القاضي: .يجب ترسيخ الوحدة بالعدل لا بالدم
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 6 أيام
الجمعة 12 يونيو-حزيران 2009 05:02 م
 

حاوره/ علي الغليسي

الحوار معه لا يجب أن يرتبط بمحاور محددة، كون اهتماماته ليست محصورة في مجال معين.. فهو سياسي يجيد الغوص في أعماق السياسة وهو أيضا شيخ قبلي يتقن التعامل مع القضايا القبلية، كما أنه قائد عسكري سابق يمتلك لغة الحزم التي لم تحجبها ابتسامته المتألقة ومرونته المتميزة.

في هذا اللقاء يتحدث الشيخ/ علي عبدربه القاضي رئيس كتلة المستقلين بمجلس النواب عن أبرز القضايا المتعلقة بالشأن اليمني ونترككم مع التفاصيل:

*من أين نبدأ؟

-أهلا وسهلا بك، وابدأ من النقطة التي تريد.

*نريد أن نسمع رأيك في الأحداث الأخيرة التي شهدتها بعض المحافظات الجنوبية؟

-الأحداث الأخيرة إذا أردنا تناولها يجب أن نعود إلى بعض أحداث الماضي وخصوصا التي حدثت بعد الوحدة كونها مترابطة.

*ممكن ولكن باختصار؟

-أولا: الوحدة اليمنية كانت حدث عظيم وحدث الإعلان عنها بصورة مفاجئة، وحقيقة لقد كان الإعلان عنها ورفع علم اليمن الموحد لحظة تاريخية ذرفت عيون القيادات الوطنية لها حتى أنني لو طلب مني تقديم نفسي وأولادي قرابين للوحدة ما بخلت بذلك.. بعد الوحدة بأسبوع انتابني خوف على الوحدة بسبب أن الحزبين الموقعين على اتفاقية الوحدة حزبين مسلحين مع ملاحظتي بعض الممارسات الباعثة على الخوف فقمت بإرسال رسالة من أربع صفحات –سأعطيك نسخة منها للإطلاع- وقد شكرت في الرسالة كل من الرئيس علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة ونائبه علي سالم البيض على جهودهما في سبيل تحقيق الوحدة واقترحت في تلك الرسالة توحيد الحزبين الاشتراكي والمؤتمر في حزب واحد يطلق عليه (حزب الوحدة الوطنية) ثم بعد ذلك يقوما بتقديم استقالتهما من العمل الحزبي وستعمل القيادات الوطنية على منحهما (الحكم مدى الحياة) مكافأة لهما على تحقيق الوحدة وقد أرسلت أصل الرسالة للرئيس وصورة منها لنائبه.

*هل كانت هناك ملاحظات معينة دفعتك لكتابة تلك الرسالة ومخاطبة قادة مجلس الرئاسة؟

-أنا كنت أرى نار تحت الرماد وتنبأت بالمستقبل وحذرت في الرسالة من أن مصيرنا قد يكون القتال الداخلي مستقبلا ، وبالفعل حدث التباين بين علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض بعد احتلال الكويت وكان ذلك التباين كفيل بإضعاف الثقة والمصداقية بين الطرفين، وتم الاتفاق على دمج الوحدات العسكرية مناصفة بين قائد من الشمال وأركان من الجنوب والعكس.

*وماذا عن توحيد الحزبين المؤتمر والاشتراكي؟

-بعد عام 1993م توصل البيض إلى قناعة بدمج الحزبين لكن ذلك المقترح قوبل برفض من قيادات الحزب الاشتراكي.

*ما هي الأسباب؟

-أعتقد أن الإخوة في الاشتراكي قبلوا بالوحدة على أساس الشراكة وقدموا من أجل الوحدة (دولة) بكافة مكوناتها أرضا وإنسانا ومؤسسات وقد كانوا أكثر تنازلا.

*هل حدث خلل ما استهدف الشراكة؟

-هناك أشياء أرهقت البلد بشكل عام وأبرزها قضية التوظيف فمع بداية الوحدة حدث إسراف في التوظيف حتى أن قيادة الشمال قامت بتوظيف عملائها السابقين في الجنوب والعكس مما أدى إلى إغراق البلد بالوظائف ليس من أجل شيء سوى أن كل طرف كان يريد كسب قاعدة الطرف الآخر، بالإضافة على تفريخ الأحزاب وغيرها.

*يعني تلك الأخطاء ولدت حرب صيف 94م؟

-البحث عن الشراكة قادت إلى حرب 94م فنحن في الشمال لسنا متعودين على حاجة اسمها (شراكة) بينما الجنوب كانت دولة مؤسسات، وأنا كنت ضمن مجموعة رافضين حل تلك الخلافات السياسية بالحرب.

*مثل من؟

-أبرزهم الشيخ/ سنان أبو لحوم والشيخ/ مجاهد أبو شوارب ومحمد الفسيل وأحمد الشامي وغيرهم.

*كيف كان صدى دعواتكم لرفض الحرب؟

-نحن بذلنا جهود لمنع الحرب وتحدثنا بشكل مباشر مع تلك القيادات العليا لكن كان كل طرف يحسبنا على الطرف الآخر بسبب صراحتنا حتى أننا اتهمنا بأننا انفصاليين بالرغم من أننا معروفين بوحدويتنا وقوميتنا على مستوى الوطن العربي لذلك كانت آراءنا مرفوضة لدى الطرفين.

*هل أنت نادم الآن على موقفك من الحرب؟

-لا.. لست نادم على موقفي ذلك، فقد أدرك الجميع أن الحرب كانت خاطئة وقد كانت حرب 94م بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد استباحت الجنوب وقامت القبائل بدور شأنها شأن الوحدات العسكرية.

*بعد الحرب.. كيف تعامل النظام معك؟

-بعد نهاية الحرب بلغت رسميا بخروجي من عملي العسكري الذي كنت أزاوله في حجة.

*يعني أنت أحد ضحايا التسريح؟

-يا ابني .. الحرب خطأها كبير وتسريح الجيش بعد ذلك كان خطأ، حتى من تم إعادته أعيد له راتبه الشخصي فقط وكان ذلك نتيجة غرور النظام.

*ما الذي كنتم تنتظرونه من النظام بعد الحرب؟

-المؤتمر والإصلاح الذين شاركوا في حرب 94م قلنا لهم الكرة في مرماكم لبناء دولة المؤسسات بعد انخراطهم في ائتلاف، لكن ذلك التحالف لم يطل فجاء انفراد المؤتمر بالسلطة، واعتمد المؤتمر على الولاء الشخصي وحكم الحزب الواحد ودائما الحكم (الفردي) سواء من قبل فرد أو جماعة أو فئة أو قبيلة تكون نتائجه خاطئة.

*نعود للأحداث الأخيرة في الجنوب.. هل تعتقد أن اللجنة الرئاسية ستتوصل إلى حل الإشكاليات التي قادت إلى العنف المسلح؟

-أنا أتمنى أن تتوصل إلى حلول، لكن الحلول ستكون (حلول وقتية) الوطن يحتاج إلى علاج شامل، وأنا مع أي حلول توصلنا إلى حل شامل وأتمنى أننا جميعا نحتكم للعقل والذاتي يتخلى عن ذاتيته من أجل مصلحة الجماعة، والتمسك بكل شيء وغيرك لا شيء يقود إلى نتائج سلبية.

*ما هو الحل من وجهة نظرك؟

-أعتقد أن المؤتمر الوطني ضرورة ملحة وكل من يعمل من أجل ذلك يعتبر حريص على مصلحة الوطن ويجب تمثيل الجميع ولا يستثنى أحد، ونطلب من الإخوة في الجنوب أن يصبروا قد صبروا الكثير وفيه مثل يقول (يا ذي صبرتي سنة زيدي ثمان) والظلم هو ظلم ومظالم حدثت من بعد الوحدة إلى 94م واستمرت بشكل متفاوت، لكن التهدئة مهمة للخروج بحل شامل للوطن.

*يعني.. هل المؤتمر الوطني سيوفر الحلول؟

-المؤتمر الوطني سيخرج برؤية موحدة تكون لهجة الجميع بعد استعراض السلبيات والأخطاء وتحديد المخارج والحلول.

*لكن هناك مبادرات عديدة المشترك متجه نحو المؤتمر الوطني ومجلس التضامن دعا كذلك والشيخ الزنداني وصادق الأحمر عقدا لقاء موسع لمناقشة المؤتمر الوطني، والرئيس دعا إلى حكومة وحدة وطنية..

-مقاطعا.. أعتقد الرئيس قد تجاوز تلك الدعوة ودعا إلى حوار وطني ومعناة مؤتمر وطني.

*أنت كيف تنظر إلى تلك الدعوات المتعددة؟

-الحمد لله.. يعني هناك إجماع على أن المؤتمر الوطني هو الحل ولكن يجب العمل الآن على توحيد تلك الجهود والمبادرات وعقد مؤتمر وطني يمثل اليمن.

*وماذا عن دعوتك السابقة وطرحك في مجلس النواب ضرورة عقد مؤتمر وطني؟

-أنا لا يهمني من قال ولا من دعا.. في بداية 2008م طرحت في مجلس النواب أنه يجب عقد مؤتمر وطني برعاية مجلس النواب وتشكيل لجنة تحضيرية تضم عضوين من كل محافظة لمناقشة إقامة المؤتمر الوطني لمناقشة قضايا البلاد.

*لماذا غاب التفاعل مع تلك الدعوة وما الذي دفعك إليها؟

-والله أنا لجأت للرئيس بعد تلك الدعوة ووافق لي، لكن لم أحس بالإيجابية والاستجابة المطلوبة وكان واقع تلك الدعوة الخوف من أن يكون هذا المجلس آخر مجلس موحد.

*هل طرح للتصويت؟

-في غياب رئيس المجلس عن إحدى الجلسات طرحنا المقترح للتصويت وحاز على الأغلبية.

*وبعد ذلك.. بدأتم بالتحضير للمؤتمر؟

-لا .. عندما راجعنا المحضر الذي أقر فيه مقترح المؤتمر الوطني وجدنا أن تلك الجزئية حذفت.

*هل لا زلت ترى أن المؤتمر الوطني ضرورة؟

-نعم وأنا أحمد الله أن الجميع اتجهوا نحو ذلك، لكن المؤتمر الوطني بحاجة إلى أن يضم كافة القوى الفاعلة في البلد وندعو الجميع الحراك الجنوبي وصعدة ومعارضة الخارج ولا نستثني أحد إلا من رفض الحوار الوطني فهو مستثنى.

*هناك من يقول إن قوى إقليمية ودولية بل وعناصر في السلطة مستفيدة من الحراك في الجنوب.. برأيك من هذا المستفيد؟

-أنا والله أرى أن الكل خسران.. بالنسبة لاستمرار الشرفي البلد، الكل سيخسرون، دول الجوار ستخسر والعالم كذلك سيتحول الوضع في اليمن إلى وضع يؤثر على الجميع.. ومن يعمل على إيجاد فتنة وشرفي البلاد ويسعى إلى تمزيق اليمن سيخرج خسران وسيندم على ذلك، المفروض أن يقف الجميع مع حل مشكلة اليمن حل عادل.

*هل يمكن أن تحل المواجهات المسلحة قضية الجنوب؟

-في مرة من المرات قال أحد مسئولي الدولة إن الوحدة معمدة بالدم ويحميها الدم وأنا أقول إنه يجب حماية الوحدة وترسيخها بالعدل لا بالدم يجب إيجاد عدالة لضمان الأمن والاستقرار.

*السلطة تقول إن الوطن يتسع للجميع؟

-صحيح يسعنا للسكن وسيسع مثلنا، نحن نريده يتسع للمشاركة الشعبية المنظمة الخالية من الابتزاز.. توزع الثروات على الشعب ولا يتصدق بها عليهم أما بالنسبة للانفصال فأنا أقول من ينادي به فهو ينادي بالحرب والذي لا يهتم بحل مشاكل البلاد هو الآخر شريك في جر البلاد إلى حرب أهلية.

*حكم الشعب والمشاركة الشعبية بأي طريقة تراها بالحكم المحلي أم بالفيدرالية؟

-أنا طرحت رؤية حول الحكم المحلي في عام 79م وكانت الشمولية موجودة في صنعاء وفي عدن وكان ينظر إليها الجميع على أنها خروج عن النص لكنني لا زلت أرى أنه لن يستقر لنا حال حتى يتم توزيع السلطة والثروة على الشعب سواء من خلال مجلس قومي وطني يمثل المحافظات جغرافيا ويوزعها بحسب التعداد السكاني.. فمثلا أنا من مأرب وهي من محافظات الثروة مقتنع بـ1% من ميزانية الدولة وستساهم تلك النسبة في تحقيق تنمية مناسبة.

*وماذا عن الفيدرالية؟

-هناك مقترح بتوزيع اليمن مخاليف وهذه الكلمة (أصيلة) كانت في الماضي والمخاليف كل مخلاف أوسع من محافظة وتبقى اليمن موحدة ويتم الاتفاق على نوع الحكم وتوزع الثروة توزيعا عادلا وتكون هناك نسبة للمحافظات المنتجة والنسبة الباقية تكون بيد السلطة المركزية.

*قد يكون هناك ظلم لبعض المحافظات؟

-لا بالعكس سيحقق نوع من عدالة التوزيع حيث أنه حاليا مديرية إيراداتها أكثر من إيرادات محافظة.

*كيف ترى توزيع تلك المخاليف؟

-تبقى المحافظات كما هي وتقسم إلى ستة مخاليف.. مخلاف العاصمة وتضم (ذمار، ريمة، صنعاء، الحديدة) المخلاف الثاني (عمران، الجوف، صعدة، المحويت، حجة) المخلاف الثالث (إب، تعز) المخلاف الرابع (عدن، لحج الضالع) المخلاف الخامس (مأرب، شبوة، البيضاء، أبين) المخلاف السادس (حضرموت، المهرة).

*هل سيكون لذلك دور في إيقاف المشاكل الناتجة عن الشعور بالظلم والتهميش والإقصاء؟

-أولا يجب الاعتراف بالأخطاء والقبول بالآخر والتخلي عن نزعة التسلط على الآخرين ومن ينادي بغير ذلك هو يتجه نحو الإضرار بالمصلحة الوطنية.

*ننتقل إلى ما تم الإعلان عنه مؤخرا حول تشكيل حراك أبناء الصحراء.. أين موقعكم في ذلك؟

-نحن موجودين في الحراك على مستوى الوطن بشكل عام، وهذا الحراك لم نسمع به إلا في صنعاء وبالنسبة أنا مع ملتقى مأرب الوطني الذي أسسناه قبل عامين ومطالبنا واضحة ومعروفة. وحراك الصحراء سمعت به من الآخرين وكل إنسان حر في التعبير عن رأيه في إطار اليمن كجسد واحد.

*فيما يتعلق بقضية التمديد للبرلمان عامين.. هناك من يقول إن ذلك التمديد غير شرعي كونكم مددتم لأنفسكم؟

-الوضع السياسي هو الذي مدد للبرلمان، أما بالنسبة لنا كأعضاء قد ملنا المجلس ومليناه، لكن هل البلد كانت مهيأة لانتخابات؟! الدستور ما هوش قرآن لا تعدل فيه (قل هو الله أحد)، فكان لا بد من إيجاد مخرج إما أن تمدد للبرلمان أو تصبح البلاد في فراغ سياسي وعلى اليمنيين أن يحمدوا الله أن الوضع وصل إلى التمديد لمجلس النواب ليصلوا إلى القدرة على ممارسة الانتخابات في وضع هادئ ومستقر.

*لكن هناك من يقول إن مجلس النواب الذي تم التمديد له لعامين ليس له دور فاعل حتى على مستوى مناصرة أعضائه وعجز حتى عن إخراج البرطي؟

-مجلس النواب لا يملك عصا سحرية وليست معه دبابات ينفذ ما يريد، أولا فيه أغلبية ومعناه أن حزب الأغلبية قراره نافذ، أما بالنسبة لقضية البرطي للأمانة كان الإخوة موحدين من أجل الدستور مش من أجل البرطي وقد عمل المجلس محاولات جادة لكن في الأخير أخفق، انتهاك الدستور فيه ضرر على البلاد خاصة عندما يأتي الانتهاك من قبل القضاء وإذا كان فيه توجيه سياسي لكن الوسيلة هي القضاء وأنا قلت لرئيس مجلس النواب وأقسمت له لو أنني مكانك ما أخرج من المكان ولا يخرج المجلس حتى يأتي البرطي إلى هنا أو أسحب الثقة من الحكومة وليس من وزير العدل فقط.

وقد أصرينا وشكلنا لجان واستجوبنا الوزير وعملنا على سحب الثقة ثم بدأ عدم اكتمال النصاب ودخلنا في التأجيل نتيجة اتفاق بعض الإخوة النافذين في كتلة الأغلبية، الموقف لا زال كما هو والحصانة لم ترفع.

*مقاطعا.. والمحاكمة جارية؟

-هو ما رضي يروح المحاكمة كونها غير مشروعة وتعتبر اختراق للدستور واحنا لو احترمنا الدستور ما كان هناك أي مشاكل سواء في المحافظات الجنوبية أو غيرها وقد اخترق الدستور من قبل السلطات التي تعتبر حامي حمى الدستور.