احتراق حافلة متوسطة مخصصة لنقل الركاب في هذه المحافظة بعد تحديث بوتين عقيدة روسيا النووية.. أردوغان يوجه تحذيراً لـ الناتو على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. مليشيات الحوثي تهدم منزلاً على رؤوس ساكنيه ماذا ينتظر وكلاء طهران في اليمن في عهد ترمب...وهل سيكون هناك استهداف للقادة الحوثيين ؟ كيف نجا البرنامج النووي الباكستاني من مخططات إسرائيل والهند ؟ السعودية تحدد أقصى مبلغ يسمح للمقيمين بتحويله إلى خارج السعودية وعقوبة بالترحيل الفوري مفاجآت صحية حول تأثير البرتقال على الكبد والكلى رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع في أول مهمة دولية تبدأ بالقاهره وتمر عبر الإتحاد الأوروبي مجلس الأمن يوجه دعوة عاجلة للحوثيين تفاصيل لقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره الأمريكي بخصوص مستجدات المنطقة
ما أصدقَ السَّيفَ! إن لم يُنضهِ الكَذِبُ
وأكذبَ السَّيفَ إنْ لم يُصدقِ الغَضَبُ
بيــضُ الصفائــح أهـدى حينَ تَحمِلُها
أيــدٍ إذا غَلَبَــتْ يعلــُو بـها الغَلـــــَبُ.
لطالما عشقتُ هذه الأبيات، عِشق المتيم، وعِشتُ معها حالة العرب، بعيون شاعرٍ يمني فذ هو عبدالله البَرَدُّوني، وأنا ما زلت أذكر ذلك اليوم حين دخلت العالم الشعري لهذا العبقري الكبير، بعد أن حكى لي أحد الأخوة من طلبة اليمن مِمَّن كانوا يدرسون معنا في جامعة حلب، قصة هذا الشاعر، والمُر الذي ذاقه، والعذاب الذي قاساه طوال حياته، وكيف فاجأ بشاعريته جميع الحضور في مهرجان الموصل ، فانتزع بجدارةٍ جائزة المهرجان، عندما ألقى قصيدته الخالدة (( أبو تمَّام وعروبة اليوم ))، وقد كان ذلك في العام 1971م.
الحقيقة لست هنا بصددِكتابةٍ نقديَّةٍ عن هذا الشاعر اليمني النادر، ولكِنّي أردت ُ أن أكتب بطاقة عن الحب المُتأصل في فؤادي لهذا البلد الأصيل، فلم أجد مدخلا لهذا الحديث سوى هذا الشاعر الكبير، فمن يريد أن يقرأ تاريخ اليمن فليقرأ تاريخ هذه القامة الإبداعية الباسقة، المسكونة بآلام وآمال الملايين من اليمنيين.
ليس حَبُّ اليمن حالة طارئة، أو عابرة، تتملّك النفس العربية، بل هو حبٌّ فطري ينشأ مع أول صرخة للعربي وهو يستقبل الحياة، حب عمره آلاف السنين منذ قبل الميلاد، ففي رقاب العرب والعروبة دَين لأهل اليمن لا يمكن أن يوفّى بأي شكل من الأشكال؛ فالتاريخ يحكي لنا- وقليل من يدرك ذلك الحديث- كيف خاض أهل اليمن معركة المصير للعنصر العربي يوم أراد القيصر الروماني أغسطوس أن يستولي على آخر قلاع العرب في اليمن بعد أن استولى على مصر في العام 31 ق.م، فأمر أكبر قواده على مصر( جالوس) الذي جهز جيشاً رومانياً جراراً في العام 24 ق.م متجهاً صوب مأرب، لكنَّ هذا الجيش العرَمْرَمْ كان للعزيمة اليمنية وسيفها القاطع كلمة الفصل في مصيره؛ فأفني عن آخره وأفنيت معه أحلام إمبراطوره وقائدة في القضاء على العرب وضمهم إلى سلطانه، ومن يدري لو تمَّ لهُ ما أراد، كيف ستكون حالة الأمة العربية، ومن بعدها الأمة الإسلامية؟؟؟
وأيُّ وزن للكلام عن اليمن، بعد كلام الرسول عليه الصلاة والسلام عن أهل اليمن، وفضلهم؟؟ فللرسول عليه السلام أحاديث كثيرة، هي شهادات تقدير، وتشريف نفيسة في حق اليمن،منها ما أخرجه الحاكم في مستدركه و الطبراني في معجمه بإسناد صحيح على شرط مسلم عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال : لما نزلت:((فسوف يأتي الله بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلةٍ عَلَى المؤمِنِينَ، أَعِزَّةٍ على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافونَ لومَةَ لائِمٍ ذلك فَضلُ الله يُؤتيهِمن يشاءُ والله واسع عليم )) قال الرسول صلى الله عليه و سلم : هم قومك يا أبا موسى .. و أومأ برأسه إلى أبي موسى الأشعري اليماني، رضي الله عنه و أرضاه.
إنَّ أحاديث الرسول عليه السلام في حق أهل اليمن دليل قاطع على الدور الكبير الذي قاموا به في تقوية شوكة الإسلام، وبسط نفوذه، ومد تأثيره إلى ما شاء الله له، وهو دور نراه يتجدد من دون انقطاع في كل حين، ولعلَّ آخر هذه الأدوار هو ما نشهده اليوم من معارك على أرض اليمن الحبيب، بين أحفاد أبا موسى الأشعري، والغزو الفارسي الذي جاء مرتدياً ثوب الطائفية القبيح، القميء، طامعاً بعودة أمجاد فارس على جثث أهل اليمن الكرام، لكنَّ الإيمان اليماني، والحكمة اليمانيَّة كانت لهذا الغزو بالمرصاد، ففضحت نواياه، وشنَّعت أفعاله، وجعلت من جبال اليمن الشمَّاء وكهوفه مقبرة لأزلامهِ وأخذت تكتب في سفر التاريخ فصلاً مضيئاً آخر من أفضال اليمن على هذه الأمَّة، وكأنَّ التاريخ يعيد نفسه؛ ليضع مرةً أخرى اليمن في خانة الدائن، والأمَّة في خانة المدين.
يستحق اليمن منا الكثير، وقد ظلم بقدر هذا الاستحقاق للأسف، وعلينا جميعاً أن نلتفت إلى هذا الثغر الاسلامي العظيم، ونوليه الرعاية والاهتمام، فما الذي ينقص اليمن كي لا يحيا مثل جيرانه في أمانٍ و سعة من العيش الرغيد؟! ما الذي يمنع اليمن السعيد من أن يكون سعيد فعلاً؟؟..أتمنى من كل قلبي أن يعيش أهل اليمن الحياة التي يستحقون، فهم المشيمة التي تمتد منها حبال العِزَّة، والكرامة، لتغذي هذا الوطن الكبير من المحيط إلى الخليج.