|
هل يريد المجتمع الدولي من الحوار استقرار اليمن حبا في اليمنيين ؟ ... وأقصد بالاستقرار شموله أي في جميع الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية، وحماية الحقوق والحريات. لا اعتقد ذلك أبدا .. طيب هل يريد هدوء اليمن دون الاستقرار السابق؟ وأقصد بالهدوء أو ما يقصده المجتمع الدولي [الاستقرار السلبي] وهو عدم زج اليمن في أتون حرب أهلية ليس حبا في اليمنيين أو نفاسة دمائهم دون السوريين وإنما خوفا على طرق التجارة الدولية أن تتضرر بمعنى أنهم يراعون مصالحهم في الأول والأخير؛ فلو قامت حرب في اليمن سوف يستفيد منها القراصنة في قطع طريق [باب المندب]، وهو ما يؤثر على المصالح الاقتصادية للغرب .. أضف أن هناك دولا إقليمية أخرى مثل إيران مثلا ستستفيد من قيام فوضى في اليمن حتى تثبت قدمها في اليمن وقد عدت عدتها وهو ما يخيف المملكة العربية السعودية، وقد يخيفها استقواء اليمن ايضا فهي بين خيارين أحلاهم مر؛ وعليه يمكن تخدير اليمنيين بالحوار لسنوات أخرى بعد أن سقطت ورقة المبادرة فقد كان الغرض منها القيام بالدور نفسه. وعليه لن تقوم حرب ولن تستقر اليمن استقرار تاما والوسيلة هي إطالة أمد الحوار بإشراك القتلة فيه.
صحيح إن اليمنيين سوف يتضررون فيما لو قرعت الحرب طبولها، لكن ضرر اليمنيين لا يكترث له النظام الدولي ولو كان اكترث لدماء اليمنيين لكان اكترث في الوقت نفسه لدماء السوريين، فالسريون مثلهم مثل اليمنيين مسلمين وفقراء أضف أنهم كانوا مستعبدين من قبل نظام بشار، لكن ما أضر بالسوريين أكثر هو موقعهم الجغرافي المجاور لإسرائيل وقد كان الحامي لها أي اسرائيل النظام السوري، وسقوطه يعني سقوط جدار ثان ومهم جدا للأخيرة وبناء عليه فالسوريون يقتلون بدافع المصلحة الأمنية لإسرائيل، وحقنت الدماء اليمنية بدافع المصلحة الاقتصادية فحقن دماء وهدر أخرى لا تقتضيه النفاسة وإنما تقتضيه المصلحة وليس من صالح المجتمع الدولي أن تشتعل الحرب في اليمن.
وفي الوقت نفسه ليس من صالح بعض الدول الإقليمية استقرار اليمن استقرار كاملا، لأن بعض الدول ترى أنه اليمن لو قويت واستقرت سوف تسحب من تحتها البساط ويكون على حساب مكانتها ودورها كلاعب إقليمي، أضف أن الثورة سوف تفر صناديقها الوطنيين وهؤلاء سيقدمون مصالح أوطانهم على مصالح غيرهم أي من المستحيل أن يبيعوا أرزاق شعبهم لأجل استقرار بلدان أخرى، ولو كان النظام السابق صالحا لما باع ميناء عدن ليزيد اليمنيين جوعا، ويزيد الإماراتيين تخمة، ولو كان وطنيا لما كان عطل قمة الدوحة جراء الاعتداء على غزة وقد كان النصاب سيكتمل بحضور اللاصالح لكنه لم يحضر مع العلم أنه كان أول رئيس عربي قد دعا لانعقاد تلك القمة الطارئة،
ولما كانت الثورات سوف تلغي مثل هؤلاء زعامات يعملون بالريموت كنترول دولي/إقليمي وليس ثمة شك أن تغيير هؤلاء سوف يضر أيضا بمصالح اسرائيل وأكبر دليل تعطيل قمة الدوحة التي انعقدت لأجل غطرستها فقام اللاصاح بتعطيلها واسرائيل تستفيد من مثل تلك الزعامات لأنها تخدمها في توجيه القرار السياسي.
لأجل كل ما سبق رأينا ما طرأ على الحوار من تلك المفاجاءت التي أثنت رئيس الوزراء عن حضور المؤتمر، ولم يكن حضور القتلة محاورين مفاجئا لي ولكل من يقرأ مشهد الربيع العربي عن بعد أي يقرأه مرتبطا بسياقاته الدولية والإقليمية، فليس من مصلحة أمريكا وحلفائها أن تفرز ديمقراطية الربيع العربي الإسلاميين، لأن هؤلاء وطنيون ولا يعملون بالريموت كنترول كأسلافهم وقد كان موقف مرسي من الاعتداء الاسرائيلي على غزة خير دليل على وطنيتهم العربية والإسلامية وليست القُطرية فقط، وما يحصل في مصر اليوم من جماعة الإغراق التي تمشي على الطريقة الفرعونية [ما أريكم الإ ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد]
كل ما سبق يدعو القارئين بعمق للمشهد الثوري إلى عدم الاندهاش من [إشراك القتلة] في الحوار لأن من أشرف على المبادرة وآلياتها ومن يشرف على الحوار اليوم هو القاتل نفسه [المجتمع الدولي] وما ابن عمر إلا رسول ولا بد أن يكون له أي القاتل الأكبر ممثلين في الحوار فلا تتوقعون من القاتل أن يمثله ملائكة فأولئكم القتلة وتلكم العوائل إنما تفاوض أو تحاور أو بتعبير أدق [تعرقل الحوار] بالنيابة وحينها استرجع قول الله تعالى [يرضونكم بأفواههم وما تخفي صدورهم أكبر]
لكن يظل أملنا في الجزء القليل من المحاورين الوطنيين وإن كانوا لا يتعدون نسبة الربع تمثيلا فالحق أهله قليل لكن هؤلاء القليل هم أقوياء بالحق [وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة] والغلبة كما تكون بالسنان تكون أيضا باللسان عبر الحوار ويأبى الوطنيون إلا أن يتم نور الثورة ..... ولو كره المتآمرون ... والمتربصون
Aa_ee20@hotmail.com
في الأربعاء 20 مارس - آذار 2013 01:34:08 ص