آخر الاخبار

مؤتمر مأرب الجامع يدعو لسرعة توحيد القرار العسكري والأمني ويؤكد ان تصدير النفط والغاز هو الضامن لانعاش الاقتصاد الوطني ودعم العملة المحلية الامين العام لمؤتمر مأرب الجامع: مأرب لن تقبل ان تهمش كما همشت من قبل ونتطلع لمستقبل يحقق لمارب مكانتها ووضعها الصحيح قيادي حوثي استولى على مدرسة اهلية في إب يهدد ثلاث معلمات بإرسال ''زينبيات'' لاختطافهن الهيئة العليا لـ مؤتمر مأرب الجامع تعلن عن قيادة المؤتمر الجديدة.. مارب برس ينشر قائمة بالأسماء والمناصب الذهب يرتفع بعد خسائر حادة سجلها الأسبوع الماضي رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ بهيكلة رئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية

د.فؤاد الصلاحي:أنا مع دولة مركزية فيدرالية والحوار يبيع الوهم لليمنيين
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 11 سنة و أسبوعين و 4 أيام
الأربعاء 30 أكتوبر-تشرين الأول 2013 06:27 م

كعادته (صريحًا ومباشرًا).. يتحدث الخبير والأكاديمي المعروف محليًّا وإقليميًّا عن الوضع اليمني الحالي دافع عن الوحدة والفيدرالية معًا، محذّرًا من تداعيات فشل الحوار، الذي يرى أنه فشل كونه اتجه لمناقشة تفاصيل مثل زواج الصغيرات على حساب شكل الدولة.. مطالبًا بفترة زمنية كافية لتقرير طبيعة النظام الفيدرالي..

الصلاحي الذي شن حملة نقدية للأحزاب السياسية، متهمًا قياداتها بعدم امتلاك وعي سياسي، طالب بدستور ينص على حظر قيام أحزاب طائفية ومذهبية، لكنه ميّز بين الهوية المذهبية والطائفية وبين المدارس الفقهية والفكرية.

أكد أن هادي يحكم بمعية مراكز القوى، وأن قوة الحوثيين والحراك أكبر من الأحزاب، وقال بأنه لا يثق بالأحزاب الحالية، وطالبها بفك الارتباط بجهات التمويل الأجنبية..

نص الحوار مع الدكتور/ فؤاد الصلاحي - أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء:

ـ قراءتكم لآخر مستجدات المشهد السياسي؟

المشهد السياسي في اليمن هو مشهد مأزوم ويتزايد شدة في أزماته.. المشهد مأزوم منذ ما قبل 2011م في تلك الفترة السابقة كانت نتاج فشل الحوار بين ما سُمي أحزاب المعارضة والحزب الحاكم، وهي ليست معارضة، بل كانت جزءًا من النظام، ولكن كانت تُصنّف نفسها مجازًا من المعارضة، وتزايدت الأزمات مع 2011م، في إطار الانتفاضة الشعبية أو الثورة الاحتجاجية التي أطلقنا عليها ثورة.. ومع توقيع المبادرة السعودية أو المبادرة الخليجية، التي نجم عنها تقاسم الأحزاب للحكومة، والتي أنا أسميها حكومة المحاصصة والغنيمة.. إذًا المشهد العام يعكس أزمة بنيوية حادة في الدولة والمجتمع في الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية على حد سواء، ولكن المشهد السياسي هو المشهد الظاهر في إطار أن الجميع من الأحزاب ومراكز القوى القبيلة والعسكرية والسياسية لم تتفق بعد على مظاهر الترتيبات السياسية لبداية الخروج من الأزمة.. وهم يصورون أن مؤتمر الحوار قد وضع يده على مخارج الأزمة، وهذا غير صحيح لأن الأزمة الحقيقية كانت ترتبط بثلاث قضايا فقط تم تعويم المجتمع وتعويم  المتحاورين في ثلاث عشرة قضية، هي ليست ذات أولوية؛ لأنها قضايا تتطلب سنوات طوال من المعالجات والحلول.. عندما ذهبوا إلى مناقشة التنمية والاقتصاد وزواج الصغيرات والأخدام، هذه الأمور كلها ليست طرف الأزمة بقدر ما هي تفاصيل.. الأزمة الحقيقية هي شكل الدولة وطبيعة النظام السياسي وحل القضية الجنوبية والعدالة الانتقالية، وما عداها يندرج في التفاصيل.. إذا قلت إننا سنبني دولة مدنية بقوانينها ودستورها فقضايا المهمشين والمرأة والعدالة ستأخذ مجراها الطبيعي وفقًا لفلسفة الدولة وإرادتها السياسية ومرتكزها القائم على المواطنة المتساوية.

ـ هي من نتاج الحوار نفسه؟

بالضبط، لكن لِأن هذه القضايا أُجّلت إلى اليوم، ولأنه لم يتم البت فيها فأنا أتصور أن الأزمة اليمنية تكاد تكون خانقة الآن؛ لأن كل القوى السياسية تحاول أن تبتز بعضها البعض؛ لأن التصور النهائي لشكل الدولة وطبيعة النظام هو في ذاته المخرج الرئيس من الأزمة.. وإذا ما قدم حلًّا للقضية الجنوبية في إطار رؤيتين، إما وحدة وطنية.. استمرار للوحدة السياسية برؤية تنظيمية وسياسية جديدة، أو باعتماد فك الارتباط بين الشطرين.. وأنا من الذين يدعو إلى الاستمرار في الوحدة بإعادة ترتيب النظام السياسي برؤية جديدة وتصور جديد هيكلي وسياسي جديد.

ـ برأيك.. ما طبيعة هذه الرؤية وهذا النظام السياسي؟

أنا أتصور، وقد تكلمت من قبل، أنه أولًا: يجب الخروج من أسر النظام المركزي؛ باعتبار صنعاء عاصمة الدولة؛ لأنها لم تكن هي العاصمة في التاريخ القديم ولا الحديث، هي كانت في سنوات قليلة جدًّا، وبالتالي نقل العاصمة أحد الحلول.

ـ إلى أين؟

إلى عدن؛ حتى تكون تهدئة، وتلقى قبولًا نفسيًّا وثقافيًّا كبيرًا.

ثانيًا: إن النظام الرئاسي بما يعني الإمساك بخيوط اللعبة كلها بيد شخص في مكتب واحد؛ هذا يؤدي إلى تقريب شِلل ومتملقين كُثر من مكتب الرئيس، وبالتالي يتم إعادة توزيع الوظائف وفق منطق الحصص والغنيمة، لأن الرئيس سيخلق علاقات مع كل الأطراف، وهذا أمر ضد مصلحة بناء الدولة.. إذًا أنا مع النظام البرلماني ومع الفيدرالية، والفيدرالية قد تكون بإقليمين أو بثلاثة أو بخمسة، ولكن قبل أن يتم الإقرار، لابد أن تكون هناك فترة زمنية كافية لِأن نقرر ما طبيعة النظام الفيدرالي المتبع، وكيفية إخراجه عمليًّا سواء بإقليمين أم بثلاثة أم بخمسة أقاليم، ونعطي فرصة للدولة الموحدة، وتشكيل لجان من الخبراء في كل التخصصات لصياغة التشريعات والقوانين اللازمة للدولة الفيدرالية القادمة، فلا يتم تطبقها من الآن؛ لأننا لسنا جاهزين، لا تشريعيًّا ولا قانونيًّا، وما يجب أن نكون جاهزين له الآن، تحديد الهوية السياسية لطبيعة النظام السياسي من خلال نصوص دستور قادم؛ لأن هذا الدستور القادم إذا ما قرأنا النظام الفيدرالي لابد وأن يتضمن نصوصًا لتحديد العلاقة بين المركز وبين المحليات أو الأقاليم في إطار توازن لا يتم على أساسه تغييب فاعلية المركز لأنه بالضرورة في مجتمع التكوينات القبيلة أو الجهوية ذات الفاعلية إذا ضعف المركز ستنتهي الدولة، ومن ثم لابد من حضور الدولة بمؤسساتها السيادية القوية، وإتاحة الفرصة للقضايا الإنمائية والإجرائية والإدارية للمحليات مع التركيز على نقطة الثروة، وهي التي تهم كثيرًا من القوى في كيفية تقسيمها بين المركز والأقاليم.

ونقصد بذلك الثروة النفطية والغازية والدخل مثل الزكاة والضرائب.. نحن سنستفيد من تجارب العالم المختلفة، ولن نخترع العجلة مرة أخرى، هناك نسب يجب أن تُعطى للمحافظات التي فيها الثروة، ونسب للأقاليم بشكل عام ونسبة للدولة، وأكرر القول مرة أخرى: لابد أن تحظى اليمن بدولة مركزية تكون قوية.. قوية بمؤسساتها الدستورية والقانونية والتنموية. وقوية بوحدة الجيش (جيش مهني موحد)، عمله الوطنية، تعكس سيادة الدولة، وتعليم قوي متطور يخلق هوية ثقافية موحدة ضدًّا على نزعات جهوية وطائفية.

ـ دكتور.. وأنت تتكلم عن الفيدرالية والنظام البرلماني في نفس الوقت الذي ترى أن الفيدرالية تتم عن دولة قوية نحن الآن في مرحلة ما قبل الدولة وبالتالي سنوزع الضعف على عدة أماكن؟

أميركا دولة مركزية ودولة فيدرالية وفرنسا وبلجيكا وسويسرا، ولكن حضور الدولة الفيدرالية قائم بأميركا وفيها 51 ولاية، وحضور الدولة هذا لم يأتِ من فراغ.. سابقًا في اليمن كانت الثقافة التقليدية القبلية تقيس  قوة الدولة بالجيش والأمن، وهذا خطأ؛ فقوة الدولة تقاس بالمؤسسات الدستورية وباحترام القانون والدستور وبالمحكمة الدستورية العليا التي لها الحق وحدها من فض النزاع بين المحليات وبين الرئيس.. الدولة عندنا ضعيفة حيث غياب او ضعف العمل بالقانون والدستور والمؤسسات تكاد تكون هشة.. وليس صحيحا - كما يرى البعض - أن الفيدرالية تتناقض مع النظام البرلماني، وهذا غير صحيح؛ لأنه كثير من الدول (حوالى 30 دولة بالعالم من الدول الفيدرالية، وهي أنجح اقتصاديًّا، وأنجح ديمقراطيًّا، وبعضها ذات نظام برلماني).

ـ بعضها أو كثير من هذه الدول فاشلة ......؟

لا.. في أوروبا كلها ناجحة وأمريكا، ولم أسمع عن دولة فيدرالية فاشلة.. مثلًا في دول الجوار أثيوبيا، وهي مشابهة لليمن في الكثير من مظاهرها الاجتماعية والثقافية، دولة ناجحة حتى اليوم، فهي تتصف بالاستقرار السياسي، وفيها حكومة مركزية، وفيها حكومات محليات، كذلك ماليزيا، وهي من الدول الآسيوية.

ـ طيب العراق وجزر القمر؟

العراق فشل ليس لأنه فيدرالي، فهو حتى اليوم لم يعلن عن الشكل النهائي لنظامه.. هو فاشل لأن الحكومة طائفية وغير ديمقراطية، ولأنها حكومة جاءت عبر احتلال أجنبي.. نحن يفرق بيننا وبينها أن في بلادنا ستكون الفيدرالية ضمن ترتيبات سياسية وفق رؤى وطنية.. وهذا رهن بمدى تبلور الرؤى الوطنية في سلوك الأحزاب ومراكز القوى، وجميعها مصدر تخوف لي ولليمن؛ لأنني لا أثق بها، فهذه الأحزاب ومراكز القوى لم تبحث إلا عن حصص ومغانم شخصية وحزبية ولا نرى للوطن ملمحا في مطالبها وسلوكها.

 إذًا لابد لليمن من دولة وطنية موحدة، ولكن بتغيير النظام السياسي وآلياته ومؤسساته، وثانيًا: على القوى السياسية الحزبية في الساحة أن تُعلي من أجندتها الوطنية، وأن تفك الارتباط مع جهات التمويل الأجنبية حتى يكون لديها قرار وطني حقيقي.

ـ هل الأحزاب السياسية تستلم أموالًا من الخارج؟

طبعًا كلها تعتمد على التمويل من الخارج.. جميع الأحزاب تمول من الخارج، وهذه الحروب الذي أظهرت حركات وجماعات وأصبحت قوية في الساحة، من أين لها كل التمويل والعدد والعدة.

ـ طيب نقف في قانون الأحزاب الذي يحرم استلام الحزب أموالًا من الخارج؟

توجد مادة تحرم تأسيس الأحزاب على أساس ديني، ومع ذلك توجد ثلاثة أحزاب أو أربعة على أساس ديني.

ـ من هي؟

الإصلاح، السلفيين، حزب الحق، اتحاد القوى الشعبية، أنصار الله (الحوثيين) ، وربما تتأسس أحزاب أخرى جديدة.. الحوثيون حتى الآن تم الاعتراف بهم كحركة وتيار سياسي، ولهم ممثلون في الحكومة وفي الحوار، لكنهم لم يقدموا على تأسيس حزب، وفي نفس الوقت رؤيتهم للسياسة تتم في إطارها المذهبي والحركي، ولا يوجد لديهم برنامج سياسي مدني.

ـ بين الإصلاح أو الرشاد.. الحوثيون جماعة مسلحة؟

الحوثيون تم الاعتراف بهم كتيار سياسي، ولاحظ هنا الانتهازية السياسية، أو نقول بشكل مرن عدم الوضوح بشكل قانوني مع المكونات السياسية، لماذا يتم القبول بهم سياسيا؟، وكذلك الحراك الجنوبي أصبح معترف به كحركة اجتماعية سياسية.. طبعًا في الممارسات السياسية، و في إطار الأزمات، أنت لا تعتمد الحوار مع الأحزاب فقط، لأن هناك مكونات خارج الأحزاب لديها قوة على الأرض، بل وقوتها اكبر من الأحزاب.. الحوثيون والحراك قوتهم الآن اكبر من الأحزاب التقليدية.

ـ المشكلة ستظل قائمة.. ما الفرق الحوثي مثلًا هو سينتقل من مربع إلى مربع لا أقل ولا أكثر؟

هم الآن يعملون في الساحة وفق فراغ دستوري وقانوني ومرحلة انتقالية، لماذا لا تعمل الدولة على تجسير لهذه المرحلة السريعة عبر بناء دستوري وانتخابات لتأسيس الرئاسة وبرلمان قادمين، لأن البرلمان الحالي أصبحت شرعيته غائبة ووجوده غير مقبول لا شعبيا ولا قانونيا.

إذًا نعمل تجسيرًا للفجوة هذه، بالانتقال سريعًا إلى مصاف الاستقرار النسبي، بانتخابات رئاسية وبرلمانية قادمة، يكون قد سبقها إقرار الدستور سريعا خلال الأربعة الأشهر الحالية. هنا سنتجاوز مرحلة كبيرة بما تتسم به من عدم الاستقرار وحدة الاستقطاب. فإقرار الدستور القادم يجب أن يكون بالاتفاق بين المكونات السياسية والشعبية والمجتمعية، وأن يتضمن في نصوصه بشكل واضح أنه لا يجوز تأسيس أحزاب على أساس ديني أو مذهبي أو طائفي وفقا لما كانت الدساتير السابقة تؤكد عليه، لأن الدولة المدنية التي نطمح في بنائها لا تتطلب أحزابا طائفية أو مذهبية.. النقطة الثانية أن نميز بين الأحزاب ذات الهوية المذهبية والطائفية وبين المدارس الفقهية والفكرية، هذا شأن آخر، هذه مجالات فكرية يجب دعمها لأنها مدارس ثقافية بشرط أن لا تحث على التطرف والعنف.

ولكن السؤال هو أن مشكلتنا أن الحكومة الراهنة ومثلها كل الحكومات السابقة، لم تكن تعمل على تفعيل القانون وتطبيق الدستور.. فهناك جامعات تدرس اتجاهات مذهبية وجهادية وجهوية، دون أن تقول الحكومة شيئًا، بل إن هناك تقريرًا من وزارة التعليم العالي حول الجامعات ومخالفاتها للقانون، وهي تعمل في الواقع طبقًا للسند الحزبي ودعم مراكز القوى ضدا على نصوص القانون. وتتلقى دعما خارجيا أيضًا.

ـ أمثلة للقوى المحلية والخارجية؟

هناك أحزاب وحركات ورموز قبلية وقيادات عسكرية في الداخل اليمني.. وهناك أطراف إقليمية فاعلة منها السعودية وأمريكا، ودخل على الخط قطر وتركيا وإيران، وأصبحنا أمام تحالف كبير من الدول التي لها حضور بالتمويل أو بالاتباع.. النقطة الثانية هناك عشر دول رسميًّا هي الراعية للمبادرة الخليجية، إذًا هناك أكثر من 15 دولة الآن تتدخل في الشأن السياسي اليمني وبشكل مباشر. النقطة الثالثة: أن مراكز القوى (حزبيا وعسكريا وقبليا )لها اجندات خاصة بها كقيادات وفي أحزابها ولا تمتلك أجندة وطنية على مستوى اليمن، وهذه كارثة حقيقية ومن هنا فالحوارات التي تتم الآن في مؤتمر الحوار (في منتجع موفمبيك السياحي) إنما هي حوارات تبيع وهمًا للشعب وتبيع وهمًا للمواطن.

ـ أنت تقول هؤلاء يبيعون وهمًا للشعب. الآن رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكل الجهات الرسمية تقول إن الحوار ناجح وإنه المخرج الرئيس للبلاد؟

لو كان ناجحًا لكانوا حددوا شكل الدولة وطبيعة نظامها السياسي وأعلنوا حلًّا عادلًا للقضية الجنوبية.. وغياب كل هذه الأمور يؤكد ما أقوله من أن هؤلاء جميعا يبيعون أوهامًا للشعب. الآن لو انسحب الجنوبيون من الجلسة الأخيرة انتهى الحوار وفشل لأنه لا يمكن أن يتم إعلان انتهاء للحوار دون حضور للجنوبيين وتوقيعهم على وثيقة المخرجات النهائية. وللعلم فشل الحوار أشرت إليه في أكثر من مقال كتبته في الأيام الأولى للحوار.

ـ لماذا هذه اللجان الأصل أن ينتهي مؤتمر الحوار بكل القرارات؟

إذًا لماذا هم عملوا لجنة الـ 16، ولم يكنوا محتاجين لها.. لأنه في الأصل أن قوام المؤتمر هو كله من يناقش القضايا ويكون فيه إجماع عليها وتصدر عنهم كلهم الوثيقة النهائية. واللجان (لجنة التوفيق، وغيرها) مهمتها الالتفاف على قوام المؤتمر لتحويله إلى لجان مصغرة يستطيعون التحاور معها والهمس في آذان أعضائها أو السيطرة عليها، ومن ثم فهذه اللجان ستحيل الموضوع إلى لجان ثالثة ورابعة، لأنه إن لم يتم تحديد بشكل واضح للنظام السياسي وطبيعته وعلاقة الجنوب والشمال والعدالة الانتقالية فإن مثل هذه القضايا إما ستعيد الفوضى الأمنية والعسكرية إلى الشارع، أو أننا سنحظى ببعض الاستقرار عن طريق تأجيلها الى مرحلة قادمة، وهو مدخل التمديد، وأنا أرى أن مراكز القوى القبيلة والعسكرية والحزبية هي التي تريد التمديد، وأن الرئيس هادي ليس بيده كافة صلاحياته كرئيس للجمهورية؛ لأن مراكز القوى تشاطره صلاحياته ومنصبه.

ـ تكلمت عن الأحزاب بصورة تبدو سلبية.. تقييمك لأدائها السياسي؟

الأحزاب لم تعمل شيئًا إيجابيًّا في تاريخها. وقد كتبت عنها كثيرا دراسات وكتب متخصصة، وأعلم تاريخها وحاضرها ونمط علاقاتها وطبيعة بنيتها من الداخل، وأعرف جيدا طبيعة قياداتها وتاريخهم الحزبي والسياسي، وعلاقاتهم المحلية والخارجية ..فماذا عملت الاحزب السياسية للشباب الذي نزلوا الى الساحات، مثلا، لو نأخذ الأحزاب من عام 2000 حيث دخلت في حوار مع المؤتمر الشعبي وكانت حواراتها سرية وغير معلنة، وكانت تتم في إطار صفقات، وهذا ما تم الإعلان عنه، وهم الوحيدون الذين مدوا في عمر البرلمان مقابل صفقات أخرى منحها صالح لهم وفي نفس الوقت كانت قضايا فاشلة جدا.

إذًا الشباب الذين خرجوا بحركة اجتماعية في إطار الحماس المنقول إليهم من تونس ومصر، وهم الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم، وكانت الأحزاب السياسية تمارس انتهازية واضحة من خلال الحديث انه على الشباب أن يثور في الشارع ويموت، و هم - أي الأحزاب - يحصلون على حصة الأسد من السلطة عبر الحوار، وهذا الأخير أصبح اسم الدلع للصفقات والمساومات والحصص التي يحصلون عليها. والدليل أن الحكومة السياسية ليس فيها احد من الشباب المستقل وأن قائمة الرئيس من الحوار الوطني تم اختيار الشباب من الذين لهم علاقة بمراكز القوى..

ـ تقول الشباب هؤلاء هم لا ينتمون إلى أحزاب في الأصل؟

لا هناك شباب مستقل وفيه أكاديميون مستقلون، وفيه شباب الأحزاب أيضًا.

الأحزاب بشكل عام تعاني من أزمات داخلية أولًا، فجميعها ذات قيادات كبيرة في السن لا تتصف بعلاقة وثيقة مع قواعدها ولا مع المجتمع.. كثير من الأحزاب لم تعمل مؤتمراتها السنوية فقد مر عليها عدة سنوات وهي تعاني من أزمات داخلية وصراع بين أجنحة متعددة، وهي لا تمتلك رؤية لقضية وطنية واحدة، وليس لديها مشروع ثقافي.. هات لي حزبًا واحدًا لديه مشروع ثقافي.. أنا أجريت حوارات في ندوات خلال عام 2012 مع عدد من قيادات الأحزاب، وكنا نقول لهم: هل لديكم تصور لما بعد التغيير؟، هل اتفقتم أنتم أحزاب المشترك على البديل بصورة شاملة؟، فقالوا: والله لم نتفق بعد لأننا مشغولون بالعمل الثوري في الشارع.. فقلت لهم ما دخلكم  بالشارع.. نحن في الشارع أكاديميون وشباب ومكونات متعددة ومتنوعة.

ـ وأنتم لماذا لا تتحاورون، ولماذا لا تتفقون على هوية سياسية جديدة؟

هم لا يمتلكون رؤية لأن الرؤية معناه أنه قد حصل تطور في وعيهم السياسي وأنا انفي أن هناك تطورًا في وعي أية قيادة حزبية.

ـ بالمقابل انتم يا دكتور الأكاديميون في جامعة صنعاء على وجه التحديد نحن سمعنا عن مؤتمر أكاديمي موازٍ بما خرجتم أنتم أيضًا لا نعيب على الأحزاب فقط نعيب عليكم كأكاديميين ومؤسسات؟

الأكاديميون ليسوا حزبًا ولا جماعة موحدة.. هم جماعه مشتتة لها انتماءات متباينة.. ومرجعيات متعددة.. الصورة الخارجية بأن الجماعة الأكاديمية موحدة، وهذا تصور خاطئ.. لأن هناك انتماء حزبي وقبلي وطائفي، ونحن مشتتون حتى على مستوى الحضور العلمي ليس هناك حضور علمي كلي باسم الجامعة.. بل الحضور المعروف هو حضور مشيخي وليس جماعيًا، بمعنى أن الجامعة ليس لديها مشروع علمي تنفذه بشكل كامل على مستوى الكليات والجامعة.

ـ لماذا لا تكونون أنتم؟

لا نستطيع ان نكون موحدين ككتلة واحدة؛ لأن كثيرًا من الأكاديميين دخلوا إلى الجامعات وهم مربوطون بروابط حزبية وطائفية وجهوية وعسكرية وأمنية. وبالتالي لا يستطيعون أن يكونوا موحدين.. في العالم كلةه المثقفون لا يشكلون طبقة واحدة، بل هم ينتمون إلى طبقات متعددة، وإلى أحزاب متباينة.. ولكن يجب أن يكونوا مع القيم المدنية ومع التحديث والتطور.. والسؤال هنا: لماذا الأكاديميون لا يدعمون قيم الثورة وقيم المدنية؟، حتى في هذه الأيام نحن الأكاديميين مشتتون منقسمون على بعضنا البعض هناك هويات فرعية ينتمي إليها القلة لا تتجاوز 20%من المستقلين داخل الجامعة ثم لو بحثت عن أكاديميين متميزين بالإنتاج العلمي لا تجد 1%، وتستطيع الصحافة أن تبحث في أمر الإنتاج العلمي والفكري ومن هم في حضور دائم محليا وعربيا.. هل تعلم أن هناك أكاديميين مستشارين لشيوخ القبائل ولأجهزة الأمن ولمجموعة تجار وهم يحملون دكتوراه من جامعات غربية وعربية متعددة.

وكل الناس يعرفون هذه الأمور.. وهذا افقدنا من ان نمتلك مشروعا موحدا نقدمه، بل إننا عاجزون عن ترتيب الوضع السياسي داخل الجامعة.. وهذا الذي يحصل هذه اليومين حيث الصدام بين اتحاد الطلاب والجامعة وترتب عليه إضرابات متعددة وتأجيل الدراسة لعدة ايام معناه ان هيئة التدريس ممثلة بالنقابة والادارة لا تمتلك رؤية موحدة لإدارة الشأن الجامعي ناهيك عن غياب رؤية موحدة تجاه دورنا في الشأن الوطني. ولكن ما هو ايجابي ان هنالك نفرًا طيبًا من الأكاديميين في صنعاء، تعز، وعدن، والحديدة، وكل الجامعات شاركوا في التغيير، قدموا محاضرات، كتبوا عن التغيير، نادوا بالتغيير وهم قليلون.. انا كنت من الذين طالبوا بهذا الأمر من عام 2000 بأنه يجب ان نبني شرعيتنا كأكاديميين على شرعيتنا العلمية والمعرفية التي نفرضها على الدولة ولم يستجيبوا لما طلبت.. وكنت اقول لا يجب ان نتحاور داخل الجامعة وداخل النقابة كأحزاب بل يجب ان يكون انتخاب النقابة مهنيًا وأكاديميا فقط، وأنه لابد وأن نقدم انفسنا للمجتمع وللدولة وللناس كلهم بأننا نخبة ننتج المعرفة العلمية التي تستهدف تطوير الدولة وتطوير المجتمع ومن ثم يكون احترامنا وفقا لما نقدمه من إضافة علمية ومعرفية ومهارات وخبرات لهذا المجتمع. وللعلم أنا لست حزبيا (لست منضما لأي حزب)، أنا ضمن مجموعة من المستقلين، ولكن المتميزين بالإنتاج العلمي، وهذا ما يؤكده الآخرون داخل اليمن وخارجها.

ـ لكنك دكتور لم تشر إلى نتائج المؤتمر الأكاديمي الموازي؟

هذا كان عملا طيبا ومحاولة نحترمها لكن الحقيقة ان المؤتمر تضمن اوراقا ضعيفة ولكنه كان فكرة اجتهادية من طرف ما من الاطراف، نحن نشكر هذا الطرف الذي يستحق التقدير. لو سالتك عن ـ تقييمك لأداء الحكومة خلال الفترة السابقه؟

يبدوا لي انني سأستعير تقييم المنظمات الدولية والاقليمية بأنها حكومة فاشلة في كل الاحوال لا في مجال التنمية البشرية لا في مجال تحقيق الامن فحسب بل فاشلة في جميع المجالات. هي لم تنجح في شيء.. النجاح الوحيد انهم تقاسموا السلطة والثروة وأعلنوا ان هذا هو نجاحا بين الاطراف التي وضعت يدها على سلطة الدولة. هم يقولون اننا مرتبطون بمبادرة .. نعم المبادرة تقول انكم تتقاسمون السلطة كأحزاب.. ولكن الاجندة في اليمن تكون اجندة وطنية في العمل اليومي هناك ما هو جانب مرتبط بالاجراءات الأمنية والهيكلية المرتبطة بالأزمة وإنهاء المظاهر المسلحة. وإنهاء المواجهات التي كانت قد اشتعلت في بدايات 2011و 2912م، لكن هناك امورا تسييرية مرتبطة بقوانين الدولة مثل قضايا التعليم وقضايا الامن والمواطن اليومية (البنزين وعدم تهريبة، عدم خلق ازمات اقتصادية جديدة) اذا الحكومة لم تنجح في شيء والدليل ثلاث سنوات كاملة ونحن نعاقب جماعيا بقطع الكهرباء هذا لوحدها كافية لإقالة الحكومة بل ومعاقبتها.. ناهيك عن عدم قدرتها ضبط الامن ومنع الفوضى الراهنة فالمسلحين ينتشرون ليلا ونهارا بكل المدن دون استثناء بما في ذلك العاصمة والاغتيالات تتم في العسكريين والمدنيين على السواء..

ـ إذًا اين هي الحكومة؟

بتصوير علم السياسة والعلوم الاجتماعية الحكومة الفاشلة هي التي لا تستطيع انجاز مهامها ووظيفتها وفقا للقانون.. وحكومتنا اليمنية ليس مطلوب منها ان تنجز مهام الادارة الامريكية او مهام الحكومات الاوروبية بل امامها مهام ووظائف متواضعة جدا جدا. نحن امام حكومة فاشلة واحزاب فاشلة وبائسة ولا هم لهم الا تجميع المصالح الشخصية والحزبية فقط لا غير.

ـ قد يقول قائل هناك عدم اخذ في الموضوعية هناك عقبات الثورة المضادة النظام القديم ...؟

لسبب بسيط العقبات مصطنعة من اطراف الصراع نفسها. لانه طالما قد وافقوا على حكومة وعلى مبادرة وقبلت المعارضة بالجلوس مع من تمت الثورة ضده اذًا هم قبلوا بحل الازمة.. اذًا لماذا قبلوا ان يتعايشوا معا ويتقاسموا السلطة معا ودخولهم الى الحوار معا وبالتالي هم يقولون ان الحوار يمشي على احسن ما يمكن.. كيف لا يتفقون على تحسين اوضاع المعيشة للمواطن؟، لماذا لا يتم خلق الاستقرار السياسي والاقتصادي؟، هم اتفقوا فقط على اقتسام الغنيمة لانه من وجهة نظري المعارضة (تسمى معارضة مجازا)، هي لا تريد من المؤتمر الى ان يفسح لها مكانا لاقتسام الكعكة من الثروة الاقتصادية والسياسية فقط.

ـ وفعلا حصل ذلك؟

هذا ما حصل تماما.. انظر الى الصراع على الموارد.. الصراع على الغاز والنفط وفتح شركات جديدة.. الصراع على الطيران وعلى التوكيلات التجارية.. واليوم لا يجرؤ واحد صغير غلبان ان يدخل محل التوكيلات التجارية سيتم رميه الى البحر لان الامر بيد اشخاص معينين.. من هنا الصراع هو ليس على شكل الثورة، هل هي ثورة ام انتفاضة ولا على شكل الدولة هل هي موحدة او فيدرالية.. الصراع كله من زاوية الاقتصاد السياسي يجري على خلفية اقتسام الحصص والغنيمة.. الاقتصاد هو المحرك للسياسة وبالتالي نصيب كل حزب من الكعكة الاقتصادية ومقابلها من السلطة.. من وجهة نطر مراكز القوى القبلية والعسكرية والحزبية المدعومين اقليميا.. الصراع على كيفية الاستفادة من النفط والغاز والموانئ.. ولهذا نؤكد ان عدم الاتفاق بين مراكز القوى يخلق فوضى امنية، ومعنى ذلك ان الفوضى الامنية في اليمن قرار سياسي وليس عجز الاجهزة. انظر الى لبنان اذا كان هناك صراع بين حزب الله وآخرين تكهرب الوضع الامني وأصبحت فيه تفجيرات وإذا اتفق الحزب مع الاخرين هدأت الامور.. نحن كذلك، الصراع السياسي في اليمن والفوضى جميعها قرار وليس عجزًا من الاجهزة فقط. طبعا هناك عجز معروف لكن فيه احزابا مرجعية تحرك جماعاتها هنا وهناك، ولديها ممثلون في كل الوزارات..

صفوة القول.. هذه فرصة تاريخية لليمن.. الآن العالم كله مهتم لليمن.. وإذا انفجر الوضع اقليميا لن يهتم احد بنا. اذا حصل انفجار في سوريا او ضربة لايران لن يهتم احد باليمن. حتى دول الجوار ستنسى اليمن.. وسنكون مثل الصومال الذي تناساه المجتمع الدولي لمدة عشرين عام.. وهنا ادعوا الحكومة والأحزاب السياسية ان تعلي من نزعتها الوطنية ولو لمرة واحدة وأن تعلي من ثقافتها السياسية وأن تتجه الى وضع حلول ومعالجات تخدم الوطن تخدم الدولة المدنية تخدم المواطن حتى نستفيد من هذا الحماس الدولي والاقليمي لصالحنا وإلا لن نجد احد يدعمنا ويدعم مسار التسوية السياسية.

ـ طيب هذه المبادرة الخليجية والتسوية السياسية والاشراف الدولي هل تلحظ انت ان له اضرار او سلبيات مستقبلية والى أي حد؟

طبعا في عام 70 تم الاتفاق في السعودية وكان الطرف الاقليمي هو الذي حدد شكل النظام السياسي وكتب الدستور الدائم حينذاك وفيه تم إلغاء التعددية الحزبية وكانت موجودة ومعروفة للجميع. واليوم الدول الاقليمية والاجنبية لها صوت فاعل ومقرر في الترتيبات النهائية. وهنا المراهنة على الاحزاب والشباب في اعلى الاجندة الوطنية والمصلحة اليمنية العليا والاستفادة من دعم الجميع وأن يكون الوطن والمواطن هم مجال التطور والتنمية لا ان تكون الاحزاب ومراكز القوى مجال الاستفادة من الخارج ومن الداخل. فهذه الاحزاب ومراكز القوى هم سبب مشاكل اليمن وازماته وهم احد ادوات التبعية للخارج.