دستوريا وقانونيا بصدور القانون الذي ينظم عمل النقابات ولذلك لا يحق لأحد كائنا من كان أن يحرم موظفي اللجنة العليا للانتخابات تحديدا أو أي موظفين في أي مرفق حكومي أو أهلي من تأسيس نقابة لهم ولا يحق له معاقبتهم أو استقطاع مبالغ من رواتبهم والقانون يجرم كل من يمارس مثل هذه الممارسات في حق مساكين الأرض.. والمضحك في الأمر هو أن تمنع قيادات اللجنة العليا للانتخابات موظفيها من تشكيل أنفسهم وانتخاب نقابة لهم.. فحامية الانتخابات تمنع الانتخابات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. وأملي في الله أن يتفهم الأخوة رئيس وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات وأمينها العام ضرورة أن يكون لموظفي اللجنة نقابة تمثلهم أمام اللجنة ..
الحقيقة أنه على مر الزمن لم تُمنع مجموعات الموظفين من تأسيس نقابات لهم إلا وكان المانعون يخفون شيئا أو أشياء يخافون أن تمارس النقابات نوعا من الرقابة عليهم يكشف ما يخفونه.. فهم يسكتون معارضيهم ليسكتوا صوت الحق فيهم.. ولا أظن أن اللجنة وأعضاءها من هذا النوع وكلي أمل في الله أن يهديهم إلى الخير وأن يبادروا هم إلى تمكين موظفيهم من تأسيس نقابتهم.. وفي نفس الوقت أدعو منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بتبني قضية هؤلاء وعلى رأس تلك المنظمات هود وغيرها من منظمات حقوق الإنسان في بلادنا .. ويمكن أن نجعل من العامين القادمين عامين للمطالبة بحقوق المظلومين من عمال وموظفين ومهمشين ومهشمين ويجب أن يقوم تيار وطني حر لا ينتمي للحاكم أو المعارضة ولا يقيم وزنا للتجاذبات السياسية بل يقيم وزنا للوطن والمواطن ويدفع ويضغط في سبيل تحقيق مصلحة الوطن لعل في ذلك خير الوطن والمواطن.. ونسأل الله ربنا أن لا يسلط علينا من لا يخافه فينا ولا يرحمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه..
asseraat.maktoobblog.com
ahmadkhalifa00@gmail.com
في الإثنين 16 مارس - آذار 2009 07:29:05 م